أصداء

إصلاح المعارضة السورية

قراؤنا من مستخدمي تويتر
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك


المعارضة أولاً، هي في صلب أي نظام منه وإليه وهي بمثابة قرون استشعاره وعينيه. والمفهوم الشائع والسلبي عن المعارضة هو نتاج الموروث الاستبدادي في المنطقة الذي ربطها تاريخياً، بالكفر والزندقة والإلحاد، والخروج عن الطاعة ومفارقة الجماعة، التي لا تعترف بأي نوع من الرأي الآخر، والفعل المعارض باعتباره خروجاً منكراً على ولي الأمر، وما أدراكم ما ولي الأمر. والمعارضة من ضرورات أي نظام يريد البقاء، ولكن أين هي هذه المعارضة المثالية والنزيهة المترفعة عن المكاسب وحسابات الربح السياسية الرخيصة والارتباطات الخارجية، في واقعنا اليوم؟

الإصلاح والتغيير هو مطلب شعبي سوري، ويخرج في أحايين كثيرة من قنوات رسمية، ويلامس هموم ومشاعر طبقات واسعة وعريضة من السوريين، ويمثل سبباّ لديمومة لدى أي نظام يريد البقاء، وليس اختراعاً وهبة من هذا أو ذاك. المراوحة في المكان، وعدم التجديد، والتحجر، والتشبث الدوغمائي بالأفكار هو المقدمات الأولية للتكلس والفناء والزوال. والإصلاح والتغيير هو في نفس الوقت، من أهم العناوين واليافطات، التي ترفعها المعارضة السورية، وهذا من حقها، وتعتبره من المطالب الأولى في عملها و"نضالها". وفي الحقيقة هناك خطأ شكلي وتنظيمي عند تناول المعارضة السورية باعتبارها كلاً وكتلة سياسية واحدة ومتجانسة، إذ لا يمكن النظر إليها إلا من زاوية كونها معارضات تتعارض هي الأخرى فيما بينها وتتصارع وتتهاتر وتتناطح وتتناحر. وما من فعل ونشاط لهذه المعارضة إلا وتعقبه حركات معارضة، ليس من النظام وتوابعه، كلا وحاشا، بل من المعارضة ومعارضيها بالذات. وكلنا يذكر ويعلم كيف انتهت جبهة الخلاص الوطني إلى سلسلة من الاعتذارات والانسحابات والمشاحنات والاتهامات المتبادلة فيما بينها وتشخصنت بشخص السيد خدام. ناهيك عن تشرذم الأحزاب المعارضة الرئيسية الأخرى كجماعة الإخوان المسلمين، التي انبثقت عنها حركة سورية للعدالة والبناء والتنمية، إن لم تخني الذاكرة وعلى ما أعتقد، والتي سرعان ما انشطرت هي الأخرى إلى "حريكات" أقل صغراً وشأنا، وفصلت "زعماءها" وقادتها السابقين، ورفعت في وجوههم المصاحف والسيوف والرماح. ولن نتحدث هنا عن الأحزاب الشيوعية المتناسلة التي لم يعد بالإمكان البتة، إحصاؤها، أو تتبع انشقاقاتها، وحفظ أسمائها الجديدة والقديمة وأسماء رفاقها وأمنائها العامين، وبلاشفتها الثوريين، وماركسييها اللينينيين وبروليتارييها الغاضبين. وثالثة الأثافي، وأم العجائب، والطامة الكبرى نتلمسها في الأحزاب القوموية ذات التوجه العروبي والناصري التي انشطرت، وبدون أية مبالغة، إلى عشرات الأحزاب، لا يتجاوز عدد أعضائها، عدد أصابع اليد الواحدة أحياناً. هذه الأحزاب مفتونة باسم عبد الناصر إلى حد الوله، وتعيش على إرثه السلطوي الذي أجد صعوبة بالغة في تحديده وإيجاد أية إنجازات ملموسة له. وتحاول أن تعيد أمجاد "الزعيم الخالد"، الذي يقف وراء معظم هذا البؤس والاستبداد الشرق أوسطي المقيم، ويمثل مرحلة صعود واستشراء العسكريتاريا بشكلها الفج القبيح خير تمثيل، واستباحة خصوصيات وحريات الناس. وأخيراً فالمآل الكارثي المحزن الذي آل إليه إعلان دمشق، ما هو إلا حلقة في هذه السلسلة الطويلة من الانهيارات والتداعيات، والتي يبدو أنها لن تنتهي، ولن ترسو على بر.

