أصداء

انه العار المطلق

قراؤنا من مستخدمي تويتر
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك

ليلة 31.1.2008 عرضت قناة الجزيرة مشكورة! فيلم المخرجة السورية، هالا محمد، عن سجن تدمر، ورأيت ياسين الحاج صالح الباحث السوري، وفرج بيرقدار الشاعر السوري وغسان الجباعي مخرج مسرحي سوري، كل منهم يتحدث عن تجربته في سجن تدمر خاصة والسجن عامة، وأنا أشاهد الأصدقاء يتحدثون، شعرت بالخزي، و الإهانة المطلقة. بكيت وحيدا أمام الشاشة، كان البكاء مرا، أحسست بالخيبة الشاملة، كنت قبل البرنامج أقرأ مقالا فيه صورة علي العبد الله وأكرم البني وفداء حوراني، سيدة بقوة المعنى على هذا الصمت العربي، وعنوانا للوجه الحقيقي لسورية. سورية التي نريدها! ماذا يعني أن تحلل سياسات النظام؟ وماذا يعني أن تبقى ساعات يوميا تقرأ لتكتب مقالا عن المشكلة الطائفية في سورية، وماذا يعني الدعوة لعقد اجتماعي جديد في سورية أو أن تكتب من أجل قيام مصالحة وطنية؟ كلها أسئلة مرت أمامي، بشيء من الإحساس بالخواء والعبث، لدرجة تمنيت أن اعوي، كما كان يعوي أحد أصدقائي في السجن في لحظات كوابيسه، تذكرت لحظات اعتقالي الأولى عندما رميت في الشارع، ولم أعد أعرف كم أتلقى من قبضات ورفسات وركل، وشتائم لا حصر لها، وكأنهم يرسمون لوحة تشكيلية. أليس من العار ألا تجعلنا هذه السلطة ننسى: نريد النسيان، نريد تنظيف أرواحنا من كل ما علق بها على مدار عقود طوال مرت على سورية بين ملاحقات واعتقالات وحشية المبنى والمعنى، ولازالت مستمرة. لا تريدنا أن ننسى مطلقا، وهل يمكن للمرء أن يبقى مسيحا على طول الخط؟ هل يمكن للمرء أن يبقى طوال حياته يشتغل على ألا يدخل الحقد إلى روحه، لأنه يعمي البصر كما يقال في عاصمة الثقافة العربية. لا أعرف كنت أعتقد أن هنالك من يشعر بالخجل عندما ينظر إلى عيني فداء! هل هنالك من شعر بهذا الخجل؟ لا أعرف، ربما؟ وهل هنالك من شاهد قناة الجزيرة البارحة؟ إن دمشق الآن تستحق فعلا أن تكون عاصمة للثقافة العربية، وبلا منازع.


السجن مبنى والخوف معنى: لا يوجد مسافة بين المبنى والمعنى، قال غسان جباعي، بعد أن تشعر بالإهانة جراء الصفعة الأولى، لا شيء يبقى يستحق أن تخاف عليه، تخاف أن تخسره، ولكن ماذا تفعل عندما لا يتوقف الصفع والركل، والشتم على أمك وأختك وزوجتك، وحبيبتك؟ هل يمكننا إيجاد معنى آخر بعد الإهانة؟ لماذا نبحث أصلا عن مصطلح لتوصيف الحالة؟ هل يكفي أن نضيف كلمة مطلقة على هذه الإهانة حتى نستغرق المعنى؟ لا أظن، إن اللغة تتحول إلى ترهات، إلى إجراءات وقائية لكي لا يبقى المعنى حبيس الروح المهانة، وإلا سيقتلها، سيجعلها تأكل نفسها، أو تجتر الإهانة حتى تهضمها، وتتحول فيما بعد إلى متراس لمواجهة المشاريع الخارجية التي تحيط بسورية! أو إلى كتلة من النسيان المطلق لكي تستطيع إحداث التوازن النفسي مع ما تعرضت له من إهانة مطلقة.


بعد أن انتهى الفيلم المذكور، تساءلت هل يمكن تحويل السجن إلى أداة معرفية؟ أو هل يمكن للمختصين من علماء النفس، أن يحدثوا فرعا، يسمونه علم نفس السجن؟


كنت أكتب في السجن كثيرا، وأدون غالبا ما يجول في خاطري- المكسور!! على مبدأ أهل الشام- انكسر خاطره- وكنت أحاول أن أجد معنى ما تركه السجن في داخلي، وجدت نفسي بعد سنوات من هذا السجن، أكرر أنه يجب عليك ألا تسمح للحقد بأن يغزو روحك، وان تؤمن بالحرية للآخر قبل نفسك. رغم أن من يكون خاطره مكسورا في عرف أهل الشام، يصاب بالخجل والعتب على الآخر، ونحن على من نعتب بما مررنا به؟ كسر الخاطر في عاصمة الثقافة، هو أن يصاب المرء بالخيبة بعد الأمل، إي إذا كان يأمل من شخص أو من وطن أن يحقق له آماله، ولكنه يخيب له كل آماله، عندها يقول أهل الشام: انكسر خاطره. وبعد أن ينكسر خاطر المرء، مطلوب منه أن يصلحه، ويصلح ما انكسر! فكيف يصلح ما انكسر، وهو لازال في السجن! ولازال يتعرض للانكسار بشكل لحظي؟ سنبقى نجدد أرواحنا من لوثات السجون، والتعذيب والإهانات، حتى نقترب قليلا من الإحساس بالنبالة! والنبالة توق لا يتحقق، ولكنه جدير دوما بالمحاولة للرد على هذا الإصرار اليومي، على جعل الثقافة: منبرا للضحالة المطلقة. وإلا لماذا يسجن في دمشق عاصمة الثقافة العربية ميشيل كيلو، وعارف دليلة وأكرم وفايز وعلي ومحمود عيسى؟

