كتَّاب إيلاف

يداويني بالتي كانت هي الداء

قرائنا من مستخدمي تلغرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك

عندما كرست جانبا كبيرا من مقالاتي لكشف الأزمات المعيشية التي يعاني منها أبناء شعبي في ظل السلطة الحالية في كردستان، وأعلنتها حربا لا هوادة فيها ضد ظاهرة الفساد الذي يضرب بأطنابه على أرض كردستان منذ خمس سنوات، كان هدفي الأساسي في كل ما كتبت هو أن أقوم ما أعوج من أداء هذه السلطة خصوصا مع إنهمار كل هذه المليارات من الدولارات التي إغترت بها السلطة الكردية، فإنغمست معها في فساد مقيت حتى كادت أن تحول هذا الكيان الصغير المتحرر بدماء غزيرة سالت من جسد هذا الشعب المسكين الى دكتاتورية قمعية مستبدة تعض بها على كرسي الحكم بالنواجذ؟!.

ورغم ما واجهته من الكثيرين من أرباب السلطة وأقلامها المأجورة من إتهامات تارة بالعمالة، وتارة بالتخوين والإصطفاف الى جانب أعداء الكرد وكردستان، وهذه إتهامات جاهزة يسوقونها ضد كل من يخالفهم الرأي أو يفضح أساليبهم وتلاعبهم بمصير هذا الشعب، ولكني أعتقد بأنني أرحت ضميري بإصطفافي الى جانب شعبي المقهور والمسلوب الإرادة، ولم يرعبني سيف السلطان أو محاكمها القروسطية، لأننا نحن معشر الكتاب والصحفيين الكرد نعيش اليوم في ظل هذا الفساد الفظيع وسط حقل كبير من الألغام، ولا أغالي إن قلت أن الكثيرين من أصحاب الأقلام الشريفة والضمائر الحية من الكتاب المتصدين للفساد في كردستان إنما هم برسم الأموات وهم يمشون على الأرض. فهذه السلطة لا تتوانى عن إغتيال الكلمة فحسب، بل أنها لا تتردد عن قطع رقبة قائلها، وهناك شواهد كثيرة على ذلك..

عندما كنت أرى في الشارع الكردي ذلك الوجوم على وجوه الشيوخ والعجائز، وأفتقد البسمة على وجوه أطفالنا، والحسرة في قلوب بناتنا، وضيق ذات اليد للبيشمركة الذي ضحى من أجل قضية شعبه، لم أحتمل سكوت القيادة الكردية وترددها العجيب عن تحرك جدي وفاعل للقضاء على هذه الآفة الخطيرة التي تفتك بكل المكاسب المتحققة لشعبي، وتشوه كل منظر جميل في كردستان، وتتنكر لكل القيم الإنسانية والثورية التي ناضلت من أجلها تلك القيادات خلال سنوات نضالها الطويل بجبال كردستان، تلك القيادات التي كانت تعتبر نفسها راعية لليتامى، حانية على الثكالى ثائرة لشرف العذارى، فإذا بها اليوم تتحول بفعل الفساد المستشري الى هاتكة للأعراض بإستغلال المال والسلطان، سارقة لأقوات اليتامى والأطفال، مهينة لكرامة الإنسان؟؟!!.

قبل أيام ترددت أنباء عن تشكيل لجنة للقضاء على الفساد في كردستان، وكم كانت خيبتي كبيرة بعد هذا الإنتظار الطويل لتحرك فعلي وخطوة شجاعة للقضاء على هذه الظاهرة المفتكة، عندما قرأت الخبر وهو يقول " أن حكومة الإقليم شكلت لجنة لدراسة سبل القضاء على الفساد أو على الأقل تحجيمه"؟!. تذكرت حينها نكتة سمعتها من قبل وتقول:
" كانت هناك قرية فيها حفرة كبيرة تتسبب بوقوع العديد من الحوادث اليومية لسكانها، فاجتمع كبار رجالات القرية ليضعوا حداً لهذه الحوادث المتكررة، فاقترح أحدهم شراء سيارة إسعاف وإيقافها قرب الحفرة لنقل الجرحى فورا الى المستشفى. ولكن بعد أيام لاحظوا أنه كلما نقلت السيارة أحدهم الى المستشفى، كان هناك آخرون يقعون في الحفرة؟. فإجتمعوا مرة أخرى لتدارس الوضع، وإقترح أحدهم بناء مستشفى قرب الحفرة؟!. فرد عليه المختار قائلا" ولماذا كل هذا التبذير فعندنا مستشفى قرب مدخل القرية، ولا داعي لبناء أخرى، تعالوا نردم هذه الحفرة ونحفر واحدة أخرى قرب المستشفى، فهذا أفضل وأوفر للمال"؟؟؟!!.