هذا من جهة ومن جهة أخرى، أصبحت هذه المعارضة تضم فيمن تضم، لمامات إيديولوجية متنافرة ومتشتتة ومهزومة تاريخياً، ومافيات النهب والفساد ذات الشهرة العالمية والتي مصت دماء الشعب السوري، وعصبويات وسقط متاع وشتات وشراذم من المهربين والتجار والسماسرة والتائهين إيديولوجيا، والفارين من الخدمة العسكرية، والملاحقين قانونياً بتهم شتى، كالقتل والسطو وسرقة المال العام، والنصب والاحتيال، وسفاح المحارم للبعض والعياذ بالله، ولن نذكر أسماء، ووقائع، تتوفر لدينا لكي لا تتشخصن القضية وتبدو كيدية. والأحلى والأجمل من كل هذا هو طبقة "العرضحالجية" الصاعدة حديثاً، أي كتاب العرائض ( المسماة مقالات وتعج بالسباب وبالأخطاء الإملائية والنحوية الفاضحة بكل ما في الكلمة من معنى ولا يقع فيها تلاميذ الصف الأول الابتدائي في سورية والتي يدعو هؤلاء لإصلاح التعليم فيها مثلاً)، وصعاليك الإنترنت ومواخير أوروبا، ولكل حساباته ومنطلقاته وأحلامه التي لا يجمع بينها أي جامع ما. وحين يدعو أي فصيل منهم لما يسمى بـ" مؤتمرات" المعارضة السورية في الخارج ترى الخليط العجيب والهباب وتوجس كل فريق من الآخر، والأحابيل التي تدار في الخفاء للتأمر، والنميمة على هذا الفريق، أو الوشاية ضد هذا الشخص للإيقاع به، أو المساعي المحمومة وراء الكواليس لطمس، أواستبعاد ذاك. كما أن هناك محاولات حثيثة للاستئثار بالمعارضة السورية وسعي كل جهة لكي تنسبها لنفسها واحتكارها وتسجيلها كوكالة حصرية باسمها. وتراجعت بل كادت تختفي كل تلك الأصوات الشريفة، والشخصيات المرموقة، والأسماء المحترمة، وسط هذا الركام العجيب واللامتجانس من العصبويات والحزبويات والأفراد التي تفتقر لأدوات وآليات الممارسة الديمقراطية التي تدعو إليها. فكيف يستقيم أن يصبح "فاقد الشيء هو عاطيه"، لمجرد أن يدغدغ العواطف ويلعب على مفردات الفساد والاستبداد والتجاوزات وغلاء الأسعار مثلاً؟ هل تكفي هذه البهلوانيات الشكلية والفروسيات اللفظية للنهوض والقيام بعملية ديمقراطية كوصفة سحرية وحبة أسبرين يتناولها المرء فيتعافى فوراً من الصداع لعلاج أورام تاريخية في جسد هذه الأوطان المنهكة منذ الأزل؟

إن دعوات المعارضة لإصلاح النظام، وهي في هذا الوضع والحال والإشكاليات العدة التي تكتنفها، تبدو بعيدة المنال، وهي من قبيل الأطروحات الطوباوية التي لا تنسجم وواقع الحال، وينطبق عليها المثل الشائع "يداوي الناس وهو عليل". وعلى المعارضة السورية، وتوخياً للمصداقية والانطلاقات الصحيحة، الشروع أولاً في إصلاح ذاتها، والتخلص من عللها، وآفاتها وأمراضها المستعصية العضال، قبل أن تتبنى، وتدعو لإصلاح أي شيء آخر، وبما فيه، النظام.

نضال نعيسة

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
نضال طويطة
إبن دمشق -

انه حافظ الاسد ؟؟؟؟!!!!رحمك الله يا ابن الشام يا نزار قباني عندما قلتأيها الناس انا المسؤول عن احلامكم اذ تحلمون وانا المسؤول عن كل رغيف تأكلون وعن الشعر الذي – من خلف ظهري – تقرؤون فجهاز الأمن في قصري يوافيني بأخبار العصافير وأخبار السنابل ويوافيني بما يحدث في بطن الحوامل ايها الناس ان سجانكم وانا مسجونكم فلتعذروني ورجال السيرك يلتفون حولي واحد ينفخ نايا واحد يضرب طبلا واحد يمسح جوخا واحد يمسح نعلا منذ ان جئت الى السلطة طفلا انهم قد علموني ان ارى نفسي الها وارى الشعب من الشرفة رملا فاعذروني ان تحولت لهولاكو جديد انا لم اقتل لوجه الله يوما انما اقتلكم كي اتسلى

كلام صحيح
سوري -

كلام صحيح المعارضة السورية (او ما يسمى بالمعارضةالسورية) المواطن السوري ليس لديه اي ثقة بها وكما ذكر الكاتب انها خليط من مجموعة من اصحاب المصالح والمنافع الشخصية بالدرجة الاولى ولا يعملون ابدا لمصلحة سوريا وشعب سوريا . وانا كامواطن سوري لست منتمي لاي حزب سياسي وانا ارى ان هولاء الذين يسمون انفسهم معارضة لا يمثلون الشعب السوري وانما يمثلون مصالحم الشخصية بالدرجة الأولى.

المعارضة الحقيقة
زهير الشامي -

المعارضة الوحيدة الصادقة هي التجمع القومي الموحد برئاسة الدكتور رفعت الأسد ومن يريد التغيير عليه ان ينضم لهذا التجمع.

كلام صحيح
ما غيرو -

كل الكلام مزبوط، وخصوصا الكلام ان الطبقة الحاكمة تلامس هموم الطبقات الشعبية، كلام دقيق، الم تروا كيف يتم توزيع عائدات الخليوي من المال الخاص لرامي مخلوف على كل فقير ومحتاج في سوريا، طبعا لن نتكلم عن تنكلت الزيت وحصص المونة التي تصلنا، ولا عن المحروقات التي توزع مجانا أيضا، كفا سخرية من عقول الناس، الناس جائعة ولا تريد سوى الرغيف، وأرباب النظام يلعبون بالمليارات.

في السجون
عبد القادر جواد -

المعارضة السورية تقبع في السجون ومن هم في الخارج فهم معارضات اسمية فقط سواء كانوا في واشنطن او لندن او اسبانيا. المعارضة الوطنية تقبع داخل السجون وتتعرض للتعذيب والاهانات.

يخطئ في العنون
برجس شويش -

ان الكاتب نضال نعيسة يدافع عن النظام الشمولي العائلي الطائفي العنصري في سوريا ولا يهمه ابدا اي شيئ اخر خارج هذا النطاق، فالعنوان بالاساس خاطئ كيف يمكن ان ندعو لاصلاح المعارضة التي لا تدير لا من بعيد ولا من قريب دولة سوريا التي هي كلها في يد النظام الحالي فالاصح يا نعيسة ان تكتب العنوان التالي: تغير النظام السوري اي انه لا يوجد اي امل لاصلاح هذا النظام فلابد من تغيره او ان يكون العنوان على الشكل التالي: توحيد المعارضة من اجل اسقاط النظام

لماذ لا تقول الحقيقة
د محمود -

كناطق رسمي سابق باسم التجمع القومي الموحد من خلال المحطة المشهورة في لندن لماذا لم تقترح يا استاذ نضال على الحزب ورئاسته بالاصلاح والتغيير.

نفخ في ناي النظام
محمد تالاتي -

مرة اخرى يضرب الكاتب على طبل النظام الوراثي وينفخ في نايه لحن الولاء له ولايبدو انه سيتوقف عن عزفه قريبا. ويشن هجومه الشديد المكرر على المعارضة السورية ويتهمها بكل الجرائم التي يكاد يغرق فيها النظام القائم على القمع والبطش والارهاب(والكاتب يبدو احد ضحاياه) ونهب الاموال العامة والتنازل رسميا عن جزء من الوطن (لواء اسكندرونة) لتركيا.والمضحك انه يرى في الزعيم المصري عبدالناصر وحده، سبب الاستبداد والبؤس في المنطقة،ولا يجرؤ على القاء نظرة واحدة خاطفة على مافعله (الزعيم الخالد) حافظ الاسد بالسوريين ووطنهم الجميل الذي اصبح على يديه مزرعة خاصة وراثية لعائلته والمقربين منها ينهبونها ويعثيون فيها فسادا ودمارا ويرتكبون ابشع الجرائم ضد ابنائها الاحرارهنا.

ما هي العنصرية؟
إدريس الشافي -

في كل مقال منشور في إيلاف عن سوريا نجد أسفل المقال تعليقيين للكرديين تالاتي وشويش. كان بودنا الترحيب بتعليق كل منهما لو أن هذين التعليقيين ينحصران في نطاق النقد الموضوعي الهادف إلى فضح القمع والفساد والدعوة إلى دمقرطة المجتمع السوري وتحديثه. غير أن تالاتي وشويش يحثان صراحة على تدخل القوى الدولية، أي أمريكا في الشأن السوري وقلب النظام حتى وإن أدى الأمر إلى تدمير الدولة وقتل وتهجير الملايين السوريين وتفتيت النسيج الاجتماعي للبلد لكي ينشئ أكراد سوريا دولتهم كما فعل أكراد العراق.. الطريف هو أن تالاتي وشويش يرفضان توجيه مجرد نقد بسيط لنظام العشيرتين الفاسد والقائم في الشمال العراقي، ويطالبان بالتوقف عن ذلك حتى لو صدر هذا النقد من كوردي مثلهما.. إذا لم تكن هذه عنصرية فرجاء عرفونا ماهي العنصرية.

السيد شافي
خالد الكردي -

الى السيد شافي الم تقتنع بعد ان ما حدث في العراق هو تحرير ا ما الارهاب الحاصل في العراق السبب يعود الى تدخل النظامين المجرمين السوري والايراني اما العنصريه الحقيقيه ان تستكثر على اكثر من خمسون مليون كردي دوله بينما هناك دول عربيه اصغر من كردستان سوريا بعشر مرات

نعيسة الحالم
أبو جاد -

يحلم الكاتب نضال نعيسة أسبوعياً عبر مقالاته بالتغيير في الشقيقة سوريا وينسى أو يتناسى نعسة أن سوريا أقوى من هذه المعارضة التي باتت في حيرة من أملها نظراً لقوة النظام الحاكم في دمشق والذي يقرأ الأحداث جيداً فيما ما يسمى بالمعاضة تتوه في بحر من الرمال المتحركة ولا تعرف أين المصير

نعيسه
ريم -

أنا أول مره بعرف انه نضال نعيسه من زلم رفعت الأسد

بصراحة
ابو عبدو الحمصي -

جماعة الدولة افسد بمليون مرة من اي واحد والنهب اللي عم يصير مرعب ولو كان الحكم بسوريا بيهمو الشعب كان عمل اصلاحات بس ما رح يعملو ..بس بتعرف في شغلة وحدة بتزعجي بردود القراء عليك هون هية الطائفية.الشاطر بدو يحكي عن الطايفة العلوية لانو بلدنا للاسف طائفي. هي الشغلة بتخليني قول لحالي لسا بكير عالحرية لانو ما بدنا طائفية وما بدنا نرجع لايام ما كان العلوي يندبح على ايد السنة و"يشرّق" على ضيعتو وما يسترجي ينام ببلد السني بس كمان ما بدنا نضطهد العالم لمجرد انو قالو رايون. ما حدا عم يطلب من بشار الاسد يدير ضهرو ويمشي وبكير عالحرية بس مو بكير عالاصلاح. بس بدن الناس شوية اصلاح حقيقي يوصل لمراكز الفساد الحقيقية وحتا هالشي ما عم تعملو الدولة ولما بيجي حدا بينتقدن بيحبسوه لانو ما بيقدرو يردو عليه.نصيحة نضال اذا بدك الناس تسمعلك احكي بموضوعية وواقعية وبلا ما تكتب بمكتب المخابرات وامن الدولة

نضال ومناضل
رافد جزراوي -

أوافقك على كل ما قلت ولكن كيف تريد الاصلاح الذاتي اذا ما كانت النشأ ( مولود أعوج),واجهات المعارضة كانت الخارجية أو بالداخل مختلفة باختلافاتها الشخصية, وعدم تنسيقها للعمل المعارضي يأتي من تسابق واجهاتها على الظهور بالصفوف ألاولى فقط,وأغلبهم منغمسون بالتحفظات الشخصية ويجابهون بعضهم البعض بتهم الخيانة والعمالة وجمع ألأموال من وراء العمل المعارض.والفئة الثانية البعض منها ناتج عن الثأر الشخصي أو القبلي لبعض المعارضات الشرقية والشمالية, وأخرى تركب قطار المعارضة من أجل ألأستيلاء على السلطة لخدمة ادوليجية دينية تريد اعادةالتاريخ المتغبر الذي لم ولن يجلب الحداثة للوطن السوري, وبين كل هذة التناقضات يبقى الوطن مترنح على هاوية حافة التاريخ.