أصداء

المغالون والغلاة وأهل التكفير مصيبة المذاهب الإسلامية

قرائنا من مستخدمي تلغرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك

فتحت الأزمة التي أثيرت مؤخرا في الكويت على خلفية محاكمة و إبعاد رجل الدين الإيراني محمد باقر الفالي و ردود الأفعال التي سبقتها و رافقتها و أعقبتها الباب مفتوحا وواسعا أمام مناقشة ظاهرة نمو التيارات التكفيرية من الجانب السني و تيارات الغلو و المغالاة من الجانب الشيعي و هي ظواهر و حالات ليست جديدة بالمرة بل أنها قديمة قدم الصراع العقائدي و المذهبي بأبعاده السياسية و الإجتماعية و الفكرية التي أعقبت مرحلة نمو و إنتشار الدين الإسلامي و دخول حضارات و ثقافات فكرية في المجتمع المسلم التي أدت في النهاية لتلاقح فكري و حضاري و لتأثر و تأثير متبادل بين الثقافات التي ذاب بعضها في الفكر الإسلامي دون أن يتخلى عن أسسه و ثوابته، ثم أن ظاهرة التكفير و قتل المسلم للمسلم قد سبقت بكثير مرحلة نمو و تبلور المذاهب الإسلامية المعروفة التي تأسست بدايتها في القرن الثاني الهجري و أكتملت بنهاية القرن الرابع الهجري، فظاهرة الخوارج الذين كانوا عباد الليل و فرسان النهار و تكفيرهم للمسلمين الذين لا يتفقون مع رؤيتهم للأمور و على رأسهم أمير المؤمنين الخليفة الراشدي الرابع الإمام علي بن أبي طالب كرم الله وجهه هي واحدة من اقدم و أبشع الظواهر الفكرية التكفيرية التي كلفت المسلمين شلالات هائلة و فظيعة من الدماء العبيطة، فنشأة الفكر الخارجي المتطرف كان الظاهرة التكفيرية المتطرفة الأولى في التاريخ الإسلامي و التي أعقبتها ظواهر دخيلة أخرى نشأت بفعل الإتصال الحضاري و التداخل الثقافي مع الشعوب الأخرى التي فتحت حربا أو سلما و التي تسللت أفكارها و ثقافتها السابقة بحكم طبائع الأمور للثقافة الإسلامية و خصوصا من جانب الشعوب الفارسية و الآرية التي دخلت الإسلام وهي تحمل إرثا ثقافيا كبيرا عبر عن نفسه في العصر العباسي الأول الذي شهد حضورا نخبويا فارسيا متميزا في السلطة و المجتمع كما شهد فيما بعد صداما بينه و بين النخبة الحاكمة إنتهى بنتائج مأساوية و هو صراع ذو أبعاد سياسية و فكرية لا تخطيء العين الخبيرة قراءة دلالاته و أسسه كما حصل مع الأسرة البرمكية التي أجهز عليها هارون الرشيد في أخريات أيامه و أنهى فصلا من سطوتهم الكبيرة على الدولة العباسية كما كانت الثورات و الإنتفاضات الشعبية في أقاليم الجبال في طبرستان و خراسان و غيرها من أقاليم المشرق تعبيرا عن الرفض السياسي و المجتمعي لثقافة السلطة الإسلامية و لأسلوب إدارة الإمبراطورية الإسلامية التي بلغت من التوسع مبلغا كبيرا جدا، كما كان الأمر مع ثورة ( المقنع الخراساني ) أو ( سنباذ ) أو ( بابك الخرمي ) في أذربيجان و نواحيها وهي إنتفاضات كلفت المجتمع المسلم خسائر كبرى و لكنها بالمقابل أسست لثقافة التسلل الفكري و الحضاري للمذاهب الإسلامية الناشئة و التي تلقفتها صفوف المعارضة المتنامية في تلك الشعوب و كان من بينها المذهب الشيعي الذي شهد متغيرات و تطورات هائلة إختلفت عن بدايته الفكرية في عصر الخلافة الراشدة، فالمذهب الشيعي هو مذهب إسلامي أصيل ينبع من موازين العدالة الإجتماعية و الوقوف بجانب الشرعية الدينية و الحق و السير على سنة الله و رسوله الكريم و الإقتداء بالسلف الصالح من الأئمة و التابعين و ليس مذهبا تكفيريا يدعو لإباحة دماء المسلمين و حز رقابهم و قد وقف الشيعة الأوائل وقفات مركزية في الدفاع عن الإسلام و الوحدة الإسلامية و رفضوا تمزيق المجتمع المسلم بل و عملوا من أجل التخلص من أساليب الظلم و الإرهاب و كان نموذجهم الأكبر هو الخلافة الراشدة للإمام علي بن أبي طالب الذي نمت في عصره الفتن و توالت المحن و أنقسم المجتمع المسلم لأسباب و عوامل ذاتية