أعتقد بأن مصير تلك اللجنة التي شكلتها حكومة الإقليم ستكون نفس مصير حفرة القرية التي عجز كبار القوم عن معالجتها، فالحكومة هي بالأساس أصل الداء وليس الشارع العام حتى تردم حفرها بلجان أو زيارات ميدانية وتنتهي المسألة؟!. وأنا على يقين بأن هذه اللجنة إن تشكلت فإنها ستضم بكل تأكيد كبار القوم الغارقين أصلا في الفساد البغيض؟!.

الفساد لا يعالج بتشكيل لجنة حكومية، ولا حتى بتأسيس هيئة للنزاهة في كردستان، وبالمناسبة فإن كردستان ليس بها لحد اليوم هيئة نزاهة مماثلة لما موجود في بغداد، وأعتقد أن تشكيلها ينتظر شبع المسؤولين من أموال السحت الحرام، ولكني أعتقد أنه حتى لو شبع نوح من الموت، فلن يشبع مسؤولو كردستان من سرقة المال الحرام، عليه فإن أمر هذه الهيئة سيبقى مؤجلا بإنتظار الجودو، ولا أدري هل أن جودو سيعود ذات يوم، أم سيكون مصيره مثل مهدينا المنتظر الغائب داخل السرداب منذ ألف سنة مما يعدون؟!.

إذا كانت القيادة الكردية جادة فعلا في إستئصال الفساد ( بعد الشبع طبعا )، فإن عليها أن تسن قانونا لذلك. قانونا يجيز للبرلمان إستدعاء الوزراء وإستجوابهم، قانونا يحقق إستقلالية كاملة للقضاء ويضعه فوق الجميع من دون إستثناء، قانونا يتيح سؤال الوزير والنائب ( من أين لك هذا )؟. فظاهرة خطيرة بمثل هذا الحجم لا تعالج بلجنة واحدة أو مثنى وثلاث ورباع، بل تعالج بقانون خاص يسن لقلع جذورهذه النبتة الخبيثة،القانون وحده هو الضمان وليس تقارير اللجان أو تصريحات فلان وعلان. وبالقانون وحده نستطيع أن نشيع ثقافة إجتماعية جديدة ترتكز على الشفافية والمساءلة والتحقيق في كيفية التصرف بأموال الشعب التي هي أمانة في أيدي الحكام، وبه سندشن لمجتمع مدني حقيقي يوفر لقمة العيش الكريم للمواطن ويضمن مستقبله ومستقبل أجياله..

شيرزاد شيخاني

sherzadshekhani@yahoo.com

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لا تسكتوا عن الفساد
رعد الحافظ -

مقالة رائعة كالعادة من كاتبنا العزيز شيرزاد شيخاني الحريص والمهموم بمشاكل شعبه الكردي الطيب والذي يعاني كبقية الشعب العراقي من فساد الساسة والمسؤلين , لكن الزمن تغير ونحن لم نعد في زمن الطاغية . وحاجز الخوف والصمت انكسر وان شاء الله الى غير عودة وكل كاتب شريف اصبح قلمه سلاحا فتاكا ضد الفساد والتخلف , فلا تسكتوا يا عراقيين جميعا..اصرخوا وطالبوا بحقوقكم فالدستور البائس الذي وضعه نفس الساسةيكفل لكم ذلك..هذه مسؤولتنا جميعا تجاه اجيالناوحقهم في عراق غني يعيش فيه الجميع برفاهية ويساعد من يحتاج ايضا .نعم فبلدنا اغنى مما نظنوما علينا الا القضاء على الفساد لننعم ونهنىء به..

لا تسكتوا عن الفساد
رعد الحافظ -

مقالة رائعة كالعادة من كاتبنا العزيز شيرزاد شيخاني الحريص والمهموم بمشاكل شعبه الكردي الطيب والذي يعاني كبقية الشعب العراقي من فساد الساسة والمسؤلين , لكن الزمن تغير ونحن لم نعد في زمن الطاغية . وحاجز الخوف والصمت انكسر وان شاء الله الى غير عودة وكل كاتب شريف اصبح قلمه سلاحا فتاكا ضد الفساد والتخلف , فلا تسكتوا يا عراقيين جميعا..اصرخوا وطالبوا بحقوقكم فالدستور البائس الذي وضعه نفس الساسةيكفل لكم ذلك..هذه مسؤولتنا جميعا تجاه اجيالناوحقهم في عراق غني يعيش فيه الجميع برفاهية ويساعد من يحتاج ايضا .نعم فبلدنا اغنى مما نظنوما علينا الا القضاء على الفساد لننعم ونهنىء به..

الحكومة كلها فاسدة
أبو آري -

أخي شيرزاد سمعت بأنه في كردستان أيضا هناك لجنة نزاهة ولكن رئيس اللجنة هناك هو داود الباغستاني . المصيبة هي إن لم تعرفون من هو هذا الشخص وكم هو ( نزيه) والمصيبة أعظم إن لم تعرفوه

الحكومة كلها فاسدة
أبو آري -

أخي شيرزاد سمعت بأنه في كردستان أيضا هناك لجنة نزاهة ولكن رئيس اللجنة هناك هو داود الباغستاني . المصيبة هي إن لم تعرفون من هو هذا الشخص وكم هو ( نزيه) والمصيبة أعظم إن لم تعرفوه

??
Ahmed Huzni -

ماذا أضفت لماذا؟انا ارى ان المقال يكتب حينما تبرز دوافع أو حتى دافع أو حجة لكتابته.قرأت مقالك هذا و بحثت فيه كثيراً عن اضافة جديدة, ولكني ها انااخرج منها كما دخلت, صفر اليدين, و عليه اقتنعت بأنك لم تكتب شيئاً غير قيامك برص بعض الكلمات لتقول لنا انك كتبت.

??
Ahmed Huzni -

ماذا أضفت لماذا؟انا ارى ان المقال يكتب حينما تبرز دوافع أو حتى دافع أو حجة لكتابته.قرأت مقالك هذا و بحثت فيه كثيراً عن اضافة جديدة, ولكني ها انااخرج منها كما دخلت, صفر اليدين, و عليه اقتنعت بأنك لم تكتب شيئاً غير قيامك برص بعض الكلمات لتقول لنا انك كتبت.

القانون!؟
حسن صالح -

القانون الذي تكتب عنه لا يمكن أن يكتبه الطغات الذين تطلب منهم ردم الحفرة التي حفروها للكردستانيين بنهب ممتلكاتهم و فرض إرادتهم عليهم. هذا القانون سوف يأتي بنهايتهم، و تريدهم أن يأتوا به؟ غريب أمرك يا سيد شيخاني! القانون الذي تكتب عنه يجب أن يكتبه إرادة الشعب القوي الذي يعي حقه في المساوات و الحرية، لكن الشعب في كردستان ضعيف أمام هؤلاء الطغات، خوفاً من بعابيع الجوار من الذئاب الرمادية و شركائنا في التاريخ الحديث من الكيمياويين. شكراً لإيلاف.

القانون!؟
حسن صالح -

القانون الذي تكتب عنه لا يمكن أن يكتبه الطغات الذين تطلب منهم ردم الحفرة التي حفروها للكردستانيين بنهب ممتلكاتهم و فرض إرادتهم عليهم. هذا القانون سوف يأتي بنهايتهم، و تريدهم أن يأتوا به؟ غريب أمرك يا سيد شيخاني! القانون الذي تكتب عنه يجب أن يكتبه إرادة الشعب القوي الذي يعي حقه في المساوات و الحرية، لكن الشعب في كردستان ضعيف أمام هؤلاء الطغات، خوفاً من بعابيع الجوار من الذئاب الرمادية و شركائنا في التاريخ الحديث من الكيمياويين. شكراً لإيلاف.

لابد من سن القانون
محمد تالاتي -

أجل لابد من سن قانون يستأصل الفساد مهما كان شأن اصحابه.

لابد من سن القانون
محمد تالاتي -

أجل لابد من سن قانون يستأصل الفساد مهما كان شأن اصحابه.

الطيور على اشكالها
عراقي اصيل -

لاحظوا اخواني القراء تعليقات الناس الشرفاء مقابل الفاسدين , ستجدون ان من يريد بقاء الفساد والاستفادة منه يهاجم الكاتب لانه فضحهممع ان الكاتب كردي شريف يحب شعبه وليس سارقي شعبه

الطيور على اشكالها
عراقي اصيل -

لاحظوا اخواني القراء تعليقات الناس الشرفاء مقابل الفاسدين , ستجدون ان من يريد بقاء الفساد والاستفادة منه يهاجم الكاتب لانه فضحهممع ان الكاتب كردي شريف يحب شعبه وليس سارقي شعبه

