أصداء

فضيحة كان أفقدت سيرين توازنها

قراؤنا من مستخدمي إنستجرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك

إيمان إبراهيم من بيروت: يبدو أنّ الفضيحة التي هزّت سمعة عائلتها وضربتها في الصميم، أفقدتها صوابها، فلم تعد تميّز أحبابها من أعدائها، فاتهمنا بالحقد لأنّنا دافعنا عنها في مقال، تجاوزنا فيه طوعاً حدود الموضوعيّة، على اعتبار أنّه للصحافي الحق في إظهار مشاعره الخاصّة عندما يتناول قضيّة إنسانيّة.
اعتبرناها ضحيّة فضيحة لا علاقة لها بها، وهي كذلك، لكنّها اعتبرتنا متواطئين ضدّها، إلى حد قولها أمام بعض الزملاء "لم أكن أتصوّر أنّهم يكرهونني إلى هذا الحد".
فعارضة الأزياء السابقة سيرين عبد النور، الشريكة في وكالة "ستايل" التي يقبع صاحبها إيلي نحّاس في إحدى السجون الفرنسية بتهمة تسهيل الدعارة والإتجار بالبشر، لم تعد تميّز بين النقد والهجوم، ولا بين المديح والتزلّف، وبدت مثل أولئك الفنّانين الذين لا يجيدون القراءة، وإن قرأوا فهم لا يفهمون ما يقرأون، ويحاكمون على النوايا التي يفترضونها سيّئة وإن لم تكن كذلك، خصوصاً أنّ غالبيّتهم يعيش نظرية المؤامرة.
إذاً نحن مدانون لأنّنا ذكرنا أنّ إيلي هو صهر سيرين، علماً أنّ شقيقتها سابين أعلنت من خلال "إيلاف" أنّ إيلي ليس صهر سيرين، بل شقيقها الذي تحترم وتحب. ومحطة "نيو تي في" هي أيضاً مدانة، وصاحبها جرّد من وطنيّته، لأنّ "تشفّى" بابن بلده الذي طرحت قضيّته أكثر من علامة استفهام حول سمعة الفتاة اللبنانيّة.
فقبل سنوات، حين منح نحّاس شقيقة زوجته سيرين عبد النور لقباً جمالياً عالمياً، فاخرت أمام الجميع بالقول أنّه صهرها، أما اليوم، حيث يقبع إيلي في السجن بانتظار محاكمته، فنحن مدانون لأنّنا أشرنا إلى صلة القرابة، ومدانون أكثر لأنّنا نشرنا صورة اعتبرتها سيرين فاضحة، علماً أنّها هي من أرسل تلك الصورة التي سبق نشرها مرّات عدّة في "إيلاف"، وهي من رفعت فستانها أمام الكاميرا طوعاً، وكلمة حق تقال، فقد بحثت في أرشيف عن صورة محتشمة تليق بمقال يدافع عن دس اسم الفنانة في قضيّة أخلاقيّة، لكنّي لم أجد أي صورة محتشمة ولو بالقدر القليل، فظهر تناقض بين المقال والصورة تتحمّل مسؤوليته النجمة نفسها وليس نحن بطبيعة الحال.
فبعد إعلان محطّة "نيو تي في" عن فضيحة "كان"، وذكرها اسم سيرين عبد النور بصفتها شقيقة زوجة المتهم، نشرنا تقريراً أشرنا فيه إلى ما أوردته الصحف الفرنسيّة حول هذه الفضيحة، ونشرنا مع المقال صورة سيرين متسائلين عمّا إذا كانت الفنّانة ستتبرأ من صهرها، الأمر الذي أثار حفيظة شقيقتها سابين، فاتصلت بنا معاتبة، وأكّدت أنّها مؤمنة ببراءة زوجها، وطلب محاميها بلطف حذف صورة سيرين وكان له ما أراد، خصوصاً أنّ نيّتنا تجاهها كانت ولا تزال صافية.
ولأنّي أعرف طبيعة سيرين الرقيقة، شعرت بعاطفة شديدة تجاهها، وكتبت مقالاً أدافع فيه عنها، خصوصاً أن اسمها واسم عائلتها والفضيحة التي هزّت المجتمع اللبناني أصبحت حديث الناس، واستشهدت بصهر الرّئيس الرّاحل جمال عبد الناصر، الذي اتهم بالتجسس لصالح إسرائيل، تهمة لم تهز صورة القائد العربي، رغم علاقة القرابة التي تربط بينهما.
وفور نشر المقال اتصلت سابين من جديد معترضة، وقالت لنا "بهدف تبرئة سيرين، أدنتم إيلي؟"، فقررنا حينها أن نبتعد عن القضية لأنّها حسّاسة تطال في الصميم عائلة وأطفال صغار لا ذنب لهم، خصوصاً أن المتهم بريء حتى تثبت إدانته.
وتابعنا قبل أسبوع الحلقة المثيرة التي طرحها الزميل زافين قيومجيان كاشفاً فيها حقائق دفعت الأمن العام اللبناني إلى طلب الحلقة، لكنّنا لم نكتب عنها، لأنّ العائلة باتت حسّاسة تجاه كل ما يكتب عن القضيّة، علماً أنّ الصحافة اللبنانية كانت منصفة في حق الشقيقتين، وحيّدتهما عن القضيّة.
لا نلوم سيرين على انفعالها، فوقع الفضيحة كان أقسى من أن تتحمّله أي فتاة في مجتمع شرقي، لكن لا يسعنا سوى استغراب موقفها الذي وإن دل، فهو يدل على جانب عدائي لم نكن نعهده في شخصيّة سيرين، التي حرصت على الظهور بمظهر الفتاة البريئة الرقيقة، وإن كانت تخفي تحت ستار البراءة بركاناً من الغضب أوّل ما انفجر في وجه أشخاص أحبوها بصدق ودافعوا عنها بنيّة صافية، فبادلت محبّتهم بغضب لا يبرّره سوى وقوعها تحت صدمة فضيحة، قد تصحو منها وهي مدينة بأكثر من مجرّد اعتذار.

