السياسة اجتهاد وليست قياس
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك
كلمة صغيرة في هذه المعمعة لا بد منها. الكلمة التي تفترضها أننا مازلنا في نفس المعمعة. هي معركة أم خصومة سياسية، هي اصطفاف نهائي أم اجتهادات متحركة، بتحرك هذا الواقع اللئيم الذي يحيط بنا جميعا، ولكن كيف؟ من هو الذي يحدد معايير القياس والاجتهاد عندنا في سورية التي أكلت من لحمنا، وإذا أردنا القياس على ماذا نقيس ومن هو النبراس والمعيار؟
أن يقتنع المرء أنه لا يمثل الكمال ولا يمثل المعيار الصافي النقي، أمر يبدو أنه في غاية الصعوبة، خاصة عند مثقفين كبار أو صغار أو عند معارضين كبار أو صغار. مهما فعلت، يجب ألا تخرج عن معايير القياس، السلطة أبدا ليس من مصلحتها تصديق نوايا أي معارض ومختلف معها في الرأي. دوما المعارض هو خائن بالضرورة. مبنى أحادي في معنى ثنائي، أما معي أو أنت خائن. وإذا كان هنالك من هامش ما فأنا الذي أقرر مساحته، وأنا الذي يعطيك الحق في استخدامه. هذا المبنى ملك لي، ومن يتحرك في داخله مهما كان يجب أيضا أن يتقيد بقواعدي. هذا حال سلطتنا. وهذا ما يجعلها ترفض أي حديث عن ديمقراطية، أو عن تداول آراء، فما بالنا بالحديث عن تداول سلطة.مطلوب منك أن تقف في الحيز الذي ترسمه لك. هذا مفهوم من قبل سلطة أحادية أو واحدية لا فرق! ولكن يبدو أن الأمر الذي اتضح جليا بعد الاعتقالات الأخيرة في صفوف إعلان دمشق، وكان بدايته الواضحة، أن السلطة وبعضا من المعارضة، بات لديهم خطوط حمر، وأول هذه الخطوط، هي أمريكا و جبهة الخلاص الوطني في سورية. ولكل توليفته الخاصة في المساعدة على تثبيت خط السلطة الأحمر، توليفة تتكثف في أن خدام فاسد، وهو من يتحمل مسؤولية ما جرى داخل النظام السوري لأنه كان نائبا للرئيس.
وتوليفة أخرى ذات ملمح علماني فيه من الزيف أكثر ما فيه من الحقائق، أن جبهة الخلاص فيها الإخوان المسلمين. وأي اجتهاد آخر يتحول أيضا إلى خط أحمر، كما هي حال أمريكا.كل خطوط السلطة الحمر في الواقع لا تترك أثرا في النفس، رغم الخوف. ولكن ما يترك أثرا في النفس أن الخطوط الحمر ترسمها المعارضة لنفسها، ومن يتجاوزها، تنهال عليه التوصيفات من كل حدب وصوب، أمريكي، طائفي، فاسد، غير مستقر سياسيا..الخ المعزوفة التي لا نجد منها غاية إلا هدف واحد وهو البقاء قربا من قياسات محددة وكأننا أمام قياسات سلف صالح! سلف لغيفارا، أو للراحل جمال عبد الناصر، أو لستالين،أو للينين، أو لماركس، أو لابن تيمية، أو للعلمانية الفرنسية، أو لليبرالية ( دعه يعمل دعه يمر) الغالية على قلب العزيز أصلان عبد الكريم- المعتقل السابق والمثقف المهم الذي ضمر قلمه) هنالك مقياس الأمور. يجب أن تقيس بناء على الذين سبقوك..لا مكان أبدا لأن تخرج خارج هذه العباءة مهما كان لونها حمراء أو خضراء أو صفراء الآن بالقياس إلى لون علم حزب الله. من جانب آخر أيضا جبهة الخلاص لها خطوط حمراء، الجميع- بالهوى سوا- كما يقال بالعامية. بالطبع لن أصدق مهما حدث من خلافات أو شقاقات داخل صفوف المعارضة من أننا أبناء شرعيين أو غير شرعيين لهذا الاستبداد المزمن، والذي فرض معاييره علينا في ثنائيات قاتلة لأي عمل سياسي، وكما قال لي أحدهم ( إن الراحل حافظ الأسد ربانا، وباتت معاييره في خلايانا). ثنائية تتعامل مع الشخصي قبل السياسي. في نقاش مع أحد الأصدقاء على الهاتف، قلت له: ربما بالمعنى الإنساني والصداقي لا أحتاج سوى لعدد من الأصدقاء لا يتجاوز عدد أصابع اليدين، أما سياسيا وفي سياق سوري خاص كما أراه يحتاج إلى التعاطي مع كل سوري بمعزل عن الموقف الشخصي* إنه كفيل وسبب من جملة أسباب تجعلنا نقبل بعضنا بعيدا عن حالة القياس التي على ما يبدو قد ورثناها عن الاستبداد المزمن الذي أحاط أعناقنا. سبب كتابتي لهذه الكلمة الصغيرة، أنني لمست أن هنالك ما نحتاج التركيز عليه في المعارضة وهو التمييز أيضا بين الاختلاف مع، عن الاختلاف عن.
هنالك فارق علينا أن نأخذه دوما بعين الاعتبار، وهو في أن خلاف أي كائن عن كائن آخر لا يعني الخلاف معه. أنا كردي، إذا بالضرورة أختلف عن آخر عربي، ولكن عندما يتحدثون عن خلافات مع الكردي أو مع العربي، هل يأخذون بعين الاعتبار أنهم يختلفون عن! وهذا بالضرورة له ملحق واضح وبين، فالاختلاف عن- الذي يتعلق بالجانب التكويني الثقافي والوجداني واللغوي، يلحقه اختلاف مع- الذي يتعلق بالجانب السياسي، والعلاقة مع الآخر ومع المستقبل- أو يفرضه في غالب الأحيان. هل الاختلاف عن، له مساحة لا شعورية لدى الكردي والعربي عندما يجلسان معا لمناقشة القضية السورية مثلا؟ لكوني اختلف عنك اسمح لي أن اختلف معك في أي اجتهاد أراه. وهذا الاختلاف لا يعطيك الحق بأنني أختلف عنك لأنني إما عميل لأمريكا أو عميل للسلطة أو طائفي أو شوفيني أو يريد التقسيم. وهذا ينطبق أيضا على السلطة التي لو أدارت وجهها صوب المجتمع، وبدأت بإصلاح جذري وحقيقي، يجعل من الهوية السورية نموذجا كما كانت في خمسينيات القرن العشرين قياسا بما حولها، لأراحت نفسها وأراحت الجميع، وانكشف حالة المعارضة أيضا، ومدى وزنها في الشارع، عبر صندوق الاقتراع.
يبقى أن نسطر مثالا لكي لا نبقى في تجريد اللغو:إذا ركبت موجة المشروع الإيراني وصنوه القطري، فهذا موقف مبدئي، أما إذا تعاطيت مع الأطراف الأخرى فتلك خيانة، أو العكس، لا يمكن أن يكون هنالك خيار ثالث لتجسير الهوة سوريا. لا مجال للاجتهاد السياسي في ثقافة الثنائيات الشخصانية، إما معي أو ضدي.
* هذا أمر طالما كان ولازال مقتل لأي فعل معارض، عندما يتقدم الشخصي على السياسي، أليس هذا ملمح استبدادي بامتياز، من المفترض أن الثقافة الديمقراطية، والتي ندعي كل منا بدوره وعلى حده إيمانه بها، قد تجاوزت هذا المعيار؟
الشخصي الذي هو أطار يرسمه الفرد لنفسه، في ظل ثقافة الاستبداد، بطريقة لو جردته من عداءه للآخر، لوجدت أن هذا الإطار هش ويعبر عن عقلية أحادية أو واحدية! ويعبر عن نخبة تجاوزها الشارع، والديمقراطية التي تدعيها، فيما لو أتت تكشف عن هزال هذه النخب التمثيلي بمعناه السياسي. لهذا تجد في صفوف النقد تعرض للشخصي ولحياة العدو المفترض الشخصية، حيث أصبح لدينا في المعارضة السورية، ثقافة أخرى تحت السطح تتماثل مع ثقافة، النميمة وهتك عرض الآخرين، بمناسبة وبغير مناسبة. هذه الثقافة التي تفترض دوما تماما كحال السلطة، أن الآخر لديه مؤامرة، والنمامون يتبرعون في اكتشافها، وكأنهم أجهزة استخبارات.كما يلحق بهذا الأمر الميل للشللية، والمعايير الضيقة.
غسان المفلح
التعليقات
عجيب وغريب
برجس شويش -استغرب من القراء لا يكتبون كثيرا في الشأن السوري، فالاخ غسان المفلح يزودنا بمقالات ممتازة عن الوضع السوري ولكن لا ارى اي تفاعل من قبل القراء مع الوضع السوري ربما بسبب غياب الحماسة التي يعتمد عليها القراء في ردة فعلهم، اختلف معهم كثيرا يهمني الوضع السوري وهو دائما حافزا بان تستقطب انتباهي، الشعب السوري يرزخ تحت وطأة اسوء نظام شمولي وطائفي وعنصري ويستحق من الجميع الاهتمام والدعم والمساندة
إلى شويش
علي الحاج حسين -بكل بساطة لأن المفلح من المارينز السوري ويكتب باسم خدام والبيانوني المنبوذين في سوريا وقد جربهم السوريين كثيرا. المفلح كاتب يكتب لمن يدفع له لقد تنقل من الغادري الى البيانوني الى خدام الى اكثم بركات. رجاء من ايلاف النشر وشكرا
مأحد بيقبضه
أباصيري -مواضيع المفلح غامضة وغير مباشرة ولا يفترب من القضايا الفكرية الحساسة ويفازل الأصوليين كثيرا وبنفس الوقت يدعي الماركسية واليسار بكل بساطة لا أحد يقبضه.
فلنقل بصراحة
أحمد السيد -تعليقا على المقال المرفوع من الأستاذ المفلح، فمنذ بدايات ظهور جبهة الخلاص، عملت جاهدة بمقولة فحوى المقال، اي إما معنا أو خائن، ولا عتب عليهم لأنهم كما ذكر في التعليق من علي حاج حسين أن جبهة الخلاص منبوذة لدى الشعب السوري، ولكن العتب على اللذين سوقوا لها أمثال أستاذنا المفلح. وبهم ومع المفلح تحول الصراع بين المعارضة والنظام السوري الى صراع بين المعارضة والجبهة. وأظن أن شهادات التقدير تنهال من النظام السوري الى كل من سوق لجبهة الخلاص لأنها ساعدت على تشريد المعارضة السورية في الداخل قبل الخارج.
العنوان الصح هو
ممتاز مصلحة -الرجاء من الكاتب سرعة تغيير عنوان المقال وابدالة من "السياسة اجتهاد وليست قياس" الى "السياسة مصالح خاصة وليست قياس" حيث أن الكاتب يعرف تماما ما معنى مصالح شخصية.
المعارضة تترنح
أكرم شلغين -المعاضة السورية تترنح والسبب هؤلاء الكتاب وأمثالهم الذين ارتضوا ان يكونوا في خدمة الشرق أوسطية والتهليل للكانتونات الطائقية. المفلح لا يخفي انتماءه لجبهة الخلاص والتسويق لجبهة الخلاص ومن هنا فالمصداقية تنقص الكثير من المعارضين الذين يخوضون معركة خاسرة سلفا.
لم يفلح
أبو الفضل الدمشقي -لم يفلح المفلح في الفلاحة في هذه الأرض القاحلة فهو كفلاح غير فالح سوى في فلح أرض النظام
هآرتس: لقاء سري بين
WALEED -القدس : كشف النقاب عن لقاء عقد الاسبوع الماضي بين السفير السوري في الولايات المتحدة عماد مصطفى مع مدير عام وزارة الخارجية الاسرائيليى الاسبق الون ليئيل الذي تمكن من خلال مفاوضات سرية غير رسمية تحت رعاية سويسرية العام الماضي من ابرام اتفاق اعلان مباديء بين سوريا واسرائيل بالتفاوض مع رجل الاعمال السوري الاميركي ابي سليمان الذي يتمتع بعلاقات وطيدة مع الرئيس السوري .ونقلت صحيفة(هآرتس) الاسرائيلية عن ليئيل الذي يرأس الحركة لدفع السلام بين سوريا واسرائيل ، انه اطلع المسؤولين في وزارة الخارجية الاسرائيلية على فحوى مباحثاته مشيرا الى ان الرئيس السوري بشار الاسد يرغب باستئناف مباحثات السلام مع اسرائيل فورا.وبحسب الصحيفة فان زيارة ليئيل الى واشنطن بحثت في العلاقات ما بين واشنطن ودمشق وشملت لقاءات في الكونغرس الاميركي. ""وكالة (آكي) الإيطالية للأنباء""
التارخ يعيد نفسه
