أصداء

يوم القيامة

قرائنا من مستخدمي تلغرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك

إذا ماإستثنينا المطولات من كتب التفسير نجد أن الحديث عن يوم القيامة لايتجاوز بضعة أسطر في تفسير الآيات التي أشارت إلى أهوال ذلك اليوم، وعندما نفتح أبواباً أخرى لنطل من خلالها على المحدثين من المتكلمين والكتاب المعاصرين نرى أن الأمر يأخذ بالإنحدار إلى الأسفل شيئاً فشيئاً حتى يتلاشى.

ولكل مفسر وكاتب في هذا المجال رؤيته الخاصة وأعذاره المختلفة عن غيره وقد تجتمع جلها في الغالب على تشابه الأسباب التي يتوقف أهمها حسب نظرتهم على أن الحديث في يوم كيوم القيامة لايعتبر من الواقع المعاش، ولايضيف إلى الحياة المعاصرة شيئاً جديداً سوى المتاعب النفسية التي يمكن أن يتجنبها الإنسان إذا أراد الإبتعاد عن الخوض في فلسفة من هذا النوع.

فالأولى بنا أن نتكلم عن معالجة القضايا الإجتماعية ونسلط الضوء على الفساد الإداري ومعالجته، وإيجاد الحلول المناسبة التي تفتح الطرق أمام القضايا التي يعاني منها الجيل، كتأخير الزواج بسبب غلاء المهور وحقوق المرأة وأسباب الطلاق والتعامل بالربا، إضافة إلى الأحكام العامة من المسائل الفقهية التي تُؤخذ جاهزة من الفقهاء الذين هم أيضاً أخذوا بالإبتعاد عن الحديث الذي يربط الإنسان بيوم القيامة، أو مايعبر عنه في متفرقات القرآن الكريم باليوم الآخر، أو بعض الإطلاقات الأخرى المختلفة، والتي يشير كل منها إلى مرحلة من مراحل ذلك اليوم الطويل والعسير بنفس الوقت.

إلا أن هذا التفكير يعد من السذاجة التي تجعل الإنسان يتناسى المهمة التي خلق من أجلها، حيث أن حضور هذا اليوم وملازمته له في جميع مراحل حياته وتصرفاته يعتبر الضابط الرئيسي الذي تبنى عليه إستقامة الإنسان وحفاظه على أهله وذويه كما قال تعالى: (يا أيها الذين آمنوا قوا أنفسكم وأهليكم ناراً وقودها الناس والحجارة عليها ملائكة غلاظ شداد لايعصون الله ما أمرهم ويفعلون ما يأمرون) التحريم 6.

أما في حالة عدم الإيمان بهذا اليوم فإن الأهداف الأخرى التي كتب فيها الكتاب وألف فيها المؤلفون تبقى كالجسد الذي لارأس له، فعدم الإيمان باليوم الآخر يجعل الإنسان يعيش في الطور الذي أطلق عليه الحق تبارك وتعالى [أسفل سافلين] حتى يصبح يعد الأيام عداً تنازلياً وإن كان لايشعر بذلك لأن التفكير الذي يسيطر على سلوكه يضطره إلى الإيمان الطردي بين الحياة ونهاية الجسد المادي، الذي يعتقد بزواله دون رجعة ودون حساب.

وإذا ساد هذا الإعتقاد فما الذي يمنع الناس عن السير في السبل المتفرقة التي لاتلتقي في صراط رب العالمين، وإذا ماسار الإنسان في تلك السبل فلابد أن تفتح له كل الإتجاهات التي تدعوه إلى الفاحشة والجريمة وعمل الكبائر وتغيير خلق الله تعالى إلى مايناسب الحياة المؤقتة التي إرتضاها الناس الذين جل همهم الدنيا الفانية.

فإن قيل: وماذا عن الناس الذين يمتنعون عن إرتكاب الفواحش والكبائر رغم أنهم لايؤمنون بيوم القيامة؟ أقول: هذا هو الأصل الذي فطر عليه الإنسان والذي أقرته جميع الشرائع وجعلت له ضوابط إلا أن إنحلال تلك الضوابط يُفقد الإنسان إلتزامه بالمسؤولية التي يجب أن يكون عليها، أما في حالة وجود الرادع الذي يشعر الإنسان بملازمته له في كل لحظة وتصرف يقوم به، فإن هذا الشعور يقطع جميع السبل التي تؤدي إلى إنحراف الإنسان.

