أصداء

ديمقراطية بالنيابة

قراؤنا من مستخدمي تويتر
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك

لا توجد ديمقراطية مطلقة،، فالنظام الديمقراطي المطلق يطالب كل فرد من أفراد الشعب بالمشاركة في عملية صنع كل قرار حكومي. ومن تلك القرارات محلية وأخرى وطنية وغيرها خارجية، وعلى المستوى الاقتصادي والمستوى الأمني وغيرها من المستويات والقرارات التي تتعلق بمآرب حياة الوطن والمواطنين. وتكون المشاركة في صناعة القرار من خلال دراسة القضايا،، ومناقشة الخيارات،، والمفاضلة بين الحلول، فهي بحاجة إلى متابعة كاملة،، ونشاط حيوي،، وتفرغ تام. ولكن مثل ذلك الوضع لن يكون عمليا، بل وسيكون مستحيل التطبيق إذا أراد الشعب أن ينجز ما يجب إنجازه من أجل التقدم المرجو دون أن يصب كل طاقاته في إجراءات اتخاذ القرار. ولذلك فإن الديمقراطيات القائمة الآن جميعها ديمقراطيات تمثيلية تعتمد على توكيل المواطنين لأشخاص من عامة الشعب للعمل نيابة عنهم لما فيه مصلحتهم الخاصة والوطن عامة.

التوفيق بين المصلحة الخاصة والعامة محدد من خلال إطار واضح مُؤَصّل في الحقوق والواجبات للفرد والحكومة من خلال ما يسمى بالعقد الاجتماعي. فالحكومة الأمريكية مهمتها الحفاظ على حريات المواطنين وضمان حقوقهم كما جاء في الدستور الأمريكي. ذلك الإطار مخالف لكثير من الدول الأخرى التي ترى بأن مهمة الفرد هو خدمة المنظومة الأكبر المتمثلة في الحكومة، والتي بدورها تستأثر لنفسها بتحديد حقوق المواطن. ومع أن النظام الأمريكي يلقي بالمسؤولية على الحكومة لضمان حقوق المواطن إلا أن النظام الاقتصادي الحر يكافئ التفاني في العمل ويغذي روح المغامرة والإبداع والاختراع. أما المجتمع المدني وقوانين الضرائب فإنها تجعل المواطن الأمريكي والحكومة الأمريكية أكبر متبرع (بالمال والجهد) من أجل المستضعفين والمنكوبين سواء كانوا في الولايات المتحدة أو خارجها. فالنظرة العامة بأننا نعيش في منظومة متكاملة ينمي حس المسؤولية العام.

الحرية التي يضمنها الدستور الأمريكي لها أشكال عديدة وهي ليست مطلقة بأي حال من الأحوال. أهم ما يميز هذه الحرية هي تحررها من سطوة الحكومة على المواطن بما يضمن له حرية المعتقد والشعائر، وحرية الفكر والتعبير عنه، وحرية التجمع والتنظيم، وحرية الصحافة والتحقيق، وحرية المطالبة والتعديل، والحماية من التفتيش ومصادرة الأملاك والإجراءات القانونية التعسفية، وغيرها من الحريات والحقوق والحمايات المضمونة من خلال الدستور الأمريكي. وهي منظومة من الحقوق تضمن توازنا بين حق الفرد وحق المجتمع. ويبقى أن حق الفرد ينتهي عند بداية حق الغير ؛ أما كيف يحدد هذا الفاصل؟ من خلال قضاء مستقل وسلطة القانون.

وتبقى الآلية المتاحة لكل أمريكي واضحة المعالم وسهلة الاستعمال دون متطلبات ولا استثناءات طالما كان للفرد مَظْلُمة. غير. فالنظام القضائي المستقل عن الحكومة له سلطة الفصل بين المواطنين وبعضهم،، بين المواطن والحكومة،، بين الفرد والنظام. المعالم الأساسية للنظام الأمريكي واضحة ومتعاطفة مع الفرد. وفي نفس الوقت فإن النظام مرن بحيث إذا تغيرت البيئة وتحول المحيط وتطور المجتمع وأصبح النظام أو القانون مؤصلا للماضي أو معرقلا للمستقبل أو حتى معارضا لمتطلبات المجتمع فإنه يُعدّل. لا أدعي أن تعديل القوانين هو أمر بسيط ولكنه يختلف في صعوبته باختلاف القانون موضع التغيير، فإذا كان القانون على مستوى الدستور فإنه بحاجة إلى موافقة ثلثي أعضاء الكونغرس الأمريكي بشقيه - مجلس النواب ومجلس الشيوخ - ومن ثم يجب المصادقة عليه من قبل ثلاثة أرباع الولايات الأمريكية (أمريكا مكونة من خمسين ولاية). أما تغيير القوانين المحلية وقوانين الولايات فيتم بأكثر من طريقة أحدها عن طريق استفتاء عام.

أحد مظاهر الديمقراطية الأوضح هي ما شهده العالم في انتخابات يوم الثلاثاء الرابع من نوفمبر باختيار رئيس جديد للولايات المتحدة الأمريكية. سوف تنخرط منظومة من الفرق للعمل على نقل السلطة من الإدارة السابقة إلى اللاحقة خلال سبعة وسبعين يوم ليستلم الرئيس الجديد باراك أوباما مقاليد الرئاسة في 20 يناير 2009 بشكل تلقائي. الجميع يعرف بالقوانين المُحَدِدَة للانتخابات،، والكل عالم بما له من حقوق وما عليه من مسؤوليات،، فتأتي الإدارة الجديدة بتواضع لتضمن حقوق كل فرد أمريكي ومنهم الحزب الخاسر. فلا دكتاتورية للأغلبية ولا اضطهاد ولا تصفيات سياسية،، فقط مواطن أمريكي وحق شعبي.

وليد جواد
فريق التواصل الإلكتروني
وزارة الخارجية الأمريكية
digitaloutreach@state.gov
http://www.america.gov/ar
http://walidjawad.maktoobblog.com

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف