أصداء

زعيمان لم يتفقا على إمرأة واحدة

قراؤنا من مستخدمي تويتر
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك

في كتاب بول بريمر، عامي في العراق، ورد فيه اعترافات مثيرة عن الزعامات والشخصيات العراقية التي تعامل معها لأمور سياسية متعلقة بالبدايات الأولى لتشكيل مجلس الحكم لإدارة أمور العراق، بعد سقوط نظام صدام، ومن هذه الاعترافات ان بريمر طلب من رئيسي الحزبين الرئيسين في كردستان العراق اختيار امرأة كردية كعضو للمجلس، لمنح المرأة الحق في التمثيل السياسي، وتنويع المممثلين للمجلس، لكن المؤسف في الأمر كما يبين بريمر أن الزعيمين لم يتمكنا من الاتفاق على اختيار المرأة الكردية، بالرغم من منحهما وقتا كافيا للاختيار، وبذلك سدا الزعيمين الباب أمام أول مشاركة تاريخية للمرأة الكردية في أعلى سلطة سياسية عراقية تشكلت في ذلك الوقت، حيث تشكل المجلس من 25 عضو ممثلين عن مختلف القوميات والمذاهب الدينية في العراق، ولا شك أن مبادرة بريمر مثل بحق بادرة جيدة لمنح المرأة العراقية اعتبارها وموقعها السياسي للمشاركة في اتخاذ القرار على أعلى المستويات، ولولا إصراره على التنوع التمثيلي لهذه القاعدة، لما تشكل مجلس الحكم من هذا العدد التمثيلي السياسي المتنوع لتمثيل العراق المكون من قوميات عربية وكردية وتركمانية وكلدو آشورية، ومن مذاهب دينية سنية وشيعية ومسيحية وأيزيدية ومندائية، ولولا إصراره على التمثيل العراقي من الداخل، لبقي المجلس مكونا من مجموعة السبعة الكبار التي اتفقت قبل سقوط حكم صدام مع الولايات المتحدة على تسليم السلطة لها بعد السقوط والتي كانت محصورة بالرئيس العراقي جلال الطالباني ومسعود البارزاني وأياد علاوي وعبدالعزيز الحكيم وأحمد الجلبي وإبراهيم الجعفري ونصير الجادرجي وعادل عبدالمهدي وحامد البياتي، ولبقيت هذه التشكيلة صاحبة السلطة في العراق.


وعودة لتمثيل المرأة في المجلس، فقد توصل بريمر الى اختيار ثلاثة مرشحات للمجلس، من مجموع 25 عضو، بعد أن كانت تضم قائمة المرشحين 80 شخصية، كما جاء في مذكرات بول بريمر ممثل الرئيس الأمريكي جورج بوش في إدارة الحكم العراقي بحكم تخويل مجلس الأمن للولايات المتحدة كسلطة احتلال للدولة العراقية، وهذا ما فتح الباب واسعا أمام المرأة للتمثيل في سلطة الحكم، وهذا ما ساعد أيضا على تثبيت حق المرأة بنسبة 25% في التمثيل السياسي في الانتخابات البرلمانية التي جرت في سنة 2005، ويبدو من خلال الوقائع، أن هذا التمثيل تحقق بفعل الرؤية الأمريكية وليس بفعل بادرة عراقية، لهذا فان تحقيق حق المرأة العراقية في المشاركة السياسية يمكن اعتباره فضل أمريكي أكثر مما هو عراقي، لأن الأمر لو بقي بيد المجموعة السبعة التي هيئت لاستلام الحكم لما حصل هذا الإنجاز الديمقراطي، و لبقيت مشاركة المرأة محدودة ومحصورة في أضيق الحدود، والدليل على ذلك عدم اتفاق الرئيسين جلال الطالباني ومسعود البارزاني على أي اسم نسوي كردي للتمثيل في مجلس الحكم، وهذا ما يفتح احتمالات كثيرة أمام تفسير الدوافع والأسباب، بالرغم من أن الزعيمين يعتبران من الشخصيات العلمانية المعتدلة والمتفهمة لحقوق ومكانة المرأة مقارنة ببعض الشخصيات السياسية العراقية التي تحركها طبيعة دينية وعشائرية صرفة، وهذه الصفة بالتأكيد لا تسمح للمرأة بالمشاركة في التمثيل السياسي والإداري على مستويات عالية.


