أصداء

تحالف الأصوليات

قراؤنا من مستخدمي تويتر
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك

لقد قرأنا في الفترة الأخيرة تصريحا لرئيس الكنسية الأنغليكانية مفاده أنه لا بأس من تبني بعض أحكام الشريعة الإسلامية في المنظومة القانونية البريطانية، لتطبيقها على المواطنين البريطانيين من أتباع العقيدة الإسلامية. وقد قامت ضجة كبرى بين مؤيد ومعارض لهذه التصريحات، لذلك رأيت باعتباري مواطنا أوروبيا مسلما أن أتناول هذا الموضوع الشائك، لمحاولة فهم هذا التصريح وما يستتبعه من نتائج، ولإلقاء الضوء على ما سوف يحدث في أوروبا إذا ما تبنت دولها مثل هذه الإجراءات التي يطالب بها رئيس الأساقفة في بريطانيا.

لا أعتقد أن هذه المطالبة بتبني بعض أحكام الشريعة الإسلامية في القوانين الأوروبية تشمل أحكام الشريعة فيما يتعلق بالقوانين الجزائية، أي تطبيق الحدود كقتل المرتد(أي المسلم الذي يغير دينه) وقطع يد السارق، أو تطبيق حد الحرابة (الإفساد في الأرض) بقطع اليد والرجل بخلاف، أو رجم الزاني حتى الموت، أو جلد شارب الخمر في محل عام مفتوح للجمهور، أو قتل المثليين برميهم من مكان عال، أو تنازل الدولة عن حقها في محاكمة المجرم القاتل لولي الدم (أقرباء المجني عليه).
ولكنني أتصور أن ما يقصده رئيس الأساقفة هو تطبيق أحكام الشريعة الإسلامية في ما يتعلق بالأحوال الشخصية. لذلك وجب علينا تصور هذه الأحكام مطبقة في المحاكم الأوروبية. أولا من الناحية الإجرائية، يجب أن تقوم محاكم إسلامية داخل هذه الدول الأوروبية للبت في كل النزاعات المتعلقة بمواطنين أوروبيين مسلمين، أو إيفاد عدد كبير من القضاة الأوروبيين إلى الطالبان ليتفقهوا في الشريعة حتى يحسنوا تطبيق أحكامها. وعلى الدول الأوروبية التي تريد أن تطبق الشريعة أن تتحفظ على المواثيق الدولية التي وقعتها، لأنّ عليها :
أولا أن تسمح للمواطن المسلم الأوروبي بتعدد الزوجات، وعدم عقابه على هذا الفعل المجرم في القوانين الأوروبية.
ثانيا، أن تقر للمواطن الأوروبي المسلم بضرب زوجته لتأديبها، كما يحث على ذلك القرآن.
ثالثا، أن تمكن الرجل وحده من تقرير الطلاق، دون الرجوع إلى المحكمة، فهذا حق تكفله له الشريعة.
رابعا، أن تمنح البنت نصف حق الابن من الميراث، وتمنح ثمن ميراث الزوج فقط لأرملته.
خامسا، أن تعتبر شهادة المرأة مضاهية لشهادة الرجل في المحاكم الشرعية.
سادسا، أن تحرم المرأة من حضانة أطفالها إذا تزوجت بزوج آخر بعد الطلاق.
سابعا، أن تسمح للمواطنين الأوروبيين المسلمين بالزواج العرفي الذي لا يخضع لنظام التسجيل والتوثيق في الدوائر الرسمية.
ثامنا، أن تلغي مؤسسة التبني، باعتبارها منافية لتعاليم الشريعة.
تاسعا، أن تفرض تطليق المرأة المسلمة من زوجها إذا غير ديانته أثناء زواجه، على اعتبار أنه مرتد.
عاشرا، أن تمنع المرأة الأوروبية المسلمة من الزواج بغير المسلم، وتبطل كل ما يترتب عن مثل هذه العقود.
إذا كان المقصود من إدخال كل أو بعض هذه الأحكام الشرعية الإسلامية في المنظومات القانونية الأوروبية، فهذا يعني ما يلي :
أولا، أن مفهوم فكرة المواطنة سيتغير في أوروبا، فستوجد أصناف من المواطنة ومن المواطنين، بحيث يتم إعفاء بعض المواطنين من أن يطبق عليهم القانون العام، بحكم انتمائهم إلى دين من الأديان، أو عقيدة من العقائد. فسيوجد المواطن المسلم والمواطن المسيحي، والمواطن البوذي، والمواطن الكونفشيوسي..إلخ، وكل يطبق قوانينه الخاصة بدعوى خصوصية الإيمان. وبذلك لن يكون الإيمان حرية فردية في الاعتقاد، بل ستترتب عليه نتائج في غاية الخطورة في المجال العامّ.
ثانيا، لو طبقت بعض أو كل هذه الأحكام وحظيت بالاعتراف من التشريعات الأوروبية، لترتب عن ذلك لا مجرد الإخلال الخطير بشرعة حقوق الإنسان فحسب، بل إلغاؤها نهائيا.لأن كل ما ورد أعلاه هو نفي لمبادئ حقوق الإنسان.
ثالثا، الاعتراف بكل أو ببعض هذه الأحكام سوف يرجع المجتمعات الأوروبية إلى ما قبل عصر النوار، وما قبل الإعلان العالمي عن حقوق الإنسان، وبالتالي يسقط الغرب في البربرية،
ورغم أننا نزعم أن الدول الوروبية لن تلبي هذه المطالب الكارثية، لأسباب وجودية قبل أن تكون إنسانية، فإن طرحها من كبير أساقفة بريطانيا يبعث رسالة خاطئة إلى العالم الإسلامي، مفادها أن الشريعة الإسلامية لا تتعارض مع الحضارة الغربية إذا ما طبقت على مواطنين مسلمين.

