بين السياسة و الخساسة
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك
البحث عن الندرة، تعريف من بين تلک التعاريف التي وضعوها للإقتصاد، ومع إنه وجيز لکنه بليغ في تعبيره لماهية الموضوع المعرف عنه، هذا التعريف تذکرته و أنا أتتبع خطوط السياسات الدولية بشأن معالجة العديد من المشاکل و الازمات الدولية المتباينة، إذ أن السياسة الدولية"بکل تشعباتها و تداخلاتها و تعقيداتها و مصالحها الضيقة"مع سعيها لإسباغ ظاهر براق على مراميه و مساعيه على الاصعدة المختلفة، إلا إنه يظل أسير الابعاد"الخصوصية"لخطوطه العامة و يبقى إنتقائيا في تعامله مع العديد من الملفات و الاجندة السياسية المتضاربة في إتجاهاتها و أهدافها.
و مع إنه لا مناص من الاقرار بأن للسياسة الدولية الفضل في"نوع"من حلحلة بعض المشاکل و الازمات المستعصية في العالم الثالث بوجه خاص، بيد أن الطابع البراغماتي الذي غلب و يغلب على روح تلك المعالجات يظل هو المؤشر العام الذي يضع النقاط الاساسية على الحروف الحقيقية.
نظرة الى الطرق الوصولية في معالجة بعض الازمات السياسية في اسيا و افريقيا تبين تحديدا الطابع الانتقائي المشبوه لتصدي السياسة الدولية لها، وهنا لست أقصد تحديدا السياسة الامريکية مع الانتباه لتأثيراتها القوية على مجمل تلک الخطوط، و إنما أقصد أيضا الابعاد المنعکسة من دول الاتحاد الاوربي و روسيا و الصين، حيث تهيمن على سياسات هذه المجموعة طابع يغلب عليه تقنين المبادئ وفق التأثيرات الاقتصادية في علاقاتها الدولية المختلفة، ولو أخذنا روسيا نموذجا لوجدنا أن أبعد شئ عن هذه الدولة في کل تعاملاتها الاساسية مع السياسة الدولية هي المبدأية الحقة بل وأن المرء يجد أن روسيا في ظل النظام الشيوعي السابق کانت تسير وفق سياق مبدأي محدد في تعاطيها مع السياسة الدولية، لکنها اليوم مجرد تاجر يتعامل على کل الاصعدة بقوانين الربح و الخسارة، صحيح أن الدول الاخرى تتعامل بشکل أو بآخر وفق هذا المبدأ، لکنها تتحاشى في حالات عديدة براغماتيتها"الضيقة"و تغلب عليها مصلحة دولية عامة تقتضيها ظروف معينة. أما السياسة الصينية فإنني عندما أجد مساراتها البراغماتية التي يغلب عليها الطابع الاقتصادي، أتذکر المقولة المشهورة لنابليون بونابرت عندما قال"لا توقظوا التنين"في إشارة الى الصين، والظاهر إن التنين ليس قد أوقظوه فقط و إنما بات يکوي بألسنة نيرانه الاقتصادية ظهور و جباه الدول الغربية سيما حين تتحداهم إقتصاديا في عقر دارهم و تفرض بأشکال متباينة طروحاتها و مراميها السياسية عليها، وهو أمر باتت هذه الدول تشعر بوطأتها الثقيلة عليها من دون أن تتمکن من کبح جماح التنين، والامر الذي يجب ملاحظته في السياسة الصينية هي إنها تسعى لإجبار الدول الغربية على التعاطي مع سياساتها على إنها"خطوطا"أساسية لابد من أخذها بنظر الاعتبار عند إتخاذ القرارات السياسية ذات الطابع الحساس و المؤثر و هنا أيضا ليس بالامکان التغاضي عن"التململ"الغربي من"العنطزة"الصينية و محاولات التهرب منها بطرق و وسائل متعددة، إلا أن کل ذلك لا يمنع من کون الصين تحظى بتأثير قوي في السياسة الدولية قد يسبق التأثير الروسي ببون کبير.
ولعل التمعن في الذي جرى في أنابوليس، يؤکد أن السياسة الدولية مع رغبتها في معالجة أزمة الشرق الاوسط، لکنها مازالت لا تملک الارضية المناسبة التي تجعلها تحظى بثقة الحکومات"غير الديمقراطية"في المنطقة هذا إن وضعنا جانبا الشعوب التي لا تثق أبدا بالسياسة الدولية و تشم منها دوما رائحة"المؤامرة"، إنهم يتخوفون هنا"في الحالة الفلسطينية" من تغليب الطابع الاقتصادي على السياسي کما هو الحال عند تعاملهم مع القضية الکوردية أو الامازيغية مثلا، إنهم يساومون بقضايا شعوب مظلومة و مظطهدة على حساب الحقائق التأريخية و المبدأية و يسدون بهذا ما يفرقون بذاك!
نزار جاف
nezarjaff@gmail.com
التعليقات
بدون تعليق
ميا عنكاوا -العملة الرديئة تطرد العملة الجيدة فى الأسواق.أليس هذا العنوان أكثر انسجاما للواقع وخصوصا الواقع العراقى المرير من شماله،جنة العائلتين المتحالفتين, الى جنوبه جنه العمائم الملونة...؟