أصداء

حقائق عن ميزانية العراق للعام 2008

قرائنا من مستخدمي تلغرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك

حددت حكومة نوري المالكي مجموع التخصيصات العامة في ميزانية العراق لسنة التي تتضمن النفقات التشغيلية ونفقات المشاريع الاستثمارية بما يعادل 48.425 مليار دولار، وقدرت الإيرادات بما يعادل 42.312 مليار دولار، مع بيان وجود عجز في الموازنة يبلغ 6.113 مليار دولار، وقد بينت وزارة المالية في مسودة الميزانية ان هذا العجز سيغطى من المبالغ النقدية المدورة من موازنة سنة 2007 علما أن إجمالي المبالغ المدورة غير مبينة مقدراها.


أما بخصوص دور هذه الموازنة لتحديد ما يصيب حصة الفرد الواحد من العراقيين، فقد بلغت هذه الحصة 1.578 دولار على أساس احتساب مجموع سكان العراق 30.682.198، بينما في سنة 2007 بلغت هذه الحصة 1.370 دولار على أساس احتساب مجموع السكان 29.968.387، وفي سنة 2006 بلغت 1.257 دولار على أساس احتساب السكان 29.043759، ولكن في واقع الأمر فان هذه الحصة لم تصيب أي فرد عراقي وهي تعتبر حصة جيدة في حالة ضمان إيصالها الى كل فرد عراقي، وفي مقابل هذه الحصة فان ما يصيب الفرد الواحد من قيمة نقدية للخدمات العامة على مدار السنة ستكون في مجال الصحة 73 دولار، الكهرباء 98، البطاقة التموينية 122، الرواتب 136، البلدية 53، التربية والتعليم 110، الحماية الاجتماعية 0.025، التنمية والأعمار 156، واعتمادا على هذه القيم فان حصة الفرد الواحد في الشهر يبلغ في الصحة 6 دولار، الكهرباء 8، البطاقة التموينية 10، الرواتب 11، البلدية 4، التربية والتعليم 9، الحماية الاجتماعية 0.002، التنمية والأعمار 13 دولار، ويبلغ مجموع هذه الحصص في الشهر 62 دولار.. هنا يتبين ضآلة المبالغ المخصصة للقطاعات والخدمات التي لها تماس مباشر مع حياة المواطن، ويبلغ مجموع هذه الحصص للفرد في السنة 748 دولار من مجموع 1.578، وهذا يعني أن الباقي والبالغ قدره 830 دولار يذهب هدرا واستنزافا على حساب المواطن العراقي، ومن المفارقات الغريبة فان حصة الفرد الواحد حسب هذه الموازنة يبلغ 1.365 في إقليم كوردستان أي بفارق 213 دولار عن حصة الفرد في بقية المناطق من العراق.


وبخصوص الإيرادات العامة للدولة بينت المالية، ان إيرادات النفط الخام المصدر لسنة 2008 تقدر بما يعادل 35.368 مليار دولار، والإيرادات الأخرى تقدر بما يعادل 6.944 مليار دولار، وتبلغ نسمة النمو في إيرادات النفط 14% مقارنة مع سنة 2007، وفي الإيرادات الأخرى 194%، بذلك فان نسبة المساهمة في ضمان الموارد المالية للموازنة العامة للسنة الجارية تبلغ 83.6% من إيرادات النفط و16.6% من الإيرادات الأخرى، والأخيرة تتضمن رسم إعادة الأعمار بدلا من الكمارك بنسبة مساهمة 0.8% وضريبة الدخل الخاصة للأفراد بنسبة 0.4% وضريبة الدخل للشركات بنسبة 0.5% وضريبة دخل الموظفين بنسبة 0.2% ودخل الفوائد 0.9% والمنقول من الهيئات والشركات العامة المملوكة للدولة بنسبة 3% وأجور الخدمات بنسبة 0.1% وضريبة المكس بنسبة 0.1% وضرائب ورسوم أخرى بنسبة 10.4%.