ولكن إلى ماذا تهدف الكنيسة الأنغليكانية وما مصلحتها من مثل هذه التصريحات الكاريكاتورية؟ نعتقد أنها تريد تحقيق الأهداف التالية :
أولا إنها ستكون بريئة الذمة أمام المسلمين المتعصبين الذين سوف يتأكد عندهم أن الصدام ليس بين المسيحيين وكنيستهم والمسلمين بقدرما هو صدام بين المسلمين والدول العلمانية. وهذا ما سينتج عنه الترويج للعداء للدول الأوروبية من قبل مواطنيها المسلمين، وما يزيد في حالات العنف والإرهاب مستقبلا.
ثانيا، إن هذا العداء الذي تؤججه الكنيسة بمثل هذه التصريحات غير المسؤولة، إذا ما تفاقم وأصبح يهدد أمن وسلامة المجتمعات الأوروبية، فستبرز هذه الكنيسة في دور الحكيم الذي يوفق بين أجنحة متعارضة في هذه المجتمعات.
وتعتقد بذلك أنها سترجع دورها السياسي والاجتماعي بما يحقق أحلامها في استعادة دورها القيادي الذي فقدته بانتصار العلمانية وانحسار سلطة الكنيسة واقتصارها على رعاية الأرواح.
ثالثا، هذه التصريحات تعني كذلك أن الكنيسة ما زالت في جزء منها على الأقل لا تؤمن بشرعة حقوق الإنسان، وأنها تنتهز كل فرصة سانحة للتشكيك في كونية وشمولية مبادئها الإنسانيّة.
وهذا يعني في الأخير أن المساجد التي يسيطر عليها المسلمون المتطرفون في أوروبا ليست وحدها وكرا للتعصب والحيلولة دون اندماج المواطنين في الحياة العامة، بل أصبحت الكنيسة نفسها وبفعل هذه التصريحات شريكا أساسيا في هذه اللعبة الخطرة. ورغم أن هذه المطالب التي أعلنها الأسقف بعيدة عن التطبيق في أوروبا التي أعملت قطيعتها المعرفية مع قيم وأفكار القرون الوسطى منذ زمن بعيد، فإن صداها سيكون خطيرا على منطقة العالم الإسلامي الذي يشهد منذ فترة هجوم الأصوليين على ما تبقى من المجتمع العلماني في بلادهم، والذين يريدون تطبيق أحكام الشريعة التي تتعارض مع حقوق الإنسان مستلهمين نموذج القرن السابع الميلاديّ (دولة النبي محمد في المدينة). فهم اليوم سيماحكون العلمانيين في البلاد الإسلامية ولسان حالهم : ما بالكم تعارضون تطبيق أحكام الشريعة في بلادكم في الوقت الذي تناشد فيه الكنيسة الأنغليكانية بتطبيقها في أوروبا؟
إنها رسالة خاطئة ومضرة لكل الدعوات الحداثية والعلمانية في العالم الإسلامي، وهي ضعيفة في الأساس لأنها تغالب تسونامي المتشددين الإسلاميين الذين يتهمونها بالتبعية والخيانة والهرطقة. إن هذه التصريحات لبعض رجال الكنيسة الأنغلبكانية ما هي إلا مناصرة لأفكار المتشددين الإسلاميين ومحاولة لتغليب فكرهم الديني الأصولي على الفكر العلماني في البلدان الإسلامية.
إننا نعتقد أن الأصوليات الدينية التوحيدية، سواء كانت مسيحية أم مسلمة أم يهودية وبرغم كل العداء التاريخي المستحكم بينها يمكنها أن تتحالف وتوحد جهودها من أجل محاربة الفكر المستنير في أي زمن. فهي تتضمن جرثومة واحدة، هي ادعاء الحقيقة المطلقة الصالحة لكل زمان ومكان.

د. محمد عبد المطلب الهوني

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
ضرورة تنوير الكنيسه
دكتور علي -

ضرورة عدم القطيعه مع سلطات الكنيسه وعدم التطرف في اساءة الظن بها واحراجها بالقيم الحضاريه والانساتيه المنجزه في اوربا والعالم كافه مع الدعوه الى اصلاح وتحضير المسلمين

.........
كركوك أوغلوا -

وأرسالها أيضا الى الأسقف الأنجليكاني (كنيسة الأنكليز التي أسسها هنري الثامن بعد خلافه مع البابا في الفاتيكان بسبب طلاقه من زوجاته الستة). وهذا يعتبر دفاعا عن حقوق المرأة المسلمة في أوروبا , وعدم تحريمها من حقوقها الكاملة كالرجل ؟؟!!00

عودة الفاشية ؟!!
صالح -

أوروبا اليوم في حالة من الإنكار النفسي عن مدى التغيير الثقافي والاجتماعي الذي يحدث في القارة الأوروبية منذ الحرب العالمية الثانية؛ حيث إن المحافظين والمتشددين والعنصريين الأوروبيين هم الأكثر رفضاً للواقع الجديد، فبدلاً من الانعكاف على حل المعضلات الذاتية لهم أصبحوا يهاجمون الآخرين سواء المسلمين داخل أوروبا أو خارجها عبر أساليب وطرق لا تليق بأي حضارة. لقد فشلت أوروبا بالتعامل مع الواقع الحقيقي لها في ظل هيمنة أمريكية على القارة ومنافسة قادمة من الصين وآسيا ومواطن أوروبي يطالب بما لا تستطيع الحكومات الأوروبية تلبيته على الصعيد الاجتماعي والاقتصادي، فقد تمثل ذلك في عرض المعهد البلجيكي للعلاقات الدولية في بروكسل لكتاب قام عدد من الخبراء والسياسيين الأوروبيين والبلجيكيين بإعداده حول ما أسموه "الجهاد الإرهابي وتحديات التشدد في أوروبا" حيث أشرف على الكتاب الباحث البلجيكي المتخصص في الشؤون الإسلامية من جامعة غانت (ريك كولزات)؛ فقد ذهب مؤلفو الكتاب إلى أن المعتقد والأيدلوجية لا يعتبران حاسمين في خيارات العناصر الإرهابية حسب تعبيرهم ولكن الشعور بالحرمان والإحباط والوسط الاجتماعي تعتبر هي المحرك الرئيسي لهم. وذكر المشرف على الكتاب أن البيئة والمناخ المحلي يلعبان دوراً مهماً في بناء شخصية العنصر المتطرفة، وأن العنصر الديني يعتبر ثانوياً، ومن هنا فإن على أوروبا التركيز على تجنب الفوارق الاجتماعية ومسببات الحرمان والدفع بالاندماج الفعلي للرعايا المسلمين وتجنب القولبة المبيتة وتصنيفهم في خانة المرفوضين اجتماعياً وثقافياً. لقد حان الوقت لأوروبا أن تواجه معضلاتها الثقافية وأن تختار البُعد الثقافي والإنساني وروح التسامح مع ثقافات وديانات العالم، وأن تدفن ذكريات التعصب التي ما تلبث أن تظهر من وقت إلى آخر منذ عهد الحروب الصليبية إلى اليوم، سواء التطرف العسكري أو السياسي أو ما تشهده الدنمارك اليوم من تطرف وعنصرية ثقافية

