العائشون في الوهم!
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك
من قال إن تاريخنا لا يحوي سوى الأمجاد والبطولات وأن أجدادنا جميعا كانوا نماذج لم تتكرر في النبوغ والعبقرية؟
من ضحك على عقولنا وأفهمنا أننا حالة فريدة ليس لها مثيل وأن الآخرين ظلال باهتة لحضارتنا الضاربة بجذورها في أعماق التاريخ؟
لماذا لا نتواضع قليلا وننظر إلى أنفسنا والآخرين بطريقة موضوعية حتى يمكننا معرفة الحقيقة المجردة ولا شيء غير الحقيقة؟!
لماذا لا نعيد قراءة تاريخنا بتجرد حتى يمكننا الحكم بنزاهة على ماضينا وحاضرنا؟ وبهذه المناسبة لماذا لا نقرأ أيضا تاريخ الآخرين؟!
والأفضل من ذلك لماذا لا نعيد كتابة تاريخنا بحياد بعيدا عن العنتريات والمبالغات؟ بالتأكيد في ماضينا نماذج فذة من العبقرية والشجاعة والانتصارات ..و لكن فيه نماذج أخرى من التخلف والانحطاط والخيانات.
في دفتر أحوالنا أمس واليوم وغدا أحداث مشرفة وحوادث مشينة.. وعلينا أن نتخلى عن أوهام العظمة الفارغة حتى نفهم من نحن وكيف كنا وإلى أين نحن صائرون؟!
في البدء علينا الاعتراف صراحة أننا أصبحنا قوما لا نجيد غير الكلام وتترك الأفعال للأمم الأخرى!
في حروبنا نهدد ونتوعد وننهزم..وفي سلامنا ننبطح ونؤثر السلامة ويسيطرون علينا..وفي علاقاتنا العامة والخاصة نتكلم كثيرا دون أن يعني كلامنا شيئا ..نعد ولا نفي، نتعهد ونكذب، نحلف و ننكث!
نؤكد لأنفسنا ولغيرنا ولأولادنا أهمية الكلمة التي لا تعني شيئا عندنا لأننا في الواقع باعة كلام..نولد ونحيا ونموت في ظل الكلمة..التي لا نلتزم بها أبدا لأننا لا نعرف معنى الالتزام..وهكذا سنظل في مؤخرة القبائل والقوافل إلى أن نتعلم كيف نحترم كلمتنا!
علينا أن نعترف لأنفسنا صراحة أننا مازلنا مبهورون بالخوارق التي تسيطر على عقولنا لدرجة أننا جميعا نحلم بمعجزة تهيئ لنا الانتصار بلا تضحيات على أعدائنا!
رجالنا يحلمون بمعجزة تحقق لهم الثروة والسلطة والجاه والحيوية الدائمة والخلود..ونساؤنا يحلمن بمعجزة تضمن لهن الثروة والحب والأنوثة الطاغية والجمال الدائم والخلود!
زعماء عشائرنا يحلمون بمعجزة تخلصهم من الحرافيش الذين أصبحوا عبئا عليهم في تقاسم السلطة والثروة.. والحرافيش يحلمون بمعجزة الخلاص من الطغاة والمستبدين!
دائما ما نعلق عجزنا وخيبتنا على شماعات الحسد والسحر والجن والشياطين والنصيب ونلتمس العون من السحرة والدجالين والنصابين وبائعي الأوهام!
لا نفعل شيئا بل نحيا في انتظار معجزة لا تتحقق، ثم نموت قبل أن ندرك أن عصر المعجزات ولى ولن يعود..!
وعندما نسمع أحدهم يكلمنا بصراحة عن حالنا سرعان ما نقذفه بالأحجار..ملعون من حدثنا عن عيوبنا وحاول إيقاظنا من سباتنا العميق!
مرجوم من تجاسر على تحطيم أصنامنا وتابوهاتنا التي ندور حولها من المهد إلى اللحد..
راضون نحن بما نحن فيه..غارقون في الفقر والجهل والمرض والوهم..لا نريد أن نتحرر..لأننا نخاف المغامرة ونعشق الجمود.
زعماء قبائلنا وضعونا في مغارات ثلجية..جمدونا..بل إنهم جمدوا الزمن المحيط بنا...عقارب ساعاتنا لا تتحرك للأمام مثل باقي الأمم ..إنها جامدة بل في حالات كثيرة تسير إلى الوراء..هل تظنون حقا أننا في عام 2007 بعد الميلاد وأننا في الألفية الثالثة؟!
ألا تؤكد أحوالنا البائسة والمؤسفة أننا نعيش في وهم كبير؟!
عبد العزيز محمود
* كاتب وصحفي من مصر
abdelaziz46@gmail.com
التعليقات
تعليق شخصي
ســوســن ضـــرغـــام -هذا أصدق كلام عربي سمعته من سنة حتى صباح هذا اليوم. قد يقول البعض أنه جـلـد ذاتي. ولكنها حقيقة واقعية. ننتفخ ونتبجح. نتبجح وننتفخ بأمجادنا وتاريخنا وفـتـوحاتنا. ولكننا اليوم لا ننتج سوى الكلام والكلام والكلام. متمزقون نحن ومختلفون. نقتل بعضنا البعض ونتمزق طوائفا وشيعا وتفاسير عمياء. بينما العالم بأسره يتقدم علميا وصناعات ومكتشفات وأدبا وفنونا وحضارة. نحن ما زلنا نبحث عمن كان يستحق الخلافة من قديم الأزمنة وعن منشأ البيضة والدجاجة التي لم تعد تبيض شيئا. تـمـزقـنـا شعوبا وفئات غارقة في الهلوسات الدينية واننتظار القدر وتفجير كل من لا يفكر مثلنا, رافضين كل رأي آخر مهما كان صحيحا أو مصيبا. ونحن في ذنب أذناب العالم الثالث. بلا حريات عامة ولا أمل بغد أفضل.هكذا نحن اليوم.. وهذه مصيبتنا. أن نقبل تشخيص أمراضنا وقبولها, بداية أمل بالعلاج. وإلا فإننا محكومون بالفناء والموت الأبدي.
آه آه
آه آه -تقول: " نموت قبل أن ندرك أن عصر المعجزات ولى ولن يعود". وهل كان هناك عصر للمعجزات؟
مناضلون من منازلهم ؟
صلاح الدين المصري -الحقيقة اننا نعيش تحت استبداد مقيم وسجن كبير والشرارة الاولى في تغيير ا حوالنا في تجتراح معجزات كتلك التي اجترحتها شعوب الارض للخلاص من الاستبداد من كان يظن ان عرش الطاووس سيسقط ، ان مثقفينا يناضلون من منازلهم ومن يناضل من منزله لايجترح المعجزه ولا يحقق التغيير فمثل ماتكونوا يولى عليكم
تحية لسوسن ضرغام
جـبـر مـحـمـد جـبـر -نعم يا سيدتي. نحن في ذنب أذناب العالم الثالث والرابع والخامس...لأننا لم نبتعد في قوانيننا وعالمنا الحاضر عن عالم الغيبيات ولم نخلصها من سيطرة الماضي والدين والعشائرية.ما زلنا نعيش بذكريات أجداد أجداد أجدادنا, نمضغها " كالقات" هذا المخدر اليومي الذي يمضغه اليمنيون. لكل شعوبنا مخدرها التقاليدية والدينية والتخلفية. وهكذا كانت مصلحة حكامنا في النصف الثاني من القرن العشرين حتى اليوم. ألا نتغير. أن نبقى في وحول العتمة والجهالة وانتظار القدر الموعود ونحن نيام نيام. حتى يحكمونا كما يشاءون. بلا اعتراض أو تحليل. حكامنا ومشايخنا وما يسمى فقهاؤنا تشاركوا على اقتسام عقولنا المخدرة. فصلوا النساء عن الرجال. فصلوا الطوائف الدينية عن بعضها, وفتتوا ما يسمى في العالم المتحضر العقل والمواطنة.يا أخت سوسن. أنتن النساء مستقبلنا. أنتن اللواتي ستغيرن تاريخنا وحاضرنا ومستقبلنا. أنتن عقل المستقبل. لأن عقولنا نحن الرجال جامدة متحجرة.. حقودة.ختاما تحية لكاتب هذا المقال الجيد وللسيدة سوسن ضرغام.