أما بشأن التخصيصات العامة للموازنة التي تشمل النفقات التشغيلية ونفقات المشاريع الاستثمارية ، فإن الأول يتضمن الرواتب والأجور والمخصصات وقد قدرت تخصيصاتها بما يعادل 9.972 مليار دولار، الرواتب والمكافآت التقاعدية والمساهمات الاجتماعية 3.630 مليار دولار، السلع والخدمات 6.609 مليار دولار، الفوائد 0.633 مليار دولار، الإعانات 1.985 مليار دولار، المنح 1.590 مليار دولار، المنافع الاجتماعية 4.638 مليار دولار، المصروفات الأخرى 3.667 مليار دولار، وبذلك يبلغ إجمالي النفقات التشغيلية 32.727 مليار دولار، أما نفقات المشاريع التي دونت تحت تسمية المشاريع الرأسمالية فهي تتضمن المشاريع الاستثمارية لتنمية الأقاليم واعمار المحافظات 3.333 مليار دولار، لقطاع الكهرباء 1.300 مليار دولار، للقطاع النفطي 2.000 مليار دولار، لبقية القطاعات بما فيها إقليم كوردستان 6.584 مليار دولار، الموجودات غير المالية 2.481 مليار دولار، وبذلك يبلغ إجمالي المشاريع الاستثمارية 15.698 مليار دولار، وفقا لهذه التخصيصات فان إجمالي الموازنة للنفقات العامة بلغت 48.425 مليار دولار.


أما فيما يتعلق بأنشطة الدولة في مجال الخدمات العامة والرواتب والتنمية والبطاقة التموينية وغيرها، فإن تقديرات النفقات العامة في موازنة سنة 2008 المقدرة 48.425 مليار دولار موزعة كالآتي مع بيان نسبتها الى المجموع العام: الخدمات الأمنية 9.000 مليار دولار بنسبة 18.6%، التربية والتعليم 2.927 مليار دولار بنسبة 6%، قطاع الكهرباء 2.626 مليار دولار بنسبة 5.4%، قطاع النفط 2.770 مليار دولار بنسبة 5.7%، الخدمات البلدية 1.414 مليار دولار بنسبة 3%، الصحية 1.956 مليار دولار بنسبة 4%، تعويضات حرب الكويت 1.768 مليار دولار بنسبة 3.7%، دعم الشركات العامة المملوكة للدولة 0.691 مليار دولار بنسبة 1.4%، الرواتب والأجور والمخصصات والرواتب والمكافئات التقاعدية والمساهمات الاجتماعية 3.630 مليار دولار بنسبة 7.5%، شبكة الحماية الاجتماعية 0.677 مليار دولار بنسبة 1.4%، نظام البطاقة التموينية 3.273 مليار دولار بنسبة 6.8%، تنمية الأقاليم واعمار المحافظات 4.157 مليار دولار بنسبة 8.6%، نفقات اقليم كوردستان 5.393 مليار دولار بنسبة 11.1%، الخدمات الأخرى 8.140 مليار دولار بنسبة 16.8%.


ومن خلال تقييم النسب المخصصة للقطاعات الخدمية والرواتب والحماية والبطاقة التموينية والتنمية ونفقات الإقليم يتبين أن مجموع هذه النسب يبلغ 59.5%، بينما مجموع نسب الخدمات الأمنية ودعم الشركات العامة وتعويضات حرب الكويت والخدمات الأخرى يبلغ 40.5%، وهذا يعني وجود هوة شاسعة لتلبية الاحتياجات الحقيقية للعراقيين في الموازنة العامة لا زالت الحكومة لا تتعامل بجدية لتوفيرها، إضافة الى هذه الفجوة الكبيرة فان قطاع الخدمات وتوفير المستلزمات الحياتية والمعيشية للحياة لم تنال الاهتمام الكافي فأرقام النسب تبين أن الرواتب والصحة والكهرباء والبلدية والتربية والبطاقة التموينية وشبكة الحماية ونفقات الإقليم قد قدرت لها تخصيصات قليلة بعيدة عن تلبية الاحتياجات الحقيقية في أرض الواقع حيث يبلغ مجموع نسب هذه القطاعات 45.1%، بينما النسبة الباقية التي تبلغ 54.9% تعتبر نسبة هدر كبيرة في الموارد المالية وتبلغ بالقيمة النقدية 26.585 مليار دولار.


إضافة الى هذا الهدر الكبير في موارد الدولة، هناك هدر آخر غير معلن، وهو من واردات النفط الخام المصدر، حيث أن القيمة المقدرة لسعر البرميل الواحد هي 57 دولار، بينما الأسعار الحقيقية للنفط في الأسواق الدولية تتراوح بين 90-95 دولار للبرميل الواحد، ويتوقع في سنة 2008 أن يبلغ معدل السعر 85 دولار للبرميل الواحد، وهذا يعني سيكون مجمل الواردات النفطية بحدود 72.212 مليار دولار بحساب تصدير 1.7 مليون برميل يوميا، بينما الموازنة قدرت إيرادات النفط بما يعادل 35.425 مليار دولار، وهذا يعني سيكون هناك وجود فائض مالي بحدود 36.844 مليار دولار لم تشير اليه مسودة الموازنة، ولزيادة كشف الحقيقة فان إجمالي الإيرادات النفطية لسنة 2007 بلغت 31.025 مليار دولار على أساس تقدير سعر 48 دولار للبرميل حسب ما جاء في المسودة بينما سجل سعر البرميل في الأسواق العالمية في السنة الماضية معدلا هو بين 75-80 دولار، وهذا يعني أن الإيرادات النفطية لسنة 2007 بلغت 48.476 مليار دولار بينما المسجل في المسودة 31.025 مليار، والفرق يبلغ 17.451 مليار دولار وهو مبلغ كبير لم يذكر عنه بيانات ولا تفاصيل.


وهناك حقيقة أخرى ضائعة وهي أن كمية النفط المصدر في سنة 2007 التي بلغت قيمتها 31.025 مليار دولار بسعر مقدر للبرميل الواحد 48 دولار من قبل وزارة المالية، و أن كمية النفط الخام المصدر بلغت 1.6 مليون برميل، فان عدد أيام الإنتاج حسب هذه المعطيات المذكورة في المسودة يبلغ 404 يوم، بينما عدد أيام السنة تبلغ 365، وهذا يكشف أخطاء أو إخفاء إنتاج 40 يوما من مجموع الواردات النفطية العامة عن الخزينة العامة للدولة.


وحسب ما جاء في المسودة، فان الأسس والمباديء التي اعتمدت عليها لإعداد تقديرات الموازنة العامة، هي متمثلة بإعطاء الأولوية للناحية الأمنية، وبناء القدرات الذاتية للوزارات والهيئات والشركات، والسعي لتحقيق التوازن بين الإيرادات والنفقات، وزيادة حجم النفقات الاستثمارية، وتحديد الأولويات بالتركيز على تحسين القدرات في مجالات الأمن والدفاع الوطني ومشاريع القطاع النفطي والطاقة الكهربائية والخدمات المختلفة والبنية الأساسية والعمل على امتصاص البطالة والعمل على ضمان حقوق الانسان، ولكن واقع الأرقام والنفقات المخصصة يؤكد أن تخصيصات القطاعات المرتبطة بحياة العراقيين لتأمين الاحتياجات الأساسية ضئيلة وبعيدة عن اهتمام حكومة نوري المالكي مع وجود فروقات هائلة بين نفقات القطاعات الخدمية ونفقات قطاعات أخرى لا ارتباط لها بحياة المواطن تحت مسميات غامضة لأسباب نجهل دوافعها.


وبخصوص سياسة الدعم الحكومي لسلة الغذاء المدونة تحت تسمية البطاقة التموينية، فقد ذكر أن هذا الأمر يشكل عبئاً كبيرا على الموازنة العامة، لهذا من خلال سياسة ستراتيجية اتجهت الحكومة نحو تخفيض هذا الدعم وقد بدأ فعلا بتنفيذ ذلك اعتبارا من موازنة 2006 من خلال تخفيض دعم البطاقة التموينية بنسبة 25% عن موازنة سنة 2005، الى نسبة 6.8% من إجمالي النفقات في سنة 2008، وهنا يتبين إجحاف الحكومة بحق العراقيين، فرغم المعاناة والمأساة التي يعانون منها في ظل الواقع الأمني والاقتصادي، وتحت حجة تلبية مطالب الصندوق الدولي وتقليل أعباء سلة الغذاء على الدولة رغم قلة نفقاتها، فان الحكومة تلجأ الى قطع الأرزاق والحاجات الغذائية عن العراقيين بتعمد لرميهم في ضيق المعاناة الحياتية والمعيشية في سنة 2008 وإيرادات النفط تسجل أعلى موارد مالية في تاريخ العراق المعاصر.


في الختام وبناءاً على ما جاء في مسودة الموازنة لسنة 2008 من تقديرات وتخصيصات، فان الرؤية النهائية التي نخرج بها تتلخص بمايلي: تقصير متعمد للحكومة في تخصيص نفقات كافية لمعالجة خدمات الصحة والكهرباء والماء والمجاري والبلدية ومكافحة البطالة والسيطرة على التضخم وهي أزمات ومشاكل حقيقية مرتبطة بحياة العراقيين، وتعمدها في تخصيص نفقات هائلة في قطاعات متعددة مرتبطة بالأمن ومجالات أخرى بأسماء متنوعة لا تخدم العراقيين بأية حال من الأحوال، وتعمدها في القضاء على الدعم المقدم الى برنامج سلة الغذاء لحرمانهم من أبسط الحقوق الإنسانية للبقاء على الحياة، وأخيرا من المؤسف أن نقول أن حكومة المالكي بميزانيتها لسنة 2008 تبدو أنها ترمي الى قتل العراقيين لا إنعاشهم وإحيائهم في ظل تخمة من إيرادات النفط الهائلة التي تذهب هدرا في ظل الفساد المستشري في العراق.

د.جرجيس كوليزادة
Gulizada_maktab@yahoo.com

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
فرهود
KURDI -

الفساد المالي والاداري مستشري في عراق السلب والنهب من شمال زاخو الی جنوب الفاو

حايها حراميها
ابو مطشر -

وماذا ينفع الكلام ممن الغوا لغة الكلام،واحلوا بدلها لغة المسدس لم يقول الكلامزالم تكن هذه هي اليمقراطية بلغة من باعوا العرض والوطن؟

هكذا الأنتقام
أحمد عزيز -

لقد أتى الأمريكان والصهاينه بتلك الحكومه بعمامتها الصفويه لشيء واحد وهو الأنتقام من العراق الذي ظل شوكة في عيون هؤلاء جميعا لزمن طويل. عتبي على الدكتاتور الذي أراد أن يهدم الجبل برأسه فكانت النتيجه أن حكمنا هؤلاء الغرباء. ولكن عزائنا في وزير الماليه أمين الخزانه فقد كان أمينا على أرواح العراقيين قبل أن يصبح أمينا على أموالهم...والله كأنها من قصص ألف ليله وليله تسمعهاوتستمتع بقرائتها ولكنك تعرف بأنها من وحي خيال كاتبها ولاتمت للحقيقه بصله. شكرا لأيلاف

نهب منظم
سامي حسين -

هذه دراسة واقعية ومهمة وهي فضيحة للحكومة بحد ذاتها، أي لا تحتاج إلى تعليقات. ويمكن أن نضيف أن( شبكة الإعلام العراقية) موازنتها مائة مليون دولار مع عوائد الإعلانات، أكثر من نصفها يذهب هدراً حيث كثّروا المحطات الاذاعية والتلفزيونية لتوسيع مصادر النهب، فقد أثبتت هذه المؤسسة فشلها ثقافياً وإعلامياً. الأخطر من ذلك هو أن المسؤولين الذين أفسدوا كل شيء ونهبوا موازنات العامين الماضيين مازالوا نفسهم، من حملة الشهادات المزورة وحرامية المال العام من عديمي الضمير، فكيف ينتظر المواطن العراقي منهم خيراً. لا إله إلا الله.

وما العمل
د. خوشناو -

صديقي العزيز د.جرجيس المحترم...هذه المقالة يتضمن معلومات مهمة و خطيرة و المشكلة أن عددا قليلا فقط من الناس يتلقى مثل هذه المعلومات. لذلك أطلب منك أن تنشر هذه المعلومات في أكبر قدر ممكن من وسائل الأعلام المختلفة حتى يتبين الحقيقة للجميع. المشكلة الثانية أن جميع الأطراف السياسية المكونة للحكومة العراقية و أقليم كردستان تملك هذه المعلومات و تعرفها و الكل له يد في هذا الفساد و يتقاسمون ثروة بلادنا فيما بينهم...و أذا أتفق الجميع على هذا الفساد و أذا كان الشعب راضيا بكل شيء و أن لم يكن راضيا فلا يفعل شيئا...ماالحل؟