أصداء

عتاب بين يدي فلسطين

قراؤنا من مستخدمي تويتر
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك

منذ ما ينيف على الخمسين سنة، حملناك فوق لسان القصيدة طفلة مخدوشة الخدين، وضممنا عليك جناحَي القلب، ومع كل دمعة تنساب على خديك ينساب نهر الألم والصراخ في لغتنا وأرواحنا وأموالنا شوقاً إليك وكمداً عليك، ورغبة في الشهادة بين يديك.


ونحن لا نكذب، تعالي إلى دفاترنا، وانظري في عيوننا، وتلمّسي نبض قلوبنا، في قلب كل عراقي لك ديوان شعر، وغصة بين الجوانح، ودمعة لا تجفّ. الجواهريّ الكبير ( الشيعيّ)، نزف لك ديواناً حاراً من الشعر، والسياب العظيم ( السنيّ ) أوقدك في شعره قنديلاً لا ينطفي ومضى، وشعراء الكرد جعلوا منك جبلاً مقيماً بين جبالهم وأوقدوا لك الشموع، وعبد الرزاق عبد الواحد الصابئي عمّدك في شعره كأنك طقس مندائيّ يقام في دجلة أو الفرات، وكنت في الشعر الشعبي العراقي عقالاً جنوبياً يأبى السقوط من على الرأس، وفي الشعر المسيحي العراقي صليباً يقاوم الانحناء.


أمهاتنا اللواتي لا يجيدنّ الكتابة والقراءة، حفرن وجهك على ضلوعهن، ورتّلنَ اسمك مع بسملاتهن. وآباؤنا توشحوا بك مع خناجرهم وبنادقهم وكنت حاضرة في المضائف والجوامع والصوامع والحسينيات، وتحت سقوف بيوتنا، تنامين مع أحلامنا، وتنهضين مع أول صباحاتنا، وتهرولين مع خطوات أطفالنا في الرياض والمدارس. جامعاتنا وضعتك مع الحجر الأساس، ووضعتك خريطة مطعونة على جدرانها، وخضبّتِ كلَّ مظاهرة ببغداد بدم الشباب العراقي الذي يصرخ باسمك كأنك باب الجنة.


قلِّبي مرة واحدة أوراق تاريخنا الحديث، واحصي بيديك عدد الشهداء الذين جادوا بأنفسهم من أجل عينيك الحزينتين، والجود بالنفس أقصى غاية الجود. واستمعي إلى هذا السرّ أسرّك به وحدك دون سواك: يوم اغتيل الطفل الشهيد محمد الدرة، في ذلك المساء اتخذت قراراً نابعاً من أعماقي أن روحي وروح ابني الوحيد هما نذر وقربان لوجهك الحبيب. وكنا حيئذ نذبح بسكين الطاغية، لكن حبك أرهف من زهرة غاردينيا، كنّا ننزف ولم ننساك، لكنني الآن أريد أن أترك ورقة عتاب قرب رأسك وأمضي.


لماذا يبيع أبناؤك كلَّ العراقيين النازفين برأس الطاغية؟ وهل كنا نحبّ ياسر عرفات وبقية قائمة القيادات الفلسطينية أم أننا نحبك أنت أرضاً وأناساً؟!. لماذا كنا نقبّل كلّ كلمة لغسان كنفاني، ومحمود درويش وفدوى طوقان وسميح القاسم وها هم أبناؤك يبصقون على نزفنا في كلماتنا كأنهم يبصقون على قمامة؟!
هل في سجلاتك أن عراقياً اغتال فلسطينياً؟ تعالي إلى مدن العراق وانظري ماذا فعل ذلك الشاب الذي فجر نفسه في سوق شعبيّ في مدينة بابل فمزق أجساد اخوته فيما كان أبناؤك يحتفلون بشهادته في سرادق عزاء؟، وانظري إلى سرادقات العزاء على أرواح الذين أبادوا نصف الشعب العراقي: عدي، وقصي، وصدام. هل ثمة أمة في الأرض تعبد الطغاة إلا نحن؟!.


فلسطين أيتها الحبيبة، القلب حزين.. حزين..حزين. ماذا أفعل بصور أصدقائي من المثقفين الفلسطينيين الذين أحببتهم لأنهم ولدوا من رحمك؟! ماذا أفعل وخنجر الزرقاوي مازال ينزف بين القلب واللغة؟!.
فلسطين علّمي أبناءك حكمتنا العروبية: إن الشعوب أسمى من الطواغيت. وإنا نحب فلسطين وشعر المقاومة، ونحب الفلسطينيين الذين لم ترفع أيديهم صور الدكتاتور، أو لم تنبسط في الترحم عليه في سرادق عزاء مقام في أرضك الطاهرة.
فلسطين، أنت أسمى من دنس الدكتاتور، ومازلت في عيوننا غصن زيتون أخضر، نحنو عليك كأننا نحنو على أكبادنا، فمدي أغصانك ثانية بين زيتونك ونخيلنا، ولنشرب نخب العشق الأزلي وننسى الطواغيت.

ناظم عودة

nazem1965@yahoo.com

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
العدو الفلسطيني
احمد الفراتي -

رب ضارة نافعههذا المثل ينطبق على مافعله الفلسطينيون بالعراقيين فلاباس لكي فط نكتشف هذا العدو الغاشم للشعب العراقي والذي يسمى بالشعب الفسطينيلقد قتل الانتحاريون الفلسطينيون من العراقيين الابرياء اكثر ما قتلوا من الاسرائيليين هل تعلم ذلك لا وفوق ذلك بعد كل قتل للعراقيين يحتفل الفلسطينيون باعراس الدم هذا وما حادث الحله الشهير عنا ببعيد لقد ذكر السيد الكاتب بعض المواقف المخزيه للفلسطينيين وهي جزء من مواقف الاعرب الطائفيه وهناك الكثير من المخازي بحق العراقيين انتهجتها احزاب ومؤسسات وافراد يندى لها جبين الانسانيه وفي المحصله الفلسطينيون اليوم اعداء للشعب العراقي وان مايسمى بالقضيه الفسطينيه لاتعنينا بعد اليوم لا من قريب ولا من بعيد

الاستاذ/ ناظم
mohd amin -

قبل كل شيء اود ان اعبر عن عميق احترامي وانحنائي امام هذا الرقي والتهذيب في طرح هذه المسألة شديدة الالتباس .ولو كنا - في العالم العربي - نطرح مشكلاتنا بهذه الموضوعية والعقلانية لوجدنا الحل للكثير منها.ء لماذا اقول التباس؟ لان الكثير من الفلسطينيين المنكوين بنار اميركا (الاسرائيلية) يتخذون الموقف المضاد للاميركيين دون تردد. أخي,ءيحق لك ان تعتب ,لأن الموقف الفلسطيني يجب ان يكون واضحا مع الحق ولو كره أميركا!ءولكن المشكلة ان الفلسطينيين ليس لهم موقف موحد, فهم في حالة حرب مع انفسهم, وحدث ان قاتلت منظمات فلسطينية,مثل الصاعقة والجبهة الشعبية- القيادة العامة الى جانب سوريا ضد الفلسطينيين واذكّرك عزيزي ان الزرقاوي كان محكوما عليه بالاعدام في الاردن وانه نفّذ عمليات ارهابية في الاردن, كان آخرها التفجيرات الانتحارية في ثلاثة فنادق في عمّان عام 2005 يا اخي هؤلاء لا يمثلون الفلسطينيين . والنجاح الحقيقي لهؤلاء(لا سمح الله ) هو ان يدفعونا لان نكفر بكل قيمنا وتاريخنا وايماننا وعلاقات الخوة التي تربطنا, فهل نعطيهم الفرصة.. عيني؟؟!ءمحمد أمين

تصحيح
mohd amin -

الكلمة في السطر قبل الاخير من مشاركتي بعنوان الاساذ/ ناظم, هي الاخوة التي سقط منها حرف ا خطأ,ارجو نشرالتنويه.محمد امين

الفلسطينيون
هيفاء رافد الخالدي -

بداْت اعيد قراءتك بفضل مقالك العتابي الرائع ولكن الست معي بان عقائد الناس هي التي توجه سلوكياتهم مهما كان الواقع مختلفا؟؟والا لو اجتمعت الدنيا على تفسير السلوك الفلسطيني والاردني تجاه النبل العراقي المتجذر في الارض العراقية لما وجدوا تفسيرا غير الكراهية التي زرعتها كتب العقائد الكارثية لهم هاهم الان يفقدون اهتمام اقرب الناس اليهم بسبب سلوكهم المتاخي مع الارهاب بكل صوره لقد حولوا باعمالهم وحدهم القضية الفلسطينية النبيلة الى موضوع ممل فقد شرعية الانتماء الانساني بامتيازواسهموا بكل نجاح باخراج فلسطين من الذاكرة والضمير العراقي والى الابد

اغتصاب واحتلال
د.عادل حامد -

عندما يغيب العقل ولا نتبع الا الهوى تحضر المصائب والويلات ويقتل الاخ اخيه في غمضة عين .فكما لفلسطين هذا الحب والهوى هناك للعراق ولاهله ايضا الحب والهوى . رغم انف كل القتله والمجرمين اللذين استباحوا دماء الابرياء والفقراء فاذا شكت شوكة في خصر العراق صحت وانا الفلسطيني اخ يا خصرتي .فكلنا في الهم نفس واحده نحن لا نبكي على الحكام ولكننا نبكي على الاوطان ونلعن من اغتصبها وقتل وشرد اهلها .ونلعن في السر والعلن كل القتله المجرمين في كل بقاع الدنيا فما بالك اذا كانت هذه البقاع هي وطننا فلسطين والعراق

palastine
ameer -

ان الفلسطينيون موجودون في حاله حرب الغاء الغاء للهويه الفلسطينيه وللاسف الشديد الكثير من اخواننا العرب يشتركون في هذه الحرب بشكل مباشر او غير مياشر فمن حق الفلسطينيون الدفاع عن انفسهم بشتى الوساءل شرعيه كانت ام لن تكن ساندنا العرب ام لن يساندنا