كتَّاب إيلاف

سجناء الرأي في كردستان

قراؤنا من مستخدمي إنستجرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك

لم يجف الحبر الذي صادق به رئيس إقليم كردستان السيد مسعود بارزاني على قانون تنظيم العمل الصحفي الصادر مؤخرا عن برلمان كردستان، حتى أودع صحفي بارز من المتصدين للفساد في الإقليم الى غياهب السجن، مع أن القانون المذكور رفع عقوبة السجن مكتفيا بالغرامة المالية على جرائم النشر..

تلك هي الآفة التي حاربتها بقلمي منذ أكثر من سنتين على منبر ( إيلاف ) وغيرها من الصحف الكردية، وهي آفة الفساد في كردستان. فالسلطة الفاسدة التي يبدو أنها فقدت صوابها جراء ما يكتبه الصحفيون والكتاب ضدها، لم تجد أمامها مثل سائر الدكتاتوريات الحاكمة في أرجاء العالم سوى اللجوء الى مصادرة حرية التعبير ورمي أصحاب الأقلام الشريفة في سجونها القذرة للحجر على آرائهم وكتم أنفاسهم لمجرد نشرهم مقالة أو تقرير يخبر الناس بما يحصل في الخفاء من مصادرة أقوات الشعب، وإستخدام خيرات البلد في الصرف على الملذات والشهوات وقضاء الليالي الحمراء في أحضان الغانيات والراقصات؟!..

تناهى الى سمعي يوم أمس خبر إعتقال الزميل الصحفي شوان الداودي رئيس تحرير صحيفة ( هوال ) المستقلة، وإيداعه السجن بناء على حكم صادر من إحدى المحاكم في السليمانية.والسبب ليس لأن الداودي إرتكب جريمة سرقة أو نهب أموال الناس أو النصب والإحتيال،ولم تكن جريمته تفجير كنيسة أو مسجد، أو تخريب الممتلكات العامة، أو وضع عبوة ناسفة تحت عجلة سيارة الشرطة، كما لم يستخدم الداودي لإعلان الجهاد الأكبر ضد قوى الكفر والظلال،كل ما فعله الداودي الصحفي أنه نشر خبرا أو مقالا بجريدته ينتقد فيها السلطة الفاسدة، أو يكشف فيه جزءا من المستور المخفي تحت قبب الدولارات المسروقة من أفواه هذا الشعب المسكين المبتلي بنيران الفساد؟؟!.

ويبدو لي أن القاضي الذي حكم على الصحفي بالسجن، أما أنه لا يقرأ الصحف ولا يلم بما يصدر عن البرلمان الكردستاني من قوانين وتشريعات، وهذه تعتبر منقصة منه يبنغي أن يتداركها من تسلم له رقاب الناس، وإما أنه رضخ لضغوطات من أعوان السلطة الفاسدة بإصداره لهذا الحكم الجائر والمخالف للقوانين النافذة في كردستان.

فليس هناك من لا يعرف في كردستان أن قانون العمل الصحفي الذي وافق عليه البرلمان قبل عدة أشهر وواجه إحتجاجات واسعة من قبل المثقفين ومنظمات المجتمع المدني بسبب عقوبات الحبس والسجن التي وردت في القانون، والتي كانت تعتبر سيفا مسلطا على رقاب الكتاب والصحفيين، وإضطر معها السيد رئيس الإقليم تحت ضغط المنظمات الدولية المعنية بحقوق الإنسان والصحفيين الى رفض المصادقة عليها، وأعاد القانون الى البرلمان

الكردستاني لتعديله برفع عقوبة السجن ضد الصحفيين، وهذا ما حصل فعلا، حيث رفع البرلمان عقوبة الحبس والسجن عن المخالفات، وإكتفى بالغرامة والتي هي بدورها غرامة كبيرة لا تتناسب مع مصادر عيش الصحفيين الذين بالكاد يجدون أقواتهم في ظل الفساد الضارب بالإقليم، فكيف إذن تناسى السيد القاضي أو تجاوز على هذا القانون الذي عدله البرلمان وصادق عليه رئيس الإقليم برفع عقوبة السجن؟؟!!.

أنا عن نفسي تعرضت لحالة مماثلة عندما أقام السيد محافظ أربيل دعوى قضائية ضدي بتهمة القذف والتشهير، مع أني رغم ما أجده من مظاهر الفساد يوميا والتي تدفع بالإنسان الى حد الكفر، أربأ بنفسي عن التعرض بالقذف والشتم والتشهير لأي شخص كان،ولكن تلك المادة القانونية اللعينة الموروثة من قانون العقوبات الصدامي، وأقصد بها المادة 433 من قانون العقوبات والتي كانت كالسيف المسلط على رقاب كل أصحاب الأقلام الشريفة التي تنتقد السلطة الفاسدة بكتاباتها، تلك المادة أحالتني الى محكمة أربيل بتهمة القذف والتشهير بسبب مقال كتبته في جريدة (إيلاف ). ورغم أن السيد المحافظ تكرم علي بالتنازل عن حقه بالدعوى وهو صاحبها، ولكن المدعي العام الذي يمثل السلطة الحاكمة رفض التنازل وحوكمت بالسجن لمدة شهر مع وقف التنفيذ؟؟؟!!!..

ولمن لا يعرف القوانين السائدة في العراق، فأن أية مخالفة حتى ولو كانت مرورية أرتكبها خلال السنوات الثلاث القادمة ستؤدي بي الى السجن لتنفيذ تلك العقوبة، ولذلك علي أن ألتزم من الآن فصاعدا وحتى إنتهاء السنوات الثلاث والتي ستنتهي مع إنتهاء الإحتلال الأمريكي للعراق، بحسن السلوك أمام هذه السلطة الغاشمة، وأن أتغنى يوميا بمحاسنها ومكاسبها، وأهلهل لإنتصاراتها المزيفة في بغداد حول الخلافات العالقة مع المركز منها إستعادة كركوك ( أندلس الأكراد ) الى حضن الإقليم، وأن أؤدي التحية لأعوانها من الكروش التي إنتفخت بالسحت الحرام وبسرقة أقوات الشعب، وأن أصم أذني وأعمي بصيرتي من كل ما يحدث لكي لا أعرض نفسي الى السجن بسبب ذلك الحكم القضائي؟؟!!.

الإدعاء العام يمثل السلطة في القضايا القانونية، وإن رفض الإدعاء العام التنازل في قضيتي يؤكد بما لا لبس فيه، أن السلطة الحاكمة هي التي حاسبتني على كتاباتي رغم أنها تتشدق ليل نهار بالشعارات الديمقراطية وبالحرص على الحريات وحقوق الإنسان؟!
وحين أردت أن أستأنف الحكم، نصحني قاض صديق بالسكوت، لأن من ينظرون في دعوى الإستئناف هم الوجه الآخر للسلطة التي حاكمتني على تلك الكتابات، فلا داعي لإتعاب نفسي، لأنه من المحتمل أن أتعرض الى عقوبة أقسى، لأنني معروف عندهم بإنتقاداتي لهذه السلطة الفاسدة حسب نصحيته؟!.

ما يجري في كردستان هذه الأيام يفوق تحمل كل إنسان ذي ضمير وحس وطني، مجموعة من المافيات تتحكم بكل خيرات هذا الإقليم، سرقات وإستغلال نفوذ وإنتهالك حرمات والتحكم برقاب الناس وتجويعهم كالكلاب، مقابل إنتفاخ جيوب وبطون شرذمة صغيرة من حفاة الأمس القريب اللائذين بمعسكرات دول الجوار، هذه المظاهر التي نلمسها ونراها يوميا بأم أعيننا تحفزنا على الكتابة وعدم السكوت، لأنني أعتقد بأن الساكت عن مثل هذه الأمور ليس شيطان أخرس فحسب، بل هو رئيس رؤساء الأبالسة لعنهم الله، فمنظر الناس البؤساء، الوالد الذي يعجز عن شراء بدلة مدرسية لطفلته في العام الدراسي الجديد، ورب البيت الذي يعجز عن سداد إيجار بيته، والشاب المتخرج من الجامعة الذي يخفق في إيجاد

وظيفة مشرفة تتناسب مع شهاداته ومؤهلاته، في الوقت الذي يشغل فيه أشباه الأميين وظائف كبيرة، ويتبوأون مناصب عالية، والبيشمركة الذي ييأس من الحياة لأنه يعيش على الكفاف وهو يحرس الملايين المكدسة المخبأة في غرف المسؤولين، كل هذه المناظر المؤلمة التي تقشعر له الأبدان وتهتز لها ضمير كل إنسان، فكيف بنا نحن حملة الأقلام والمثقفين الذين يعتبرنا المجتمع طلائع الأمة وضمير الشعب؟؟!!..

