أصداء

الأكراد الحمر

قرائنا من مستخدمي تلغرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك

في مرسومٍ عجيبٍ(المرسوم رقم 49 لسنة 2008) مستوحى، على ما يبدو، من روح الدستور السوري المفصل على مقاس عمر رئيسه(إذ عُدّلت فيه المادة 80، في 10 يونيو 2000، لتصبح السن القانونية لرئيس الجمهورية 35 بدلاً من 40، كي يتناسب مع عمر الرئيس الجديد)، شاء رئيس الجمهورية "المنتخب" بنسبة أربعة تسعات أكيدة 99.99 أو دونها بقليل، المساوي لكل الشعب، الديكتاتور الدكتور بشار الأسد أن يحجب عن أكراده حق ملكية الأراضي والعقارات، ما يعني تقييد حركة إصدار تراخيص البناء في المناطق الحدودية، دون موافقات وزراتي الدفاع والزراعة وبالتالي موافقة وزارة الداخلية.


والجدير ذكره هو أنّ "المرسوم يمنع أي من إشارات الدعاوي والرهن والحجوزات والقسمة والتخصيص على صحيفة العقار في المناطق الحدودية، سواء كان العقار ضمن المخطط التنظيمي للمدينة أو خارجه، أو إشغاله عن طريق الإستثمار أو الإستئجار لمدة تزيد عن ثلاث سنوات، إلا بعد الحصول على الترخيص القانوني من وزارة الداخلية، بعد أخذ موافقة وزارتي الدفاع والزراعة، وبالتالي موافقة الجهات الأمنية المرتبطة بتلك القرارات"(العربية نت، 02.11.08).

المرسوم "الدفاعي" هذا، المختوم بخاتم رئيس الجمهورية الذي أمر بمطاردة حق جماهيره الكردية في تملك العقارات السكنية والزراعية والتجارية، أو نقل ملكيتها في الحسكة، بحجة أنها "محافظة حدودية"، أثار غضب الشارع الكردي، ما أدى إلى قيام ثمانية أحزاب كردية، الأحد الفائت، بتنظيم مظاهرة سلمية أمام مقر البرلمان السوري في دمشق، للتعبير عن احتجاجهم ضد المرسوم العنصري الخارج عن كل الحقوق، المجحف بحقهم ك"مواطنين سوريين"، عاشوا على أرضهم التاريخية، أسوةً بكل مكونات الشمال السوري، في منطقة الجزيرة، من عرب وآشوريين وكلدان وأرمن.


التظاهرة، كعادة أجهزة الأمن السورية، المتعودة على القمع دائماً، لم تمر بسلام. فبحسب البيانات الصادرة عن لجان حقوق الإنسان والمجتمع المدني السورية، "قامت الأجهزة الأمنية السورية بقمع التجمع"، وأقدمت على اعتقال عشرات المواطنين(مئتين تقريباً)، بينهم غالبية القيادات الكردية المشاركة في التظاهرة، التي اقتيدت وسط سياط وعياط قوى ما تسمى ب"حفظ النظام" إلى الفروع الأمنية المختصة، بغرض التحقيق معها، وإلقاء الدروس في الوطنية "البعثية" عليها.

عقب انتفاضة قامشلو التي اندلعت في 12 مارس 2004، أطلق الأسد كلاماً شاعرياً مغنياً ب"وطنية" أكراده و"سوريتهم" الأكيدة، قائلاً أنّ: "الأكراد مواطنون سوريون يعيشون بيننا والقومية الكردية جزء أساسي من النسيج السوري ومن التاريخ السوري وهي مندمجة بشكل كامل"(ا ف ب، 03 مايو 2004). حينها رقص الأكراد ودبكوا وطاروا فرحاً، بالمبادرة الكلامية التي أطلقها رئيسهم الجديد، في الهواء.
الأكراد(الرسميون منهم بخاصة) كتبوا في هذا الكلام الهوائي، الذي بثه عليهم، عبر الأثير، سيد "ربيع دمشق" المولود ميتاً، كلاماً جميلاً، معوّلين عليه كثيراً، معتقدين بأنّ الربيع القادم هو الأخصب.
كنتيجة لهذا الكلام الذي وُصِف آنذاك ب"المهم"، و"الكبير"، جرت لقاءات كثيرة بين جهاتٍ مختلفة من سوريا الرسمية وأكرادها الغير مرخصين، بهدف إيجاد "حل وطني"، لمشكلتهم العويصة، مع ما يسمى ب"الإحصاء الإستثنائي لسنة 1962"، الذي حُرم بموجبه حوالي 120 ألف كردي، آنذاك، من حق المواطنة. وتشير التقديرات أن عدد الأكراد المجردين من الجنسية السورية، يبلغ الآن حوالي 300 ألفاً.

بعد أربعة سنوات ونصف من هذا الكلام الذي أدخل الأكراد السوريين، على مستوى الكلام الرسمي، لأول مرة، في "الوطنية السورية"، و"النسيج السوري"، والتاريخ السوري"، طلع الرئيس المطلق لذات الكلام، على أكراده، ليطلق عليهم الآن، "كلاماً دستورياً"، يخرجهم من كل سوريا، ووطنيتها، ومواطنتها، ونسيجها، وتاريخها.

الأسد الذي زجّ بمناسبة الأول من حكمه، السوريين وسوريا(هم) في "دمشق الربيع الميت" نسى أو تناسى، بأنه خطب من قبل "كلاماً حماسياً" فيه الكثير من "الربيع المفترض"، على أكراده، بعكس "كلامه الدستوري" اليوم، محوّلاً الأكراد، بإذن "دستورره" الطيّع المطواع تحت الطلب، من "مواطنين سوريين حقيقيين"، "داخلين" في سوريا، ونسيجها، واجتماعها، ووطنيتها، ومواطنتها، وتاريخها، إلى "أجانب ممنوعين، "خارجين عليها"، هامشيين مهمشين.

منذ أكثر من أربعة عقودٍ ونصف من الزمان السوري العنصري، وهؤلاء الأكراد يعيشون على هامش سوريا، ك"لامواطنين"، و"دون وطنيين"، و"خارج سوريين"، "أجانب"، خارجين عن كل الحقوق المدنية، فضلاً عن السياسية والقومية، وكأنهم جاؤوا من جزر الواق واق.
أسماء هؤلاء في دوائر النفوس السورية، هي "أسماء حمر"، ولهم في سوريا(هم) قصب السبق إلى السقوط في هذا "الإسم الأحمر"، قبل أن يتسمى أورهان باموك ب"أحمر"(ه)، ويصدر روايته "إسمي أحمر"، بأربعة عقود.
هؤلاء "الأكراد الحمر" معروفون بأحمر بطاقتهم المعنون ب"إخراج قيد خاص بالأجانب السوريين"، الذي يمنع صاحبه من السفر إلى خارج القطر، مثلما هو ممنوع من كامل حقوقه المدنية في داخل القطر.
فلا هو من داخل القطر، ولا هو إلى خارجه.
لا هو بسوري، ولا هو ب"خارج سوري".

"الكردي الأحمر" السوري، هو كردي محاصر بين أحمرين: أحمر داخل يرفضه، وأحمر خارج ممنوع عليه..
هو أحمر الولادة، وأحمر الموت؛ أحمر القومية وأحمر الوطنية؛ أحمر الدخول وأحمر الخروج؛ أحمر الذهاب وأحمر الإياب؛ أحمر القيام وأحمر القعود..هو بإختصار أحمر ليس له أي محل من الإعراب في "سوريا خضرا يا بلادي خضرا"، وممنوع من الصرف منعاً سورياً باتاً.

وزير الخارجية السوري، وصف أمريكا بُعيد الغارة الأخيرة، بعض القائمين في الإدارة الأمريكية بالممتهنين ل"سياسة الكاوبوي" على العالم، على شاكلة الكاوبوي الأمريكي الممارس على الهنود الحمر وسواهم من شعوب أمريكا الأصلية البدائية.
فهل يقلد الراكبون على ظهر سوريا ودستورها، الكاوبوي الأمريكي، ذات سياسة الفصل العنصري، التي غادرها الأمريكيون بحق هنود(هم)، منذ قرونٍ مضت، ضد أكرادهم السوريين الحمر؟


هوشنك بروكا

hoshengbroka@hotmail.com

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
شرارة الخلاص
كوردي -

من الخطأ اعطاء الدستور اية اهمية في سورياالاسد ،فالاسد هو الدستور والدولة وهو الشعب وليس غريبا صدور اي مرسوم عنصري لا علاقة له بدستور او قانون.واي مرسوم اسدي هو فوق الجميع،فوق البشر والشجر والحجر السوري،وهو امر مقدس اكثر من كلام الله في قرآنه وانجيله وتوراته.يستطيع السوريون ان يرفضوا كلام الله،لكن مرسوم الاسد لايستطيع اي سوري ان يرفضه او يقول له اوف ولو في قلبه.والحق ان الشعب السوري كله وليس الكورد وحدهم اصبحت حياتهم ومماتهم مرتبطين بمرسوم او او قرار او اشارة من الاسد وطاقمه الحاكم،اكثر من ارتباطه برب السماء. ولم تتوقف حرب الاسد على الشعب السوري وعلى الشعب الكوردي خصوصا منذ استيلاء البعث الفاشي على البلد.المهم هنا موقف الشعب الكوردي وقواه السياسية.قبل اربع سنوات استطاع الشعب الكوردي ان يغضب من قوانين دولة الاسد وان يفجر غضبه انتفاضة بطولية عمت المناطق الكوردية وهزت اركان النظام البوليسي الفاسد الذي لا يملك اي اساس قانوني او شعبي.اذا قدحت الشرارة الاولى وسياسات وممارسات دولة الاسد ومراسيمه تدفع بهذا الاتجاه،فان دولته البوليسية ستحترق وتتهاوى في غمضة عين كما احترقت وتهاوت دولة صدام البعثية في ربيع 2003.ان المظاهرات الشعبية والاحتجاجات السلمية وخصوصا حين يشترك فيه الشعب السوري باطيافه المتعددة عندها سوف تكنس وتتخلص هذه السياسات الاسدية الفاسدة التي اوغلت في استعباد واحتقار السوريين ,والقاعدة تقول كلما ازداد الضغط ازدادت لحظة الانفجار قربا.

سوريا قلعة الأسد
أبو سيروان -

سوريا قلعة الأسد،ومن لايسير وفق نهج الأسد وشلته لا مكان له في هذه القلعة التي بناءها الشعوب التي تقطن سوريا منذ عصور التاريخ.فالشعب الكردي هو من أعرق الشعوب في المنطقة وقدم الكثير للحفاظ على قيم هذه القلعة ، إلا أن حراس القلعة جعلوا من هذه القلعة سجناً كبيراً لهذه الشعوب وفي مقدمتهم الشعب الكردي.ذكرني الاستاذ هوشنك بروكا الكاتب الغيور أن تصريحات الأسد بُعيد إنتفاضة قامشلو ذهبت أدراج الرياح وكيف أن الأسد يصدر مراسيم ضد الجزء الأساسي للنسيج الأسدي المحتل، ذكرني بتصريحات حليف الأسد أردوغان الذي قال عام 2005 أمام حشد كبير في ولاية آمد الكردستانية أن قضية الشعب الكردي هي قضيتي أيضاً، وها هو اليوم وخلال جولاته المكوكية للمدن الكردستانيةجولمرك ووان وغيرها ، قال اما ان تقبلوا بهذا او ترحلوا من هذه البلاد .هذه هي حال الشعب الكردي والأنظمة الغاصبة المحتلة .مرة أخرى تحية للكاتب ولجميع الكتاب الغيورين .

جنيتم على انفسكم
سلام تقي -

ما قامت به الحكومة السورية هو عين الصواب ،فهي رأت كيف يقوم البرزاني والطالباني بقظم الأراضي العراقية والآشورية القديمة وضمها لدولتهم المقبلة ، إنه يجب أن يحصل في تركيا وإيران أيضاً فالغدر الكردي صار واضحا لكل العيون المفتوحة ،إنه أخطر من الاستيطان الصهيوني لأنه يتم تحت غطاء الإسلام نحن نؤيد سوريا في موقفها من الكرد الطامعين ونساندها بقوة

الى التعليق 3
shergoh bekes -

يا سلام يا تقي اتقي الله كما هو اسمك الاراضي التي تتحدث عن قضمها هي الاراضي التي نعيش عليها منذ الاف السنين وقبل ان يطا اي عربي او تركي تلك المناطق...اذا كنت لا تحترم حقنا فهذا دليل على عدم احترامك لذاتك وعلى انفصام في شخصيتك واذدواجية للتعامل مع الاحداث...فاذا كنت تظن بان من حقك ان تطالب باراضيك المغتصبة(على حد قولكم,مع ان تلك الاراضي انتم بعتموها والان تطالبون بها) فان من اقل حقوقنا ان نعيش بكرامة كاي شخص على ارضنا التي تنعمون يخيراتها...

يسقط الأسد
سوري سني -

علی العلوي الفارسي المسمی { أسد } الرحيل فورا من سوريا. فهو لم و لا ينتمي اليها.وعليه شد الرحال الی موطن أجداده في طهران والخروج حالا منها.

كفى وعودوا الى رشدكم
رائد -

ان الاكراد ومن خلال الخبرة اثبتوا عدم الولاء فما نراه في العراق خير دليل من خلال النزعة الى الانفصال والاستحواذ على الارض حتى وان كانت على حساب ابناء الوطن الابرياء العزل ثم كيف تفسر اخي الكردي قتالك للجندي العراقي اثناء حرب ايران واصطفافكم الاعمى مع ايران ضد بلدكم وارضكم وشعبكم وجيشكم الذي كان يقاتل على الجبهات اين هو الولاء للوطن وخدمته ماذا يسمى الذي يقف مع العدو ضد الوطن في الازمات لقد التقيت باكراد عراقيين يتحدثون الفارسية بطلاقة لتلقيهمدروس القتال واستخدام شتى انواع الاسلحة في ايران وذلك لمقاتلة الجيش العراقيالباسل

باحث حصيف
محمد تالاتي -

احي الاخ هوشنك على هذه المقالة. حقا اثبت انه باحث حصيف. ارجو من كافة الكتاب الكرد الكتابة عن القضية الكردية في سوريا والحديث عن الشعب الكردي الذي يعيش على ارضه التاريخية في غرب كردستان.

الى صاحب تعليق 7
م.ت -

ارجو من الاخ كاتب تعليق رقم 7 ان يكتب او يعلق باسمه لا باسم غيره.فهذا عيب وغير مقبول.

الأكراد و أراضيهم
أنوشيروان -

أنا من أشد المؤيدين لأخواننا الأكراد و مطالبهم بأرض و خاصة الأرض التي يسكنون عليها, و لكني ضد و بشدة من يقول أن هذه أرضهم منذ آلاف السنين. هذا تزوير واضح و غير مبرر و مثل هذا الكلام هو الذي يعطي الحجة لأردوغان و للأسد بأن يحرموا الأكراد من العيش بأمان و سلام. الأكراد ربما جاؤا الى هذه المناطق مهاجرين من الجبال التركية و الأيرانية و لكن هذا لايعطيهم الحق بأخذها بالأكراه و الأعتداء على أهل الأرض الآخرين مثل العرب و التركمان و الآشوريين و هم أحق منهم بكثير. لو رضي الأكراد أن يعيشوا بسلام كما كانوا في السابق أي في زمن صدام و قبله لحصلوا على أرض و اٍحترام بدؤا يخسروه الآن باْطاعتهم لزعماء أكراد العراق الذين جعلوا بقية الأكراد يخسرون الكثير الكثير بقصر نظرهم. تزوير التأريخ و الحقائق التأريخية سوف لن تأتي عليكم اٍلا بالمزيد من الأبتعاد عن من كان يتعاطف معكم, أرجوا مخلصاً أن تعيدوا النظر و أن توقفوا عند حده كل من يحاول أن يجير التأريخ لحسابه بأن ينسب الأسماء التأريخية مثل النمرود و كلكامش الى الأكراد لمجرد أن يثبت بصورة سمجة و ساذجة عواقبها وخيمة على الأكراد قبل غيرهم.كذلك كل من يحاول أن ينسب منطقة ما الى الأكراد بغير وجه حق كالموصل أو كركوك أو ديالى أو القامشلي أو غيرها من المناطق الأخرى, هذه لن تجلب سوى الويلات مثل ما حصل من قبل الرؤساء و رؤساء الوزراء للدول المجاورة و كيف اٍتعظوا من نوايا الأكراد التي أظهروها بمجرد أن سمح لهم قليلاً في العراق و كيف يريدون أكل العراق كله و أهله و تأريخة بكل وقاحة و قسوة تجاه كل من كانوا أخوتهم الى القريب من الزمان مثل الآشوريين و التركمان و كذلك العرب.أرجوا أن يفكروا بهدوء بكلامي هذا و أنهي كلامي بمحبة خالصة للجميع و أماني بالعيش بسلام فلا يدوم غير السلام (حتى بوش زائل)