أصداء

حجب العراق على أبنائه

قرائنا من مستخدمي تلغرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك

المعروف عراقياً، بعد "الفتح الأمريكي" لعراق صدام، هو أن بلاد الفراتين، قد آلت إلى بلادٍ بثلاثة عواصم(شيعية+سنية+كردية)، لثلاث شعوب ب"ثلاث" عقليات، وثلاث إيديولوجيات، وثلاث استراتيجيات متنافرة فيما بينها، تتنافس من خلالها على عراقٍ كان واحداً، لأجل المزيد من العراق الخاص.


منذ أن قسّمت أمريكا العراق على الخريطة، إلى ثلاث عراقات، العراق الشيعي(شيعستان) والعراق السني(سنستان) والعراق الكردي(كردستان)، أصبح العراق من الناحية الفعلية عراقاً مشتتاً، غير موحداً، متنازعاً عليه، بين ثلاث مكونات أساسية، هي الشيعة والسنة والكرد.

ماذا يعني هذا العراق في ثلاث عراقات؟
يعني هذا نظرياً، أنّ العراق هو للثلاثة الكبار، ولا عراق خارج عراق هؤلاء. من هنا نرى طغيان هذا الثالوث(الشيعي+الكردي+السني) على كل مفاصل الدولة، من قمة رأسها إلى أخمص قدميها. فمجلس الرئاسة كردي، برئيس كردي ونائبين شيعي وسني، والحكومة شيعية برئيس وزراء شيعي ونائبين كردي وسني، ومجلس النواب سني برئيس سني ونائبين كردي وشيعي. وهذا الثالوث الوظيفي، هو ثالوث عراقي بإمتياز، ويمشي عليه كل العراق، من الرؤساء الثلاثة إلى الفرّاش والجايجي.

هذا العراق الراهن، الذي هو عبارة عن صفقة سياسية معقودة بين ثلاثة عراقيين، شيعي، وسني وكردي، أضاع حقوق كل أبناء العراقات الأخرى، أو عراق الأقليات، كالآشوريين والكلدانيين، والسريان، والتركمان، والفيليين، والإيزيديين والشبك وغيرها، في حروب هؤلاء "العراقيين الكبار" السياسية والطائفية، التي تحولت في بعض أوجهها إلى "حروبٍ" من الدم إلى الدم.
هؤلاء "العراقيين الكبار" لم يتفرغوا من صناعة عراقاتهم بعد، ولم ينتهوا من نزاعاتهم الطائفية والقومية، التي تدور رحاها بين قبائلهم السياسية، على الباقي من العراق المتنازع عليه، كي يتفرغوا لعراقات "أصدقائهم" الآخرين، من الأقليات التي تعيش بين ظهرانيهم، وبالتالي لتحقيق عراقهم في حقوقهم، وحقوقهم في عراقهم.

من هنا، فإنّ كل ما تجري في العراق من صفقات بين الثالوث "المقدس" العراقي الحاكم، هي صفقات يلعب بها وعليها ثلاثة لاعبين فقط، الشيعي والسني والكردي، ولصالح هؤلاء الثلاثة فقط، على حساب سواهم من العراقيين، المحسوبين على الأقليات المحرومة من كعكة العراق، والمغلوبة على أمرها.

وكي يثبت هؤلاء "الكبار"، بأنهم "عراقيون جدد"، ويريدون كل الخير الجديد، والعطاء الجديد، والحرية الجديدة، والديموقراطية الجديدة، لكل العراقيين من دون استثناء، فإنهم يسعون إلى "تعسيل" كلامهم المنثور في خطاباتهم "الحمائمية" "الرشيقة"، عبر الفضائيات الكثيرة، على أنهم يسعون إلى عراقٍ "عادلٍ" لكل العراقيين، ويتصنعون الوقوف مع حقوق الإنسان، وحقوق الأقليات، والمحرومين المستضعفين، وكأنهم حمائم يغطون سماء العراق من بصرى إلى زاخو.


ولمكيجة "ديمقراطيتهم" الجديدة، بمكياج عصري، هم يسعون في أحسن الأحوال، إلى زج بعص الأسماء الحزبية المكلّفة المأمورة، المحسوبة على الأقليات، والتي لا تجيد سوى الغناء في سربهم، في قوائمهم المعيّنة ب"تزكية" خاصة، من الفوق الحزبي الخاص جداً، كممثلين معطّلين يؤخرون من القضية التي تفيز بها عبورهم، ولايقدمونها بشيء، وذلك لذر الرماد في العيون، والإيحاء ب"التمثيل العادل"، و"حق الكل في كل العراق"، وسوى ذلك من الشعارات العتيقة، الكاريكاتورية، التي صمت آذان العراقيين، دون أن يرَ هؤلاء عراقهم "وطناً حراً لشعبٍ سعيد"، كما أراد له الشيوعيون الأوائل من أمثال الكبير فهد ورفاقه(الذين اعتلوا أعواد المشانق في 14 شباط 1949)، في أواسط القرن الماضي، أن يكون.

القرار المهزلة الصادر مؤخراً عن البرلمان العراقي، والذي منح مقعد واحد للمسيحيين والإيزيديين والشبك في مدينة الموصل، في الإنتخابات المحلية القادمة، والمصادق من قبل مجلس الرئاسة، أثبت بجلاء أن لا مكان لأقليات الفراتين تحت شمس العراق الجديد.

والحال فإنّ هذه الأقليات باتت أقليات قاب قوسين أو أدنى من التهديد بالزوال من العراق، كما تشير آخر التقارير الصادرة من منظمات حقوق الإنسان، لا سيما منظمة الدفاع عن الشعوب المهددة بالزوال، الألمانية، طالما ظل أبناؤها، هكذا، في عراقهم من دون عراق، يعيشون بين مطرقة "دولة العراق الإسلامية" التي تفتي بقتلهم وطردهم وتشريدهم من العراق، وسندان جمهورية العراق الفيدرالية التي "تفتي" ب"تقليم" و"قصقصة" حقوقهم، وحجب عراقهم عليهم.

عراق أمامهم يقتلهم، وعراق خلفهم يحجبهم ويمنع عليهم عراقهم..فأين المفر؟

هوشنك بروكا


hoshengbroka@hotmail.com

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
هل نحن قصر؟
رعد الحافظ -

والله انت محق يا استاذ هوشنك بروكا في معظم ما تقول ..وأعرف وأفهم أنا أيضا أن أول قرار بعد تحرير العراق من صدام وهو تشكيل مجلس الحكم بشكله الطائفي وتقسيمه وتوزيعه الذي نعرفه , والذي أصدره بريمر أو حكومة اميركا ,كان بداية الغلط الذي ساق الى مزيد حتى نرى الان وضعنا بهذه القتامة, لكن سؤالي , وليس دفاعا عن الاميركان فهم القوة الاكبر بين الدول ولا يحتاجون مثلي للدفاع عنهم ..سؤالي , لماذا كل هذا الاندفاع من العراقيين وخصوصا ساستهم وأحزابهم وقادتهم بمختلف أصنافها الى تكريسواقع الطائفية والاقتتال على المصالح الشخصية والاطماع الخاصة..أقصد بسؤالي , ألم نستطع كعراقيين لو أردنا ذلك منع اي محاصصة وفساد ,أم أننا ملائكة لانعرف التفكير السيء او قصرا تقودنا قرارات غيرنا , ألم يسيطر على الاوضاع منذ البداية من جاء مع الاميركان ؟فلماذا لم يطلب منهم عدم المحاصصة,لماذا لايعترف هؤلاء أن شرطهم كان هو المحاصصة بتسميات أخرى ربما العدالة او غيرها..سنبقى نقول الاميركان فعلوهاوذهب البلد الى الجحيم ؟؟متى سنصحو ونصحح أخطائنا؟؟

المحاصصه!!!!!!!!
د.درويش الخالدي -

أدعوا الاخ هوشنك بروكا بألغاء المحاصصه لا الدعوة لها.فكلنا معك بشئ واحد. وهو: يجب احترام الاقليات واعطائهم حقوقهم لا عن طريق الكراسي والمناصب بل عن طريق الحقوق المشروعه الاخرى. وارجو ان لا يفسر كلامي بصورة خاطئه.