أصداء

الفن وحركة المجتمع: اين دور الفن في المجتمعات العربية

قراؤنا من مستخدمي إنستجرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك

الفن وحركة المجتمع: اين دور الفن في المجتمعات العربية

هناك علاقة كبيرة وحتمية بين دور الفن في اي مجتمع من المجتمعات وحركة هذا المجتمع وتطوره. يتاثر الفن بالمجتمع وبالعكس في الدول الاوربية والغربية بالتحديد.
فمرة يستخدم الفن ويوظف لفكرة واحدة وعقيدة كما حدث للفن اثناء الفترة النازية في المانية وفي المرحلة الستالينية في الاتحاد السوفيتي السابق حيث استغل الفن بشكل عام للترويج لاديولوجية الحزب الواحد وتعظيم القائد الواحد بشكل عام، هناك طبعا استثناءات. قاد هذا الضغط مثلا الي تمرد كثير من الفنانين والمثقفين علي هذا الواقع وخلق بالمقابل حلول وبرامج بديلة وليس فقط الهروب من هذا الواقع.


بالمقابل يوثر الفن علي حركة المجمتع وتطوره، اي ان الفنانين من خلال نتاجهم الفني اتوا بمعالجات للواقع او تحسين هذا الوقع ودور الفرد فيه، طبعا بطرق ووسائل مختلفة مرة بشكل مباشر واخرى بشكل غير مباشر. احينا اخرى يكون التغيير والتاثير من خلال بناء وعي عند الفرد، هذا الوعي زائدا الخبرات الانسانية الاخري المتعددة لدى الفرد بشكل عام وليس فقط لدى النخبة يقوم بخلق نوات لتحريك المجتمع و تطوره. هناك علاقة ديناميكية حية و ديلاكتيكية بين حركة المجتمع وحركة الفن.


هناك امثلة عديدة لا حصرلها في تاريخ المجتمعات الغربية الحديث. مثال على ذلك حركة اومدرسة الباوهاس (Bauhaus) في المانية والتي تكونت من مجموعة من الفنانين والمعماريين والمهنيين، اتت هذه المجموعة من سنة 1919 الى سنة 1933 بمجموعة من الافكار والمقترحات والحلول. نتاج هذه الحركة اثر على الفرد والمجتمع لا في المانية فحسب بل كل اوربا بل وعلى العالم كله وتعتبر هذه الحركة من المؤسسين للفن الحديث في القرن العشرين. من اهم المؤسسين لهذه الحركة هو المعماري مايه ( Adolf Meyer 1881 ـ 1929)،والتشكيليين كلي ( 1879 ـ1940 wassily Kandinsky) ( Paul Klee 1866ـ1944 ) ادخلت هذه المجموعة الفن في كل تفاصيل الحياة اليومية تقريبا واصبح الفن بمتناول الجميع، وكان الاختزال في التفاصيل والعملية اي سهولة الاستخدام من الصفات المميزة لهذه الحركة. اخرجت هذه المدرسة الفن من المتاحف وصالات العرض وادخلتة تقريبا في كل تفصيل من تفاصيل الحياة، بهذه الانتقالة اصبح للفن بعدا اخر وبمتناول الجميع.


مثال اخر هو معرض المرفوضين في باريس، حيث غيرت مجموعة من الفانين الذائقة العامة وحتي ذائقة ومقاييس النقد الجمالي ودور الفن والنظرة الجمالية في الفن. فقد عرض حينها دوشامب (Marcel Duchamp 1887ـ 1968) عمله النافورة (Fountain 1917) والذي اصبح امتداد لمدرسة جديدة اصبحت تعرف بل Readymade في عالم الفن. عرض دوشامب مبوله مصنوعة في معمل دون ان يضيف شيئا لها سوى توقيعه وعرضها في المعرض.

علي صعيد الموسيقي والغناء فكان ومازال للموسيقة دور مهم جدا في التاثير علي المجتمع ليس عن طريق طرح حلول بل طرح اساله والتنبيه حول تفاصيل مهمة في الجتمع واحيانا خلق عالم من الخيال يقابل الواقع ليكون معين للايحائات والالهام اضافة الي تهذيب الذائقة العامة. من الموسقين الكبار الذين مازال اثرهم قاام في الغرب بوب دلن ( Bob Dylan)، دفيد بوي ( David Bowie)، ذا بيتلز ( The Beatles )، يو تو ( U2)،ذ ذ ( The The) واخرون واخرون تركوا بصماتهم علي النخبة المثقفة وعلى عامة الناس واثروا حتى على النضم السياسية.


وكثير من النخبة الاوربية تضع المسؤولية الكبرى على عاتق المثقف وخير مثال ماقاله سارتر بان" كل حدث علي الارض هو جزء من مسؤولية المثقف" ولا تختلف وجهة نظر ادوارد سعيد كثيرا عن سارتر بل هي اكثر تفصيلية وتحليلة حيث يذهب سعيد الي القول بان على المثقف مسوولية اخلاقية تجاه الفرد والمجتمع والعالم بشكل عام. انا أومن بان المسؤولية مشتركة بين الفنان والمثقف من جهة والفرد من جهة اخرى هنا يتطلب ان يكون الفرد متعلما على اقل تقدير. فلا تساوى قيم المثقف شئ دون ان يكون متلقي واع بها. وعلاقة المتلقي بالفن الان في الدول الاوربية علاقة تفاعل وتاثير متبادل. فالعمل الفني يؤثر على المتلقي-تاثير داخلي على شكل ايحائات، تنبيهات واستذكار وتاثير خارجي يتم عن طريق اتصال المتلقي بالعمل الفني جسديا. وللمتلقي دور فاعل في هذه اللقاء عن طريق خلق تصور شخصي خاص عن العمل الفني والتاثيرالجسدي المباشر على العمل. وفي اوربا هناك حرية واسعة فيما يتعلق بالذائقة الفنية فالخيارات لاحصر لها امام الفرد لااختيار المتحف المناسب واقاعة العرض المناسبة والفنان والمدرسة الفنية المناسبة هذا ينطبق على اغلب الفنون: الفن التشكيلي، الموسيقى والمسرح.


المجتمعات العربية لم تمر بنفس التطور الزمني: بما فيه من تطور صناعي وثقافي واجتماعي كما مرت به المجتمعات الاوربية هذا لايعني ان المجتمعات الاوربية افضل بل هذه المجتمعات الاخيرة مرة بتجارب، هذه التجارب اسهمت بهذا التفاعل الحي بين الفن والمجتمع. لااقصد هنا "الفن في خدمة المجتمع" بل الفن متفاعلا تفاعلا حيا مع المجتمع وبالعكس.


ومن اجل ان يكون هناك دور للفن في المجتمعات العربية والاسلامية يجب ان تمر هذه المجتمعات بسلسلة من التحولات المهمة التي تؤثر على هيكل النضم العامة والخاصة لهذه المجتمعات، من هذه التحولات اسرد هنا للايجاز لاللحصر التالي:
- المجتمعات العربية والاسلامية بحاجة ماسة الى شخص أو مجموعة تقوم بما قام به مارتن لوثر ( 1483-1546 ) حيث خلص العامة والخاصة من سطوة القس والكنيسة وجعل العلاقة بين الاله والانسان علاقة مباشرة وشخصية. ومن بعد ذلك يتم فصل الدين عن الدولة.


- ويأتي من بعده هيغل (1770-1831) ليعلن موت الاله و كل ما "هو عقلي فهو واقعي وكل ما هو واقعي فهو عقلي" ثم يأتي نيتشة ( 1844-1900 )من بعده ليؤكد ويحلل موته.
- المجتمعات العربية و الاسلامية بحاجة الى محو الامية ومناةج دراسية تعنى بالانسان وتطور حواسه ومداركه ولاتجعله يعيش في الماضي بل ان يعيش بالحاضر وتخلصه من استخارت الجن وضرب الطالع بالصغيرة والكبيرة.


- وبحاجة الى الحرية الفردية، اي انتماء الانسان الى المجموعة مع الاحتفاض بالحرية الفردية.
- وبحاجة الى آرثر رامبو (1854-1891 ) ليحول القصيدة من شئ مقدس الى عمل انساني، وعلى الشاعر أن يكون رائياً، ويتخلص من القيود الضوابط الشخصية، وبالتالي يصبح الشاعر أداة لصوت الأبدية.
- وبحاجة الى بيكاسو الفنان،المعماري لوكوربوسية و و و.


- وبحاجة الى ثورة صناعية كالتي حدثت في اوربا في القرن الثامن عشر ومازالت الى الان وتعززت بالثورة التكنلوجية ووسائل الاتصال والتي امتدت الى شرق اسيا.

العلاقة بين الفن وحركة المجتمع هيه علاقة مبنية على تراكم معرفي على مختلف الاصعدة والمجالات وقائمة على التداخل والتفاعل بين هذه المجالات. هذا النسيج المتنوع وما يحتويه من فعاليات وتضادات والتقائات وارهاصات همه وشاغله الانسان اولا. فالمجتمعات العربية بحاجة ماسة الى التركيز على الانسان ككائن اهم وحر ثم تاتي بعد ذللك القبيلة وياتي الدين. بعد ذللك يصبح للفن دور مهم يناسب كل مجتمع من المجتمعات العربية، فاللمجتمعات العربية خصوصية رغم التشابه العام.

سامي الجيزاني
فنان عراقي مقيم في الدنمارك

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف