أصداء

إعلان دمشق في ميزان ذو كفة واحدة!

قرائنا من مستخدمي تلغرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك

تتواصل الحملة الأمنية ضد رموز المعارضة السورية في الداخل السوري، وخاصة في صفوف قيادات إعلان دمشق، وفي صفوف التيار الإسلامي المعتدل، والذي أصبح له وزنا مرئيا في سورية، ولكنه بعيدا عن ضوضاء الإعلام، وكون الأمر يتعلق، بسياق دولي تخاف معه بعض المنظمات الاقتراب من معتقلي الإسلام المعتدل أيضا.

وكنا قد كتبنا في السابق عن هذا الأمر، وفي لفتة لا بد من الانتباه إليها في سورية، بأن جماعة الأخوان المسلمين ومعهم حركة العدالة والبناء، هي تيارات إسلامية معتدلة*1 وإن كانت فقيرة نسبيا، بالمنظرين الذين ينظرون لهذا الإسلام المعتدل، ومعروفون في الأوساط الإعلامية والفكرية العربية والدولية، وهذه ليست نقيصة ولكنها، نقص عليهم تلافيه في الحقيقة، وبشكل واضح، كوضوح أن النظام نفسه لا يريد في سورية إطلاقا تيارات إسلامية معتدلة، تماما مثلما أنه لا يريد تيارات علمانية ديمقراطية، ليبرالية وسلمية، ولهذا نجد أن الاعتقالات تشمل كل التيارات التي تريد تغييرا ديمقراطيا سلميا وتدرجيا وضد الاستقواء بالأجنبي، واحتار النظام كيف يبرر اعتقال هؤلاء، فلجأ في اعتقال الإسلام المعتدل بحجة أنهم إسلاميون متشددون، ولجأ في اعتقال التيار الثاني إلى حجة أنهم يثيرون النزعات الطائفية، ويقومون بإضعاف الشعور القومي للأمة، لم ينتبه أحدا في الحقيقة منذ أن وجهت هذه التهمة لميشيل كيلو، وأنور البني والدكتور عارف دليلة، والآن توجه لرياض سيف، وأكرم البني، وفايز سارة،وعلي العبد الله، وفداء حوراني وياسر العيتي ومروان العش وآخرون، لم ننتبه إلى سؤال بسيط وهو: أية أمة يضعف شعورها القومي هؤلاء؟ السؤال هذا يترتب عليه كمقدمة رؤية حقيقة ما يجري في سورية! لأنها مقياس حقيقي، على طبيعة تفكير السلطة، وعلى جملة الافتراءات التي طالت رموز المعارضة عموما وإعلان دمشق بشكل خاص، إنها ليست أمة في الخيال، بل هي الأمة معرفة بتعريف واحد ووحيد، وهو أنها أمة( السلطة، هذه السلطة بالذات، مع حواشيها القدامى والجدد) وكل تعريفاتهم النظرية، لا تساوي كدمة حذاء أو قبضة رجل أمن على وجه علي العبد الله الذي ذهب البارحة إلى قصر العدل ولازالت أثار الكدمات على وجهه مما اضطر القاضي إلى تحويله إلى الطبيب الشرعي، أو لا تساوي منع سفر لكتاب معروفين، ولرياض سيف الذي قوبل بالسجن بدل السماح له في السفر من أجل العلاج في الخارج من مرض السرطان.

وهنا تعقيبا على مقال كنت قد كتبته عن بعض مما يأتي في خطاب قناة الجزيرة، فإذا كانت قناة الجزيرة بكل عملقتها الإعلامية، تقف إلى جانب السلطة بدمشق، فمن باب أولى أن يقف أتباع ثقافتها إلى جانب هذه السلطة، ثم يأتينا نقد من جهة اليسار، أن المعارضة لم تستطع أن تغطي خيبتها في الوصول إلى الجماهير العريضة، فأرادت تغطية هذه الخيبة بما جرى على صعيد نخبها وفي إعلان دمشق،شيء بقدر ما يدعو للحزن يثير فينا مشاعر تجعل العقل في حالة( كف) مسدود الأفق، كيف ستصل هذه المعارضة إلى الجماهير الحزينة بطلائعها؟ لم يجبنا أحد على هذا السؤال، الأمر بسيط في سورية والجميع يعرف هذا دولا، ومثقفين ومنظرين..الخ لأن المعادلة بسيطة، لا يمكن الوصول للجماهير العريضة إلا تحت سمع وبصر السلطة، وبأدوات وكلمات خطابها هي، والتي تتمحور حول قضيتين فقط: معادة الخارج، والقضايا المعيشية، وفق هذين الحدين تستطيع الوصول للجماهير، أما ما عدا ذلك فالويل والثبور وعظائم الأمور! إذا كانت هذه المعارضة كما يراها بعضنا، إذن لماذا يعتقلها النظام؟ هي مقصرة بالتأكيد، تفتقر إلى منظرين كبار، بالتأكيد لأن المنظرين الكبار في بلدنا ليسوا مع المعارضة. وهذه مفارقة أخرى تسجل، كما هي الحال في أن أغنياء سورية ضد المعارضة أيضا، كما كتبنا عن ذلك من قبل، لهذا لا يوجد ميزان ذو كفتين في محاكمة إعلان دمشق والمعارضة عموما، لأنه ميزان ذو كفة واحدة، حيث أنه لا يرى سوى، أن هذه المعارضة تريد إضعاف شعور هذه الأمة، أية أمة هل هي الأمة السورية، أم العربية؟ أم هي أمة السلطة؟


*1يمكن العودة لتصريحات وبيانات هذه التيارات، ومن جهة أخرى ووفقا لسياقنا يمكن العودة للمرسوم 49 القاضي بإعدام كل إسلامي معتدل! وإلا لماذا لازال ساري المفعول ويعتقل الناس بناء عليه؟

غسان المفلح

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
التنحي
برجس شويش -

ان الخيار الافضل امام بشار الاسد هو التنحي عن السلطة وتسليمه الى هيئة تقوم باداراة مؤقتة من اجل التحول من الديكتاتورية الى الديمقراطية وفي هذا الاثناء ان تقوم كل القوى والمكونات الاساسية في سوريا بالتوافقات على شكل الدولة السورية ونظامها السياسي وحقوق مكوناتاها المختلفة، فازمة النظام تتعمق واثبت عجزه الكامل في قيادة سوريا بل يسلك طرق خارج نطاق دستوره نفسه ويعرض نفسه للمحاكمات على غرار محاكمة النظام البائد في العراق بسبب خرقه وانتهاكه الصارخ لحقوق الشعب السوري من افراد ومجموعات ومكونات اساسية، وحملة الاعتقالات التي يتبعها النظام هي جرائم بحق المواطنين ويجب ان يتوثق من اجل توجيه التهمة للنظام في مرحلة ما بعد سقوطه. ان الطب مهنة انسانية والاقامة في بريطانيا، اعرق دولة في الديمقراطية يجب ان يكون حافزا لبشار في التغير الجذري لنظام الشمولي اللانساني في سوريا

الى متى
جمال -

على العرب جميعاً اتخاذ موقف جريء وشجاع وموحد لمرة واحدة في تاريخهم، ذلك بقطع العلاقات الدبلوماسية مع النظام السوري الى أن يرعوي عن غيه ويوقف الاعتقالات بحق رجالات الفكر والسياسة والأدب.

الحسن والحسين منهج
محمود السيرة -

منهج المصالحة مع النظام يمثله الإمام الحسن، ومنهج الثورة على النظام يمثله الامام الحسين رضي الله عنهما، النظام لا يؤمن بمنهج الحسن وإنما بمنهج الحسين، لا يؤمن إلا يالقوة والقوة فحسب، لا يؤمن بالحوار إلا مع نفسه، أما أن يحاوره معارضوه فيعني انقلاب على الحكم وبالتالي لابد من الاعتقال، فالمعادلة شائكة، لذا أتصور أن المرحلة الحالية هي العمل الفردي والنصيحة الفردية لا الجماعية ولا التجمعات حتى لا يكون هناك سبب مببر للاعتقال لأن النظام يشعر بالقلق في هذه المرحلة فأي كلمة جماعية تعني لديه تحريض وثورة وتكون سبباً للاعتقال أو الموت أو...لذا فالمعارضة في واد والجماهير في واد والنظام في واد

التواصل الجماهيري!
أحمد السيد -

أذا وافقنا جدلا معك يا حضرة المُنَظر غسان، أن المعارضه في الداخل لم تستطيع التواصل مع الجماهير، بفعل القمع السلطوي! لكن السؤال الجرىء هنا ماذا فعلت المعارضه في الخارج للتواصل؟ وماذا فعلت انت بالذات؟ بل سعى البعض منها في الخارج على تقليص التفاعل مع باقي الأطياف، بل حورب الجزءالآخر.

خوف العلويين
محمد -

للاسف النظام الطائفي في دمشق يعتبر انه في معركة وجود مع الاغلبية السنية في سوريا, الهستيريا التي ضربت جماعته بعد اعلان دمشق تبرز خوفهم من تحرك الشعب السوري ضدهم وخلعهم عن العرش وحصولهم على حريتهم وكرامتهم