سلمة يداك يا شيرزاد
ابو سمير -

مرحبأ بكم ثانيتأ وجزيل الشكر لهذا الكاتب المحترم الحقيقة ما نسمعه لا يصدق أنا شخصيأ لم أزور كردستانلكن الكل يتحدث عن هذا القاصي والداني حتى المسؤولينهناك يتحدثون عن هذا الفساد فإيذأ هيا موجودة والفاسدون معروفون إيذأ ما فائيدة القوانين من يسنالقوانين لم نسمع شخصأ ماأحيل للقضاء بسبب الفساد حتى أن سنت القوانين لا أعتقد أنها ستنفذ يقال أن كثيرمن كانو متعاونين مع نضام صدام بإيبادة أبناء جلدتهم هم الأن يسرحون ويمرحون قي كردستان وأحسنحالأ من أهالي الشهداء والموءنفلين

سلمة يداك يا شيرزاد
ابو سمير -

مرحبأ بكم ثانيتأ وجزيل الشكر لهذا الكاتب المحترم الحقيقة ما نسمعه لا يصدق أنا شخصيأ لم أزور كردستانلكن الكل يتحدث عن هذا القاصي والداني حتى المسؤولينهناك يتحدثون عن هذا الفساد فإيذأ هيا موجودة والفاسدون معروفون إيذأ ما فائيدة القوانين من يسنالقوانين لم نسمع شخصأ ماأحيل للقضاء بسبب الفساد حتى أن سنت القوانين لا أعتقد أنها ستنفذ يقال أن كثيرمن كانو متعاونين مع نضام صدام بإيبادة أبناء جلدتهم هم الأن يسرحون ويمرحون قي كردستان وأحسنحالأ من أهالي الشهداء والموءنفلين

..
هوشيار -

كيف يستجوب البرلمان وزيرا والبرلمان نفسه غارق في الفساد ولعلم القارئ فان اعضاء البرلمان الكردستانى راتبهم الشهري ومخصصاتهم تبلغ عشرة الاف دولار في الشهر وهذا اكبر جريمة بحق اموال الشعب الكردى والعراقى

..
هوشيار -

كيف يستجوب البرلمان وزيرا والبرلمان نفسه غارق في الفساد ولعلم القارئ فان اعضاء البرلمان الكردستانى راتبهم الشهري ومخصصاتهم تبلغ عشرة الاف دولار في الشهر وهذا اكبر جريمة بحق اموال الشعب الكردى والعراقى

تساۆلات ؟
ميديا -

وهل أستطاع الپرلمان العراقي إستجواب وزيرالتجارة العراقي فلاح السوداني علی غرار الأغذية الإيرانية الفاسدة والمآسي التي تجلب الی الأسواق العراقية؟ حتی تتمکن پرلمان کوردستان من إتخاذ نفس السبل ؟ خلي القبغ مستور سيد شيرزاد قبل ما کل الحکومة وما فيها وأکبر من هؤلاء! تستجوب علی الملأ؟ وهل تمکن العراقيون کشف قوائم کوبونات النفط مقابل الغذاء سراق خبز أطفال العراق أيام الحصار في التسعينيات؟ وهل تمکن الکورد من إعدام مجرم القرن علي الکيمياوي حتی يتمکنوا من إستجواب طارق عزيز سارق الخبز العراقي؟ ثقافة السرقة والفساد توارثها الجدد من سابقيهم وللأسف کلهم مشترکون في خطف البسمة من الوجوه العراقية الحائرة. ومع التحية لك ولإيلاف الحرة.

تساۆلات ؟
ميديا -

وهل أستطاع الپرلمان العراقي إستجواب وزيرالتجارة العراقي فلاح السوداني علی غرار الأغذية الإيرانية الفاسدة والمآسي التي تجلب الی الأسواق العراقية؟ حتی تتمکن پرلمان کوردستان من إتخاذ نفس السبل ؟ خلي القبغ مستور سيد شيرزاد قبل ما کل الحکومة وما فيها وأکبر من هؤلاء! تستجوب علی الملأ؟ وهل تمکن العراقيون کشف قوائم کوبونات النفط مقابل الغذاء سراق خبز أطفال العراق أيام الحصار في التسعينيات؟ وهل تمکن الکورد من إعدام مجرم القرن علي الکيمياوي حتی يتمکنوا من إستجواب طارق عزيز سارق الخبز العراقي؟ ثقافة السرقة والفساد توارثها الجدد من سابقيهم وللأسف کلهم مشترکون في خطف البسمة من الوجوه العراقية الحائرة. ومع التحية لك ولإيلاف الحرة.