فإذا علم الإنسان من أن مصيره يكون إلى يوم القيامة وسيثاب على أعماله الحسنة ويعاقب على التجاوزات ومخالفة شرع الله تعالى، فهنا يحصل على المنظم الفاعل الذي يجعل حياته تسير في الإتجاه الصحيح الذي شرعه الله تعالى، والذي من خلاله يحصل على السعادة الدائمة.

والمثير للغرابة أن الإنسان الذي لايؤمن بالله تعالى كيف يطمئن إلى حياة تعد بالأيام أو قياس وجودها إلى العدم يعتبر بمثابة القطرة في البحر بل أنه قياس مع الفارق. فإن لم يكن هناك يوماً ينتصر فيه الله تعالى للمظلوم من الظالم ويؤتى كل ذي حق حقه، فما الفائدة من هذه الأيام المعدودة التي سوف يزول نعيمها شاء الإنسان أم أبى.

فالإيمان باليوم الآخر يعتبر من أهم أصول الدين التي في حالة عدم الإيمان بها يصبح المؤمن والكافر سواء، وقد صور لنا القرآن الكريم هذا اليوم في أروع صوره التي تُحدث الإنقلاب النهائي المسبب لزوال الدنيا وتبديل أرضها بأرض أخرى كما قال جل شأنه: (يوم تبدل الأرض غير الأرض والسموات وبرزوا لله الواحد القهار) إبراهيم 48. ثم أخذ بتصوير إنشقاق السماء، وتكوير الشمس، ثم تطرق إلى إنكدار النجوم وتسيير الجبال، إضافة إلى تعطيل العشار وحشر الوحوش وتسجير البحار، ثم تأتي مرحلة نسف الجبال كما وصفها القرآن الكريم في أروع وصف في قوله تعالى: (ويسألونك عن الجبال فقل ينسفها ربي نسفاً***فيذرها قاعاً صفصفاً***لاترى فيها عوجاً ولا أمتاً) طه 105-107.

وهنالك الكثير من المراحل التي تطرق لها القرآن الكريم والتي لايمكن حصرها في مقال واحد والتي تبدأ بالزلزلة العظيمة التي قال فيها تعالى: (يا أيها الناس إتقوا ربكم إن زلزلة الساعة شيء عظيم***يوم ترونها تذهل كل مرضعة عما أرضعت وتضع كل ذات حمل حملها وترى الناس سكارى وماهم بسكارى ولكن عذاب الله شديد) الحج 1-2.

فإن قيل: كيف الجمع يوم القيامة بين قوله تعالى: (وقفوهم إنهم مسئولون) الصافات 24. وقوله: (فيومئذ لايسأل عن ذنبه إنس ولاجان) الرحمن 39. أقول: إن يوم القيامة يوم طويل وفيه الكثير من المراحل التي يترقى فيها الناس من الأسهل إلى الأصعب، فأول تلك المراحل هي مرحلة الجدال، أي أن الله تعالى يأذن للناس بأن يجادلوا عن أنفسهم كما في قوله: (يوم تأتي كل نفس تجادل عن نفسها وتوفى كل نفس ماعملت وهم لايظلمون) النحل 111.

ثم تأتي مرحلة السؤال، حيث يُسأل الإنسان عن جميع أعماله حتى تلك الأعمال التي يظن أن ليس لها وزناً أوقيمة ولذلك يقول تعالى عن هذا الموقف: (ووضع الكتاب فترى المجرمين مشفقين مما فيه ويقولون ياويلتنا مال هذا الكتاب لايغادر صغيرة ولاكبيرة إلا أحصاها ووجدوا ماعملوا حاضراً ولايظلم ربك أحداً) الكهف 49.

ثم تأتي المرحلة التي تتوقف فيها الأسئلة المباشرة وعندها يُؤذن لأعضاء البدن بالنطق لتكون شاهدة على الإنسان الذي تمتع بها في أيام حياته الدنيا، كما في قوله تعالى: (اليوم نختم على أفواههم وتكلمنا أيديهم وتشهد أرجلهم بما كانوا يكسبون) يس 65.

وعند حشر أعداء الله إلى النار يشهد عليهم سمعهم وأبصارهم وجلودهم بما كانوا يعملون، وفي هذا الموقف العسير يسأل أعداء الله جلودهم عن السبب الذي جعلها تشهد عليهم، فلا تجيبهم عن سؤالهم بل يكون جوابها كما في قوله تعالى: (وقالوا لجلودهم لم شهدتم علينا قالوا أنطقنا الله الذي أنطق كل شيء وهو خلقكم أول مرة وإليه ترجعون) فصلت 21.

فإن قيل: لم ذكر تعالى شهادة بعض الحواس دون البعض الآخر؟ أقول: قال الفخر الرازي: إن الحواس خمسة السمع والبصر والشم والذوق واللمس، ولا شك أن آلة اللمس هي الجلد، فالله تعالى ذكر ههنا من الحواس وهي السمع والبصر واللمس، وأهمل ذكر نوعين وهما الذوق والشم، لأن الذوق داخل في اللمس من بعض الوجوه، لأن إدراك الذوق إنما يتأتى بأن تصير جلدة اللسان والحنك مماسة لجرم الطعام، فكان هذا داخلاً فيه، فبقي حس الشم وهو حس ضعيف في الإنسان، وليس لله فيه تكليف ولا أمر ولا نهي.

إذا عرفت هذا فنقول قال ابن عباس المراد من شهادة الجلود شهادة الفروج، قال وهذا من باب الكنايات كما في قوله تعالى: (ولكن لا تواعدوهن سراً) البقرة 235. وأراد النكاح، وقال: (أو جاء أحد منكم من الغائط) النساء 43. والمراد قضاء الحاجة. إنتهى. أقول: ماذكره الفخر الرازي عن طريق ابن عباس يعتبر من الصغرى.

عبدالله بدر إسكندر المالكي
Abdullahaz2000@yahoo.com

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
يوم القيامة
الدكتورجمال البدري -

حسنا فعل السيد عبد الله المالكي بربطه بين دلالات تفسيريوم القيامة بالحياة الإجتماعية هذه القضية العقدية الكبرى ( الغيب ) وكيفية تحويلها إلى عالم ( الشهادة )إجتماعيا للفرد والجماعة...وهذا يدعونا للدعوة الصادقة لوجود تفسيرجديد ومعاصرللقرآن الكريم جريء مؤمن لكنه موضوعي فيصل في البيان والإستنباط برؤية حضارية مؤمنةفالتفاسيرالقديمة تتناسب مع عهودها العتيقة ما عدا ما جاء فيها بشأن العقيدة وصادق الحديث الشريف وبعض القضايا اللغوية التي لم توظف لخدمة النص بقدرما هي عرض جاف عام..وأدعو شركة إيلاف للنشرللقيام بمسابقة كبرى لتأليف تفسيرقرآني جديدمتحضرمؤمن وتخصيص جوائزمجزية لهذا العمل الشريفيجمع بين الأصالة والمعاصرة والمستقبل وطباعته بدلا من الجوائزالتي تدفع على قصص للأطفال واعمال فنية هامشية أو لأغاني سمجة والتي تقوم بها جهات عديدة اليوم في عالمنا العربي فتدفع الملايين لقاء أسئلة لا تمس حتى واقعنا وكأن أحدهم فتح المشارق والمغارب مبددين أموال الأمة على التفاهات تحت غطاء التسلية.أدعو شركة إيلاف لتقوم بالمهمة النبيلة والستراتيجية بتفسير جديد وجريء للنص القرآني العظيم...فهو النص الوحيد الذي يستحق الإهتمام الكبير..ولو على مراحل ( أجزاء).

يوم القيامة
الدكتورجمال البدري -

حسنا فعل السيد عبد الله المالكي بربطه بين دلالات تفسيريوم القيامة بالحياة الإجتماعية هذه القضية العقدية الكبرى ( الغيب ) وكيفية تحويلها إلى عالم ( الشهادة )إجتماعيا للفرد والجماعة...وهذا يدعونا للدعوة الصادقة لوجود تفسيرجديد ومعاصرللقرآن الكريم جريء مؤمن لكنه موضوعي فيصل في البيان والإستنباط برؤية حضارية مؤمنةفالتفاسيرالقديمة تتناسب مع عهودها العتيقة ما عدا ما جاء فيها بشأن العقيدة وصادق الحديث الشريف وبعض القضايا اللغوية التي لم توظف لخدمة النص بقدرما هي عرض جاف عام..وأدعو شركة إيلاف للنشرللقيام بمسابقة كبرى لتأليف تفسيرقرآني جديدمتحضرمؤمن وتخصيص جوائزمجزية لهذا العمل الشريفيجمع بين الأصالة والمعاصرة والمستقبل وطباعته بدلا من الجوائزالتي تدفع على قصص للأطفال واعمال فنية هامشية أو لأغاني سمجة والتي تقوم بها جهات عديدة اليوم في عالمنا العربي فتدفع الملايين لقاء أسئلة لا تمس حتى واقعنا وكأن أحدهم فتح المشارق والمغارب مبددين أموال الأمة على التفاهات تحت غطاء التسلية.أدعو شركة إيلاف لتقوم بالمهمة النبيلة والستراتيجية بتفسير جديد وجريء للنص القرآني العظيم...فهو النص الوحيد الذي يستحق الإهتمام الكبير..ولو على مراحل ( أجزاء).

Resurrection & Life
Rose -

I am the resurrection and the life, whoever believes in me shall never die Jesus said...Actually, in the true christian faith, all mankind shall die, and that is called, natural death and the second death is the seperation eternally from God and this is waht Jesus meant in his address shall never die because every bliever shall be put right with God and be accepted thru the blood shed of Jesus that for the forgivness of sin and the believers shall be called the sons and daughter of the most high god

Resurrection & Life
Rose -

I am the resurrection and the life, whoever believes in me shall never die Jesus said...Actually, in the true christian faith, all mankind shall die, and that is called, natural death and the second death is the seperation eternally from God and this is waht Jesus meant in his address shall never die because every bliever shall be put right with God and be accepted thru the blood shed of Jesus that for the forgivness of sin and the believers shall be called the sons and daughter of the most high god

God loves us
George -

Gudgement has been in the mind of God for the Satan and his angels who rebelled against God and wanted to be like him. mankind i.e Adan and Eve diobeyed God thru the deciet of Satan, accordingly, God passed judgement with death as punishment. but the Lord in his love has sent his only son in flesh to die in place of Adan and Eve and their desendants to fulfill his just and mercy..as the bible says without bloodshed there is no forgivness and the lambs that were offered in the Old Teastment was the shadow of the Lord Jesus christ who is the lamb of God the book of St John says. ...God wants everybody to be saved, ...and now when Satan knew of the salvation that Jesus did wanted to hide it from as many people as he could to be his captive into eternal judgement and hells. the bible says: God loved the world that he sent his begotten son so that whoever believes in him shall not perish but have eternal life

God loves us
George -

Gudgement has been in the mind of God for the Satan and his angels who rebelled against God and wanted to be like him. mankind i.e Adan and Eve diobeyed God thru the deciet of Satan, accordingly, God passed judgement with death as punishment. but the Lord in his love has sent his only son in flesh to die in place of Adan and Eve and their desendants to fulfill his just and mercy..as the bible says without bloodshed there is no forgivness and the lambs that were offered in the Old Teastment was the shadow of the Lord Jesus christ who is the lamb of God the book of St John says. ...God wants everybody to be saved, ...and now when Satan knew of the salvation that Jesus did wanted to hide it from as many people as he could to be his captive into eternal judgement and hells. the bible says: God loved the world that he sent his begotten son so that whoever believes in him shall not perish but have eternal life

Passed to life
Rose -

Whoever beleives in me will not come to the Judgement , but has already passed from death to life Jesus said and St Paul said No judgement now for those who are in Jesus Christ who live not by the body but by the spirit. .....In fact those who are true belivers in jesus feel the kingdom of God has started here on earth and death is just a bridge that will transfer them to the presence of god when they are set free of this body to be with the Lord

Passed to life
Rose -

Whoever beleives in me will not come to the Judgement , but has already passed from death to life Jesus said and St Paul said No judgement now for those who are in Jesus Christ who live not by the body but by the spirit. .....In fact those who are true belivers in jesus feel the kingdom of God has started here on earth and death is just a bridge that will transfer them to the presence of god when they are set free of this body to be with the Lord