صابر -سابقا كان الصراع على السلطة بين الغساسنة والمناذرة وكان الحكم يتحالف تارة مع الروم وتارة مع الفرس ويقولون أن زنوبيا حققت الاستقلال والسيادة لفترة انتهت بتدمير الكيان السوري عن بكرة أبيه(ومن هنا أتت تسممية تدمر) . اليوم الغساسنة خارج السلطة ولكنهم على مقربة منها والمناذرة تشيعوا والحشاشون أخذوا مكان زنوبيا ويلعبون لعبتهم من جديد بين الفرس والروم(بقالب أمريكي) .اليوم شيخ الجبل يلعب ببنية يسميها المثقفون جهاز الدولة لكن الترتيبات الحقيقية تجري مباشرة مع آل كابوني .والمعارضة تتابع الرقص والدبك ، مرة باتجاه التفاؤل ومرة باتجاه التشاؤم والحشاشون يتابعون المشهد بسخرية ويقولون لهم دقي يا مزيكا أنتم فين والسلطة فين. الخدام كان عم يدبك في القصر واليوم عم يدبك في الخارج أمس كان ينتفع من السلطة واليوم ينتفع من غيرها دبكته نفسها والجميع يسخر منه
الفساد والبطش
سوري مهجر !! -إلى من ذاق ويلات هذا الحكم الجائر ، إلى من عانى من تسلط الفساد والبطش والإعتقالات التعسفية والعرفية في ظل حالة الطوارئ منذ أكثر من 45 سنة ، إلى كل الأحرار في سوريا ، إلى شبابنا وشاباتنا المحملين بالهم والحزن وإنعدام فرص العمل حان وقت الإنتفاض ورفع يد ضباط وبارونات الأمن المتحكمين بمصير الأمة ، الساعين وراء مصالحهم الشخصية ، حان وقت كسر جدار الخوف والبدء برحلة الحرية وكف أيادي عناصر الأمن عن الإهانات ضد أبناء شعبنا الطيب المسامح ، لقد شبعنا خطابات عن الإصلاح دون أي محاربة للفساد المستشري في كل مفاصل الدولة ، حان وقت التغيير ، تغيير كل رموز الفساد . إن كل ما نطالب به هو حق حرية التعبير في دولة المؤسسات المدنية وحقوق الإنسان ، والكف عن العبث بمصير الشعب وزجه في مواجهة مع المجتمع الدولي وفرض العقوبات من أجل الدفاع عن حفنة من المجرمين ، كلنا نذكر الوقوف ساعات من أجل ربطة الخبز وعلبة السمنة وفقدان معظم المواد الأساسية حتى الحليب ، وإطلاق يد عصابات التهريب للمواد المفقودة . لقد سئم الشعب الفقر والبطالة والإهانات وحان وقت رفض كل الممارسات الخاطئة التي تمارسها هذه المافيا . نطالب الجيش بتحمل مسؤولياته وعدم الوقوف في صف الدفاع عن الفاسدين المنبوذين من قبل الشعب ، ونطالب الشرطة بالحياد في مواجهتنا السلمية مع النظام ، ونطالب الشعب بعدم دفع الأتاوات والرشاوي التي سمنت هذا الغول ، ونطالب الشباب بعدم الإلتحاق بالخدمة الإلزامية للعمل خدم عند الضباط الفاسدين ويذوقوا الذل والخوف بدل الدفاع عن أرضنا وحماية حدودنا وسمائنا من طائرات العدو ، كما نطالب السلطة بالإفراج عن كل معتقلي الرأي فوراً وعدم العبث بحياة الرموز الوطنية وبمكونات الشعب السوري بكل طوائفه. وعاشت سوريا حرة أبية وعاش شعبنا الصامد!.
العصابات المسلحة
صادق -كاتب هذا المقال خريج مدارس حزبية عريقة وخريج سجون بامتياز حزبه علمه الالتزام بالمبادئ والنضال على نهج أخلاقي والسجن علمه أن غيره قد ينتمي إلى اتجاه معاكس بنفس النوايا ونفس الاخلاص علمه أن التعددية الحزبية شرط لضمان حرية المجتمع ، أن القمع عدو الأنسان وعدو الانسانية. يصعب على كاتب المقال الخروج عن إطار المفاهيم السياسية النظرية بالرغم من تجربته الميدانية الغنية، أي مراقب خارجي محايد سوف يقول أن السلطة الحاكمة في سوريا هي مجموعة عصابات مسلحة تسير أجهزة الدولة وفقآ لمصالحها بع أن أنهت عملية ترويض جهاز القضاء وبعد أن حولت مجلس الشعب إلى سوق النخاسة. المعارضة تحصر اهتمامها غالبآ على ما يجري على خشبة المسرح ثم تجد نفسها عاجزة أمام السلطة الحقيقية وراء الكواليس . حتى السياسة الخارجية من حيث الشكل السلطة كلفت بعض الموظفين بالعلاك في حين المفاوضات السرية تجري هنا وهناك وعلى أسس تنفيذية لا علاقة لها بعلاك المغرورين من أتباع السلطة .الشتائم والتحديات تعلو هنا والمصافحات تجري هناك.إذا كان أصل كلمة سياسةهو( ساس الغنم) فالسلطة الحاكمة في سوريا سياسية بامتياز أما إذا كان أصل الكلمة ترجمة ولو خاطئة لكلمة(بوليتيك) أي تنظيم المجتمع المدني فصاحب المقال محق تمام الحق في اختيار عنوان المقال. السؤال الآن كيف نطبق مضمون الفكرة على الواقع؟؟