قفا نبك
د.عادل حامد -هذا حالنا الذي ما زلنا نصبح ونمسي عليه منذ ايام قفا نبك وحتى ايام ايظن .فالشعر هو حلنا والقصيد هو ما يرفعنا ولان اعذب الشعر اكذبه فما زلنا نعيش على الكذب ولا نقول الا الكذب حتى من كان من الادباء والمثقفين ونادى بالحريه والاخاء والمساواه رماه الحاكم بامر الله في السجون وغيب صورته وصوته ولما احس انه تربى وتاب اخرجه من غيابات الجب ولوح له بالدينار والدرهم .فلحق بسيده ورمى المباديء وراء ظهره واشترى دماغه وراحة باله .اما العلماء فلا مراكز للبحث العلمي ولا مخصصات لها وهو محسود مغبون من زملائه فماذا يعمل .لا شيء سوى ركوب اول طائره الى بلاد تحترم العلماء وتزيل كل العقبات من امام المبدعين .وبعد ذلك تريدنا ان يكون لنا اسم في التاريخ او الجغرافيا .نحن من لا يذكره احد الا عند التفجيرات والقتل وتدمير المباني العاليه ونهب الحضارات من متاحفها .ونجن من لا يدور عقله الا بعد ان تقرأله البصاره طالعه في الفنجان او في النجوم البعيده .ونحن من يغني طولي يا ليله طولي يا ليله
تمجيد الذات
noor -إن الغربيين لا يتميزون عرقياًعن الأمم التي مازالت متخلفة ولكن امتلاكهم للتفكيرالنقدي والمراجعة وتصحيح الأخطاء وتبددالأوهام,هو مصدر امتيازهم وهو سبب تفوقهم.فالتفكيرالنقدي الذي انفرد به الغربيون هوالذي استنفرالعقل الإنساني وأكسبه هذه القدرات الخارقة وتغير دائم نحوالأفضل.العلوم الجاهزة المستوردة من الغرب مع ابقاءالأفكارالمتحجرة واجترار كسول للبداهات والمسلمات لا تصنع عقولاً مزدهرة مبدعة وإنما هوالتفكيرالنقدي وحده ولا بديل له.أن حضارةاليقين التي تتميز بهاالحضارةالإسلامية حيث ينعدم الشك ولاوجود فيها للتساؤل هي الإرض الخصبةالتي تنبت فيهاالأفكارالإرهابية.وتحتوي هذه الآيديولوجيةالإسلامية على عناصر كإختزال العلاقة مع الآخرالى التناحر والصراع الدائم، تمجيدالذات،وإنتزاع آدميةالآخر وفي النتيجة نحصل على فكر يعطي المبررات للعنف المنفلت نحوالآخر والذي من الممكن أن يؤدي الى الإرهاب عند شريحة كبيرة من العوام.إن اليقين الراسخ الذي نشاهده في الإرهابي هي حالةإعتقاد مشابهة للمرض العقلي الذي يتميز بالإعتقادالذي لا يتزحزح بالأوهام ويؤدي الى إضطراب مرضي في السلوك والذي يحتاج في الغالب الى علاج طبي مكثف.
آمــال جــديــدة
أحــمــد بــســمــار -بالرغم من أنني لم أعد أكتب لموقع إيلاف معلقا, ولكنني لم أكف يوما واحدا عن قراءتها كمدمن قديم. لهذا السبب أهنئ صادقا السيد عبد العزيز محمود على مقاله الأكاديمي الواقعي الرائع. وأهنئ السيدة سوسن ضرغام على لباقة وجودة وقوة كلماتها , وخاصة لا أنسى السيد جبر محمد جبر على وضوح تعليقه وجرأته النادرة بوضع النقاط على الحروف. لدى قراءتي لهؤلاء يستعيد أملي أن روح التحليل والتفكير لم تمت على الإطلاق, وأن هناك شرارة من الفكر يبثها مفكرات ومفكرون لم يعودوا يقبلون الأشياء المغلقة مطالبين بمزيد من النور والوضوح والحرية والمنطقية. يريدون أن ننظر للآفاق البعيدة بمنظار جديد وأنوار جديدة.. وأن نخلق خاصة آمالا جديدة في مجتمع متحضر جديد. أمامهم اليوم أنحني بكل احترام.
علم الادارة
د. رأفت جندي -علم الادرة وراء الكثير وليس الكل من تخلفنا. لماذا ينجح المصريون خارج مصر ولم يكونوا كذلك في الداخل؟ الادرة في مصر فهلوة وصوت عالي ولكن في الغرب علم ودراسة واستخدام الامكانيات علي احسن صورة.
اول مره
عراقي /استرالي -شكرا استاذ عبد العزيز .المقال اكثر من رائع .لاكن الغريب اني اول مره اقراء ردود الاخوه المعلقين واجد ان جميع المعلقين قد اتفقو على ماكتب شي غريب !اتمنى ان اكون غير مخطى.شكرا لك ولناشر