أصداء

الفقهاء.. والعالم الجديد

قرائنا من مستخدمي تلغرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك

حينما نشير إلى مفهوم الحداثة، فذلك لا يعنى فحسب استخدام وسائل التكنولوجيا الحديثة في الحياة، لأن المجتمعات غير الحديثة قد تستخدم تلك الوسائل أيضا. فالحداثة ترتبط بالفكر والذهن وبالمفاهيم قبل ارتباطها بالوسائل. فقبل أن تظهر رؤى جديدة في عالم الأفكار والمفاهيم فإننا لا نستطيع أن ندّعي بأن الحداثة قد وُلدت. فاستخدام أفراد مجتمع ما للكمبيوتر ليس دليلا على إنهم حداثيون، بل دليل على إنهم استفادوا من أحد نتاجات الحداثة. إذ لولا وجود المفاهيم الحديثة لما ظهر الكمبيوتر. بمعنى أن واقع الحداثة يكمن في ولادة المفاهيم الحديثة التي بدورها تنتج الوسائل الحديثة، وهذه المفاهيم تقدم وصفا جديدا للدنيا وفهما آخر للحياة ما جعلها تساهم في إنتاج الوسائل الجديدة. إذن الحداثة لاتتمثّل فقط في شكل الحياة وظاهرها، إنما لابد أن يسبق ذلك تغيّرا في الأذهان وفي المفاهيم.


وحينما وُلدت الحداثة شعر الخطاب الديني بأن منافسا جديدا له ظهر في الحياة، وأنه لابد من مواجهة هذا المنافس، وإلا قد يسحب البساط من تحت رجليه ويزلزل قوته وجبروته ويجعله خالي المحتوى من دون أي قدرة على طرح إجابات يستطيع من خلالها أن يرد على أسئلة الحياة الجديدة بمختلف تفرعاتها. وقد فشل الخطاب الديني في ذلك فشلا ذريعا، خاصة في سعيه تقديم وصف جديد للحياة، وصف يبدّل النظرة القديمة في تفسير أمور الحياة ومسائلها إلى نظرة جديدة.


وأكثر من ادّعى داخل الخطاب الديني بأنه يسعى إلى تقديم نظرة دينية جديدة للحياة هم الفقهاء. فقد كانت نظرتهم شكلية لم تستطع التغلغل إلى ذات ومحتوى الحداثة. فالفقهاء يعتقدون بأن مسئوليتهم في الحياة الراهنة تكمن في إيجاد إجابات فقهية على الأسئلة الحديثة أو على ما يسمى بـ"المسائل المستحدثة" التي تواجه البشر. أي أن إجابات الفقهاء ستتعلق بظاهر الحداثة في علاقتها بالدين ولن تتطرق إلى أصل الحداثة ومحتواها. كالسؤال المتعلق مثلا بكيفية الصلاة في الطائرة أثناء السفر، أو كيفية الصلاة والصيام إذا سافر الإنسان إلى القمر، أو كيفية تصرف الإنسان مع القضايا الحديثة مثل التأمين، أو حكم المواد المختلطة بالكحول، وغيرها من المسائل "المستحدثة". هذا هو حجم المساحة الذي يستطيع الفقيه أن يسبح فيه في الحياة الحديثة. مع ذلك يدّعى الخطاب الديني الفقهي قدرته على مواجهة اصل الحداثة ومحتواها.


إن تصور الفقهاء يستند إلى الفكرة القائلة بأن ظهور العالم الجديد يجعل الناس في مواجهة مباشرة مع مسائل فقهية جديدة، وعلى هذا الأساس لابد للفقهاء أن يبحثوا عن إجابات فقهية (أحكام) لمسائل متعددة متعلقة مثلا بالإقتصاد الجديد والعلوم الجديدة والحريات الدينية وغير الدينية ومسائل حقوق الإنسان. أي أن الفقهاء يعتقدون بأن إجاباتهم الفقهية هي إجابات على أسئلة الحياة الجديدة، في حين إنها ليست كذلك بل هي مجرد إجابات قديمة على أسئلة تاريخية تجددت في الحياة الجديدة بسبب تغيّر شكلها لا محتواها. فهناك عبارة يردّدها البعض باستمرار بأن فقيها ما "حداثي ومتنوّر"، لأنه استطاع أن يجيب على "المسائل المستحدثة"، ولقوله مثلا بأن "الكافر غير نجس" أو "يمكننا السلام على الكفار". لكن، هل هذا النوع من المسائل والإجابات دليل على أن الفقهاء "متنوّرين"، أو تثبت بأن الفقه قادر على أن يصبح "تنويريا"؟


وعلى أن الأسئلة الجديدة هي تلك التي تتعلق بمحتوى الحياة الحديثة من أفكار ومفاهيم، فهي أيضا تحتاج إلى إجابات جديدة. والفقه أثبت أنه غير قادر على تقديم إجابة حداثية واحدة على هذا النوع من الأسئلة، بل أثبت إنه عاجز عن مواجهة التطور الفكري والمفاهيمي في مختلف مناحي الحداثة، لا سيما في المسائل المتعلقة بالحريات وشرعنة التنوّع واحترام حقوق الإنسان. وإذا كان الفقه لم يستطع طرح رؤى في هذا الإطار فإن محاولاته في حل ما يسمى بـ"المسائل المستحدثة" ليست سوى جهد تاريخي ذو شكل جديد لايمت بصلة إلى الحياة الجديدة ومفاهيمها.


إن مسؤولية الفقه والفقيه في العصر الحديث تكمن فقط في تقديم ردود تثبت أن شيئا ما "حلال" أو آخر "حرام"، لذلك كان بعض الفقهاء يعتبرون التلفزيون "حراما" لأنه "يحث على الرذيلة" إلى أن "حلّلوه" بعد فترة. أي هم يتعاملون مع منتجات الحداثة وقضايا الحياة وكأن الإنسان فاقد لإرادته وعقلانيته ومحتاج على الدوام لمن يسيّره ويحدّد له الصحيح من الخطأ، الأمر الذي يقف في الضد من فطرته البشرية ويتعارض مع مفهوم الحرية. فكيف لحكم فقهي أن يتحول من حرام إلى حلال لمجرد عجزه عن مجاراة الواقع أو فهم الواقع؟ إن الغالبية العظمى من الفقهاء اليوم (إن لم يكن جميعهم) لايعيرون أي اهتمام للمفهوم الحديث لحقوق الإنسان، ولا تزال أحكامهم بالنسبة لقضايا المرأة ومسائلها مرتبطة بالنص والتاريخ، وبالذات ما يتعلق بمسألة تعدد الزوجات الذي يقوم أساسها على "خيانة" الزوجة الأولى للزواج من أخرى ثانية. فهل نستطيع، في ظل هذا النوع من الأحكام الفقهية، أن نزعم بأن الدين يسلب من الإنسان إرادته وحريته؟ هل يحث على "الخيانة" ويهضم حقوق المرأة ويدافع عن حق الرجل بالزواج على زوجته لمجرد أن النص التاريخي يدعو لذلك ولو خالف الواقع الجديد؟ بالتالي، هل هذا الدين، الفقهي، يستطيع أن يتوافق مع مفهومي الحرية وحقوق الإنسان، ومن ثَمّ مع الحداثة؟!


إن فهم المرأة الحديثة عن نفسها وحقوقها وواقعها، أي عن هويتها، تغيّر، لذلك تغيّر فهم الآخرين عنها أيضا. لذلك لابد أن تتغيّر المزاعم التاريخية حول حقوقها، سواء كانت دينية أو غير دينية. فكما كانت المرأة في الماضي راضية عن وضعها استنادا إلى الواقع الاجتماعي المفاهيمي الذي كانت تعيش في وسطه، فعلى الفقه أن يرضى بواقع المرأة الجديد حتى لو خالف ذلك النص الديني التاريخي. لذلك فالتحدي الرئيسي للفقه لقبول ذلك، هو الاعتراف بواقع المرأة الجديد، الواقع المستند في معظمه إلى المفهوم الحديث لحقوق الإنسان. فالمرأة القديمة التي كانت تستخدم وسائل بدائية في تنظيف منزلها، استبدلت ذلك بأساليب جديدة للتنظيف في العصر الحديث، لكن تغيّر الأسلوب هذا لم يرتبط فقط بالوسائل إنما في تغيّر حقوقها وتطوّرها.


لقد بيّنت إجابات "الحلال" و"الحرام" أن الفقه لايستطيع أن يتغلغل في بنيان الحياة الحديثة، بل جل ما يستطيع أن يفعله هو الإجابة على بعض الأسئلة "المستحدثة"، لزعمه أن الحياة لم تتغير في محتواها بل تغيّر شكلها ومظهرها ولابد من إجابات وردود على أسئلة الشكل والمظهر. في حين أن هذا المظهر لم يكن ليتغير لولا ولادة مفاهيم جديدة ساهمت في هذا التغيير.

فاخر السلطان

كاتب كويتي
ssultann@hotmail.com

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
من الواقع
خوليو -

مواطنة مسلمة،ن.ش. تعيش وتعمل في دولة مدنية وقانونها مدني يحمي حقوق المرأة والرجل، طلبت مني مرافقتها لتستشير فقيه المسجد في أمر خاص بها، لم أسألها لماذا اخترتني أنا دون والدها الصديق، ولكنني اكتشفت ذلك فيما بعد وهو ليس موضوع التعليق، حكت فصتها : تريد أن تتزوج شخص أحبته من غير دينها، فهل هذا من حقها، وكان كلام الفقيه مثل الغضب الساطع وبدأ بالحلال والحرام والآيات المانعة ومن ثم العقاب في الدار الآخرة، خرجنا من عند الفقيه وتزوجت الطالبة بمن تحب على طريقة الزواج المدني، وهي الآن سعيدة جداً وأطفالها في السابعة والتاسعة من العمر لايعرفون سوى كلمة حب للجميع، ذكرتها منذ مدة قصيرة بقول الفقيه عندما قال لها ماسيكون دين الأطفال ؟ولم تجبه عندئذ، قالت: عندما بصلون لسن الرشد فليختاروا الدين الذي يرونه مناسباً ووالدهم يوافقني الرأي،فهل يمكنك ياأستاذ أن تنقل ذلك للفقيه؟ وأما رأي سأقوله الآن: لقد نجحت ن.ش. في الحياة وسقط الفقيه أمام الحداثة، قصة من الواقع قد تصل القارئ الكريم .

مفهوم التسامح والدين
مراقب -

مفهوم التسامح هو مفهوم من مفاهيم وقيم الحداثة ويعني الاعتراف بالمخالف لك بشكل مطلق. المسلم متساوي مع غير المسلم والمراة مع الرجل وتزال الفروقات القومية والعرقية والمواطنة هي فوق الجميع. في احدى مقابلات القرضاوي سئل عن التسامح من وجهة نظر دينية وفقهية فقال التسامح بالاسلام هو عدم التشدد اتجاه الآخر. وهذا المفهوم يتعارض مع مفهوم الحداثة الذي اشرت اليه وهو التكافؤ بين الطرفين بشكل كامل وليس تخفيف التشددولذلك انا اتفق تماما مع الكاتب ان القرضاوي لم يفلح ان يجد الجواب على السؤال الذي وجه له وهو مفهوم الحداثة وقيم الحداثة في عصرنا الراهن .

تعليق بانتظار النشر
أحــمــد بــســمــار -

هذا نوع من الكتابات الحقيقية الحديثة الصحيحة المليئة بالجرأة والمسؤولية, والتي يتردد الكثير من الكتاب العرب والمسلمين من التطرق إليها, لأنها لا تحمل سوى المتاعب لكاتبها. وإنني شخصيا رغم موافقتي على كل ما ورد فيها حرفا بحرف, وكلمة بكلمة, ولكنني أتردد منذ هذا الصباح إذا أعلق أو لا أعلق. .... كغالب الكتاب والمعلقين الذين تحمل كتاباتنا لمحات اعتراض لكل تطرف, والتأييد لمن يجرؤون على قول بعض الحقائق التي غالبا يتضايق منها الشارع ومن يسيطر على الشارع من تجار كل ما يباع ويشترى من التفاسير والحجابات والفتاوي. آمل من هذا الموقع أن يعطي ولو جزءا بسيطا من المساواة لكافة الآراء المتضاربة على ما ينشر فيه.أحمد بسمار مواطن عادي بلاد الله الواسعة

كلمات تشجيعية
فاطمة السواس -

كل التحيات الصادقة والاحترام الكامل لكل من كاتب المقال السيد فاخر السلطان على جودة هذا المقال الواضح وأسلوبه الجريء. وللمعلق السيد خوليو على تعليقه وعلى المثال الحياتي الذي أورده لنا مع تمنياتنا بالسعادة الكاملة للسيدة المسلمة التي تجرأت سماع عواطفها ومشاعرها وزواجها الخارج عن التقاليد القديمة.

تصالحوا مع مجتمعاتكم
اوس العربي -

لانعتقد ان الحداثة تعني ان عليك ان تغير لون جلدك وعينيك وشعرك ولا ان تستبدل بالكوفية البرنيطه ولا بالدشداشه البنطال ولا ان تستبدل بالايمان الكفر وان تتبرأ من معتقداتك وعاداتك وثقافتك وتاريخك ولغتك ، وتذوب في الاخر وتعتنق افكاره وتصرفاته وعباداته ـ ان وجدت وان تحبه وتذوب في دباديبو ؟!! لا نعتقد ان الحداثة تعني ذلك ، الحداثة تعني ان تستفيد من منجزاتها بعد ان تكون قد دفعت ثمنها ولم يتصدق عليك بها كما يعيرنا بعض ابناء منطقتنا العاقين ؟! وان تطوعها لخدمة اغراضك الدينية والدنيويه مع مراعاة الحلال والحرام الملاحظ هنا ان اسرع الناس الى الاستفادة من منجزات الحداثة هم المتدينون ذلك ان الله تعالى ينصر دينه بالبر ولذلك رأينا ان المتدينين استخدموا على سبيل المثال الوسائل السمعية والبصرية في توصيل افكارهم فشهدت حقبة الثمانيات مثلا انتشار الكاسيت الاسلامي وهو منتج غربي حداثي رد به الله ملايين الشباب المسلم الى الجادة وصحح كثيرا من الافكار الالحادية والكفرية واستطاع المتدينون تطويع الانترنت والبث الفضائي كذلك وهؤلاء المتدينون ليسوا زمرة من الدراويش ولكنهم دكاترة ومهندسين واطباء ومن صفوة المجتمع ولاننسى كذلك دخولهم المجالس النيابية والمحلية وتقديمهم الاستجوابات التي طالت رأس الاستبداد في كل بلد عربي ومسلم

أتفق مع أحمد البسمار
كركوك أوغلوا -

قليلا من المساواة لكافة اآراء المتضاربة !!..وهذه هي المحاولة الثالثة لقول (لاشيء) سوى تأييد رأي آخر لما أتفق معه(كخوليو ) ؟؟!!..شكرا للنشر

رد إلى أوس العربي
سلوى الرحماني -

الكاسيت الإسلامي؟ هل شاهدت محتويات الكاسيت الإسلامي؟ قتل. سحل. ذبح . تفجير ابرياء بالجملة. هل تعتبر هذا يا سيد أوس العربي حداثة وحضارة؟ هل تعتبر هذا تقدما إنسانيا. لهذا السبب رغم احترامي لرأيك وحرية تعبيرك الزائدة في هذا الموقع, لا يمكنني قبول هذا الرأي ولا مشاركته ولا الموافقة عليه. لأن مثل هذه الكاسيتات اللاإنسانية هي التي أبعدت كل صداقات العالم عن الدفاع عنا وعن انحرافاتنا المتعصبة والمتحجرة. أنظر إلى باقي دول العالم والإنسانية. أنظر كيف تتآخى جميع الطوائف وتتبادل آراء التسامح والمشاركة مع الآخر.. إلا نحن.. قتل وذبح وسحل وتفجير.. بيننا وغالبا ببعضنا.

شيء غريب!!!
عبدالله عبد الكريم -

هم يطلبون من الفقيه أن يستجيب لكل تطلعاتهم . وإذا لم يستجب فهو متخلف ، وغير حداثي ؟؟؟!!تطالبون غيركم باحترام الآخر ، في حين أنكم لا تحترمون رأي الآخر!! ألستم بهذا تتبنون ما تعيبونه على الآخرين ؟؟؟العيب في علمانيينا أنهم لا يقبلون نقاشا لأفكارهم!!! هم يقولون وعلى الآخر أن يتبع دون نقاش !!!لماذا تعتبرون أنفسكم أنت من يحتكر الحقائق والحق . وأنتم أصحاب الرأي الحق . وأنتم القيمون على أخلاق الناس وتطلعاتهم ؟رمتني بدائها وانسلتِ . عجب عجب عجب !!!

قليل من الاحترام
محمود الكبيسي -

سيدي الفاضل كاتب المقال في البداية : أنا لست بصدد مناقشة ما طرحته من أفكار . لكن أليس من حقي ـ كإنسان يحترم عقله ـ أن يأخذ بها أو يخالفها ؟أعتقد أن أشد ما ابتلينا به في مجتمعاتنا هي تصور كل فريق أنه امتلك الحق ، وعلا ذروته . وأن غيره من الفرقاء ممن يختلفون معه . عليهم أن يسمعوا له ، وهم يحتاجون إلى تغيير ليكونوا مثله .سيدي الفاضل ، أنت طرحت وجهة نظر ، فهل ترى أن من الموضوعية أن تفرضها على غيرك ؟أعتقد ـ سيدي الفاضل ـ أن من الموضوعية أن تطرح وجهات النظر دون تحيز ، أو غمز للآخرين ، أو انتقاص منهم .سيدي الفاضل ، أعتقد أنك وأنا ، وكل شخص في العالم لا يمتلك ـ أو لا يحق له ـ أن يتحدث عن الفريق الآخر من علُ . وأن من الواقعية احترام عقول الآخرين .سيدي الفاضل ، أليس مما نتهم به الفقهاء (غير المحدثين!!!) أنهم يعتقدون احتكار الحق ؟ وأنهم ... وأنهم ... فلماذا نقوم مقامهم ، ونتحدث بلغتهم؟؟مع تحياتي وتقديري

حقيقة الحداثيين
قاريء ايلاف -

انتقلت فلسفة الحداثة إلى ديار العرب على أيدي المنهزمين فكرياً ، كان لابد لهم من البحث والتنقيب عن أصول للحداثة في التاريخ العربي ، لعلها بذلك تستطيع الحصول على تأشيرة سفر وجواز مرور إلى عقول العرب والمسلمين ، إذا يستحيل أن يواجهوا جماهير المثقفين في البداية بفكرة ذات طابع ومنهجي غربي . وهـكذا ابتدأ المنظر الفكري للحداثة العربية ينبش كتب التراث, ويستخرج كل شاذ ومنحرف من الشعراء والأدباء والمفكرين، مثل : بشار بن برد، وأبي نواس، لأن في شعرهم الكثير من المروق على الإسلام ، والتشكيك في العقائد والسخرية منها، والدعوة للانحلال الجنسي . وحين يتحدث أدونيس عن أبي نواس وعمر بن أبي ربيعة، وعن سبب إعجاب الحداثيين بشعرهما، يقول : إن الانتهاك ـ أي تدنيس المقدسات ـ هو ما يجذبنا في شعرهما، والعلة في هذا الجذب أننا لا شعوريّاً نحارب كل ما يحول دون تفتح الإنسان ، فالإنسان من هذه الزاوية ثوري بالفطرة ، الإنسان حيوان ثوري . كما جاء في كتابه الثابت والمتحول الذي يعد إنجيل الحداثيين . وتقول الكاتبة سهيلة زين العابدين : الحداثة في شعرنا العربي المعاصر نجدها ـ للأسف الشديد ـ قد حققت ما هدفت إليه الماسونية وبروتوكولات صهيون ، إذ نجدها في مراحلها المختلفة حققت بالتدريج هذه الأهداف ، إلى أن حققتها جميعها في مرحلتها الحالية الأدونيسية ، فالحداثة مرت بالمراحل التالية : 1 المرحلة الأولى : وبدأت سنة 1932م، نشأت جماعة أبولو التي دعا إلى تكوينها الدكتور أحمد زكي أبو شادي، ورأينا من خلال حديثنا عن هذه الجماعة كيف أنها تبنت مذهب الفن للفن، وهو مذهب علماني، يهدف إلى إقصاء الدين وإبعاده عن كل جوانب الحياة، تمهيداً لتقويضه والقضاء عليه، واعتناق جماعة أبولو لهذا المذهب جعل السريالية والرمزية والواقعية تتسرب إلى شعرهم . 2 المرحلة الثانية : وهي المرحلة اللاأخلاقية، والتي ظهرت في شعر نزار قباني, وفيه تمرد على التاريخ، ودعوة إلى الأدب المكشوف . 3 المرحلة الثالثة : التي بدأت سنة 1947م عندما نشرت أول قصيدة كتبت بالشعر الحر لنازك ملائكة، ويمـثل هذه المرحلة البياتي، وصلاح عبد الصبور، والسياب. 4 المرحلة الرابعة : ويحتـلها أدونيس، وهـذه المرحلة من أخطر مراحل الحداثة، ودعا فيها أدونيس إلى نبذ التراث، وكل ما له صلة بالماضي ودعا إلى الثورة على كل شيء وهـو في هذا يدعي أنه من دعاة الإبداع والابتكار مع

تصحيحا لخطأ شائع
الايلافي -

لكل دين ثوابته واحكامه مثلا لاطلاق في المسيحية ولا تعدد ، وزواج المسلمه من غير المسلم محرم في شريعتنا قال تعالى ولعبد مؤمن خير من مشرك ولو اعجبكم ، والعجيب في الموضوع ان بعض المسلمات يتزوجن مدنيا من مسيحي لكن الكنيسة في لبنان لاتعترف بهذا الزواج الا بشروط مثلا تلزم هذا المسيحي على التوقيع على وثيقة تحت التهديد بالحرمان الكنسي ان لم يفعل يلتزم فيها بتعميد اطفاله من المرأة المسلمة ؟!! وينشئهم نشأة مسيحية خالصة ؟!! فأين حرية الاعتقاد المزعومة يا خوليو ؟!!

حراس الاستبداد ؟!!
اوس العربي -

هناك فرق بين حداثة الوسائل وحداثة الافكار يبدو انكم لم تفرقوا او لم تريدوا ان تفرقوا لغرض خبيث في نفوسكم ، ارجو مطالعة كتاب القراءة الرشيدة لانها تعين على الخلاص من الامية الثقافية ردودكم خارج الموضوع الاسلام لا يعادي الحداثة ولا منتجات الحضارة ـ الحكمة ضالة المؤمن انى وجدها اخذها وهو احق الناس بها هناك فرق بين وسائل الحداثه وافكار الحداثه لسنا ملزمين بأخذ ما لدى الغرب من خير او شر ، فالغرب مثلا عندما اقترب من الحضارة الاسلامية ايام اوجها اخذ منها الوسائل وترك المعتقدات لم يدخل في الاسلام ولكنه اخذ طرائق التفكير والاستنباط وكذا فعل الياباني والصيني اخذ من الحضارة الغربية وسائلها وترك عقائدها الياباني ينتج في مصنعه ثم يذهب لينحني لصورة معبوده الامبراطور ؟! الاتحاد السوفيتي صنع ستارا حديدا ضد الافكار الغربية وكان يتجسس للحصول على احدث مخترعات الحداثة الغرب صنع جدار برلين وجرم الدعوة الى الشيوعية وحرمها ووضع دعاتها وجواسيسها في السجون والمعتقلات فلماذا تريدون ان يكون المسلم ارضا مستباحة لكافة الافكار الكفرية والانحرافية الحداثة التي تعادي الدين وتهزأ بالمقدسات لانريدها ولا نريد دعاتها الذين جبنوا عن نقد الاستبداد واوغلوا في نقد المقدسات ورموز الدين هل هذه الشجاعة ، علماؤنا الافاضل على الاقل قالوا كلمة الحق في مواجهة الاستبداد ودفعوا الثمن قتلا وتشريدا وتنكيلا وحبسا فماذا فعلتم انتم سوى ان كنتم حراسا للاستبداد وابواقا للمستبد الشرقي تبررون له افعاله ؟!! وفي الزمن الامريكي الصهيوني تحولتم الى ديمقراطيين وليبراليين وحداثيين ما شاء الله ما شاء الله ؟!!

هذه هي الحقيقة
رمضان عيسى -- فلسطين -

الحداثة لا تهادن القديم مهما لبس من أثواب زاهية لأنه في جوهره قديم لا يستطيع أن يتكيف مع الجديد دون خسائر ،أي التنازل عن بعض مقدساته لصالح العلم والحداثة ، ومن هذا القديم ، الأديان وخاصة الدين الاٍسلامي ،حيث يخوض فقهاءه معركة في كل الاٍتجاهات بفتاويهم المتعددة الألوان والأشكال والتي جعلتهم سخرية القرن الواحد والعشرين . والحقيقة أن للاٍسلام ملحقات وأحاديث تجعله لا يستطيع التكيف مع الآخرين أو حتى قبولهم –وهذا من أبجديات الحداثة – ومن هذا الحديث الذي يقول : من رأى منكم منكرا فليقومه بيده ومن لم يستطع فبلسانه ومن لم يستطع فبقلبه وذلك أضعف الاٍيمان ، والمسلمون يقفون من الحضارة والحداثة موقف العداء والرفض واعتبارها منكرا يجب مقاومته بأي من الوسائل المتاحه والممكنة ، وما المهادنة والتسامح الشكلي مع الحداثة والحضارة والأديان الأخرى اٍلا لأن الفرصة غير متاحة في الوقت الراهن ، وعندما تتاح الفرصة لن يتورعوا عن القيام بالعنف لتغيير هذا المنكر ، وما تقوله الفتاوى الا ذر الرماد في العيون لخداع الآخرين بأن المسلمين متسامحين مع الحداثة والآخرين ، وما تقوله الفتاوى للمتعصبين ، لا ، لا ليس الآن تغيير المنكر فالوقت غير مناسب ، حينما نملك القوة فاٍنناسنغيره بحد السيف ، ,,,,,,... هذه هي الحقيقة .