الايرانيون يتعالجون أيضا في إسرائيل

الهجمات"الاعلامية"العنيفة التي يشنها الرئيس الايراني محمود أحمدي نجاد بين الفترة و الاخرى على الدولة العبرية، أثارت الرأي العام الغربي و لا سيما دوائر القرار التي رأت فيها سعيا لزعزعة السلام و الاستقرار في منطقة الشرق الاوسط بل وأن دولة مثل استراليا أبدت رغبتها في الدعوة الى مطاردة الرئيس نجاد قضائيا بسبب من ذلك أمام محاکم لاهاي، ورغم ان هذه الدولة قد تراجعت عن رغبتها تلك، لکن مجرد إعلان ذلك کان بمثابة رسالة دولية ذات مغزى لهذا الرئيس الذي يبدو أن تصريحاته الغريبة و الملفتة للأنظار قد باتت تطغي على تصريحات الرئيس الليبي معمر القذافي وحتى في بعض الاحيان تدفعها للإنزواء.

الرئيس أحمدي نجاد الذي يسعى دوما للتأکيد على عدواته لإسرائيل و رغباته و"تمنياته" و حتى تکهناته بزوالها من الوجود، يحاول أيضا الايحاء بأن الشعب الايراني برمته يشارکه في أفکاره و تصوراته و تطلعاته هذه، لکن الذي يراه المرء و المتابع للشأن الايراني على أرض الواقع هو خلاف ذلك الى حد ما، ذلك ان الشارع الايراني الذي بات يعاني بشدة من وطأة و وخامة الوضع الاقتصادي الذي يزداد سوءا و يشکو من تضييق الدوائر على حرياته الخاصة و العامة في أغلب المجالات، لم تعد تهمه تصريحات رئيسه النارية ضد اسرائيل بل وأن العديد من الاوساط الصحفية و السياسية الايرانية قد أکدت بأن الشارع الايراني قد بات حتى لا يود للنظر الى مسألة العلاقة مع اسرائيل من الزاوية التي ينظر من خلالها نجاد نفسه بعد أن تيقنت بأن الرئيس لا يطلق مثل هذه التصريحات إلا للإستهلاك المحلي و العالمي لکنه و على أرض الواقع لا يخطو ولو خطوة واحدة في هذا المضمار الى الامام.

وهنا، لابد من الاشارة الى أن أغلبية الاوساط المثقفة داخل الجاليات الايرانية المقيمة في بلدان الغرب، تؤکد رفضها القاطع لتصريحات نجاد و ترى فيها نوعا من السذاجة السياسية و عدم الاتزان و التحلي بالموضوعية مؤکدين بأنه من حق اسرائيل البقاء وأن مجرد التفکير في محوها أو إفنائها امر جنوني في حد ذاته. هؤلاء الايرانيون، ينظرون لاسرائيل نظرة تميل للعقلانية، فهم في الوقت الذي يدينون فيه السياسة الاسرائيلية الحمقاء المتبعة بحق الشعب الفلسطيني من عدة وجوه و يدعونها لإتباع سياسة أکثر حکمة و عقلانية، لکنهم في نفس الوقت لا يرون إصرار إسرائيل على إتباع هذه السياسة مبرر کاف للعمل على عداوتها و إفنائها من الوجود!

في هذا الخضم، و في غمرة إصرار الرئيس نجاد على تصوير اسرائيل على انها العدوة اللدود رقم واحد للشعب الايراني، تناقلت وکالات الانباء خبرا مميزا فحواه أن طفلا إيرانيا مصابا بمرض خبيث في رأسه، ترافقه والدته(المحجبة)، قد وصلا تل أبيب قادمين من ترکيا لغرض معالجة الطفل من هذا المرض حيث أوصى الاطباء الاتراك العائلة بالتوجه الى اسرائيل لتلقي العلاج. و ذکرت التقارير، بأن الطفل و الام اللذين يحملان جواز سفر إيراني، قد راعت السفارة الاسرائيلية في ترکيا العوامل الانسانية وأعطهما تصريحا خاصا بدخول الاراضي الاسرائيلية.
وقبل ساعات من وصول الطائرة التي أقلتهما الى المطار، کان هنالك المراسلون و الصحفيون الاسرائيليون الى جانب فريق طبي مع سيارة اسعاف بإنتظارهما.

الدکتور زيو روتشتين، رئيس قسم معالجة السرطان في مستشفى(تل هشومر)، الذي کان واقفا الى جانب رئيس المستشفى و فريق من الجراحين، خاطب المراسلين و الصحفيين بقوله؛ سنفحص هذا الطفل لنرى ماهي أفضل الطرق لمعالجة الورم الذي في مخه و من ماذا يعاني، وأضاف قائلا؛ لقد حصلنا على مستمسکات طبية قليلة فيها الدقة بخصوص حالته و يجب أن نبدأ کل شئ من الاول.
الدکتور روتشتين في تصريحه للتلفزيون الاسرائيلي أشار الى وخامة و سوء حالة المريض و تطور الحالة لديه نحو الاسوأ، لکنه أضاف:"بدون الارتباط بأية مسألة سياسية، الاطباء الاسرائيليون سيؤدون واجبهم".

الامر اللافت للنظر، أن العديد من المصادر الموثوقة في الجاليات الايرانية المتواجدة في بلدان الغرب المختلفة قد أکدوا بأن هذه الحالة ليست هي فريدة أو الاولى من نوعها، وإنما هناك الکثير من الحالات الاخرى التي تمت من دون إثارة أية ضجة إعلامية بخصوصها مؤکدين بأن هناك العديد من الايرانيين الذين يقيمون حاليا داخل إيران و کانوا يعانون من حالات مرضية مستعصية قد تمکنوا و بمساعدة ذويهم في الدول الغربية من زيارة اسرائيل و تلقوا العلاج المناسب و شفوا من مرضهم مشيرين الى ميزة رخص العلاج الطبي و جودته في اسرائيل.

نزار جاف
nezarjaff@gmail.com