المقال الذي أغضب سيرين
ثقيلة بدت وطأة الفضيحة التي أصابت المجتمع اللبناني في الصميم، بعد تورّط مواطن لبناني في فضيحة أخلاقيّة أثارت الصحافة الفرنسيّة وتناقلتها وكالات الأنباء العالميّة، ولعلّ أخطر ما في الأمر، هو دسّ اسم فنّانة رقيقة لا تزال تعيش فرحة انتقالها إلى القفص الذهبي، وفرحة النجاح الذي تحقّقه بموهبتها ومن دون تقديم تنازلات. فهل أخطأنا حين اشرنا إلى أنّ إيلي نحّاس هو صهر الفنّانة سيرين عبد النور؟ أم أخطأ هو حين ضرب بعرض الحائط سمعة عائلته المكوّنة من ولدين وبنت ستحمل في المستقبل وصمة عار لم تشارك في صنعها، وزوجة كل ذنبها أنّها أعطت ثقتها لزوجها، وحاولت معه بناء وكالة أزياء تعيد إلى المهنة أمجادها، بعد أن تحوّلت إلى مرتع لبائعات المتعة تحت ستار الموضة والجمال.

في العام 2000 كان لقائي الأوّل مع العارضة سيرين عبد النور في الوكالة التي أسّستها حديثاً مع شقيقتها سابين وصهرها إيلي، كانت سيرين سعيدة بالتجربة، في الوقت الذي كانت فيه الحملة ضد عارضات الأزياء في أوجّها، بعد أن جنحت العروض إلى الإباحيّة، التي كانت سيرين ترفضها بشدّة، "وكالتنا تهدف إلى إعادة المصداقيّة إلى المهنة" قالت لي آنذاك، فعارضاتها كنّ طالبات جامعات ومدارس، وكنّ يحضرن إلى الوكالة برفقة أهاليهنّ، وكانت سيرين سعيدة بتدريبهنّ على أصول المهنة. ومرّت السنوات، لم تعد عروض الأزياء هاجس سيرين التي أثبتت أنها ممثلة من طراز خاص، موهوبة فطرياً وعفوية، لم تعترض اي من الممثلات الموهوبات على دخول سيرين المجال، كما اعترضن على دخول عارضات قبلها إلى المهنة، سحبن البساط من تحت أقدام الممثلات المحترفات، وحدها سيرين أثبتت أن التمثيل ملعبها الذي تبرع فيه بشهادة الممثلين المخضرمين أنفسهم.

من التمثيل إلى الغناء، اتخذت سيرين مكاناً لها بعيداً عن موجة الإثارة والعري، ساعدتها ملامحها الطفولية ورغبتها في تقديم فن مختلف، ولطالما قست في انتقاد فنانات الإغراء، اللواتي شوّهن المهنة كما شوّهت المتعدّيات على مهنة عرض الأزياء المجال، إلى الحد الذي جعل سيرين تبتعد عنه.

هل أخطأنا حين ذكرنا أنّ إيلي نحّاس هو صهر سيرين؟ لم نخطأ إلا إذا اعتبر ذكر الحقيقة خطأً نلام عليه، فهل إذا أغفلنا عن صلة القرابة التي تربط إيلي بسيرين تنتفي هذه القرابة؟ ومن قال أن الصهر يعيب شقيقة زوجته أو حتّى زوجته نفسها؟ وكم من نساء غافلات عم يقترف ازواجهنّ؟ أوليست الزوجة دائماً آخر من يعلم؟ ألم يتّهم صهر الزعيم جمال عبد الناصر بالتجسّس لصالح العدو الإسرائيلي؟ وبغضّ النظر عمّا إذا كان الراحل أشرف مروان بطلاًَ قومياً أو عميلاً إسرائيلياً، فهو لم يؤثّر إطلاقاً على سمعة الزعيم الوطني الكبير على الرغم من علاقة القربى التر تربط بينهما.

سيرين التي نغّصت عليها الفضيحة فرحة زواجها تبقى بمنأى عن كل الفضائح التي أثيرت، فلا تاريخها ولا الأعمال التي قدّمتها ولا سلوكها الشخصي يضعها في خانة الاتهام، وكي لا نسبق نتائج التحقيق الفرنسي، يبقى إيلي نحاس بريئاً إلى حين إدانته، التي وإن تمّت كما تشير كل الوقائع، فهو لن يدين سوى نفسه، وإلى سيرين نقول عودي إلى الأضواء لأنّها تليق بك، كوني درعاً لشقيقتك وأولادها كما كنت دائماً، واثبتي للجميع أنّ هذه الكارثة لن تزدك سوى صلابةً وليدفع المخطىء وحده ثمن أخطائه، أما أنت فتليق بك الأضواء، فلا تغيبي.



التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف