الدولة المدنية ليست تجاوزاً على الدين
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك
ظهور الدولة المدنية في أوروبا كان تعالياً على التمذهب الديني وليس على الدين نفسه. أي أنه خروج الى دائرة اوسع من الفهم الديني، فالصراعات التاريخية الدينية بين البروتستانت والكاثوليك كانت تمثل صراعاً بين التمذهب داخل الدين الواحد والانتصار الحقيقي الذي حققته أوروبا كان في الخروج من هذا النطاق الضيق ذو الحدود الدموية الى نطاق واسع واشمل يتمثل في أبعاد الثقافة الدينية الشاملة مهما كان مسماها. خروج المواطنة كأساس للدولة الحديثة في أوروبا بُعد ديني، وبروز دولة الحقوق والمساواة بُعد ديني كذلك، وظهور دولة العدل والقانون بُعد ديني أيضاً.
لا أعتقد أن أوروبا تركت الدين خلفها ببروز دولة المواطنة ولكنها انتشلت الدين من حدوده الضيقة الى أبعاده الإنسانية. نحن في عالمنا الإسلامي بحاجه فعلية الى الوصول الى نفس النتائج ولكن ليس بالضرورة نفس الأساليب أو الطريقة الموصلة لذلك التي اتبعتها أوروبا ومع ذلك يصعب القول بأنه لا يبدو أن هناك خطر واضح من الانجراف نحو الاقتتال المذهبي داخل الإسلام نفسـه. لابد من التأكد بأن تخفيف حدة التمذهب نحو تعميق فهم الثقافة الشمولية للدين هو الأساس وهو المطلوب وليس العكس، لابد من الإصرار والاعتراف بأن الدين جاء أصلاً لخدمة الإنسان ومصلحته وليس العكس.
الخوف من انجرار عالمنا الإسلامي نحو آتون الحرب المذهبية الطائفية لم يعد خوفاً مرضياً بعد ما نشهده من أحداث في غير موقع من مواقعه. أن الثقافة الدينية الحقيقية لا يخرج منها إنسان طالما أصر واعترف بإنسانيته وهو إن أذنب عاد وإن ارتكب معصية أستغفر ولا يقتل آخر لشعوره بإنسانيته قبل كل شى ولكن التمذهب ضيق الأفق والخروج منه أذا ما أعتمد كمنهج ق للحياة قادم لا محالة والتصادم مع الغير قائم كذلك لأنه يلغي الفروق الفردية والخصائص الشخصية والاختلاف المشروع.
عندما كان الإسلام قوياً كثقافة استوعب داخلة التمذهب بأنواعه المختلفة فالبعد الإنساني مهم هنا أيه أهمية بمعنى أن هناك ارتباط خطي لشعور الإنسان بمكانته وقيمته وبين نظرته لمذهبه ودينه وكلما قل الشعور بذلك ضاقت نظرته وتشرنقت داخل هذا المذهب أو ذلك.ان انسانية الدين الاسلامى هى العامل الاهم فى انتشاره فى اصقاع هذا العالم المترامى. ثمة ربط ذاتى بين الجانبين لايستشعره الا من ارتفع اسلامه الى درجة التحضر التى حث عليها القران الكريم. ا ماينتشر اليوم ويسود فهو اسلام الاعراب الضيق الافق والبصيره.
فإذا كانت أوروبا استطاعت أن تبني دولة مدنية بتجاوز التمذهب نحو الثقافة الدينية الأوسع ولو بثمن غال، فأن أمتنا العربية والإسلامية كذلك في حاجة الى مثل هذا التجاوز ولكن العصر لم يعٌد يستوعب أو يتحمل الثمن الذى دفعته أوروبا مقابل ذلك حيث كانت في ذلك الحين هي العالم. أما نحن فأننا اليوم جزء من العالم فقط ولسنا الجزء الاثمن الذى يصعب على العالم أن يعيش بدونه كبشر على الأقل لا كجغرافيا وهنا تكمن المفارقة.
عبدالعزيز محمد الخاطر
كاتب من قطر
التعليقات
اكتشاف العجلة ؟
اوس العربي -هناك هوس لدى المثقفين العرب الى اعادة اكتشاف العجلة ؟!! واجترار ما جرى الرد عليه مرارا وتكرارا قلنا لهم التجربة الاوروبيه غير ذات معنى في العالم الاسلامي وان الاسلام دين مديني ومدني وانه لايوجد حكم لعلماء الاسلام ـ في الاسلام السني على الاقل ـ وان المشكلة اليوم هي في الاستبداد الوضعي لا في الدين الاسلامي الذي جاء ليحرر الانسان من عبادة الانسان والاوثان الى عبادة الله وحده لاشريك له وان الاسلام جاء ثورة على التقاليد البالية والاعراف السيئه وانه بمنطق اليوم حداثي في موقفه من الانسان المسلم وغير المسلم الذكر والانثى ان اخواننا العلمانيين يلوكون كلاما سخيفا تجاوزه الزمن
اكتشاف العجلة 2
اوس العربي -وان الغرب تجاوز ترهات فصل الدين عن الدولة وان العلاقة لصيقة اليوم بين السياسة والدين الم يحتج قرار تدمير العراق الى ختم الكنيسة الا ينام السيد بوش والبايبل على صدره الم يتحول طوني بلير الى الكاثوليكية ويعمد من جديد ؟! الا يمارس زعيم المسيحيين في العالم السياسة ويطعن في رسول المسلمين وصفير يمارسها وشنوده ودزمند توتو ؟!! وعشرات الملايين من المتدينين الذين يرجحون كفة المرشح في امريكا بالمناسبة العلمانيون في الوطن الاسلامي زمرة ميكروسكوبية مجهرية نخبوية اجبن من ان تصرح بارائها لدى جمع من الناس لانها ساعتها سترجم بما تطاله الايدي وبما في الاقدام على العلمانيين الذين تحركهم نوازع الكراهية للاسلام ان يحدثوا معلوماتهم عن ما بعد الحداثه وان الشك تحول اليوم من الشك في الدين الى الشك في العلم ؟؟
الدين لله والوطن
كركوك أوغلوا -للجميع !!00ولكن الأسطورة والخرافة هي السائدة والى يوم القيامة ؟؟!!00
الدين لله فقط
بهاء -أصاب الكاتب بطرحه، فالدولة المدنية هي حماية للإنسان من أي نظرية شمولية تدعي امتلاك الحقيقة المطلقة، كنظرية الحكم الديني الإسلامي المستحدثة! وهي بنفس الوقت حماية لحرية العقيدة وبالتالي حماية للدين من أي استغلال سياسي واقتصادي، فالتاريخ مليء بالأمثلة التي رفعت شعار الدين لتحقيق مكاسب الأقوياء وبهذا لا يتفاضل المسيحيون ولا المسلمون على بعض، والصراع البروتستانتي الكثوليكي لم يكن إلا صراعا بين القوة الصناعية القادمة التي تستدعي المرونة وفتح أفاق الإبداع وبين الإقطاع الملكي التقليدي والساكن. وأشارك الكاتب أمنيته ألا تضطر هذه الشعوب لدفع ثمن باهظ لتكتشف أن الدين لله والوطن للجميع.
تحية لكاتب المقال
جـبـر مـحـمـد جـبـر -تحية واحتراما لكاتب المقال على وضوح كتابته وصحة تحليله وصواب رأيه المتين.ولا تحية للمعلق " المسمى أوس العربي" على جمود فكره وتعصب رأيه وتحجره في التحليل وعودته إلى تشريعات من عصور العتمة ناسيا أن أمتنا وشعوبنا لا تقتصر على المسلمين السنة فقط وأن ثلث شعوبنا مؤلفة من طوائف أخرى عاشت في بلادنا قبل قدوم الإسلام. لأخذ العلم. ولكن هل يهتم السيد أوس بالعلم؟ أم أنه يريد إرغام العالم كله على تطبيق الشريعة الإسلامية بالسيف.. أو القنبلة؟؟؟
متحجرين القلب والفكر
د. رأفت جندي -الكثير من اخوتنا المسلمين ما زالوا متحجرين الفكر في ربط الدولة بالدين, ولو كانوا هؤلاء يعيشون في بلد تعطي نفسها لقب ديني مغاير للاسلام لكانوا اول من ينادي بتحرير الدولة من الدين, هؤلاء لو وضعوا في قلوبهم كلام السيد المسيح عاملوا الناس كما تحبون ان يعاملوكم به ما عانوا من هذا الجمود القلبي والفكري ولكنهم يتبعون افكار سامة تريد استعمار البشر وان يدفعوا لهم الجزية وهم صاغرون.
العلمانية تصون الدين
Amir Baky -من يتاجر بدينة لغرض سياسى لا يمكن الوثوق به. فهل الله سيحاسب البشر بقدرتهم السياسية فى هذا العالم الفانى أم سيحاسبه على أعماله؟ ما علاقة الدين بالسياسة؟ وهل رجل السياسة سيكون له أجر أعظم عند الله من الرجل العادى؟ وهل القوة العسكرية و السياسية هى أمل الله ورغبته من المؤمنين به؟ العلمانية هى الإيمان الحقيقى المجرد لله. فالعلمانى لا يستغل دين الله فى السياسة والمصلحة الشخصية كما يفعل المنافق. فالذى شوه الدين معروف و الذى يريد الحفاظ على الدين معروف.