إن من سجنوا شوان الداودي وغيره،ومن قتلوا بالأمس الصحفي اللامع سوران مامة حمة في كركوك، سيكون مصيرهم حفر العنكبوت وبئس المصير، لأن مصادرة حرية التعبير والتظلم هي طريق نحو الدكتاتورية والإستبداد، وما مصير الدكتاتور الأرعن عنا ببعيد؟؟!!!.
وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّن ذُكِّرَ بِآيَاتِ رَبِّهِ فَأَعْرَضَ عَنْهَا وَنَسِيَ مَا قَدَّمَتْ يَدَاهُ إِنَّا جَعَلْنَا عَلَى قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً أَن يَفْقَهُوهُ وَفِي آذَانِهِمْ وَقْراً وَإِن تَدْعُهُمْ إِلَى الْهُدَى فَلَن يَهْتَدُوا إِذاً أَبَداً..صدق الله العظيم.

شيرزاد شيخاني

sherzadshekhani@yahoo.com

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
رجعت الى صوابك
سيروان جاف -

انهم ابطال الصحفيين في السليمانية وانهم شرفاء ويدافعون عن الوطن الذي حرروه بدمائهم والسليمانية تستخق ان تكون عاصمة كردستان وليس اربيل او دهوك .. كتاب وصحفيو السليمانية يستحفون ان نرفع راسنا بهم وانت استاذ شيخاني لا تغرك مظاهر اربيل سيروان ـ السليمانية

ليس سجين رأي
معروف عارف -

للعلم, فأن شوان داودي ليس سجين رأي بل أحد كتبة المقالات الهابطة ,وهو من اكبر الفاسدين لانه يرأس احدى صحف الاثارة والفضائح التي يمولها نوشيروان مصطفى من اموال السحت الحرام لقداعترف نوشيروان بنفسه بانه استلم ملايين الدولارات من مام جلال لتاسيس مؤسسة (وشه) التي تعود اليها الصحيفة التي يرأسها شوان, وهذه الملايين تم اقتطاعها من قوت الشعب الكردي ومن افواه الجياع في كردستان, فعن أي سجين رأي تتحدث أيها الكاتب المحترم ؟

اتقي الله
ام عبدالرحمان -

يااخ معروف اتقى الله وراجع معلوماتك ولاتخلط بين اسود وابيض يبدو انك لاتفرق بين الصحف فان شوان داودي ريس تحرير جريدة هه وال انصحك ان تراجع معلوماتك مرة اخرى قبل ان تفتري وتهاجم الاخرين بادعات كادبة كفى افتراء

كاتب شجاع
ahmed -

تحية لك ايها الكاتب الشجاع ... ربما يشعر البعض بالضجر من المقال لانهم تعودوا على ثقافة اللون الواحد والرأي الواحد والحزب الواحد (رغم انهما اثنان لكن لا فرق ) ... اما انا فأقول ان كردستان والشعب الكردي بخير طالما لدينا مثل هؤلاء الكتاب وممثل هذه الجرأة في التناول ... واتمنى ان نقرأ مثل هذه المقالات عن حالات سيئة ومفزعة في بغداد ....

كان حلمنا وللأسف
ابو سمير -

مرحباسيد شيرزاد ومع الأسف الشديد كنا نعتقد إيذايوما رئينا بلادنا حرى ودون طغات يتصلطون على رقابناوعلى رقاب شعوبنا وفي إي جزء كان لا فرق كنا نعتقد أننا سنكون بأحسن حال وسنكون مثالا جيدا للمنطقة برمتها أنا شخصيا لم أكن أتصور أن تكون تلك البلادالتي هيا حلم الملايين أن تصبح بهذاالشكل مكانا للفساد وتحوي هذا الكم من المفسدين ويتربعونعلى كراسيها والتي تم تحريرها بدماء شهداء هذه الأمة وبفضل المخلصين من أبناءها من أمثال السيدشيرزاد وآخرين من أبناء كردستان الذي لم يكن لهمهم سوا أنقاذ مواطنيهم وبلادهم من صيطرت الطغات وكنا نعتقد أن إي جزء محرر سيكون بمثابة قلعةحصينة لكل مواطني كردستان واصدقاءهم من الشعوبالأخرى ويئسفني مرى أخرى أن يتحدث القاصي والدانيعن هذا الفساد المستشري في دم المسؤولين

استهتروا وسيسقطون
سلام تقي -

حكام كردستان يزدادون في الاستهتار بقيم الحضارة لإنهم متخلفون من أصول ريفية ورعوية ، هم بدو الجبال ولا يمكن إلا يتصرفوا بهاته الطريقة الوحشية مع المثقفين وهم يعاملون المثقفين الأكراد في الخارج بقسوة ولا يريدونهم أن يأتوا إلى كردستان حتى لا يفضحونهم ،وهم نقلوا تهديداتهم للكتاب العرب إلى بغداد والموصل وإلى خارج العراق ولكن الحقيقة ستلاحقهم وتطيح بهم كما اطاحت بصدام وغيره نعم لقد استهتروا وسيسقطون !

تمني
فرات -

اتمنى من كتاب وصحفيي العراق ان تتحول اقلامهم الى بنادق بوجه الحكومات الفاسده وكل مسوؤل فاسد مهما كان تحيه للكاتب الشجاع

Al Dimuqratia
kamran -

تيمور بياتلي، مذيع الأخبار- النشرة العربية، في فضائية تركمن ايلي في مطار اربيل في الخامس من الشهر الجاري و هو في طريقه الى تركيا. و اكدت عائلة بياتلي بأن ابنهم قد اتصل حوالي السابعة و الربع مساء و ابلغهم بأنه سيغلق تلفونه النقال و سيتصل بهم فور وصوله اسطنبول، و وصلهم خبر اعتقاله فيما بعد، و يبدو بأنه تم انزاله من الطائرة قبل ان تبدأ رحلتها في الثامنة الا ربعا، او تم اعتقاله قبيل صعوده اليها. علما بأن بياتلي يحمل جواز سفر اصولي و فيزا اصولية.. و اذ تطالب الجبهة التركمانية العراقية بالافراج عنه فورا، تذكر السلطات المختصة بانها اصدرت بيانات عدة تطالب بها هذه الجهات بالاعلان عن ان بوابة خابور (ابراهيم الخليل) و مطار اريبل، بوابات عراقية، يحق لكل عراقي المرور من خلالها و يحاسب من يحمل جوازا مزورا او تأشيرة سفر مشكوك بها. ان اعتقال بياتلي تضع هذه السلطات امام مسؤوليتها، و نشير الى ان وفدا من جمعية رجال الأعمال التركمان منع من دخول اربيل واثناء العودة برا من تركيا الى كركوك و طولبوا بتغيير طريقهم في الرابع من الشهر الجاري و منع مسافرون تركمان من دخول اربيل و هم في طريقهم الى بوابة خابور، و عند البوابة نفسها، يتعرض المسافر التركماني الى تفتيش دقيق غير منطقي، اذ يتم سؤاله عن اصحاب ارقام التلفونات في هاتفه المحمول و يحاسب بشدة و قد يعتقل كما حدث مع شابين قبل اشهر و اصدرنا بيان عنهما ايضا، لأ عناصر الأسايش وجدت في تلفونهما العلم التركماني. ان هذه العناصر تقوم بمصادرة الكتب و المجلات، و تعيق من تريد اعاقته عن السفر. نطالب بالافراج عن السيد تيمور بياتلي، و نطالب الجهات العراقية المختصة بالتدخل لايقاف هذه الممارسات غير المنطقية و التي تنتهك حقوق الانسان و خصوصياته

الى سلام تقي
خالد محمد يومس -

وهل انت قادم من المريخ وهل كل حكام البلاد الاخرى جايين من المربخ وهذا اوباما جايي من ريف كينيا ولذك رجاء بلا فلسفة زيادة

أتهام فی غیر مکان
المحامی/کمال رضاأحمد -

لماذا هدا التهجم اللامنطقی علی قاضی المحکمة وأتهامه بأنه لایقرأ الصحف ولایلم بمایصدر عن المجلس الوطنی،أن سبب عدم تطبیق القانون الجدید(قانون العمل الصحفی فی کوردستان)منقبل القاضی یرجع ألی أن السلطةالتنفیذیةتأخر فی نشرالقانون المذکورفی الجریدةالرسمیةلحکومةأقلیم کوردستان،حیث تم نشرهابتأریخ(20/10/2008)ولکن لم تصل ألی یدالمعنیین والمختصین وحتی المواطن العادی لغایةصدورقرارالمحکمة،فکان علی الکاتب أن توجه اللوم ألی السلطةالمکلفةبتنفیذأحکام القانون المذکور.

حرية وديمقراطية
kurdi -

حرية ايش ديمقراطية ايش يا عم شيرزاد ، انت تسختف بعقولنايا شيرزاد احسن شي الواحد يسافر ويهاجر الى اي مكان من العالم بس يكون بعيد عن العراق وكوردستان وعن هذه الحياة التي تؤرق المرء وتجعله يموت يوميا الف مرة ورحم الله الشاعر الجاهلي الذي كتب * سألت القصر بما شيدت ابلحلال ام الحرام والسحت فأجابني وثن منهم شيدتها وزينهتا بدموع الثكالى واهات المساكين *طرب الاوثان آهات وأنين في كل بيت .