إضافة الى هذا، فان عدم اتفاق الزعيمين الكرديين أتى في ظرف والمرأة الكردية كانت لها مشاركة سياسية في حكومة إقليم كردستان العراق ومشاركة فعالة في الجهاز الإداري للإقليم، ولهذا فان الأمر يفسر بكل الأحوال، من أن الزعيمين قد أجحفا بحق المرأة الكردية العراقية، وسجلا موقفا تاريخيا غير مناسبا تجاه المرأة في كردستان، حيث كان من المفروض عدم تفويت هذه الفرصة والاتفاق بأي شكل كان على إختيار المرأة المناسبة للتمثيل في مجلس الحكم، خاصة وأن مجتمع المرأة في الإقليم كان مليئا بشخصيات نسوية قديرة لتحقيق هذا المطلب للسيد بول بريمر بحق مشاركة المرأة في الحكم الذي كان من المفروض أن يكون مطلبا عراقيا قبل أن يكون أمريكيا، ولهذا نجد ان حسابات الحكم في مجتمعاتنا لا زالت تخضع لدوافع نابعة من سيطرة سلطة الذكورة على واقعنا، وغياب السلطة الحقيقية للمرأة ودورها في إقرار الأمور السياسية والمصيرية الهامة في واقع مجتمعنا كدولة، بالرغم من الانفتاح الحاصل على مشاركة المرأة بالحكم في العراق، ولكن بالرغم من هذا فان هذا الانفتاح الحاصل لابد أنه سيؤدي في المنظور البعيد الى قيام سلطة مشتركة لا غلبة فيها لا للرجال ولا للنساء لإدارة الدولة وفق مفاهيم حديثة متسمة بالارتقاء والتحضر الإنساني.

جرجيس كوليزادة

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
m_addil2005@yahoo.co
محمد عادل -

يقول الكاتب ان اشتراك المرأة العراقية في الحكم بادرة امريكية وليست عراقية، يا لهول الكارثة على الشعب العراقي والعراق تحكمه امريكا؟

الى كوليزاده
عراقي -

الكاتب ليس لها عمل غير اساءة لزعيمين لا اعرف كيف ايلاف تنشر هذه المقالات المسيئة لشخصيات عراقية واعية ومثقفة دور في مقال يكون شويه بها استفادة للقراء

=
سنونو -

وان كانت المرأة في البرلمان لكنها مسيرة بواسطة الرجال . الأكراد لا يختلفون عن الدينيين يتظاهرون بدعم المرأة ولكن واقع الحال هو مجتمع قبلي متأخر اكثر من قبائل العرب .

توضيح للسيد كوليزاده
بابا فين -

الاستاذجرجيس كليزادة.. انا من المعجبين والمتابعين لمقالاتك الشيقة واقرأها باستمرار، ولولا يقيني بانك ذو خبرة في مجالك وانك تملك كماً هائلاً من التحليل السياسي المنطقي للوضع الراهن في العراق عامة وكردستان العراق خاصة ، ولكنني تفاجئت بهذا المقال وذلك لانك وكأنك لم تعلم وتدرك ان ايام مجلس الحكم كانت معركة اثبات وتثبيت الذات الكردية في العراق ولم تكن هناك مجالات للعراك على اسم سيدة او سيد لمنصب نائب في مجلس الحكم ..الزعيمان الكرديان كانا يدركان هذا الامر ... وكان هناك امور اهم من الاتفاق على مشاركة المرأة .. وهما أشركا المرأة في كل المناصب فر الاقليم ولم يقللا من شأن المرأة ,, ولكن بغداد ومجلس الحكم فالرئيسان الكرديان كانا دقيقين في مرحلة دقيقة ومصيرية بالنسبة للشعب الكردي.

ملاحظة سايسية قوية
صحفي كوردستاني -

اعترف لك يا استاذنا العزيز ان ملاحظتك السياسية قوية عن نظرة الرئيسين البارزاني والطالباني للمرأة الكوردية، ولكن عنوانك للمقال مثير ويقبل معاني أخرى، تحيات مليئة بالاحترام لكم وتحية لايلاف.

رؤية ذكية
خليل -

رؤية ذكية مستخلصة من مذكرات السفير الامريكي بريمر، وبحق تعتبر ذكاء غير عادي من السيد الكاتب بخصوص طبيعة ونظرة القيادات العراقية والكردية تجاه المرأة ومشاركتها في السياسة لاتخاذ القرارات بمشاركة مشتركة بين بين الرجل والمرأة ليكون القرار العراقي نابعا من قيادة جماعية للمرأة العراقية دور فيها في اتخاذ القرار السياسي. كل التقدير للكاتب وتحية جميلة لايلاف.

فضل امريكي
ابن الرافدين -

لايهمك ان العراق احتل ولكنك تأسف لأن المرأة الكردية لم تنتخب في مجلس الحكم وهو فضل امريكي ! واي شرف لأمرأة بأن يعينها محتل ؟

مشاركة مرأة
سردار -

اتفق مع سيد الكاتب ان لمرأة الكوردية مشاركة جيدة في كوردستان ولكن هذه مشاركة شكلية ولا دور له في حل المشاكل الاجتماعية التي يحصل في كوردستان خاصة حالات انتحار وحرق في النساء صارت بالزيادة في عدد كبير والحكومة واقف كمتفرج.

اقرأوا جيدا
نجيبة -

الظاهر ان المعلقين يريدون العراك مع الكتاب فقط ولايهمهم صلب الموضوع ومدى تأثير مساهمة المرأة بالقرار .. مع الاسف ان الغالبية تقرأ بالمقلوب , شكرا للكاتب على هذه الالتفاتة للمرأة واهمية دورها السياسي..