أصداء

هل تتجه السعودية الى القطيعة التامة مع نظام الاسد؟

قراؤنا من مستخدمي تويتر
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك

اطلاق النار السياسي من جانب حلفاء دمشق اللبنانيين على سفير العربية السعودية في بيروت عبد العزيز الخوجة كان متزامنا مع نار مماثلة انطلقت من دمشق في اتجاه الرياض على لسان نائب الرئيس فاروق الشرع الذي استخدم لهجة عدائية سافرة ضد المملكة و دورها العربي.
ومن الواضح ان رفض الرياض استقبال وزير الخارجية وليد المعلم مثلما كانت رفضت قبل اشهر استقبال رئيس الوزراء العراقي المالكي مع اختلاف الحالتين يحمل مضامين تعكس مستوى و حجم الغضب لدى القيادة السعودية من التمادي السوري وتجاوزه الخطوط المقبولة ليس دبلوماسيا فقط و انما اخلاقيا وفق المراقبين.


واحتدام الخلاف بين البلدين وصل الى درجة ان دمشق على خلاف الرياض التي تلتزم الصمت اخذت تستخدم نهجها في العراق ضد المملكة ولعل التهديدات التي وجهت الى السفير الخوجة تشير الى ان الاسد سوف لن يتوقف عند اي حد او نقطة حمراء لوقف تطورات ليست في صالح نظام تعمل من اجله السعودية في لبنان يقرب من المحمكة ذات الطابع الدولي.


وتاتي هذه التهديدات حسب مصادر دبلوماسية عربية لجريدة( النهار) البيروتية في سياق مواقف هجومية شنتها على خوجة شخصيات محسوبة على دمشق انخرط فيهاصاحب النصر الالهي عبر( المنار) و ماكنته الاعلامية الاخرى وقوله اخيرا ( ان السعودية مستهدفة ولكن من المخطط الامريكي).
وتقف سوريا برأي المحللين و المراقبين وراء الحملة الايرانية المتصاعدة الوتيرة ضد السعودية و التي كان اقوى مظاهرها ما نشرته وكالة( مهر) الايرانية للانباء من معلومات مزعومة حول اشتراك السفير الخوجة في مؤامرة لاغتيال زعيم حزب الله حسن نصر الله.


وتكتسب هذه الحملة الدعائية ضد السعودية التي كانت بدأت في لبنان على لسان حلفاء سوريا
ابعادا مثيرة للقلق بعد انتقالها الى ايران و انخراط اوساط معينة رسمية فيها لان ذلك يعكس اتفاقا سوريا- ايرانيا متشددا من حل المعضلة اللبنانية ضد الغالبية الحاكمة و حلفائها العرب و الدوليين.
و تشير المصادر الى ان سوريا اقنعت ايران بان اللين و المرونة و التعاون مع السعودية
لن يصبا في مجرى مصالحها ومصالح حلفائها اللبنانيين وان من مصلحتها التشدد لان اميركا جورج بوش ضعيفة بل و في ذورة ضعفها ولان روسيا و الصين و الاتحاد الاوروبي بدأوا يعيدون النظر في مواقفهم و سياساتهم حيال الشرق الاوسط والعالم الاسلامي بشكل خاص.


لقد كسرت الرياض صمتها حيال التصعيد السوري وردت الصحافة السعودية بشكل قاس للغاية على تصريحات الشرع لينتقل رد الفعل الى درجة اشد من القساوة بتحوله الى محاسبة صحافية لتأريخ النظام السوري منذ تأسيسه ولممارساته وستراتيجياته في لبنان و مااستخدمه من وسائل قذرة من اجل تحقيقها حتى و لو كانت على حساب انهار من الدماء البريئة.
ان تدهور العلاقات الثنائية ورفض استقبال المعلم يدفع للاستنتاج بان الدولتين الشقيقتين وصلتا الى نقطة اللاعودة في خلافاتهما التي كانت اشتدت منذ اغتيال الحريري في 14 فبراير 2005 وتفاقمت مع استمرار الاغتيالات السياسية الاخرى.


ومع ان العديد من المحللين لايدعمون الاراء التي تقول بأن السعودية قررت مقاطعة النظام السوري وانخرطت في الجهود الغربية الرامية للضغط عليه لتغيير سلوكه اوحتى اضعافه وثم الاطاحة به، الا ان مصادر دبلوماسية عربية و غربية ابلغت ( النهار) ان مناخ معاقبة النظام السوري وربما التخلص منه قد بدأ يتكون في الدوائر السعودية العليا كما في عدد من الدوائر العليا في السياسة الدولية.
وتمتلك المملكة وفق هذه المصادر القدرة على تحريك اجواء شعبية معينة داخل سوريا لاسيما بعد ان استشرت المذهبية و الطائفية في العالمين العربي و الاسلامي.


ولكن مصادر غربية مطلعة اكدت ان الادارة الاميركية رغم تمسكها بتغيير سوريا بشار الاسد لسياساتها وليس باسقاطها او العمل لاسقاطها فهي لن تمانع في تطوير التغيير ليصبح اسقاطا اذا قررت السعودية ذلك و حصلت على موافقة دول الخليج و مصر واذا لم تبد اسرائيل اعتراضاتها على مثل هذا التطور.
وكما ذكرت المصادر لجريدة ( النهار) البيروتية فان لا معلومات حتى الان عن قرارسعودي بهذا الاتجاه رغم ان تطور المواجهة بين الرياض و دمشق قد يجعله ممكنا، غير ان تساؤلات كثيرة اثيرت من المراقبين حول ما ورد في البيان السعودي ردا على تصريحات الشرع والذي تحدث عن (الاصوات المنكرة التي ستذهب و يذهب اصحابها ادراج الرياح) وهل ان المقصود الشرع ام النظام؟.


ولعل اخطر ما في التوتر السعودي - السوري هو تهديده للمعادلة اللبنانية التي تعاني من التصدع منذ عدة اشهر وتحديد ا منذ هجوم اعتصام ساحة رياض الصلح، اذ تدير المملكة بشكل مباشر على المستوى السياسي موقع فريق تيار المستقبل في مواجهة حزب الله حليف سوريا و اداتها القوية في لبنان ونجاحها بالتالي في منع تحول الصدام السياسي الى قتال مسلح في الشوارع والاحياء وهو في الواقع مواجهة بين السعودية والغرب من جهة و بين سوريا التي تخوض معركة بقاء مصيرية منذ جلاء قواتها من لبنان.
وهذه المواجهة من وجهة النظر السعودية هي مصيرية لانها تمس اوضاعها الداخلية.


ان شريط احداث السنوات الاخيرة يزدحم بالشواهد عن المدى الذي يمكن ان يذهب اليه النظام السوري للتصدي لما يعتبره تهديدا و خطرا على وجوده و كيانه على خلفية الرفض الاميركي لفتح الحوار معه رغم ارساله اشارات كثيرة تعبر عن هذه الرغبة وهو ما جعله بالتالي يتجاوز كل الخطوط الحمر في مواجهة واشنطن في العراق وفلسطين و لبنان معتمدا على تحالفه مع ايران التي بيدها مفاتيح كثيرة وكذلك على حلفائه من المنظمات التي تعتبرها اميركا ارهابية وفي مقدمتها حزب الله وحماس و الجهاد الفلسطيني ومن هو على شاكلتها من المنظمات الفلسطينية المتطرفة المتمركزة في دمشق.

د. محمد خلف

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف