أصداء

عندما يشترط لبناني على سوري أن يفقد احترامه لشعبه

قراؤنا من مستخدمي إنستجرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك

تعود العلاقات السورية اللبنانية للانتعاش بعد الزيارات الدبلوماسية المتبادلة خاصة من الجانب اللبناني إلى سوريا مؤخراً على مختلف المستويات، لكن تبقى المشكلة قائمة في الوعي الشعبي مهما تطورت العلاقات الدبلوماسية بين البلدين وحتى لو احترمت الحكومة السورية كل مطالب الفريق اللبناني المتمثل ب 14 آذار.


أفرزت العلاقات السورية اللبنانية منذ دخول القوات السورية إلى لبنان عام 1976 وحتى اليوم مشكلات عميقة تكاد تخترق بنية الوعي الشعبي إلى الحد الذي أصبح فيه هذا الوعي فاقدا للرشد، نتاج هذه السنوات من العلاقات السياسية والأمنية غير المتوازنة والمجحفة في الكثير من الأحيان بحق لبنان واللبنانيين فإنه تكون لدى شريحة كبيرة من الأخير وعياً جديداً بالآخر، هذا الآخر هو السوري في فضائه العام وغير المحدد إلا بكونه ينتمي لجغرافية الدولة السورية الحالية. إن التناول الاعلامي لهذه العلاقات على مختلف المستويات تتجاوز هذه النقطة المفصلية ولا تقف عندها، أي الوعي الشعبي المتبادل، وكيف ينظر كل منهما للآخر. بينما المؤكد أن السياسة لن تستطيع تغيير الصورة النمطية طالما انتقل مصدر التوتر إلى مستويات شعبية، وبالتالي فإننا أمام مجموعة سياسات نرهن لها مصيرنا دون أن تكون مستندة إلى علم الاجتماع. وهنا يمكن تسجيل نقطة سلبية على النخبة اللبنانية المعارضة للتوجهات السورية في لبنان، فرغم قوة الآلة الاعلامية لديهم ورغم تأثير خطابهم الموجه لمؤيديهم من اللبنانيين، إلا أن هذا الخطاب لم يكرس شيئاً يذكر لتوجيه المواطن اللبناني كيف يتصرف مع المواطن السوري خارج حدود كلا الشعبين، وخاصة خارج لبنان. وليستغرب المرء بداية الأمر كيف مثلاً لأحد المنفيين السوريين من بلده - وهو هنا يتقاطع بالضرورة مع خطاب الفريق اللبناني المعارض لسوريا - أن يصل به الأمر إلى القول أنه رغم تحامل النظام السوري عليهم إلا أنه يبدو أن "اللبنانيون يستحقون ذلك".

سؤال يجب طرحه على فريق 14 آذار بالدرجة الأولى لاعتمادهم على ما يبدو على ميراث التذمر الشعبي ضد السياسة السورية دون محاولتهم تقنينها وعقلنتها بل وتسييسها بحيث لا تضع المواطن السوري لمجرد انه سوري في خندق واحد مع النظام، لأن هذا يزرع الشقاق بين الشعبين اللذين لهما تاريخ واحد حتى في تعرضهم للقمع. النتيجة أن المئات من السوريين وجدوا أنفسهم في مواجهة هذا الخطاب الشعبي اللبناني في خندق واحد مع السياسة السورية في لبنان، ولو أن أحد مراكز الدراسات الدولية تجري استطلاعا للرأي في أوساط السوريين الذي يكونون على احتكاك مريح وغير متشنج مع اللبنانيين خاصة في المهجر يمكن استخلاص نتائج دقيقة عن السوريين الذين تغيرت مواقفهم تجاه السياسة السورية التدخلية في لبنان، وبالتالي اكسب هذا الخطاب السياسة السورية ما لم تستطع كسبه التوجهات الأمنية على مر سنوات طويلة، فيعلن المثقف السوري طواعية اخلاصه للحكومة السورية "لأن اللبنانيين يتحدثون معهم بحيث كانهم أناس وشعب فاقد لاحترامه لنفسه". وللمفارقة فإن المتضرر الرئيسي من هذه الظاهرة اللبنانية التي ترى في السوري على أنه "الآخر السلبي " هو ذات التيار الذي تتبع له هذه الشريحة والذين غالبيتهم من المتعلمين وأصحاب الشهادات الجامعية.


إن على تيار 14 آذار التسويق لخطاب يحيد الشعب السوري عن التوجه السياسي لجماهيره ضد السياسة السورية، لان السياسة متغيرة، بالأمس كانت القوات السورية تطارد عون في بيروت واليوم الرجل ينعم في قصر الرئيس السوري. إضافة أن 14 آذار لن يغري بخطابه المضاد للنظام السوري أياً من أولئك حتى المعارضين السوريين للنظام نفسه طالما كان خصوم 14 آذار في لبنان صاغوا خطابا تآلفياً ومحابيا مع الشعب السوري، وهنا نجح حزب الله في ذلك بصورة تعيد للأذهان ضرورة تلقين الجماهير التي تسمع خطاب قائدها، ما يجري اليوم هو ان السياسة يمارسها السياسيون فقط في فريق 14 آذار، بينما في فريق 8 آذار وخاصة حزب الله فإن كل أنصاره يمارسون السياسة التي تكسبهم النقاط من جيوب السوريين المحبطين من عدم احترام فريق لبناني لذاتهم كفرد يعيش في سوريا قبل ان يكون مواطنا سوريا وقبل أن يكون من الشعب السوري.

وأحد أوجه نزع الاحترام عن الفرد السوري هو عدم حظيه باحترام اللبناني الممتعض من السياسة السورية إلا بعد أن يشتم الأخير النظام السوري ويحصل على صكوك الغفران. إن الاخوة في لبنان يمكن أن يساهموا في مساعدة السوريين على مراجعة وتقييم تلك الحقبة السورية في لبنان، وهذا يفرض عليهم إبداء الاحترام له وعدم الشماتة به وكأن كل سوري كان ينصب خيمة له على الطرق التي تربط القرى والبلدات اللبنانية ليعمل كقاطع طريق. ميشيل كيلو وأكرم وأنور البني وفايز سارة هم أولئك الموقعين على إعلان بيروت دمشق وسجنوا لهذا السبب.

في حادثة ربما تفيد سياق هذا الموضوع، فإن أحد الأكراد قام بحرق العلم التركي عندما كان القتال مشتدا بين حزب العمال الكردستاني والجيش التركي، كان هذا الشخص يعبر عن حنقه وغضبه لأن الدبابات التركية ازالت قريته من الوجود، فما المشكلة لو خفف عن نفسه بحرقه للعلم؟ حينها عاقبه زعيم الحزب عبد الله أوجلان الذي كان في لبنان قائلاً: هذا ليس علم الجيش وحده حتى نحرقه، إنه علم حقي قرار وكمال بير التركيين اللذان أسسا حزب العمال الكردستاني مع أوجلان ورفاقه. اليوم، كل اليساريين الأتراك يحفظون لعبد اوجلان موقفه، وبالتالي إن لم تنجح مثل هذه المواقف من كسب أنصار لها في ساحة العدو، فإنها على الأقل لا تخلق أعداءا محتملين لها في كل لحظة. والأكثر من ذلك أن الأكراد انفتحوا على الديمقراطية بشكل أكبر تحت تأثير الأتراك المدافعين عن الحقوق الكردية.


غالبية جماهير 14 آذار وحتى فئات أخرى في 8 آذار ترى في الشعب السوري شريكا للنظام في سياسته في لبنان، وهذه نظرة خاطئة وخطيرة لأنها تؤسس لحالة قطيعة عاطفية بين الشعبين الذين تربطهما ما هو أكثر من العاطفة المجردة.ما يهمنا في النهاية هو علاقات الشعبين وليس الأنظمة السياسية في البلدين.

حسين جمو

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
always the kurd
ataturk -

it unbelivable that always any subject should end up with a praise to the kurd. I imagine even if they will discuss Einstein theory they will find a way to talk about the Kurds. enough is enough we are fed up with your stories and your great leaders.

كفاكم ظلما
ابو سامي -

قرأت مقالكم يا سيدي وتفهمت مقاصدكم..ولكن لا اعرف بالضبط البلد الذي تنتمي اليه ولكن انا متيقن بأنك لست لبنانيا، لانك لو كنت لبنانيا لتذكرت المعاناة التي عاشها اللبنانيون خلال مرحلة الاستعمار السوري لهم.. مذلة وهتك اعراض وسرقات ودوس كرامات وتعسف وقتل وحبس وقطع ارزاق وخطف على الهويةالخ...الخ اما المواطن السوري العادي فقد اتخذ من لبنان بابا واسعا للارتزاق غير المشروع وللوصول الى جمع االثروة غير المشروعة عبر الاجبار والترغيب والترهيب مستعينا بذلك بما تيسر له من رجال المخابرات والامن العسكري..اما في اوقات الازمات عندما كانوا يحاصرون العباد والبلاد فلم يتورعوا عن سرقة لقمة الخبز من افواه الاطفال والعجز..ماذا نقول وماذا نكتب عن مآسي الوصاية وقهر المواطن العربي في لبنان. ان ما نختزنه يا سيد حسن من الاخطاء السورية في لبنان يفوق الوصف، وكل لبناني يحمل في طياته قصصا وروايات لا تسعها المجلدات..فمهلا يا سيد حسن وعلى مهلك شوي ودع الزمن يعالج هذه الفترة الاشد ايلاما في التاريخ اللبناني وكفاكم ظلما ل14 آذار التي نكبت وما تزال برجالها الوطنيين العرب الابرار الذين ما بخلوا يوما عن العطاء عطاء القلم والدم.

نعم
الايلافي عشرين -

ولنا ان نضيف الى هذا المقال الذي يجب ان يعمم على ساسة 14 اذار انهم بدأو استخدام لفظ /السوري/ كما يستخدم حزب الله لفظ / الاسرائيلي/ في خطاباته. يجب على خطاب 14 اذار ان ينتبه لهذا المطب الفادح. بل ويجب أن يذكرو دائما النظام السوري بدلا عن سوريا أو عن دمشق ... بغض النظر عن المحتوى. نعم السوريين الان بنظر فريق 14 اذار هم مخابرات حتى لو ثبت العكس كتب مثل ذلك قبل سنوات زهير غانم السوري المقيم في لبنان قبل اغتيال الحريري فما بالك بعده..!!!!

to abo sami
syrian in usa -

أن مع الكاتب ١٠٠٪ في هذا المقال الذي وضع يده على الجرح تماما وإختصر شعور الكثير من السورين الموجودين في الغربة وأنا منهم ،وبالنسبة لسحب التعليق الثاني فجماعة ١٤ اذار الشريفة التي تحدث عنهم هم نفسهم ازلام المخابرات السورية التي فظعت بالشعب اللبناني كما تقول وبعلم جماعة ١٤ اذار وبموافقتهم أما إذا كانو مجبرين على الموافقة انذاك فهذا عذر أقبح من ذنب .لأن الأنسان الشريف لا يمشي حسب الموجة بل يدافع عن معتقده مهما كانت الظروف .وأؤكد لك بأن جماعة ١٤ اذار الشرفاء ما غيروا اتجاهاتهم السياسية إلا بعد أن اقنعتهم بعض القوى الخارجية التي تتلاعب بالمنطقة أن النظام السوري سيزول قريبا وكما لاحظنا جميعا أنها كانت لعبة راح ضحيتها شرفاء ١٤ اذار الذين إستشرسوا في محاربة النظام السوري وقتها ليبلعوا أخيرا الطعم ويكتشفوا مدى غبائهم السياسي وأعتقد أنهم إقتنعوا أخيرا بأنهم ليسو جزأ من النظام السياسي السائد في المنطقة بل هم أدوات تحركهم القوى المسيطرة في المنطقة كى أميركا وسورية وإسرائيل وإيران .أرجو النشر

ادب الحوار و القتل
r -

استغرب اشد الاستغراب من الموضوع فالكاتب يحثنا علي آداب الاختلاف لشعب يتم نحره بالمعني الحرفي للكلمه و يطالب بالاختلاف مع الحكومه السوريه فقط من دون الشعب السوري هلا وعيت الدرس يا شعب لبنان .... علي شعب لبنان ان يكون شيك ; ايضا في خلافاته لا تعقيب

تماما
مغترب سوري -

وضعت يدك على الجرح تماما , نعم انا سوري واتفق مع وجة نظر 14 آذار السياسية , لكن انصارهم يتعاملون مع الشعب السوري بقلة احترام فعلا ’, وأقول هذا الكلام لأأني حريص عليهم.

سوريا حرة
سيمون -

ابدا لن يكون الشعبين السوري واللبناني اصحاب اهداف وامال مختلفة فنحن ولدنا معا وصديقان نحن الى ان ينام القمر... احد اهم اهداف ثورة الارز هو قيام علاقات وروابط مع الشعب السوري الحر ابدا جيدة والظلام لن يدوم طويلا الى سورية حرة...سنبقى سويا...ميشال كيلو نحن معك...