المدمرة كول على باب الحارة

المفاجأة التي هزّت "العقيد" أنّ الأمريكي أرسل المدمرة "يو أس أس كول USS Cole،على سواحل لبنان، وهو ما استفزّ كل رجال الحارة، رجال الحارة يسمعون فقط من "العقيد" أما الأجنبي الذي يستدين من "بائع الخضار" ولا يسدد دينه فهو من المرتشين الذين لا أخلاق لهم ولا سلوك، جاءت المدمرة كول لتصدّ شرّ الدعم الكثيف للميليشيات في لبنان وفلسطين، وهي الميليشيات التي لم تقصّر "الحارة" في دعمها حتى "العقيد" نفسه كان يذهب سراً ويؤمّن السلاح للمنشقّين تحت اسم "المقاومة"، كما تقوم بتهريب "شباب الحارة" إلى العراق، وتهيئتهم للتدريب والتفجير وسلخ الأطفال وسحق الآمنين تحت اسم "المقاومة"، اهتزّت الحارة وبدأت تلتف حول "عقيدها" الذي لا يمكن أن يستدرك على رأيه أحد.

"العقيد" ظهر على أنه المعصوم الوحيد الذي باستطاعته إصلاح كل أخطاء أبناء الحارة السذج الذين لا يجيدون سوى "الطاعة" تمّ رسم العقيد سياسياً على أنه "الرئيس الأبدي" الذي لا يمكن لأحد أن يفكّر أن يحلّ محله، خاصة وأن "العقيد" قد خصص إدارة الحارة لأخيه وصهره، لذا لم تتمكن الحارة من الهناء والهدوء في فترة كان فيها "العقيد" خارج الحارة في زيارة "طارئة" استراتيجيتها تنصبّ على دعم الميليشيات، وأظهر المسلسل السياسي "باب الحارة" كل الشعب على أنهم لا يجيدون سوى شراء الفاكهة واللحم والنوم والحكي، وأن نساء الشعب لا همّ لهنّ سوى "الثرثرة" والغرق في القيل والقال والذهاب إلى السحرة، بينما الحصيف الوحيد الذي ستهتزّ الحارة كلها إن مات أو غاب فهو "العقيد" البائس القاصر الذي يأمر ويطاع والذي لا يردّ له أي رأي ولا يناقش معه أي قول، ألم يحدث أكبر تفكك أسري في الحارة بعد أن سافر العقيد لمدة قصيرة؟

مشكلة المدمرة كول أنها ربما تؤثّر على الجزء الثالث المزعوم الذي كنت أتمنى على محطة راقية ومحترمة مثل mbc أن تنأى بنفسها عن الوقوع في سقطة تاريخية عبر إنتاج هذا المسلسل الضار أو رعايته، فهذا المسلسل الهابط لا يستحق سوى النقد والكشف، سيأتي الجزء الثالث بسيناريو يرسم-ربما-عصمة أشد للعقيد، الذي يواجه الضغوط من كل مكان، خاصة وأن الفرنسيين الذين يدخلون الحارة ويدخلون على أبي مرزوق في دكانه ويلتهمون "الموز" سيحضرون ربما بقوة، بعد أن انتهى الفرنسي من كل أشكال التواصل مع "الحارة " لست أدري إن كان كوشنير من "عشاق الموز" لكنني أعلم أن المدمرة كول ستكون غائبة لأن "الفرنسي" أصبح هو المجسّد للأجنبي عامةً، أما "أبو النار" فهو -ربما- الرمز لمحور الاعتدال العربي والذي يرفض أي شكلٍ من أشكال المدّ "الضبعي" على الأماكن المستقرة، لذا تم تشويهه ورسم ملامح "شريرة في وجهه" وإظهاره على أنه "العدو القريب" الذي ربما في يوم من الأيام أن يتصالح مع الحارة وأن يخضع لمشروعها التوسعي الذي لا يحد تمدده أي شيء.

"كول" لا تعرف عن الحارة أي شيء، هي تريد أن تؤمن خطتها في المنطقة، وإذا كانت الأسلحة اليدوية و "الطراطيع" التي تخرج من "الحارة" إلى "خنادق المقاومة" "كول" ستثبت أن عهد عشق الموز قد انقضى، وأن الحارة لا تعرف سوى الغناء بحتمية سقوط من "يتحدى الحارة". كول لا تجيد إنشاد الشعر، هي تجيد تطبيق "استراتيجيات" بنتْها العقول في المختبرات ومراكز الأبحاث، والقرارات التي يتخذها الأمريكي والقرارات التي جاءت بكول ليست قرارات ارتجالية كما هي حالة "العقيد" الذي يستشير "شيخ الحارة، وصهر العقيد، وأخ العقيد، وخباز الحارة" وإنما نتاج خطط ترسم على مدى عقود والمدمرة كول لم تأت إلى المنطقة لتنشد الشعر، وإنما لتفضح "الشعراء" الذين يقولون ما لا يفعلون، "العقيد" يقع على شواربه "الطير" لكنه ساذج. سيفيق "صهر" العقيد ربما من النوم-كالعادة- ليهتف بالحارة عن خطر "كول" ويرسل "معتز" إلى خاله ليوقظه، حينما يستيقظون يعلمون علم اليقين أن المدمرة لا يمكن مواجهتها ببنادق "العقيد" وموزها وخبزها. لعل حارات كثيرة تستيقظ من نوم عميق.