أصداء

ديني.. حريتي

قرائنا من مستخدمي تلغرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك

منذ أن أصدرت جمعية العلماء المسلمين فتواها بدكّ أسوار المكتبة الوطنية الجزائرية و تكفير الشاعر أدونيس و من تجرأ على استضافته في الجزائر، انطلقت حملة واسعة استهدفت كل صوت لا يذهب في اتجاه الجمعية، بدعوى أن الذين يقفون إلى جانب الشاعر يدافعون عن "ّملحد إباحي" و هم في ذلك ينافحون عن الإلحاد و الإباحية و يستهترون بقيم الإسلام و يعبثون بها على أرض الجهاد.

و الواقع إن الهجمة الشرسة التي صيغت تحت عنوان "يا للهوان و يا للصغار" تهدف أصلا إلى خنق الربيع الذي بدأنا نتعود على نسائمه بالنكوص إلى صحراء الخطاب الآمر الناهي الذي يعمل على نشر ثقافة غزو و اختراق الوعي من طرف كهنوت الرقابة. إن بيان جمعية العلماء و ما تلاه من كتابات صدرت من أنصار التيار الإسلامي السلطوي لم تخلُ من دعوات مبطنة تارةَ و صريحة تارة أخرى إلى نشر الذعر و كبح وسائل التفكير الحر و ما يتبعه من حرية التعبير. فالدينيون و قوادو السلطة أثبتوا عبر الأزمنة و الأمكنة أنهم يخافون الدخول في النقاشات العقلانية للقضايا التي تمسُّ جوهر الحياة و الإنسان. و ليس أدلُّ على ما أذهب إليه إلا زلزال أدونيس، الذي كشف بكلمات و أفكار أعلنها صاحبها منذ أمد طويل مدى هشاشة السلطة السياسية و الدينية عندنا. و أني لأميل إلى تفسير عقد القران الذي حصل بين السلطتين في بلادنا على أنه احتماء بين مذعورين، يدخل في خانة الشراكة المرحلية لحماية المصالح المغشوشة.

و حتى لا تبقى الحريةّ مفهوما عقيما، و لكي تتحول أيضا زيارة أدونيس للجزائر إلى لحظة وعي حادة بمخاطر التراجع عن قيم حرية الفكر و حرية الرأي و الديمقراطية، أورد بعض الأسئلة البريئة التي راودتني و أنا أقرأ ردود بعض المتأسلمين الجزائريين الذين أعطوا لأنفسهم حق إطلاق الأحكام على كل من يخالفهم. أليس أولى بالجمعية و "علمائها" أن ينددوا بالفساد و الرشوة التي أصبحت تمارس على نطاق واسع و بتغطية من السلطة في كل مؤسساتها ؟. لماذا سكتت جمعية "العلماء المسلمين" و سكت الشيخ شيبان عن قرار ترخيص استيراد و بيع الخمور في بلد الإسلام و الجهاد ؟ ثم، لماذا لم نسمع للشيخ و من لفّ لفّه رأيا في مسألة انتشار المواخير الرسمية في الجزائر الحرّة و الأبية ؟ هل هذه الأسئلة مناطق محرمة أم أنها لا تعني الدين الإسلامي و لا تعني الجمعية ؟

إن الحرص على الإسلام و تعاليمه يقتضي موقفا منسجما و شجاعة و نزاهة فكرية لا تخشى في الله لومة لائم. فالدين كل لا يتجزأ، و لا يمكن أن نحترم من ينتفضون لمحاضرة واحدة و يسكتون على سلسلة من الانتهاكات التي تؤكد التواطؤ بجلاء شديد أسلوب التقية الذي يطبع عمل الجمعية. الصادقون سيقولون لكم بأنكم تؤمنون ببعض الكتاب و تكفرون ببعضه الآخر.

إن تطور أي مجتمع من المجتمعات مرهون بتنوعه و بمدى تقاطعه و قبوله للآخر، بل إنني أنزع إلى القول بأن أي بلد لا يضمن لأبنائه بمختلف مشاربهم وتوجهاتهم وتنوعاتهم واختلافاتهم الحرية في إبداء الرأي و حقهم اللامشروط في الاختلاف إنما هو جحيم يتشابه فيه الجميع.

إن الله و الدين للجميع، و لا أحد (مؤمنين و علمانيين، أحبارا و ملاحدة، أتقياء و إباحيين) يملك الحقيقة، كل الحقيقة.

أخيرا، أدعو من موقعي كشاعر يقدس حريته و يتغنى بالجمال و يرفض القبح و القمع، كل الأحرار قائلا : تعالوا نحلم بجزائر أكثر تسامحا و أكثر انفتاحا.

جيلالي نجاري

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
دفـاعـا عـن حـريـتـي
أحـمـد بــســمــار -

ليس دفاعا عن أدونيس فقط, هذا الفكر المتفجر الطائر, اؤيد كليا كل كلمة كتبها السيد جيلالي نجاري إنما دفاعا عن حـريـتـي وفكري وإنسانيتي التي يريد تفجيرها أبديا تجار الفتاوي, والسيطرة حتى على احلامنا. ماذا تبقى لنا إذا أسكتوا أدونيس؟ ماذا تبقى لنا إن فرض علينا خنق كلماتنا البريئة التي تبحث دائما عن آفاق أخرى وحريات أفضل لنا ولأولادنا. ماذا تبقى لنا إذا سكبت أفكارنا ومعتقدانا في قوالب حديدية تسجنها في شكل واحد. نريد أن نحيا اليوم.. لا غدا موعودا حسب تفسيراتكم الموحدة. أنا لا أريد حـورياتكم ولا جناتكم ولا جنائنكم.. أنا أريد سماع كلمات أدونيس كل صباح وظهر ومساء, اريد استطاعة قراءة جيلالي نجاري في أية مكتبة في العالم, بلا منع ولا تحريم ولا تجريم, واختيار ما أقرأ ولا أقرأ, وخاصة اختيار المعتقد الذي يضمن حريتي وحرية جاري الذي لا أعرفه, وحرية أي إنسان على هذه الأرض الجميلة الواسعة!!!...أحمد بسمار مواطن عادي بلاد الله الواسعة.

فكر المتأسلمين
رعد الحافظ -

أنا اعرف هؤلاء وأعرف افكارهم جيدا , ان قبلنا اليوم باسكات صوت أدونيس وغيره من الشعراء والمفكرين ,فغدا سيطالبوا بمنع الاغاني من التلفزيون وبعدها يقلك حرام الاستماع الى صوت ام كلثوم لانها تسكر المرء مثل الخمر وهكذا الى ان يصبحوا مثل طالبان ويحرموا خروج المرأة من بيتها وسيقولون المرأة تخرج 3 مرات فقط مرة من بطن امها والثانية من بيت ابيها الى زوجها والاخيرة من بيت زوجها الى القبر..نعم هذا فكرهموفي نفس الوقت هم مستعدين التنازل عن أي شيء مقابل المال..الماااال بيت القصيد ..

بوركت الجزائر
الايلافي -

بوركت الجزائر اذا مايزال فيها من ينكر الكفر والالحاد ولا قيمة ل الملاحدة والفجار

رد خاص للسيد إيلافي
سعيد أبو حـجـل -

من هم أصدقاؤك في الجزائر الذين ينكرون الكفر والإلحاد؟ المتطرفون الإسلاميون الذين دمروا الوحدة الوطنية في الجزائر ومزقوا أفكارها وحضارتها الناشئة. مروعين أطفالها وشيوخها ونساءها وجميع الأبرياء, بالقتل والذبح والتفجير. ؟؟؟ أين دين سماوي يقبل هذا؟ إن كنت موافقا على هذا الإجرام المعلن باسم الدين, باسم محاربة من ينكر الكفر والإلحاد؟ أي إنسان أنت.. نعم أي إنسان؟ ولكن هل يؤمن المتحجرون البدائيون بالإنسان والإنسانية... أم بالقتل والسحل وسفك الدماء والتكفير لإنقاذ عالم واحد موحد, لا يعيش فيه سوى من يؤمن مثلك؟؟؟

تحية للكاتب وللشاعر
ناديا زيتوني -

كل التحيات لكاتب هذا المقال وللشاعر العالمي أدونيس, ولا ننسى أن هذا الشاعر من أصل سـوري والمقيم ما بين باريس ودمشق وبيروت, من أشهر الشعراء المعروفين عالميا, وقد ترجمت قصائده خلال الأربعين سنة الأخيرة إلى عدة لغات في العالم. ولا ننسى أنه رشح لجائزة نوبل للسلام. وأنا أشكر كاتب هذا المقال الذي دافع عنه ضد جميع الفتاوى التي نهاجمه. أدونيس إنسان عالمي يستحق كل الاحترام والتكريم.ليهتم رجال الدين بالدين وليتركوا الأدب والشعر والفن لأهل الأدب والشعر والفن.

حائط الاسلام
قاريء ايلاف -

ترى هل يجسر ادونيس على ان ينال من عقائد الاخرين ؟!

إلى قارئ إيلاف
نجاة لاذقـانـي -

أدونيس وكلماته وأشعاره, حررتنا من كل القيود التعسفية, السياسية منها والدينية. إنها آخر جسر للهواء الطلق والحريات بلا قيود. أن تحرمونا منها.. فلا قيمة للحياة.. لأنها تتدنى إلى العيش اليومي البسيط والوعود الغيبية التي لم تعد تروي ظمأنا وجوعتا إلى الحقيقة.

تسخين للجائزة ؟؟
حدوقه -

على مايبدو ان اودنيس يسخن من اجل الحصول على جائزة نوبل بالنيل من معتقدات المسلمين حتى يحوز على رضا اللجنة ؟!! من الان اعتبرها بالجيبه على رأي الشوام ؟!!