A Sample!
Eurab -

السجن 8 أشهر و180 جلدة لأكاديمي سعودي ;اختلى; بطالبته بمقهىDPA 27 شباط 2008أصدرت المحكمة العامة في مكة المكرمة بالسعودية حكما بسجن أكاديمي معروف 8 أشهر و180 جلدة لإدانته بخلوة غير شرعية مع طالبة، بعد القبض عليه وبرفقته الفتاة من قِبل رجال هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في مقهى بمكة المكرمة. ورفض الأكاديمي الحكم، وقال إنه التقى الطالبة بناء على طلبها، حيث ذكرت له أن لديها مشكلة لا يمكن حلها إلا وجها لوجه، ولكنه اشترط عليها أن تحضر أخاها معها، ولكنه فوجئ بقدوم الطالبة وحدها. وأضاف الأكاديمي أنه فوجئ بعد دقائق معدودة برجال الهيئة يحيطون به من جميع الجهات، ويتهمونه ;بالخلوة بفتاة أجنبية&;، حيث تم اقتيادهما إلى مركز الهيئة والتحقيق معهما، وبعد ذلك أحيلا إلى الشرطة التي أحالت القضية إلى هيئة التحقيق والإدعاء العام. وقال الرجل الذي لم يكشف عن اسمه ;إن رجال هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر الذين اعتقلوه ;حاقدون; عليه لأنهم لم يحصلوا على درجات مناسبة في الاختبار ورسبوا، مشيرا إلى أنهم طلاب سابقون لديه. غير أن مدير عام فرع الهيئة في منطقة مكة المكرمة الشيخ أحمد قاسم الغامدي نفى أن تكون هذه مؤامرة مدبرة من قِبل رجال الهيئة &;الذين هم أسمى وأنبل من مثل هذه الأعمال; موضحا أن دور الهيئة يقتصر على الضبط فحسب، وأن التحقيق والحكم من اختصاص جهات أخرى.وتحظى الهيئة بنفوذ كبير في السعودية، وينشط أفرادها البالغ عددهم أكثر من خمسة آلاف موظف -ويلقبهم البعض بـ&;المطاوعة&;- في المدن، وخصوصا حيث يحضون المارة على الصلاة، والنساء على ارتداء الحجاب والعباية، ويحرصون على منع تناول الكحول والمخدرات والحفاظ على الأخلا

الاصولية العلمانية ؟
اوس العربي -

اقول ان الثورات الكبرى في اوروبا والتي سفح من اجلها دم غزير كانت من اجل حرية الانسان من طواغيت البشر من باباوات وكهنة وقسس وفيريسيين من اجل ان يحيا الانسان حرا يأكل مايشاء ويلبس مايشاء ويقول مايشاء ويعتقد مايشاء وانتم كعلمانيين وعلمانيات يعشش في جماجمكم الاستبداد ومواريث القمع وعبادة زعيم الحزب لقد استلتم كل سكاكينكم من اجل تقطيع هؤلاء المساكين الذين فروا الى الغرب من القمع والفقر والاستبداد فوجدوكم حراسا لبوابة الدخول ؟!! واقلاما مسمومه وصدور يسكنها الحقد على الاسلام وعلى المسلمين العلمانيون والعلمانيات في شرقنا المسلم زمرة ميكرسكوبية مجهرية ولا تملاء حتى ميكروباص صغير في كل بلد لقد ارتضيتم لانفسكم ان تكونوا أجزاء في ماكينة الاعلام الغربي المتصهين في حربه على الاسلام والمسلمين تحت دعاوي الارهاب وهم هؤلاء اساتذه الدنيا في الارهاب والهمجية والوحشية

جدير بالدراسة
خوليو -

تصرفات المسلمين المغتربين جديرة في الدراسة، فهم في معظمهم يعيشون بنعمة العلمانية ويطبقون قوانينها ويأكلون من طعام أصحابها دون أي احتجاج، شرط أن لايراهم أحد من جنسيتهم، حتى المرأة تضع حجابها فقط عندما تشعر بوجود عرب أما أمام الأجانب فلا حرج ، سألت إحداهن عن هذا التصرف، فقالت حرام أمام المسلم، وأما الأجنبي فلا يعرف أهمية هذا السلوك، أيضاً يأكلون في بيوتهم هم وأولادهم ماحرم الله وبشرط أن لايعرف أو يراهم من هم من جنسيتهم، معروفة تصرفات بعضهن من حيث العلاقات الحنسية ولكنها تصوم وتمتنع عن الممارسة في شهررمضان ، يظهرن ويظهرون تشدداً وتعصباً عندما تُطرح المشاكل على العلن وفي سرهن وسرهم يلعن ويلعنون عاداتهم وتقاليدهم،يقبلون ويقبلن أحكام المحاكم المدنية في حالات الطلاق والإرث ويدافعن بالكلام عن الشريعة وبعنف، يدافعن عن الحجاب وهن في معظمهن حاسرات الرأس والصدر، وكما قال خرتشوف رئيس حكومة الاتحاد السوفيتي سابقا: الحقيقة يصعب فهم العقلية العربية.