أصداء

التجربة الكردية جسيم في داخل صندوق

قراؤنا من مستخدمي إنستجرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك

اكثر الفيزياء إثارة هي الفيزياء الحديثة وأحلى مافي الفيزياء الحديثة هي فيزياء الكم، حيث يهيم المتابع بسلوك الجسيمات،المتناهية الصغر، في عالم تحكمه بدقة قوانين صارمة، بشروطها، مثيرة بنتائجها، فيقف الانسان مثلا مذهولا امام اهتزازات المتذبذب التوافقي البسيط وقد حكم عليه الميكانيك الكمي ان يبقى يهتز ذهابا ورجوعا الى، ماشاءالله، لانه يمتلك في ادنى الاحوال طاقة الصفر المطلق والتي لاتساوي باي حال من الاحوال صفرا عدديا، بل تعادل في قيمتها نصف مقدار تردد المهتز مضروبا في ثابت بلانك. ترى هل يصح ميكانيك الكم في السياسة؟!، هذا هو التساؤل الذي ستحاول السطور ادناه الاجابة عليه من خلال ايجاد تطبيق للتجربة الكردية استنادا الى مفاهيم الميكانيك الكمي.

احدى التطبيقات المثيرة لميكانيك الكم هي حالة الجسيم المحصور في داخل صندوق، بمعنى ان لنا ان نتصور جسيما يتحرك في حيز محدود هو عبارة عن صندوق بابعاد محددة ذو جدران صلدة، وهكذا يبقى الجسيم يسبح في هذا الفضاء ويحاول عبثا فيضرب رأسه بجدران الصندوق املا في النفاذ ولكن دون جدوى، فيعود مرة اخرى وهكذا مع الجدار الاخر في عملية متكررة. و استنادا الى قوانين الميكانيك الكمي فان وصف الدالة الموجية لهذا الجسيم وبالتالي كثافته الاحتمالية، اي احتمال تواجده في داخل الصندوق وخارجه، يشير الى استحالة تواجد هذا الجسيم خارج الصندوق طالما ان الشروط العيارية لهذه المسالة تتطلب ان تكون الطاقة الكامنة مساوية الى الصفر في داخل الصندوق والى المالانهاية في اية نقطة خارجه. من جهة اخرى سيمتلك هذا الجسيم مستويات للطاقة تتناسب مع مربع العدد الكمي وكلما زاد عرض الصندوق اصبحت هذه المستويات اكثر اقترابا من بعضها فتكوٍن طيفا مستمرا. تجربة اقليم كردستان في العراق هي اشبه ماتكون بحالة هذا الجسيم المحصور في حيز معين والمسموح له بهامش من الحرية في الحركة في هذا النطاق بما يتيح له تحقيق وبناء مستويات للطاقة ترتفع على شكل بناء مادي، لكن هذا الجسيم يرتطم في كل مرة بالجدران التركية والايرانية والسورية والعراقية كلما حاول الضرب بقوة محاولا النفاذ الى مساحة اوسع، بل ان لوحة التحكم الامريكية لازالت تقف في لحظة الحسم لتوعز لاصحاب الجدران الاقليمية بتصليد طبقة الجدران منعا لهذا الجسيم من اية فرصة للنفاذ.

ان القيادة الكردية تدرك جيدا ان الخطورة بالغة على مصير هذا الجسيم اذا بقي محصورا في صندوقه المحدد هذا، كما ان معطيات الواقع، وخاصة لمرحلة مابعد الاحتلال، تثبت بشكل حاسم ان محاولة القيادة الكردية لتحقيق اختراق في حاجز الجهد باتجاه الجدران العراقية على اعتبار انها اكثر الجدران رخوة ليس الطريق الامن لانجاز معادلة دائمة للجسيم في مناطق جديدة، طالما ان الشروط العيارية لهذه المعادلة ليست مبنية على اسس صحيحة تكفل استمراريتها، بل من المحتمل جدا، و في اجواء عدم الثقة والاستقرار هذه وفي مناخ يتحكم فيه مبدأ اقتناص الفرصة والانتقام للموقف ان تنعكس الشروط العيارية تلك مرة اخرى فتنهي معادلة موجته في هذه المناطق الجديدة، بل تعيده الى الحركة في حيز قد يكون أضيق مساحة من الحيز الذي كان يتحرك فيه قبل اختراقه لحاجز الجدار هذا.