غسان المفلح

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
سوريا بلا عار
محمد تالاتي -

لايمكن لسلطة العار الوراثية في دمشق ، عاصمة العبودية والسجن الكبير، ان تستمر دون عارها.السلطة التي تصنع الحقد والكراهية والعبودية والفساد والقتل .السلطة الوحشية التي تبني الزنازين واقبية العذاب بدلا من المدارس والحدائق والمصانع، التي تتنازل عن الوطن بدلا من حمايته والدفاع عنه واستعادته،السلطة الاجرامية التي دعت فيروز للغناء في سجنها ومدت تحت قدميها بساطها الاحمر من دم احرارسوريا وتصفق لها بيديها الملطختين بدم الشعب السوري.شتم الام والاخت والزوجة والاغتصاب والركل والصفع والصراخ الادمي المعتقل المذبوح يغطيه الان تصفيق الجمهور لفيروز كي تكتمل لوحة العذاب السوري.ولكن العذاب يصبح دربا للخلاص والسجن مدرسة للمقاومة البطلة من اجل الحرية والكرامة والسلام،من اجل سوريا بلا سلطة وحشية وبلا عار وبلا عاصمة ثقافة كاذبة.

العار
monsef -

لد أذرفت دمعا ودما دمشق عاصمة الثقافة وتدمر التاريخ

وطن المخافر والمعتقل
صابر -

قانون التناقض هو الأســاس ، من طوروس إلى الأهراس ، ومن باب المندب إلى قمّــة فاس ! يتحدثون عن التقدم والإشــتراكية ، ويَســيرون على طريق الرأسمالية . في النظرية مع الوحــدة والحرية ، وفي الممارَسَــة مع التقوقع والديكتاتورية ، والأحكام العرفيّــة . السجن لمن يرتكب الصغيرة ، والوزارة لمُرتكــب الكبيرة . وبحجــة تحرير فلســطين ، أصبحوا من أصحاب الملايين ، ولا تنسَ ما على صدورهم من نياشين . المواطن على خطأ والقائد على صــواب ، وإلى ربــك يومئذ الرجعى والمآب .

مكسور خاطره
علي -

لا تنس أن لدينا خطابات الرفيق القائـــد، ومبادىء الحزب الرائد، والزعيم الأوحد الواحد . مع فاصل من كلام أمير المؤمنين، واســتفتاءات التســعة والتســعين، وأحاديث شيوخ النفط الخليجيين . فهل تغبطنا على هذا العذاب الشديد ، الذي ما عليه من مزيد، يذوقه كل شـــيطان مريد ؟

عقــدة الإقتنــاع
آمال -

عقــدة الإقتنــاع إرث تاريخي منذ بويع يزيد ، فمن بايع فله المجد التليد ، ومن عصى فهو شيطان مريد. ألم يكن شاعر ســوريــة الأكبر بدوي الجبل على حق حين قال : كافــــورُ قَـــدْ جُـــنّ الزمــــانُ وإليــكَ آلَ الصّــــولجـــــانُ كافـــورُ طاغيَـــــــــة ، وفي بعـــض المشـــــــاهـد بهـــلــوانُ هتفــــوا ، فبيــن شِــــفاههم وقلوبِهــــم ، حــــربٌ عــــــــوانُ والظـــــلْمُ من طـــبعِ الجبـــان ، فـكـــلّ طاغيـــــة جبـــــــــانُ

السجن
ameer -

في معظم الدول الاوروبيه الغربية (ليس في امريكا) لا يحق التعذيب في السجون و لكل سجين او سجينين غرفته الخاصة مع المرافق لصحية و التلفزيون بقنوات عديدة و ليس فقط في سوريا و لكن في البلدان العربية الاخرى حالة السجناء يرثى لها و اتعس من الحيوانات

تواصل تاريخي
حمد -

منذ ان ابتلى العالم بارهابيي عام الفيل قبل 1400سنة والارهاب والقتل الذ يمارسونه تثير الكراهية والاشمئزاز وما التعذيب في السجون إلا احدى إختراعاتهم القذرة

دموع التماسيح
مغترب -

كل ماشاهدناه في فلم المخرجه السوريه من معانات السجناء السورين في سجن تدمر ليس لدينا اعتراض عليه.لاكن لماذا لم تعرض لنا قناة الجزيره(اللهلوبه)على راي الكاتب الرائع سامي البحيري افلام عن السجون السعوديه او المصريه اواليبيه او سجون باقي دول النطقه وما اكثرها ومن ظمنها السجون القطريه طبعا.او سجون النظام المقبور(صدام)لعنه الله على سبيل المثال وما جرى فيه على ايدي جلاوزته قبل سقوطه من جرائم بشعه ورهيبه بحق ابناء الشعب العراقي. ام فقط النظام الحاكم في سوريا نظام دكتاتوري وارهابي علما ان جرائم النظام العفلقي (المقبور) فاقت جميع جرائم الانظمه في المنطقه .وياترى عندماعرضة اكثر من قناةارضيه وفضائيه جرائم النظام العفلقي بالصوره والصوت ومنها قناة العربيه بكى السيد الكاتب وولول وشعر بالخجل ام قال هذا كذب وهو جزء من مسلسل مبرمج الهدف منه تشويه سمعة الخليفه الخامس والقائد الضروره وفارس الامه العربيه وزعيم الدمقراطيه(صدام) ولايوجد اي شي من هذا في سجون النظام المقبور؟.فيا سيدي الكاتب لاتبكي كثيرأ و رفقأ بعينك ودموعك. فاالحال من بعضه في كل الدول العربيه.