الانتخابات الاميركية.. وسخ دنيا!
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك
كان العراقيون القدماء في بابل ونينوى، يحتفلون في اول عامهم الجديد مطلع الربيع، بأعياد التجديد والخصب التي تدوم عشرة ايام. ومن اهم تقاليد هذا الطقس ان يتساوى الاسياد مع العامة والعبيد وتزول من بينهم اعراف الاحترام والخضوع. كذلك يقوم الملك امام الكاهن الاكبر بالاعتراف بخطاياه ويذرف دموع الاعتذار متقبلا صفعة تأنيب قوية من الكاهن.
اني اعتبر هذا (الطقس العراقي) القديم، اكثر صدقا ونزاهة من ( طقس الانتخابات الامريكية) المعمول بمليارات الاعلام الجهنمي والخداع وغسيل الدماغ والضمير.
على الاقل الطقس العراقي لم يكن يكذب ولا يستخدم كل هذه الوسائل الشيطانية الاعلامية من اجل اقناع الناس بـأن (ثورة) كبرى ستحدث في حياتهم لو انتخبوا فلان او علان!
الانسان وبحثه الابدي عن البطل المنقذ
غريب امر البشر!!!! رغم كل هذا التطور المعرفي والاكاديمي والتجريبي في العصر الحديث، الا انهم يبقون بطبعهم مثل اسلافهم في عصر الكهوف، بحاجة الى تقديس القادة والرموز، لهذا فأنهم يصدقون بسهولة أي مسرحية تمثل امامهم، دينية كانت أم سياسية، فيدخلون في لعبتها الخداعية ويتخذون موقفا متعصبا جديا لصالح احد ابطالها الذي يمثل دور المنقذ!
قليلا من المراجعة لتاريخ الحكومات الامريكية، ومن دون أي جهد عقلي كبير، لكي نكتشف الحقيقة التالية التي يعترف بها جميع الباحثين الغربيين:
ان الرئيس الجديد مهما اوعد وارغد وازبد فأنه ابدا لن يستطيع الخروج عن (الثوابت المقدسة) للطبقة الرأسمالية الحاكمة وللمصالح الاستراتيجية للدولة الامريكية.
اتذكر اننا في اعوام التسعينات ايام الرئيس بوش الاب(حفظه الله ورعاه)، حيث اشتد الحصار الدولي على العراق وراح ملايين الابرياء يعانون الفاقة والجوع والموت البطيء بسبب نقص الدواء مع رعب القمع البعثي والمهانة والانكسار اليومي. اقول، في تلك الفترة كان غالبية الضحايا يوعدون انفسهم بالخلاص قائلين:
ـ عيني شوفوا بس يفوز الديمقراطيين، انشاء الله ينشال الحصار وتنحل كل مشاكلنا..
واخيرا جاءنا المنقذ طيب الذكر(كلنتون) صاحب (سيكار مونيكا) الشهير، واذا بالحصار يشتد وثروات العراق تسرق علنا بأسم تعويضات الحرب، بل حضرته قرر دعم الحصار بقصف جوي دائم وفرض عقوبات مهينة اضافية! والنتيجة ازدياد حشود الجوعى والموتى خصوصا بين الاطفال!
انظروا الى هيمنة الطغم الرأسمالية من اصحاب بنوك وشركات نفط وصناعيين ومنتجي سلاح، الذين يمتلكون اكثر من 80% من ثروات الشعب الامريكي، رغم انهم مع اهاليهم وحاشيتهم لا يشكلون اقل من 10% من السكان!
انظروا الى سياسية امريكا منذ اعوام واعوام تقوم على اساس الحروب ودعم الانظمة الدكتاتورية في انحاء الكرة الارضية. فبعد ابادة الهنود الحمر، لجأت امريكا الى القنابل النووية في حربها ضد اليابان ثم شنت حرب فيتنام التي راح ضحيتها عدة ملايين من الفيتناميين والامريكيين..
انظروا الى قضية فلسطين التي تدوم منذ ستين عام، هل تغيير الدعم والالتزام الامريكي المقدس بأسرائيل؟ هاهو المنقذ العظيم( اوباما) الديمقراطي الانساني منذ البداية راح يزاود حتى على الاسرائيليين انفسهم ويعلن ان(القدس) عاصمتهم الابدية!
انظروا الى الحصار الامريكي المفروض على كوبا منذ اكثر من خمسين عام، لا زال ثابتا مهما تغيرت الحكومات..
وكل هذه(الثوابت المقدسة) تبقى خالدة لا تمس، مهما تغييرت الأدارة بين الديمقراطيين والجمهوريين!
التخمة الاعلامية!
قد تستغربون ان اقول لكم بكل صراحة بأني ابدا لم اصرف من وقتي حتى نصف ساعة لمتابعة الحملة الانتخابية الامريكية الجارية منذ حوالي العامين. فأنا منذ اعوام لا أمتلك حتى تلفزيون ومنقطع عن قراءة الصحف، وكل متابعاتي القليلة عن طريق الراديو والانترنت. لكني مع ذلك اسمح لنفسي ان اعتقد بكل تواضع بأني قد امتلك من النضوج المعرفي السياسي اكثر بكثير من اولئك الذين يولدون ويعيشون ويموتون امام التلفزيون والفضائيات، ويقرضون الصحف مثل الفيران الجائعة.
والسبب بسيط جدا:
ان عقلي لا يعاني من التخمة المعلوماتية المكررة والمكررة والمكررة والكاذبة والمزوقة والتافهة الى حد القرف والمرض. ان تأثير التلفزيون والفضائيات اشد فتكا من المخدرات، تنعشك لساعات ولكنها تستهلكك وتأخذ منك اية قدرة وحرية على التفكير السليم.
نعم ان الحياة وتجاربي علمتني كيف اترك لعقلي المساحة والحرية الكافية لكي يلتقط براحته ما يحتاجه من غذاء معرفي وجمالي، وخصوصا عن طريق الكتب والسينما والحوارات الصداقية.
لهذا فأن متابعتي لأخبار أمريكا وشعبها وثقافتها لا تتم من خلال متابعتي للمهازل التي تعرضها وسائل الاعلام عن (ديمقراطية الانتخابات)، بل من خلال مطالعتي الدائمة للروايات الامريكية العظيمة ومشاهدتي للأفلام الامريكية الجيدة والغنية جماليا ومعرفيا.
نعم.. ان الاعلام الحديث ومعه (اوباما) و(كيني) ومن لف لفهما، تستحق بجدارة تلك الصفة التي كان يرددها اهالينا عن المغريات الخداعة: (( وسخ دنيا))!!
سليم مطر
www.salim-matar.com
www.mesopotamia4374.com
جنيف
التعليقات
الطبيعة الغاضبة
الکوردستانية -أن الطقوس الذي ذکرتها أيها السيد الکريم مازالت قائمة ليومنا هذا ،ففي 21 آذار يحتفل الکورد ومعظم شعوب الشرق بعيد نوروز أي اليوم الجديد وتستمر لمدة 13 يوما ،فتری الکل بملابس زاهية والجديدة والفرح يرتسم علی وجوههم السمحة، يخرج فيها الناس من کل الفئات مبتهجين بحلول سنة جديدة متمنين أن تسقط أمطار کافية وحصادا أکثر ويخرج الجميع للتنزه والشکر والعرفان، وفعلا کما ذکرت بأن تلك الطقوس أکثر صدقا من البضائع العديمة الطعم،لأنها تبعث الراحة علی النفوس فهي أکثر صدقا من حملات دعائية يتنافس فيها أثنان علی منصب منهجه ثابت ولکن تختلف ربما فريسته عن سابقته متبادلين التهم ومروجين لتحسين إقتصاد والطاقة ومکتسبات دولتهم متناسين غضب الطبيعة من سوء إستخدام الأنسان لهذا الکوکب الذي لم يعد يتحمل المزيد من إساءة معاملة البشر لها علی کافة الصعد. فمن الضروري إتخاذ سبل ووسائل أکثر وعيا للتقليل من ظاهرة الأحتباس الحراري المؤدي الی المزيد من الکوارث الطبيعية والفيضانات ، فالأرض لم يعد يتحمل إستهلاك الطاقة أکثر، والمؤثرة بدورها علی أرتفاع درجات الحرارة وذوبان الکتل الجليدية في القطب الشمالي. العالم کله محتاج لوقفة جادة وتأمل لغضب الطبيعة من جراء إهدار سموم الصناعة ونفاذها في الجو من أجل جني أرباح لأفراد يتحکمون في مصائر ملايين من البشر.
الطبيعة الغاضبة
الکوردستانية -أن الطقوس الذي ذکرتها أيها السيد الکريم مازالت قائمة ليومنا هذا ،ففي 21 آذار يحتفل الکورد ومعظم شعوب الشرق بعيد نوروز أي اليوم الجديد وتستمر لمدة 13 يوما ،فتری الکل بملابس زاهية والجديدة والفرح يرتسم علی وجوههم السمحة، يخرج فيها الناس من کل الفئات مبتهجين بحلول سنة جديدة متمنين أن تسقط أمطار کافية وحصادا أکثر ويخرج الجميع للتنزه والشکر والعرفان، وفعلا کما ذکرت بأن تلك الطقوس أکثر صدقا من البضائع العديمة الطعم،لأنها تبعث الراحة علی النفوس فهي أکثر صدقا من حملات دعائية يتنافس فيها أثنان علی منصب منهجه ثابت ولکن تختلف ربما فريسته عن سابقته متبادلين التهم ومروجين لتحسين إقتصاد والطاقة ومکتسبات دولتهم متناسين غضب الطبيعة من سوء إستخدام الأنسان لهذا الکوکب الذي لم يعد يتحمل المزيد من إساءة معاملة البشر لها علی کافة الصعد. فمن الضروري إتخاذ سبل ووسائل أکثر وعيا للتقليل من ظاهرة الأحتباس الحراري المؤدي الی المزيد من الکوارث الطبيعية والفيضانات ، فالأرض لم يعد يتحمل إستهلاك الطاقة أکثر، والمؤثرة بدورها علی أرتفاع درجات الحرارة وذوبان الکتل الجليدية في القطب الشمالي. العالم کله محتاج لوقفة جادة وتأمل لغضب الطبيعة من جراء إهدار سموم الصناعة ونفاذها في الجو من أجل جني أرباح لأفراد يتحکمون في مصائر ملايين من البشر.