ان الحملة التركية الاخيرة المتمثلة في توغل الجيش التركي في الاراضي العراقية بحجة ملاحقة عناصر حزب العمال الكردستاني تؤكد بما لايقبل الشك ان اطرافا دولية وعلى راسها الادارة الامريكية تشترك في النظرة مع الاطراف الاقليمية والمحلية الاخرى، حيث ترى هذه القوى جميعا ان ( ثوب كوسوفو ) لازال في الوقت الراهن، وبالاخذ بنظر الاعتبار جميع الطموحات الكردية المعلنة والمبطنة، لايتلائم مع مقاساته ليكون صالحا ومقبولاعلى جسم اقليم كردستان في العراق. وهكذا تشير وقائع الاحداث الى ان الجسيم الكردي سيقضي، في اكثر النتائج تفاؤلا، فترة زمنية اخرى محددا في حركته دون ان يعني هذا انه سيقضي هذه الفترة بهدوء تام، بل تبدو رائحة الرغبة العنيفة من اغلب القوى السابقة تفوح باتجاه العمل على ضرورة ملاحقة هذا الجسيم وترويض حركته وتقنين دالة موجته وبالتالي كثافة احتمال تواجده حتى في منطقته التي يحاصر فيها، هنا يجب الاشارة في نفس الوقت الى القيادة الكردية تدرك جيدا وتعي هذه الرغبة وتمتلك حاسة شم قادرة على تمييز رائحتها.


لقد اعتقدت القيادة الكردية، خطأ، ان التصرف بدهاء في لعبة السياسة، بهدف اقتناص الفرص فيها، كفيل بان يترك باقي اطراف اللعبة يؤمنون بنتائجها و يتصرفون على ضوء ذلك بما يتيح للجسيم الكردي انسيابية مشروعة، كاستحقاق، في عبور حاجز الجهد، ايا كان حاجز الجهد هذا، لكن هذه النظرة وهذا الاعتقاد تصطدم بخلفية فكرية مترسخة في ذهن اغلب الاطراف الاقليمية ان لم يكن جميعها تتمثل في انكار حق هذا الجسيم الكردي في تحقيق اي اختراق، ان لم يكن الشك اصلا في حقه الاساسي في الحركة داخل صندوقه المقفل، بل ان بعض الاطراف لاترى في الاداء الكردي بعد الاحتلال اكثر من كونه عملية ابتزاز واضحة حينا ومخفية في حين اخر وهي،اي هذه الاطراف، تتحين الفرصة لتمارس الاسلوب نفسه ولكن في الاتجاه المقابل.

ربما تكون الاحداث الاخيرة درسا امريكيا للقيادة الكردية، رغبت الادارة الامريكية ان يتولى ايصاله بالنيابة الوسيط التركي والعراقي، من اجل ان تعيد هذه القيادة النظر في حسابات حركة الجسيم الكردي ومناطق نفوذه ورسم دالة موجته بما يتلائم والخطة الامريكية للمنطقة و يترك الباب مفتوحا للادارة الامريكية لتسوٍق دوليا ( عروسا ) رسمية اخرى الى الامم المتحدة على غرار كوسوفو بعد ان تكون قد ضبطت الى حد الملم مقاسات ثوب زفافها.

