صدقية المعارضة اللبنانية!!
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك
في حياتي السياسية التي طالت أكثر من المعدل العام كنت أميل دائماً وأبداً إلى المعارضة حتى وإن اختلفت معها ببعض محطاتها. كنت دائماً كذلك ما عدا مع ما يسمى بالمعارضة اللبنانية اليوم التي في حقيقتها ما كانت لتكون معارضة لولا أنها بالأصل موالاة سورية. الدلالة على ذلك هو محطة النصاب في جلسة إنتخاب البرلمان لرئيس الجمهورية. تؤكد المعارضة أن نصاب إنعقاد الجلسة يجب ألا يقل عن ثلثي عدد الأعضاء الذين يشكلون المجلس. بافتراض أن تأكيدهم هذا مستند إلى نصوص الدستور ـ وهو ليس كذلك ـ فإن الناس العاديين مثلي لن يصدقوا مثل هذا التأكيد لأنه يستخدم ليس من أجل تفعيل الدستور بل من أجل تعطيله. يؤكدون على عدد الحضور من أجل أن يغيبوا!! هل سمع أحد بمثل هذا المنطق عبر كل تاريخ المجالس النيابية في الأرض كافة؟؟ من يؤكد على وجوب حضور العدد الكافي عليه أن يحضر أولاً لا أن يغيب!! هذا ليس إلا مخادعة سفيهة!
ماذا لو وافقت الموالاة على ما سمي بمبادرة نبيه بري وقبلت بشرط وجوب حضور الثلثين لانتخاب الرئيس لكن على أساس أن يوقع نبيه بري شخصياً إتفاقاً يتم بموجبه تنازل الموالاة عن مادة قانونية من الدستور ( رغم أنه لا يجوز قانوناً ) مقابل تعهد نبيه بري بحضور كامل كتلته جلسة الإنتخاب حتى وإن بدون الإتفاق على اسم الرئيس. هل يقبل نبيه بري بهكذا إتفاق؟ لن يقبل بالطبع وهو ما من شأنه أن يفضح مناورته المخادعة.
أعجب ما في القول هو أن للنائب حق ديموقراطي في الغياب عن أي جلسة لا يرغب بحضورها! نسأل أهل الدستور اللبناني.. من قال لهم هذا؟ هل نص الدستور اللبناني على مثل هذا الحق الغريب وغير الديموقراطي؟،إذا لم يكن قد نص على ذلك فمن قال بهذا " الحق " غير الحقيق؟ كل الأنظمة البرلمانية في مختلف برلمانات العالم تستوجب من النائب تعليل غيابه عن أية جلسة بعذر مقبول، وفي حالة غيابه عن عدة جلسات متوالية تتخذ بحقه إجراءات معينة. كل ذلك يدل بصورة قاطعة على أنه ليس من حق النائب أن يتغيب عن جلسات البرلمان طالما أنه يحق له الامتناع عن التصويت أو التصويت بلا.
لا أعجب إلا من أولئك الذين يقولون بوجوب حضور الثلثين من تآلف 14 آذار. يبطل العجب فقط لئن كان هذا القول إنما هو دفعة في حساب تآلف 8 آذار ثمناً لأصواتهم. الدستور اللبناني واضح وصريح في هذا الشأن، قال من قال خلاف ذلك. المادة 34 منه تفيد أن كل إجتماع للمجلس النيابي تحضره الأكثرية المطلقة هو اجتماع قانوني. هذه المادة الصريحة الواضحة تغطي كل اجتماعات المجلس النيابي بشتى أغراضها باستثناء إجتماع واحد وحيد هو الإجتماع المخصص لتعديل الدستور؛ وقد منعت المادة 79 مجلس النواب حتى في البحث في أي إقتراح مقدم لتعديل الدستور ما لم يكن عدد الحضور ثلثي عدد أعضاء المجلس. ما يجزم بأن المادة 49 الخاصة بانتخاب رئيس الجمهورية هي مغطاة بالمادة 34 هو أن المشرع لم يتطرق فيها إلى نصاب الجلسة مثلما تطرق بالنص في المادة 79 وبذلك ترك النصاب كما هو محدد في المادة 34 أي 65 نائباً.
على قادة ثورة الأرز ألا يصيخوا السمع لتخرصات المعارضة اللبنانية أو إن شئنا الدقة الموالاة السورية التي لن تحضر جلسة إنتخاب رئيس الجمهورية إلا في حالة أنها هي، الأقلية، من يسمي رئيس الجمهورية الموالي للنظام السوري على شاكلتها. وعندئذ سيكون لدينا مهزلة تاريخية: الأغلبية تنهزم والأقلية تنجح في تسمية رئيس الجمهورية!!
لئن حدث هذا فسوف يطالب الشعب اللبناني الذي قدم سلسلة طويلة من الشهداء على مذبح الحرية والسيادة والاستقلال، سيطالب وليد جنبلاط وسعد الحريري وسمير جعجع بحلاقة قصصهم في مقدمة رؤوسهم مثلما اشترطت العهدة العمرية على مسيحيي القدس!!
عبد الغني مصطفى