أصداء

الاطفال اللقطاء وقانون الاحوال المدنية العراقي

قراؤنا من مستخدمي تويتر
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك

كنت قد اتممت كتابة الفقرة الاولى لمقال حول الجذور الاجتماعية لظاهرة الارهاب الاسلامي وقد توقفت لنفاد الافكار لانتظر عصفا عقليا جديدا يسعفني لكني غيرت رايي وقررت ان اكتب هذا المقال بعدما قرأت مقالا منشورا في موقععراقي للكاتب السيد نبيل البصري بعنوان (ساعدوني كي نرفع كلمة"لقيط" من أبنائنا الايتام) وهو على شكل نداء للمساعدة على رفع الظلم عن اطفالنا من خلال رفع مصطلح (لقيط) من شهادات الاحوال المدنية الصادرة لهم.

وهذه لعمري جريمة معنوية لاتقل وجعا عن الجريمة الجسدية التي ارتكبها الارهابيون بحق الطفل العراقي يوسف والتي ادت الى تشويه وجهه البريء والجميل (ارى الآن امه تبكي وهي تشيعه الى غرفة العمليات في احدى مشافي كاليفورنيا على قناة ال(CNN. سيخضع يوسف لعمليته التجميلية الثانية في الولايات المتحدة الامريكية.

المقال يتحدث عن مجموعة من الاطفال العراقيين المتفوقين رياضيا منعوا من السفر الى الاردن لتاهلهم لتمثيل العراق لان القوانين لاتسمح لهم بالحصول على جوازات سفر لكونهم "لقطاء".
" خرجت من فم احد الاطفال على خجل واستحياء،قال كتبوا على هوية الاحوال المدنية التي نحملها
(لقيط) ولذلك لم تصدر لنا جوازات سفر للمشاركة في البطولة التي نريد ان نرفع فيها اسم العراق"
المقالة المذكورة اعلاه.

نصّ الدستور العراقي الجديد على عدم جواز الغاء جنسية المواطن العراقي لاي سبب كان، لكن المشرّعين العراقيون نسوا أوتناسوا ان يمنعوا الالغاء الاجتماعي للفرد.
فالغاء الجنسية للمواطن لهو اهون عليه واقل ظلما بكثير من تنجيد هويته المدنية (الجنسية) بمصطلح "لقيط". حقا ان هذا هو اعلى درجات التمييز الاجتماعي الذي حرّمته القوانين السماوية والوضعية.

اتصل بي الأخ الدكتور كامل المعالي بعد حادث ملجأ الحنان في بغداد والفضيحة المدوية للمعاملة غير الاخلاقية وغير الانسانية لاطفال الملجأ وكان غاضبا والذي أغضبه ليس معاملة الاطفال السيئة فحسب بل ماأغضبه أكثرهو رد احدى عضوات مجلس النواب العراقي على الحادث حين قالت "ماهذه الجلبة حول الايتام؟ هناك دوافع سياسية لهذه الضجة الكبيرة حول معاملة اطفال لاأحد يعرف حتى آبائهم" وكأنها تريد ان تقول على العالم ان يشكرنا لاننا لم نقتلهم.
علَّق الدكتور كامل قائلا" لاأحد يعلم علم اليقين من هو ابوه الحقيقي ولذلك فان الملائكة ستنادينا باسماء امهاتنا لاننا خُلِقنا في بطونهن فلامجال للشك في امومتهن لنا".

من خلال نظرة استقرائية او استنباطية للمجتمعات العربية نستطيع القول انه لو تم اجراء فحص ال ((D.N.A للشعوب العربية لوجدنا ان نسبة كبيرة منها(قد يكون بضمنها شخصيات عربية دينية واجتماعية وسياسية بارزة) اولادا غير شرعيين"لقطاء" فكفاكم دجلا.

لايجب ان يتحمل الطفل مسؤولية ما حصل قبل ان يُخلَق ولايجب ان يحمل معه عارا من المهد الى اللحد لا لذنب ارتكبه انما لان نكاح امه لابيه تم بدون مباركة "شيخ عبد الله" وحضور حفنة من الجهلة من فاغري الافواه لالتقاط قطع حلوى جافة (ملبس) كشهود على قدسية النكاح.(مع العلم ان اغلب الايتام الذين يعيشون في الملاجيء العراقية هم ابناء شرعيون لآباء فقراء تركوهم في اماكن عامة في سنوات الحصارالاقتصادي بسبب الاملاق املا في ان تعثر عليهم عوائل ميسورة وتتبناهم)

في أمريكا التبنّي ظاهرة شائعة وتتم وفق الاصول القانونية التي تحفظ حقوق كل الاطراف.
يقول الآباء لاطفالهم بالتبني حين يكشفون لهم الحقيقة "كنتم اطفالا بمواصفات خاصة ليس ككل الاطفال لذلك تبنيناكم" لكيلا يشعر الاطفال ان آبائهم البايولوجيون نبذوهم لسبب ما.

الثقافة الاجتماعية العربية الموبوءة هي التي خلقت وتخلق الارهابييين والمجرمين لانها تلفظ افرادا من المجتمع دون مسّوّغ قانوني او انساني وترفض احتوائهم ومعاملتهم على اساس انهم اناس اسوياء لهم ما للآخرين وعليهم ما عليهم.
فالانخراط في النشاطات الاجرامية والارهابية ضد هذا المجتمع الظالم لهي نتيجة طبيعية لضحايا هكذا تقاليد.
ماذا تتوقع من شخص لاأمل له في ان يغفر المجتمع له ذنبا لم يرتكبه هو او قد ارتكبه في مرحلة معينة من عمره لعدم بلوغ اوقلة وعي او بسبب العوز او أُجبِر عليه (كضحايا الجرائم الجنسية).

في امريكا "الملحدة" حتى المجرم تحفظ له انسانيته وكرامته في السجن ويعاد تاهيله ليكون عضوا فاعلا في المجتمع من جديد بعد ان يؤدي عقوبته وتحفظ القوانين الحكومية اسراره الشخصية وتمنع الدوائر والمؤسسات الامنية من كشف سجله الاجرامي لكي لايكون عقبة في مستقبله (يستثنى من ذلك الجرائم المتعلقة بالجنس).

لكن مجتمعاتنا العتيدة لازالت تعاقب الضحية وغالبا ما يفلت المجرم من العقاب.

أتذكر حادثة في ثمانينات القرن المنصرم وهي ان طالبة اعدادية جميلة وذكية في منطقتنا منحدرة من عائلة معروفة اختطفت ثم اغتصبت من قبل سائق تكسي وحينما عادت الى اهلها لتخبرهم بما حصل قتلوها غسلا للعار وانتقل السائق المجرم الى مدينة اخرى فنجى من العقاب.

تتعاطف المجتمعات المتطورة (انسانيا) مع ما يطلق عليهم ذوي الاحتياجات الخاصة او ما نطلق عليهم تسمية (المعاقين) وتعاملهم معاملة خاصة وغالبا ما تكون الاولوية لهم اينما ذهبوا وتزودهم بكل ما من شأنه تعويض النقص البدني او العقلي لديهم للحد الذي بدأ البعض منهم يتضايق ويتحسس من معاملة الناس غير الاعتيادية لهم لانها صارت تذكرهم دائما انهم معاقين يستقطبون العطف.

اما هناك في وطني الأم فاهلي ينبذون المعاق ويسخرون منه وتنبزه النساء والرجال بأسوأ الالقاب مثل (الاعور، الاحول، الاعرج،القزم،المنغولي، الاجرب، ابوسبال، ابو صماخ، اليرعص......الخ). لقد عجز المعاقين والمعتدى عليهم جنسيا والمنحدرين من عوائل"منحطة" (حسب التقييم الاجتماعي العراقي طبعا) عن انتزاع اعترافا من المجتمع العراقي بهم والتوقف عن معاملتهم على اعتبارهم كائنات من درجات دونية (sub humans) فاحتضنهم حزب البعث ووجه غريزة تأكيد الذات لديهم من خلال اعادة تاهيلهم اجتماعيا وتوظيفهم فتدرجوا في المناصب الامنية والحزبية ليصلوا الى درجات أهلتهم للانتقام من هذا المجتمع الذي نبذهم.
تبوأ المنظفون من عمال البلديات والفراشين وبعض المعاقين درجات عليا (مع احترامي للمهن المذكورة التي يحتقرها المجتمعان العراقي والعربي) في حزب البعث النافق (أستطاع فرّاش مدرسة ابتدائية ان يكون المسؤول الحزبي لصديقي مدير تلك المدرسة،زرته مرة في مكتبه فأعدّ لي شايا بنفسه لأنه كان يخاف ان يطلب من الفراش"مسؤوله الحزبي" تحضير الشاي).

لماذا تريدون تحويل اطفالا أحبّوا العراق وارادوا رفع رايته عاليا بين الامم الى مشاريع ارهابية واجرامية مستقبلية؟
أخي الموظف في دوائر النفوس العراقية الرجاء تذكّر قبل ان تدمغ هوية الطفل ب" لقيط"انه عليك تقديم شهادة لنتيجة فحص طبي تؤكد انك ابن أبيك والا فعليك كتابة "نُغِل" على هويتك للاحوال الشخصية.

وأخيرا فاني اتقدم ومن هذا المنبر الاعلامي بدعوة صادقة للمشرعين العراقيين والحكومة الرشيدة بكل فروعها والسادة نوري المالكي وجلال الطالباني وطارق الهاشمي ومحمودالمشهداني وعبد العزيز الحكيم واياد جمال الدين ومثال الآلوسي والسيدة الفاضلة صفية السهيل( ابنة المناضل الشهيد طالب السهيل) برفع الظلم عن اطفالنا والغاء هذه الكلمة وكل الكلمات التي من شأنها التمييز بين المواطنين.

في الحقيقة فانه لطالما استجاب المسؤولون العراقيون لنداءات الجماهير وهذه والله تسجل لهم فاتمنى ان يصلهم ندائي وان استجابوا فالفضل كل الفضل يعود للسيد نبيل البصري للتنبيه على الظلم الذي وقع على اطفالنا.


نعيم مرواني
Marwan1997@yahoo.com

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف