أصداء

إيران و إسرائيل: غرام و إنتقام

قرائنا من مستخدمي تلغرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك

عندما مر يوليوس قيصر بالعراف الذي تنبأ بمقتله في يوم الخامس عشر من آذار بحسب مسرحية وليم شکسبير، خاطب العراف متهکما: نحن في الخامس عشر من آذار! فأجابه العراف ببرود: لکنه لم يمر بعد! وفعلا فإن اليوم لم يمر إلا وقد تضرج القيصر بدمائه في مجلس الشيوخ على أثر المؤامرة التأريخية المشهورة التي نقل شکسبير أحداث مسرحيته عن مارواه المؤرخ بلوتارك بهذا الصدد. هذا المقطع يحضر المرء وهو يرى"التهکم"و"السخرية"من جانب القادة الايرانيين بالتهديدات الامريکية و الغربية و الاسرائيلية بتوجيه ضربة عسکرية لطهران خصوصا وأن الزمن يمر والقادة الايرانيون مازالوا ماضين قدما في برامجهم المثيرة لقلق المنطقة و العالم و مختلف الدلائل و المؤشرات لاترى في الافق شيئا يؤکد توجيه مثل تلك الضربة کما أن تتابع الاحداث الدولية الدراماتيکية من قبيل الازمة الاقتصادية العالمية و إنتخاب باراك اوباما لمنصب الرئيس في الولايات المتحدة الامريکية و تراجع الوضع الامني في العراق و إزدياد ظاهرة القرصنة على السفن في عدة مناطق إستراتيجية في المنطقة (وليس ببعيد أن تکون هنالك أيدي إيرانية ورائها)، کل ذلك کان مبعث إحساس بالقوة و العظمة من جانب القادة الايرانيين بحيث باتوا يتحدثون في مجالسهم الخاصة عن"الامدادات الغيبية"الالهية التي کانت وراء وقوعها و يبشرون بإنهيار التحالف و التأليب الدولي ضدهم و إنتصار إرادتهم في نهاية المطاف. لکن القادة الايرانيين کيوليوس قيصر، تناسوا أن الوقت المخصص لتوجيه الضربة العسکرية لإيران مفتوح، أي غير محدد بسقف زمني محدد بل وقد يکون محددا بترتيبات أو مصالح دولية معينة لاترى فائدة ترجى من توجيه الضربة في هذه المرحلة، وحتى أن العديد من الدوائر السياسية و الاستخبارية ترى خيار توجيه الضربة العسکرية لإيران مازال قائما على قدم و ساق و تفيد بعض الاوساط المقربة من دوائر إستخبارية أن وصول اوباما لمنصب الرئيس لن يحمي إيران أبدا من تلك الضربة خصوصا فيما لو بقيت مصرة على موقفها المتعنت و المراوغ و المراهن على الزمن.


ومع إزدياد الحمى الاسرائيلية لتوجيه ضربة وقائية و تواتر سيناريوهات متباينة بشأنها، فإن إحتمالات توجيه مثل هکذا ضربة مازال ضئيلا و يقترب من الاستحالة تقريبا وقد تکون مجرد مناورات محددة لإرعاب إيران أو إشعارها بأن هذه الرسالة النظرية قد تصبح فعلية ولکن بأيادي أخرى، إذ أن الغرب يدرك جيدا کيف ستستغل إيران دخول إسرائيل الحلبة ضدها و تعبأ الشارع الاسلامي بسبب من ذلك، ولذلك فإنهم يمارسون ضغطا قويا على الدولة العبرية للإمتناع عن توجيه تلك الضربة و التريث و عدم إستباق الاحداث.


لکن الاسرائيليون يدرکون جيدا مغزى"العداء التأريخي"بين الايرانيين و العرب مثلما أدرکوا مغزى"التباين و النفور"بين الاتراك و العرب وهم"أي الاسرائيليين"کانوا أذکياء جدا في اللعب بهکذا ورقتين لصالحهم وقد لايفرطون بسهولة بالورقة الايرانية وإن کان محتواها الحالي دينيا بحتا وسيحاولون التمسك بها والسعي لإستخدامها في المستقبل المنظور مع إدخال بعض التغييرات المعينة عليها وهو سيناريو محتمل لإيران مابعد رجال الدين. والذي يمکن قراءته و ملاحظته من مجمل المواقف و التحرکات الاسرائيلية بخصوص إيران، هو أنها تسعى بقوة لکي لايکون السيناريو الايراني شبيها أو مطابقا للسيناريو العراقي سيما من حيث البديل للنظام، فإسرائيل کما يبدو تبحث منذ الان وبجدية کبيرة بهذا الخصوص وهي تريد أن يکون"البديل المثالي"المناسب جاهزا في"اللحظة الموعودة" وحتى إن إسرائيل قد لاترغب بقادة إيران الغد يدخلون طهران على ظهر دبابات أمريکية و غربية بل إنها تريدهم من الداخل و من العمق الايراني تحديدا.


أما إيران التي إستفادت بذکاء من اللعب بورقة العداء لإسرائيل و موهت على الشارع الاسلامي و العربي، فإنها تدرك هي الاخرى أهمية إسرائيل بالنسبة لها ولاسيما في اللحظات الحرجة کما في مقاطع من حربها مع العراق أبان الثمانينات من القرن المنصرم وهي ترى في إسرائيل کقميص عثمان أو حتى کتلك المصاحف التي رفعت على الرماح في الحرب الدائرة بين علي أبن أبي طالب"ع"و معاوية أبن أبي سفيان، لکنها في نفس الوقت تدرك تماما بأن اسرائيل في النهاية عدو تأريخي بالنسبة لها ولابد من اخذ الحذر و التحوط منه و لابأس من توجيه ضربات مؤلمة لها بطرق غير مباشرة. لکن إسرائيل أيضا تدرك جيدا عمق الاختلاف بينها و بين النظام الحالي ولذلك فهي جدية أيضا بالنيل منه في أية لحظة مواتية أو مناسبة، وفي کل الاحوال فإن خيار توجيه الضربة العسکرية لطهران مازال قائما و أن الحديث عن إنتهاء فعاليته هو حديث سابق لأوانه وان على قادة إيران أن يتذکروا جيدا بأن الوقت لم يمر بعد وأنهم ان أصروا على موقفهم الحالي فإن ساعة الحسم آتية من دون شك!

نزار جاف
nezarjaff@gmail.com

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
مع العملية العسكرية
برجس شويش -

نحن الكورد ومن مصلحتنا بان يقوم اسرائيل او امريكا بضربة عسكرية ضد ايران وما يترتب عن ذلك من نتائج وافرازات تصب في النهاية في خدمة قضية شعبنا العادلة في كوردستان الشرقية وسعظم دور كوردستان الجنوبية وسيربك الاتراك ويضعفهم وسيجعلهم يقرون بالحقوق المشروعة للشعب الكوردي في كوردستان الشمالية اما في كوردستان الغربية فاننا سنكون في موقف قوي لتوحيد المعارضة واسقاط النظام الديكتاتوري في سوريا وتحقيق مطاليبنا القومية المشروع وبناء نظام ديمرقراطي فيها، ان الضربة العسكرية لايران هي بداية تطبيق مشروع الشرق الاوسط الكبير او الجديد الذي ندعمه بقوة

ابقى قابلني
حسام جبار -

قولك عن ازدياد ظاهرة القرصنة على السفن في عدة مناطق استراتيجية في المنطقة وعدم استبعاد وجود ايدي ايرانية ورائها ذكرتني بنكتة تداولها العراقيين همسا في الثمانينيات من القرن الماضي ايام الحرب العراقية الايرانية عن حشرة الارضة وكيف انها جائتنا من ايران حيث صرح بذلك احد كبار موظفي وزارة الزراعة في ندوة تلفزيونية بثتها اذاعة بغداد حيث كان وقتها الزاما على كل المسؤولين لبس ثوب العداء لأيران أليس كذلك !!!!أما ابقائك لخيار الضربة الصهيونية الامريكية لأيران مفتوحا فذكرني بقول الشاعر ..اعلل النفس بالأمال أرقبها ماأضيق العيش لولا فسحة الأمل ...

الشيعة واليهود
ساهر الناي -

اليهود يحترمون الشبعة لانهم اكثر مصداقية من الآخرين لان تأريخ العلاقات التجسسية بين اسرائيل والانظمة العربية جعل زعماء الموساد يتحدثون في مجالسهم الخاصة انه كيف لنا ان نثق في الانظمة العربية التي تتجسس لصالحنا منذ 60 عام وماذا يضمن انهم لم يتجسسوا لغيرنا ؟ معلومة مهمة ايران وحزب الله طلبوا من 300 مواطن عربي ومسلم ان يتجسس لصالح اسرائيل لمعرفة توجهات المخابرات الاسرائيلية واما ماذا يقدم هؤلاء 300 للموساد ؟ انها مجرد معلومات حميدة لا تضر ولا تأذي ايران وسوريا وحزب الله 5 آلاف صاروح شيعي دك قلب اسرائيل جعل اسرائيل تحترم الاقوياء والشجعان ام جواسيس اسرائيل فمصيرهم مصير عرفات وضياء الحق وصدام

للذكرى فقط!!
أبو حسين -

أشترت أيران أسلحه من أسرائيل أثناء الحرب العراقيه - الأيرانيه وأول من أول هذه العقود هو رفسنجاني بحجة محاربة صدام !! ولم يوقف الخميني تلك الصفقه المشينه؟ ربما برروها بالتقيه! فلم ينكروها الأيرانيون و لا (أعدائهم!!!) الأسرائيليين.

مصر ارض اليهود
ساهر الناي -

المخابرات العربية قدمت للموساد خدمات استخباراتية نادرة اثناء حرب تموز 2006 .ايران استلمت السلاح من اليهود بواسطة عملاء للدفاع عن الاسلام والضرورات تبيح المحضورات .. و50 الف مصري واردني تزوجوا اسرائيليات منذ كامب ديفد ووادي عربة والسياح اليهود في شوارع القاهرة وشرم الشيخ والدوحة ودبي والبحر الميت الا ردني بينمالا يوجد سائح صهيوني واحد في طهران ,