و موضوعية و مجتمعية لا علاقة لها بأصل العقيدة الإسلامية التوحيدية، و قد جاهد علي بن أبي طالب كرم الله و جهه لقمع فئات و جماعات مغالية ظهرت في زمنه زعمت بأن الإمام علي قد تجسدت فيه الربوبية و قام بحرق أولئك و معاقبتهم وهم جماعة ( الراوندية ) و الذين كما يبدو من إسمهم بأنهم من سليلي ثقافات شرقية مليئة بخرافات و أساطير قديمة لا علاقة للإسلام البسيط النقي و دين الفطرة بها أبدا، لا بل أن الإمام علي و هو يقاوم المحن التي طرأت زمن خلافته قد حدد مسبقا معالم الطريق الإنقسامي الذي دخل فيه المسلمون بقولته الشهيرة : ( هلك في إثنان، مبغض قال، و محب غال )!! أي أن الذين أبغضوه قد شتموه على المنابر فيما بعد لعدة عقود من السنين!! لم يوقفها سوى الخليفة الأموي المصلح و العظيم عمر بن عبد العزيز ( رض ) في نهاية القرن الهجري الأول، أما الذين أحبوه فقد رفعوه و مجدوع لدرجة الألوهية و العياذ بالله و هو ما طفح اليوم من أحاديث الغلاة و رواياتهم التي وضعت فيما بعد خلال العهد الصفوي في إيران خلال القرن السادس عشر الميلادي و حيث تناسلت الخرافات و أندست وسط أكوام الكتب العقائدية لتنتج تخاريف هائلة كان علماء الشيعة و مجتهديهم على معرفة حقيقية و راسخة بها فقد كان الخطيب المرحوم الدكتور أحمد الوائلي يردد على الدوام قولته الشهيرة : ( بأننا نضرب ثلثي كتاب الكافي للكليني بعرض الحائط لأنه يتضمن روايات خرافية من الإسرائيليات أو غيرها من الروايات الموضوعة التي لا تتفق أبدا و العقيدة الإسلامية )!! و لكن رغم ذلك كانت و لا زالت لتلك الأفكار حواضنها الشعبية و البيئية و مريديها بل و المتعصبين بها و ما نسب للسيد الفالي من حديث حول رواية إلقاء الله سبحانه و تعالى الشعر في تسمية الإمام علي بن أبي طالب هي واحدة من بين آلاف الروايات الموجودة في بعض المصادر الدينية، و الطريف أنني بالأمس القريب و عن طريق الصدفة إستمعت لأحد الشيوخ من الذين يتبنون الأفكار المغالية و يدعون إليها ومن إحدى القنوات الفضائية المذهبية الدينية حيث أساء بالصوت و الصورة و هو يتحدث عن مأساة الإمام الحسين ( رض ) في كربلاء لأبناء كبار الصحابة كعبد الله بن الزبير و عبد الله بن عمر الخطاب و عبد الله بن عباس ( رضي الله عنهم أجمعين ) بقولته إن نقطة من دم الجندي الإفريقي ( جون ) الذي إنشق عن الجيش الأموي و قاتل بجانب الحسين و أهل بيته هي أطهر من كل أولئك الصحابة الأجلاء!!!! و هو تخريف خطير و كذب على التاريخ و تجاوز على الحقائق، فاولئك الصحابة قد نصحوا الإمام الحسين بعدم الذهاب للعراق لأنه سيخذل هناك لا محالة!! و هو ما حدث بالفعل فقد خذل قبله شقيقه الإمام الحسن بن علي ( رض ) كما خذل قبلهم أمير المؤمنين علي بن أبي طالب ذاته!! إضافة إلى أن الصحابي الجليل و أبن الصحابي عبد الله بن الزبير قد أستشهد فيما بعد على يد الحجاج بن يوسف الثقفي و علقت جثته على جدران الكعبة في موقف تاريخي لا ينسى؟ فهل يستحق أولئك الإهانة التي وردت من الشيخ؟ و العجيب أنني قد إستمعت سابقا لنفس الشيخ وهو يتقول بأحاديث غريبة عن السيدة فاطمة الزهراء ( رض ) بقوله أنها نجمة في السماء!!! تتبع أحاديث المغالين و فتاوي التكفيريين من المسائل التي ينبغي لبعلماء الطائفتين الكبيرتين التصدي لها عبر مؤتمر إسلامي جامع ينقي العقيدة من الخرافات و يضع الأسس الحقيقية لمصالحة تاريخية و تقارب حقيقي عبر نبذ الغريب و الطاريء و تبني الفكر التوحيدي الجامع المتخلص من غبار القرون و الدعاوي القومية و العنصرية المبطنة و من الروايات الإسرائيلية التي أحدثت خرابا عميقا في الفكر الإسلامي وهي مهمة صعبة للغاية و لكنها ليست مستحيلة فيما لو توفرت الإرادة لذلك، و الوقت لا يرحم و الفتن القادمة أشد سوادا من قطع الليل المظلم.

داود البصري

dawoodalbasri@hotmail.com

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
مضيع جحش خالته
عزيز -

الغلو ليس خاصية دينية وهناك غلو في الدين كما في العلم وفي السياسة وفي الغرام ايضا وفي الحرب كما في السرير. والسيد البصري طال عمره يغرف من المواضيع من الزاوية التي يريد، اي انه كما يقول المثل مثل مضيع جحش خالته، ان وجدته غنى، وان لم يجده غنى ـ وماذا تعني الاوطان هذه الايام خاصة الاوطان العربية سوى غنائم؟

..........
البصراوي -

يا عمي انت وين وهذة المواضيع وين انت استاذ بشعارات المقبور فقط

عبد الله بن الزبير
OMAR -

قال فيه الامام علي : ما زال الزبير منا أهل البيت حتى نشأ ابنه عبد الله

قال علي للزبير
OMAR -

قال الحاكم في المستدرك ج 3 ص 366****( اخبرنا ) اسمعيل بن ابي خالد عن قيس بن ابى حازم قال: قال علي للزبير: اما تذكر يوم كنت انا وانت في سقيفة قوم من الانصار فقال لك رسول الله صلى الله عليه وآله اتحبة فقلت ما يمنعنى قال اما انك ستخرج عليه وتقاتله وانت ظالم قال فرجع الزبير

صحيح؟
تاهى -

غريبه يذكر ان على بن ابى طالب كان يسب من قبل اناس ولم يوقفه الا عمر بن عبد العزيز هاذا يعنى ان سب الصحابه جائز فى وقت من الاوقات

الى تاهى
لبيك يا امير المؤمني -

نعم,كان مولانا امير المؤمنين يشتم من على منابر الجوامع,و الخليفة عمر بن عبد العزيز منع ذلك

الحل الوحيد فصل
كركوك أوغلوا -

الدين عن الدولة وخاصة في البرلمان ؟؟!!..

ناصر السنة...
ناصر السنة -

الى كل من يقولون بشتم أمير المؤمنين رضي الله عنه في فترة الخلافة الأموية أقول هل تجدون من المنطق أن يصالح الحسن رضي الله عنه معاوية رضي الله عنه عام 40 هجرية والذي عرف تاريخيا بعام الجماعة وأبوه أمير المؤمنين ما يزال القوم يلعنونه على المنابر الى أن تولىي عمر بن عبدالعزيز رحمه الله الخلافة فمنع ذلك؟؟؟!!!كيف يقبل الحسن عليه رضوان ذلك؟؟ أرجو أن لا نلقي التهم جزافا وتعصبا دون أن نحكم عقولنا ونبين السند وشكرا ايلاف.

نعم كان يشتم
To 8 -

نعم,كان مولانا امير المؤمنين من على منابر الجوامع,و الخليفة عمر بن عبد العزيز منع ذلكevery one know that, How come you dont about it. where are you living? on the moon.