أصداء

هل يموت الحب؟

قرائنا من مستخدمي تلغرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك

قال الله سبحانه وتعالى فى كتابه الكريم..
" ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجا لتسكنوا إليها و جعل بينكم مودة ورحمة " ( الروم 21 )
بداية فلنتأمل هذه الآية الكريمة..وما تحمله بثناياها من معنى ومنهج للحياة الزوجية فهى توضح لنا قوام العلاقة الزوجية والتى تقوم على التفاهم والرحمة والمودة وليست من طرف واحد وإنما من الطرفين معاً.. فيجب عليهما شحن هذه العلاقة بإستمرار بشحنة من العواطف والمودة ودفء المشاعر الحميمة المتبادلة بينهما..هكذا يتكامل المعنى فى علاقة السكن الذى جاء ذكرها بالآية..
فالعلاقة الزوجية من أسمى العلاقات بين البشر فعليها يقوم بناء مجتمع بأكمله وبمدى التواصل بين الزوجين وصحته ونجاحه..وبمدى الإختلال والإضطراب العاطفى والزواجى بينهما..تقاس نسبة النجاح والفشل بهذه العلاقة.وقد سن الله تعالى ووضع الأسس لهذه العلاقة
والمودة بالقاموس اللغوى تعنى (المحبة).. أى الحب بكل ما يحمله الحرفان من معانى جميلة..تترجمها التصرفات والتعاملات الحياتية بين الزوجين على مدار رحلتهما الزوجية.. من ود وبشاشة وتواضع وصفاء وإحترام متبادل..إلخ،والسكن..معناه هنا هو كل ما سكنت إليه النفس وأستأنست به..وعندما أشار الله تعالى بالآية بقوله ( أنفسكم ) أى أن آدم وحواء من كيان واحد.. فمنه خلقت ولذلك يظل الطرفان فى حالة شوق لبعضهما البعض..
ولكن فى بعض العلاقات الزوجية وحينما يتوقف أحد الزوجين عن آداء دوره الإيجابى بهذه العلاقة يقع النشاز باللحن وتصبح هذه العلاقة معزوفة مملة لكلا الطرفين وتبدأ الآوتار بالتمزق وتضيع أبجديات المعزوفة الزوجية وربما آتت معزوفة آخرى بلحن جديد أكثر طرباً لتحل محل المعزوفة النشاز هذه..فعلاقة السكن والتآلف الزوجى تحتاج لشحن متواصل من المشاعر بكل صورها الحسية والمادية..وإلا إهتزت وإنهارت هذه العلاقة..
ببداية الزواج شحنة العواطف تكون شديدة التوهج.. والرومانسية طاغية..ولكن بمرور الوقت يفتر الحب وتغادر الرومانسية الديار ربما مستأنسة أو ساكنة ديار غير الديار..
ويتسرب أيضاً الفتور والبرود للعلاقة الحميمية الزوجية بين الزوجين فيصيبها التوتر والبرود وتصبح عملية حيوانية وظيفية روتينية بحتة..وربما يرجع ذلك لضعف الرغبة المتبادلة بين الزوجين ببعضهما البعض..
فيقع الطرفان فريسة لشرك الإهمال وسلبية التعامل وقد يكون ذلك من البداية نابعا من أحد الطرفين فقط ولكن و بمرور الوقت يتسرب للطرف الآخر نتيجة برود المشاعر التى يجدها لديه..
وذلك يأتى بنا للسؤال..هل يموت الحب؟؟؟
بداية الحب..البعض يعرفه على انه مزيج من المشاعر المختلطة من الإنفعال والإعجاب بالآخر بما فيه من صفات مثالية تلقى القبول والإعجاب بها فتتتقل من الشعور بالإعجاب إلى الشعور بالراحة والسكن لهذا الآخر..
والحب بمعناه الطبيعى لا يموت أبداً هذا برأيى المتواضع..الحب موجود بداخلنا ولكن ربما يكسوه ببعض الآحيان بعض الصدأ تغلفه سحابات الصمت مشاغل الحياة مواقف ترسل به للعناية المركزة ويصبح بحالة إحتضار..
ولكن من يتأمل..ما يحدث بين أى زوجين كان الحب يوماً ما يسكنهما وبصدق وليس بزيف مشاعر..نرى أنه مهما كُبتت وغلفت هذه الاحاسيس بسكون الآيام وبرودة الليالى ومتغيرات الزمن،
يظهر هذا الحب عند أول كبوة يتعرض لها أحد الزوجين..فلو مرض الزوج..ستجد أن أول من ستجرى وتحاول الإطمئنان عليه زوجته التى أهملها يوماً.. والعكس صحيح أيضاً..سيظل الزوج بجوار زوجته حتى تمر من أزمتها..ويذهب أى خلاف خلف جزر النسيان..وتنفك عقدة الآلسنة وعصيان القلوب المؤقت.
هنا أستطيع القول بأن ما يحدث بين الزوجين من خرس عاطفى ليس موت للحب..بقدر ما هو نوع من البرود العاطفى..
قد تكون أحد أسبابه: فتور مزمن أو مؤقت للعلاقة بينهما، تباين الإهتمامات بين الزوجين، والتباين الثقافى والإجتماعى والفكرى وقولبة الرجل لزوجته فى إطار المتعة الحسية والجسدية المؤقتة فقط.
وقد يكون هناك صمت زوجى مرضى.. كأن يكون أحدهما يمر بحالة إكتئاب مؤقتة فعلى الطرف الآخر المحاولة المستمرة لإخراجه من هذا الجو..إلى أن يتم له التوفيق من عند الله..
وهناك الجمود العاطفى والذى يكون من حالة التعود على الآخر وإعتياد وجوده فالحياة أصبحت نمط روتينى مقولب.. فقد حفظ كل منهما الآخر وأصبح الرمز يحل مكان الحرف..
فالعين واليد والبسمة تحل محل الحرف.. وذلك يكون ناتج من طول مدة الزواج (العشرة ) فعرف كل منهما أبجديات الآخر فيقل الكلام ويستبدل بمعانى ووسائل آخرى.. ولكن لابد من القول بأنه لا بديل عن الكلمة فى أى حال من الآحوال..
فالآذن تتوق لسماع الكلمة الطيبة وتؤكدها اللمسة الحانية وتغلفها النظرة الحالمة.. فتكتمل الصورة ويتم التفاعل الصحى الصحيح..
ويجب أن نفرق هنا أيضاً بين الصمت المؤقت والمزمن..فالصمت المؤقت يكون فى أوقات الخلافات وهذا شىء حميد.. ويفضل أن لا يطول الصمت.. ولكن يجب المناقشة وتعرية المشكلة تماماً حتى يمكن القضاء على جذورها.. وتستأنف الحياة الزوجية الطبيعية.
والصمت المستعصى..يكون بمثابة المسمار الأول بنعش الحياة الزوجية..هنا يكون القلب قد فقد البوصلة الخاصة به..فيحتار ويسير أحياناً بمسارات خاطئة قد تزيد من حالة البرود العاطفى الموجودة لدى الزوج أو الزوجة..فيصنع حائلاً بينهما ويحول الحب لنفور ويتحول الزواج من سكن ومودة إلى مباراة من مباريات الضربة القاضية..وتكون الصعوبة فى إمكانية عودة الحب من جديد بينهما..فقد فقدت العلاقة بينهما صفة الإمتنان والمودة..
ولابد من معرفة سبب هذا النفور الذى آدى لهذا الصمت الزوجى بينهما.. فلابد من جلسة ودية وصافية بمكان مريح ووقت مناسب..حتى يتم اذابة وتسييل ما علق بالنفوس من تراكمات..
والتذويب للصمت العاطفى لا يكون بإلقاء التهم على الآخر واللوم وتحميل الخطأ لطرف دون الآخر ولكن يكون بحسن الإستماع والوصول للب المشكلة والغوص بمعاناة الآخر.. فالحل ليس بمحاكمة طرف لطرف بقدر ما هو بحث عن أسلوب يكون قوامه المودة والرحمة ويكون هناك إستعداد من كلاالطرفين وعقد لنية تجاوز هذا الخرس العاطفى..
والمصارحة بما تضيق به النفس بشكل دورى يقلل من هذا الصمت المذموم..فالتوافه بالحياة أحياناً تكون أصل جبال الصمت العاطفى بحياتنا..
ويتبقى بعد المصارحة المشاعر الدفينة المتراكمة بالنفس وما خلفه الصمت العاطفى هذا من إساءة..هى لا تزول وتظل بداخلنا..قد تتحول من الشعور إلى اللاشعور وقد يتم ترحيلها من الوعى إلى اللاوعى..ولكنها موجودة..ومهما حاولنا مداراتها ستبقى جداراً حائلاً ولو شفافاً بين الزوج وزوجته إلى أن يجعل الله لها مخرجاً..
قد يكون هناك طريقة للتنفيس عن هذ التراكم الموجود باللاشعور..قد تكون طريقة إنتقامية وقد تريح النفس ولكنها ستقضى على كامل الحياة الزوجية وستكون رحلة ذهاب بلا إياب.
وهناك طريقة دعانا الله إليها..بكتابه الكريم وذكرت بمحكم آياته وذكرها لنا رسولنا الكريم..وهى المسامحة والعفو..أن تعفو وتغفر لمن أساء إليك لهو الثواب العظيم عند الله وعندما نتعامل مع الله الخالق..فنحن ننحى المخلوق جانباً..أن تسامح الغير من القلب وليس بلسانك فقط.. لهو الكرم بعينه.. والمقدرة الحقة..على تجاوز ما علق بالنفس..لهو قمة الطهر والإيمان..
وكظم الغيظ والعفو من أفضل الخصال الإنسانية..وقد قال الله سبحانه وتعالى فى محكم آياته: ( وسارعو إلى مغفرة من ربكم وجنة عرضها السموات والارض أعدت للمتقين، الذين ينفقون فى السراء والضراء و الكاظمين الغيظ والعافين عن الناس والله يحب المحسنين ) ( آل عمران 133/134)
وأخيراً.. قد يكون الخرس أو الصمت العاطفى أو الزواجى أحد أهم أسبابه الملل..فليحاول كل من الطرفين البحث فى أهم أسباب هذا الملل ومحاولة الوصول لطريقة تقضى على هذا الملل وإن لم يستطع فعليه بإستشارة من يثق بهم والأفضل الذهاب لمختص يزوده بالنصيحة الجادة..ولكن تجنب الأصدقاء العابرين بحياتك فلا تفضى بمشاكلك إلا لمن تثق به..وإلا وقعت فيما لا يحمدعقباه..وسيكون هذا موضوعى القادم..إن شاء الله..
ولكم أرق تحية وكل المنى بثرثرة عاطفية تروى عطش مشاعركم وما علق بها من جفاف عاطفى..
ولكم تحيتى


نجوى عبد البر

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
بداية المشاكل
د. رأفت جندي -

كلمة زوج تأتتي من اثنين, كيف يكون من الممكن للمسلم ان يكون زوجا لاربعة, اذا ليس هناك زواجا في الاسلام ولكنه نكاح لم يذكر فيها اعداد ملكات اليمين للمسلم. المشاكل الزوجية تأتي عندما بركز الفرد علي نفسه وليس علي الآخر. المحية عطاء وليست أخذ. التسامح عطية الهية تعطي لمن يطلبها ويسعي اليها. اللطف والوداعة ثمارا من النعمة الالهية ايضا, المشاكل الزوجية في معظم الاحيان تبدأ بالانانية وعدم اللطف والوداعة.

موضوع هام للغاية
أحمد محمد راشد -

أشكرك أستاذة شهد على هذا الطرح الهام ، وللأسف نعاني من مشكلة وهي أن الإعلام يحاول المبالغة في تصوير معاناة الحياة الزوجية وهذا يلعب دورًا كبيرًا في اللاشعور الفردي والجمعي ويجعل الفرد المتقدم للزواج معبئًا بمثل هذه الأفكار التي تجعل من الحياة الزوجية سجنًا لأحد الطرفين أو كليهما وبالتالي يكون البديل هو الصداقة غير المشروعة .لاحظي أستاذة نجوى أمرًا هامًا : المرأة الزوجة يعبر عنها في العربية بكلمة صاحبة "وأنه تعالى جد ربنا ما اتخذ صاحبة ولا ولدًا". وكلمة صاحبة من الصحبة وهي المرافقة ، وإذا كان الفرد يحتاج لمن يصاحبه في رحلته فلابد أن الرحلة ليست بالهينة لذا لا تحتاج لها إلا فردًا بعينه هو الذي يصلح للزوجية . هذا أمر هام في فلسفة الحياة الزوجية.. المهم أن يشعر الطرفان بأنهما صديقان صداقة فعلية وليس الزواج إلا تتويجًا وتكليلاً لهذه العلاقة في شكل شرعي ..وأخيرًا .. إن لم تحبي زوجك وإن لم يحبك زوجك : هل نبحث لكما عن شخص من الشارع يحبكما ؟!

لايموت الحب
حسين دويج الجابري -

في البدء اود ان احيي الكاتبة . ان الحب في الحقيقة هو الحياة المتمثلة بابها معانيها وهو العطاء الذي لا يتوقف عند حد معين واذا استطعنا ان نتصور ان الحب يمكن ان يموت اذا لابد لنا ان نلغي في تصورنا الحياة . . اما العلاقات الانسانية والتكامل الحاصل بين المرءة والرجل فهو شكل اسمى من اشكال الحب وربما كان اللبنة الاساسيه لبداية الحياة . انا اشجع على ان نتعرف الى الحب بكل دقه ونضع الاشياء في نصاباتها لكي نبدء مسيرة الانسانيه الهادفة

thank u dear Nagwa
mohand -

And writes an article remarkable good professional writer, I wish the further progress of the quality of these essays

love
reader -

The word love is a verb by all mean,not what se see in the movies and listen to withing songs,people cant see and understand each others at the begining the use the word love thinking that will solve all their problemm.but my friends life is very demanding and human being very complicated and we are in the arabic world very ignorant and self centered we like to dominate each others not understand each others well you know the end results don you???????????????

الرائعة نجوى
خليل حسن -

اسجل مرورى واعجابى بما خطه قلمك الرائع يا شاعرة ودمت بالف خير وعافية

ميتافيزيقيا التفسير
مؤرخ الاضطهاد -

لقد فات الكاتبة المحترمة سؤالا مهما اهم من موضوعها اعلاه لماذا انزل الله سبحانه وتعالى هذه الايةفي سورة الروم وليس في النساء اليس هذا تكريماواعترافا الهيابمشاعر وعواطف نساء روما ام ماذا بحيث لم يذكر كلمة مودة لا بسورة مريم وهي المراءة التي قدسها القران ولا في سياق وصاياه لنساء النبي ونساء المؤمنين اما بالنسبة للحب فالعربيات مشهورات بانهن يذوبات حبا وشوفا لاثنين من الرجال فقط الوسيم التافه الفقير والغني البشع الحقير فيخضعن لهذين الرجلين ايما خضوع ويمتعانهما ايما متعة ولعن الله من لا يقول الحق

I like your article
sawsan -

Ilove your article we are waiting for your next article

بلى, يموت الحب
givara1954 -

نعم, إن الحب يموت يا صديقتي , فهو كأي شجرة ياسمين في ساحة دارنا تعرش علينا بفيئها وتعبق برائحة زهرها طالمااعتنينا بها ورعيناها , وإن أهملناها تموت .

يناقشون ثم يمدحون
د. رأفت جندي -

عزيزتي نجوي, اطلبي من اقاربك ومعارفك أن لا يمتدحوا مقالتك بهذا الشكل, ولكن من الممكن ان يناقشوا رأئ مما عرضتيه ثم يمدحون المقال بعدها, فهذا يعطيك قدر افضل من المدح فقط.

رأفت جندي كن عادلا
فهد -

ثلاثة من عشرة مدحوا المقال والبقية قالوا رايهم وناقشوا وانت منهم الا اذا كنت تحسب التحية والشكر مدح ولابد من المعلق سب وجرح الكاتب حتى ترضى حضرتك واذا كان الكاتب لا يعلق فهذا لا يعطينا الحق فى تجريحه او النيل منه او اغتيابه الاديان كلها تنهى عن ذلك وليس الاسلام وحده وتقبل مودتى وتقديرى

الاختيار الاساس
كريستينا -

يبدو لى ان البداية فى الزواج هى الاساس لتكملة الزواج او فشله من شان نعرف نعيش منيح يكون الاختيار من البداية منيح وتسلمى

السلام عليكم
صالح جبار -

انك رائعة تغوصين في اللواعج تقرأين ما بين السطور ؛؛؛ عن العلائق المتناهية

وللحياة رأيها
عبد الستار نورعلي -

البحث في الحياة الزوجية من خلال النظرة والتشريع الاسلاميين أمر اراد به سبحانه وتعالى تنظيم الحياة الاجتماعية لكي تستمر وفق منهج اخلاقي ينظر الى الزواج كمؤسسة تبني هذه الحياة نحو الأفضل ، أو تلقيها في براثن السوء والشر. والذي يتحكم بهذه المؤسسة هي العلاقة بين طرفيهاونوعها. لذا أكد القرآن الكريم على المودة والرحمة والسكن ، بكل ما يحمله ذلك من معان ومضامين منيرة مفروضاً توافرها.لكن ذلك يبقى متروكاً لطرفي المعادلة الزوجية، وبنائهما النفسي والتربوي والايماني . وكثير من النفوس امارة بالسوء. فالمسألة اذن بالاساس مرتبطة بالفرد ومدى استعداده لتطبيق الشريعة في مفهومها الاخلاقي الاجتماعي ومدى عمق ايمانه الروحي يها.والمقالة تحليل واشارة الى الجوانب التي تعتري الحياة الزوجية وكيفية معالجتها وتجاوزها بناءاً على ماورد في القرآن الكريم ، وهي اثارة جميلة لمتطلبات نجاح الحياة الزوجية وفق النظرة الاسلامية الحريصة على نشر المودة والرحمة والألفة بين الزوجين لما لذلك من أهمية بالغة في بناء مجتمع سليم خالٍ من الامراض والشر والسوء.تحياتي