د. وديع بتي حنا
wadeebatti@hotmail.com

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
القوة الكامنة
برجس شويش -

اولا وقبل كل شيء الهجوم التركي فشل وثبت للعالم بان اعداء الكورد لن يستطيعوا حل القضية الكوردية عسكريا، واعتقد بان الحزب العمال الكوردستاني انتصر في حرب تركيا الاخيرة وايضا بان من راهن على تركيا وعن تخلي امريكا عن الكورد كانوا على خطأ مبين. والجسيم(كوردستان) في الصندوق المغلق( اعداء الكوردي) تملك ايضا طاقة كامنة تستطيع ان تحطم جدران الصندوق ( السوري الايراني والتركي) ولا ينبغي ان ننسى بان الجدار العراقي محطم بالاساس لصالح كوردستان في دستوره ومشاركة الشعب الكوردستاني في السلطة المركزية، واعتقد بان شعوب الدول التي تقتسم كوردستان لن يبقوا الى ابد الدهر بعيدين عن الحضارة والمدنية برفضهم الحقوق المشروعة للكورد وغيرهم من الشعوب والاقومام سيأتي اليوم الذي فيه يتغير عقلية العنف ورفض الاخر والتنكر لحقوق الاخرين

تحليل طائفي
ابو جوان من هولندا -

عذرا انت طائفي وكفى

الدنيا
نوزت حاجي -

استاذي العزيز ان الدنيا لن تبقى كما يشتهيها المستعمرون ولايموت حق وهناك من يناضل في سبيلة وان العملية الاخيرة اكبر دليل على ذلك وان ابطال كردستان باقون شوكة في عيون كول عدو انشاء الله

funny idea
qami$lo -

انا احترم فكرتكَ و لكن الصندوق الذي يحوي المارد الكوردي ايضاً موجود داخل صندوق القوى الاستعمارية و ستقوم بتفكيكه يوماً ما و طالما الجزيء الكوردي موجود فسوف يتفاعل في المناطق المنتشر فيها على الاقل.

لكل فعل رد فعل
روز \اربيل -

الاخ الكاتب المحترم تحياتي ...في الغرب اذا اضطهدت حكومةعندهم كاتبا يسمون ذلك قمعا واعتداء على الحريات والحقوق الانسانية ولكن اذا حاول شعب ببناء وطن حر لهم يسمونهم او يشبهم بالجسيمات هذه هي الانسانية في عصر الاستنساخ البشري !!!!!.

الحزب العمال الكوردس
Ramyar -

الجرح العميق سيبقى في قلوب الأعداء ينزف…ولا يلتئم إلا حين يعترفوا أن الحقد أكل أكبادهم…فيصرخون كفى، والتوبة يطلبون وللضمير يخاطبون…السماح قد انتهى زمن الأحقاد…فنعترف بحق المصير لا محال

موقف في صندوق !
محمد تالاتي -

يبدو موقف الكاتب من اقليم كوردستان وحقوق الشعب الكوردي، مثل تلك الجسيمات المذكورة في مقاله التي تهتز في صندوق العداء والرفض والكراهية،وهو موقف لايستطيع ان يتحرر أو يتخلص من قيود العبودية،وهذا يجعل الكاتب للاسف لايرى حقيقة وجود كوردستان التي لا تختلف عن وجود تركيا وايران وسوريا،هذه الكيانات التي تتحكم بها حاليا انظمة ارهابية وعنصرية،لكنها عاجلا ام آجلا، لابد ان تعترف بوطن اسمه كوردستان، بعد ان تخرج شعوبها من صناديقها أو سجونها الى الحرية والعدالة.ان خروج القوات التركية و بتلك السرعة، وهي تجر اذيال الخيبة دون أن تحقق اهدافها، يدل على ان اقليم كوردستان كيان له مكانه الطبيعي الشرعي في المنطقة،وانه من الخطأ الفادح القفز من فوق هذه الحقيقة، ويدل ايضا على ان زمن النزهات الطورانية في كوردستان دون دفع الثمن قد ولى،واذا كان لدى الكاتب شك في هذاالأمر فليسأل رئيس اركان الجيش الطوراني عن ثمن نزهته في جبل قنديل.

الفكر الصندوقي
موسى سليمان -

سيدي وديع حتيليس الكرد وحدهم بل كل فكر الشعوب الشرقية محصور في تجربة بافلوف!! الطائفة التي تنحدر منها أيضاً يا سيدي. فلاتخدع نفسك بأنكم أحسن تدبيراً. انسحاب الزحف التركي يؤرق الإعلام التركي نفسه، لأنه يعلم دلائل و أسباب هذا الانسحاب (هناك من تمرد على الصندوق) فلم هذه العنصرية العمياء التي ان أكّدت على أمر فإنما على اصرار الكاتب البقاء في الصندوق

الاعتراف بالجريمة
منير السوري الاشوري -

السيد شويش يعترف كيف قام الاكراد بفتح بوابات العراق للغزاة الطامعين الذين دنسوا ارض العراق المقدسة و كاّن التاريخ يعيد نفسه عندما قام اليهود بفتح بوابات نينوى ليدخل الفرس المجوس ليدنسوا ارض العراق وها هم احفاد هؤلاء المجوس يعيدون الكرة بدلا من اليهود او ايعازا منهم فجاؤوا ليعبقوا بالعراق بدءا بالدستور المسخره و ليس انتهاءا بانشاء اقاليم

صح النوم
عراقي حتى العظم -

السيد الكاتب ينطلق في كتابته من ثوابت هي :1-ان الوضع الطبيعي جدا للاكراد ان يهجروا الى مجمعات سكنية كالتي اخترعها المحكوم بالاعدام علي كيمياوي.2- يؤمن السيد الكاتب ان المعاملة الطبيعية الوحيدة التي يجب ان يتلقاها الكردي هي القصف بالمدفعية والتسميم بالغاز الكيمياوي3- اذا طالب الكورد باي حقوق فان الجواب الطبيعي سيكون الانفال ، اجمع الاكراد وانقلهم الى الصحراء وفي حفر غير عميقة اطلق رصاصة على مؤخرة رؤوسهم. 4- اذا انقلبت الامور واصبح الكردي حرا ، لسبب ما ( هنا تدخل الامريكان لايقاف المقبور صدام من استعمال اسلحة الدمار الشامل ، لا تقل لي انها لم تكن موجودة فقد استعملها في 216 قرية ومدينة كردية ، فان الامور سترجع الى عهدها القديم في اباحة الدم الكردي .سيدي لا يسعني الا ان اقول لك : ويكيدون كيدا واكيد كيدا والله خير الكائدين

Wadih
ميديا -

يا اخ وديع لم يكن داعيا ان توتيه و توتوهنا في المتاهات وتشبه القضية الكردية بالجسيمات والكثافة ...و الخ ، ادخل دوغري بالموضوع بلا لف و دوران و على الاقل لانسان العادي يفهمها.

1+1
كاروان بامرني -

سيدي كاتب المقال نظرتك للقضية الكوردية و اختزالك للمعلومات علمية فقيرة لتقاس بها الحركة التحررية ‏الكوردية التي كانت منذ القدم اوضعت في الصندوق و هي الان (الحركة التحررية الكوردية) تناضل للتحرير ‏من الصندوق.نظرتك القصيرة و الفقيرة هذه قد اتاهتك حتى عن معلوماتك العلمية لا اخفي عليك بان هناك في ‏الفزياء حسب علمي الفقير و خاصا في الالكترونات و الذرة هناك اكتساب شحنات و فقدان الشحنات و الانتقال ‏من مدار الى مدار ومايجري بعدها على النوات كذلك اود ان اوضح لك بان العلم والمنطق في الحركات ‏التحررية و السياسة و الدبلوماسية ليس كما في العلوم التطبيقية. في السياسة (1+1 لايساوي 2)كذلك (لاصديق ‏ولاعدو دائم).‏

الى من يهمه الامر
دحام العراقي -

اليكم هذا الشعر الى من يهمه الامر :ابتدا من الصفر واضاف صفرا وصفرا وهو الان صاحب ثروة فيها اصفار لكنه ما زال صفرا.