أصداء

الزعيم الاوحد..عود على بدء

قراؤنا من مستخدمي تويتر
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك

ابتداء أحب ان اشكر السادة الذين اسهموا بتطعيم مقالتي السابقة التي تناولت شيئا من تأريخنا المعاصر الذي تلمسناه بأيدينا وعانينا بأنفسنا من تبعاته يآماله وآلامه.. وأشباعا للموضوع نعود لبيان ما لزم بيانه مع السادة القراء المهتمين به.. ولكن قبل ذلك أحب أن اكرر ما ابتدأت به سابقا وهو لزوم التجرد وعدم الانحياز والحيادية والبحث الصرف عن الحقيقة لا غير عند الكتابة وابداء الرأي..ولا أخفي أن لي توجهاتي وميولي الشخصية التي احتفظ بها لنفسي فقد اكون متعاطف مع عبد الكريم قاسم وبالضد من عبد السلام عارف وقد لا أكون راضيا عن النظام الملكي ولكن عند دراسة هذه الانظمة بتجرد دون انحياز اّلا لمصلحة الوطن قد نصل الى نتائج اخرى قد لا تلائم هواي..الكثير من مصائبنا تأتي من الاحكام المسبقة وعدم السماح بنقد جهات أو افكار معينه وكأنها مقدسات وكل ما أتت به وفعلته وأنتحته هو عين الحق والصواب ومن ينقدها فكأنما هدم ركنا من اركان الكعبة!! لا تستقيم الحياة الطبيعية مع هكذا توجه لأنقطاع التواصل وسبل الحوار وبالتالي توقف عملية الاصلاح والتطور وفساد مفردات الحياة كما يلزم ان نعترف انه لا يوجد نظام مثالي كله ايجابيات ولا آخر كله سلبيات ومن هنا يأتي دور الفرد لأن يكون فاعلا في مجتمعه من أجل دعم الايجابيات ومحاربة السلبيات متى وأين وُجدتا.وأذا كان الله بعزّه وجلاله حاور ابليس شيطان الانس والجن وأبليس يرد على جلاله بتلك العنجهية والتمرد ومع ذلك يستجيب له الرب فيعطيه ما طلب وهو الانتظار الى يوم البعث فهل من معتبر؟؟


كان الناس يعزفون عن السياسة في العهد الملكي ولكن بمزاجهم وليس مكرهين مرعوبين كما في العهد البعثي ولم يعهد المواطن الطلعات البهية للحكام ليل نهار على شاشات التلفاز أو الاذاعة فانا لا أذكر من خطابات الملك أو الوصي ألاّ النز اليسير كما لا أذكر خطابا لنوري السعيد ألاّ مرّة أو مرتين ولو تحدّثوا فهو لمناسبة هامة تهم الوطن وليس خالي على بطال أو كنوع من أرعاب المواطن البسيط كما كان في العهد الصدامي أو للتسويق والدعاية كما كان على عهد الزعيم الاوحد !!


كانت أيام الزعيم حافلة بالنكات كيومنا هذا ومن طرائف العراقيين أيام الزعيم "كانوا جماعة في تشييع جنازة فهمس احدهم للذي بجانبه بان المتوفي سعيد ألآن لأنه خلص من أقوال الزعيم!!" ولعلم السادة القرّاء الشباب الذين فاتتهم تلك المرحلة أن الاعلام العراقي يومذاك كان يذيع بين كل فقرتين من برامج الاذاعةاو التلفزيون وهي عادة في تمجيد الزعيم الاوحد مقطعا من " اقوال الزعيم " بالصوت او بالصوت والصورة لدرجة ان الناس بدأت تشمأز من الاذاعة والتلفزيون.. مسألة الوطنية والخيانة والعمالة كلها حسب تقديري مسائل نسبية بشكل عام ولا أظن بل لم اسمع احدا يصف عبدالكريم قاسم او عبد السلام عارف او حتى صدام حسين بالعمالة بل كلهم اناس طائشون يحبون ذاتهم لدرجة الجنون بل لسحق الآخر أيا كان من أجل شخصه بل لمجرد الاعتراض على رأيه ولكن يلزم ان نعترف بأنهم لا يتحملون وحدهم أسباب وتبعات هذا النتاج المهين بحق شعب عريق وانما يتحمله الطرف الآخر فالراقصون على الحبال وهم كثيرون لدرجة التمويه بأنهم يمثلون غالبية الشعب - هم في الحقيقة وراء هذه الكوارث - ولغاية التاسع من نيسان 2003 من كان يصفق ويزعق بالحب والولاء وبالروح والدم نفديك يا قائد؟ أليس غالبيتهم من يتصدر للواجهة السياسية اليوم وينافس المعارضين الحقيقيين الذين عُذبوا وشُردوا ونٌهبت اموالهم وممتلكاتهم وسُحق العديد من افرادهم بآلة القمع الجماعي والعشوائي لا لشيء سوى عدم الرضوخ لأرادة القائد كما كان يريد!!


قد يكون العراقي ملحدا أو مسلما شيعيا كان ام سنيا اومسيحيا اويزيدا عربيا او كرديا اوتركمانيا كل هذا أمر طبيعي وأذا اردناه مجردا من مثل هكذا مواصفات فهذا يعني انه ملاك أو من خارج منظومة العراق.. أنا كمواطن عراقي لا يهمني من انتخبه نائبا او رئيسا او مسؤولا ان يكون ذا صبغة اوصفة مما ذكرنا بل الذي يهمني مهنيته واخلاصه لعموم الشعب والوطن وتهمني عدالته بشكل خاص وامكانياته ومؤهلاته وقدراته وأمانته لأن يكون كفوء لملىء ذلك الموقع والسبب ببساطة كما لخصهاغيري من ان ايمان الفرد وعبادته لله هي له وتخصه وحده بينه وبين ربه.. أما عدالته وحسن تصرفه وقدراته فهي لي وللمجتمع كله وهذا ما يهمني وأبني علاقتي معه على هذا الاساس!!


مصيبتنا اليوم هي وقوعنا فريسة تحت رحمة المتاجرين بالدين والمتسترين بستار المذهبية بعدما ذقنا الويلات في العقود السابقة من حبائل المتاجرين بالوطنية والقومية والعروبة وتحرير فلسطين من البحر الى النهرحتى كفر الناس بالوطنية وبالقومية وهجروا حتى أسم فلسطين!! نخشى ان يأتي يوم يبدو قريبا يكفر الناس بالدين وينفرون من كل من وضع العمامة يعرفونه او لا يعرفونه !! لقد تحمل الشعب العراقي أكثر مما يُتصور ولاشك ان احفادنا سيبكوننا عندما يقرأون تأريخنا وما حلّ بنا من خراب جراء ما جنته ايدينا من ظلم وجور بحق انفسنا قبل غيرنا وانعدام الرحمة من قلوبنا فندعوا ولا يُستجاب لنا وكأنما يقال لنا..ذوقوا مما جنته ايديكم!! ومن مفارقات عهد الديمقراطية عودة الالقاب التي ذهبت بذهاب العهد الملكي مثل فخامة رئيس الجمهورية ودولة رئيس الوزراء..ألخ مع أن مثل هذه الالقاب كانت تُحسب من مثالب النظام الملكي كما لا توجد دولة متحضرة اليوم تحترم الانسان تضفي على نفسها مثل هذه الالقاب!! في الوقت الذي تجري حشودنا التائهة وراء سراب بعض الدعوات الدينية التي تفرّخ كل يوم فروع لها وذيول الى ما لا نهاية والادهى ان من قادة هذه الحركات كالمتحدث بأسمها لم يلتقي زعيمها وليس بينهم أيّ تعارف أو حوار حتى لو من وراء حجاب !! في الوقت نفسه نواجه مهازل بعض قادتنا الجدد بعدما سحرهم الكرسي لم يعد يتقبلوا أي موقع آخر ممكن أن يخدم شعبه لو أراد.. فعلاوي يبذل المستحيل وبشتى الوسائل من أجل عودة ذلك الكرسي الساحر.. وبدلا من ان يعمل الجعفري على لم شمل المتفرقين من فرقائه ورفقائه نراه يسعى وبهمّة عالية لشق حزبه الذي كان يرأسه وتفريق جماعته التي اوصلته الى كرسي الرئاسة يوما وفشل في ادارتها حالما بحلاوة الرجوع اليه حتى ولو على انقاض حزبه ومستقبل جماعته..فأين الوطنية والامانه من كل هذا؟؟ من أهم آليات الديمقراطية المفقودة في العملية السياسية في عراق اليوم هي ديمقراطية الاحزاب نفسها.. فالاحزاب الحالية هي بين رئاسات عشائرية أوقومية وزعامات دينية ووجاهات طائفية أو مذهبية أومراكز قوى تملك المال والنفوذ وكلها تشترك كونها تجانب السياسة وخير دليل حين سُؤل بريمر عن أشهر شخصية في عراق اليوم أجاب بأنه يعمل ولائم عالية الجودة طيبة المذاق!! كل هذه الاحزاب تشكلت كقمم انحدرت متسلسلة نحو القواعد التي لا خيار ولا صوت لها بل كل ما مطلوب منها هو "نفذ ثم ناقش " على طريقة حزب البعث والحزب الشيوعي سابقا.. في رأيي المتواضع لا تسلم العملية السياسية في العراق اليوم ما لم تُبنى احزاب وطنية تبدأ من القواعد وتتصاعد نحو القمة حسب الاهلية والكفاءة اسوة بأحزاب العالم المتحضر لتكتسح كافة الهياكل الحالية التي تُسمى احزاب لأنتهاء صلاحيتها.


هنالك امور ومواقف عديدة يلزم تناولها ازاء حكومتنا الحالية ونظامنا الجديد ولكن ما يلح عليه ولا يحتمل التأخير أكثر مما هو عليه هو معضلة اهلنا اللاجئين داخل وخارج العراق الذين طال انتظارهم وهم بعيدون عن اوطانهم ومساكنهم.. كيف تغمض لمسؤول عين داخل فراشه الوثير وينعم بالدفىء شتاء وبالتكييف صيفا وهو يعلم ان من اهلنا من يفترش الارض ويلتحف السماء وليس لديه ما يقيه برد الشتاء ولا يحميه من حرارة الصيف بل تركتهم حكومتهم تحت رحمة صدقات الاغراب واستغلالهم وجشعهم !! كيف لأب أو رب أسرة أو مسؤول أن يهدأ له بال وهو يعلم ان من اهله من لا عهد له برغيف يسد به رمقه او مريض ينهش بدنه المرض ولا علاج اوطفل محروم من رضعة او مقعد في مدرسة كأي طفل في العالم فهل نسوا مسؤولينا اليوم ما عانوه بالامس من تشرد وضياع..
وهنا لابدّ من تذكّر عبد الكريم قاسم حين شاهد صرائف خلف السدّة عام 59 فأمر بأنشاء مدينة الثورة لأنقاذ أهله ومواطنيه من ذلك الضياع والحرمان.. فذكّر أن نفعت الذكرى.

حكمت النعمة

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
مأساة العراق 14 قرن
كركوك أوغلوا -

فالنفق بدأ يشتد ظلمة !! فلا أمل لنور في نهايته ,فمثلا تركيا العلمانية منذ حوالي قرن تحولت من العلمانية الأتاتوركية, الى ماضيها العثماني المحجب , بينما العراق بتعدد مذاهبه وأديانه وأعراقه , كان ولا يزال وسيبقى الى يوم القيامة دستوره ينص على أن الشريعة هي المصدر الوحيد/الأساسي للتشريع ؟؟!!00

زعيم الفقراء
بغدادى حتى العظم -

كلما أوغل حكام العراق الجدد فى فسادهم الذى يزكم الأنوف والتشبث بالحكم من اجل المنافع الشخصية و تصفية خيرة أبناء العراق ذبحا و أغتيالا و تهجيرا ، ازداد احترام العراقيين الشرفاء للزعيم الشهيد عبد الكريم قاسم . لم يكن الزعيم معصوما من الأخطاء ، لكنه حاول انقاذ فقراء العراق من أوضاعهم المزرية . وهذا شرف لا يدانيه شرف . تحية عطرة الى روح الزعيم الطاهرة. زعيم و نصير فقراء العراق و رمز النزاهة و التسامح و الوطنية الحقة .

الخونة
روز -

عزيزي كاتب المقال تحياتي : أحب العراقيون الزعيم الشهيد عبد الكريم قاسم لأنه كان خادما ومخلصا لشعب والوطن , ولم يأتي مثله لا في العراق ولأفي الشرق الأوسط لان العراقي الوطني لا يخون شعبه ووطنه ويكون جزئا متفاعلا مع مأساة شعبه , و ألان نرى في ساحة السياسية العراقية, مثلا أعضاء البرلمان أكثرهم تجار السياسة من النظام السابق واليوم أيضا وهم أعضاء في البرلمان لا يفكرون بمأساة شعبهم إلا أنفسهم ( زيادة رواتبهم وتقاعدهم وسيارة همر المدرعة وأراضي وجواز السفر الدبلوماسي له وعائلته وشراء الاراضي في الخارج والحلة وووو)والوزراء كذلك , فأين تكمن الحل لإنقاذ الشعب والوطن من هؤلاء المرتزقة ؟؟؟؟؟ الجواب هنالك وطنيين مخلصين مبعدين عن الساحة السياسية أياديهم نظيفة وتاريخهم نظيف وأفكارهم وجيوبهم نظيفة

مسافر بلاحقيبة
عاى عجيل منهل -

لقد تحول المواطن فى ظل النظام الحالى الى مواطن بلا حقيبة والاسم مستعار من اسم رواية للكاتب الفرنسى جان انوى والوضع المزرى الحالى الذى يعيشه شعبنا المظلوم بلا كهرباء ولاماء صافى والمستشفيات تعانى من نقص خطير فى الادوية حسب قول وزيرالصحة وهناك حوالى 5مليون مواطن عراقى مهاجر فى دول الجوار يعانون الحرمان والذل والحقرة والمهانة ويعيشون ظروف صحية واقتصاية صعبة حيث تخلت عنهم الحكومة التى انتخبوها وتعالج الحكومة الاوضاع القائمة من خلال النسيان للاحداث الحاصلة وتجاهل الاحداث والالام التى اخذت تحيط بالناس من كل جانب وهذا النسيان متعمدولكن الاكثريةالصامتة تعرف انه فى ظل حكومة لايردعها وازع اخلاقى والناس تحاول بمرارة العيش بواقعها الحالي فما العمل لقد كتب المرحوم طالب شبيب فى مذكراته وهو زير خارجية 14 رمضان بان الزعيم عبد الكريم قاسم امتاز بالشجاعة والاقدام ونظافة اليد وهتف قبل اعدامه عاش الشعب العراق فالمقارنه مع النماذج الحاكمه فى بغداد امر عير صحيح ا

نوري وقاسم
ابن الرافدين -

تحية سيدي الكاتب, عادة ما نسمع عبارة العميل بعد اسم نوري والدكتاتور بعد اسم قاسم, يا حبذا لو ان الدهر اعطانا في كل قرن عميلا ودكتاتورا مثلهما!مات الاثنان ويا لسخرية الاقدار ولم يمتلك اي منهما قبراوالاول كان لديه بيت بناه بعد بيعه لدار والده والثاني اعطى اصغر الضباط بيتا وهو يعيش في بيت مستأجر , وبيته المفترض ان يستلمه من الجيش صودر بعد قتله! مشكلتنا اننا لانتعض من التأريخ . وشكرا لأسلوبك الرصين .

اليد النظيفة
السعدون -

عبد الكريم قاسم أنظف يد من حكام العراق , أصبح الفقير يملك بيتا في عهده و قتل وهو لا يملك سوى نصف دينار و جدوها في جيبه . ماذا تقول عن الذي كان معدما في بداية حياته السياسية و ترك وراءة عائلة من المليارديرات .رحم الله عبد الكريم قاسم أبو الفقراء بحق .