حينما تصبح الأيديولوجيا بديلاً عن الإنسان
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك
كيف يحدث أن تصبح الأدلجة الدينية أو الأصولية المذهبية أو الأيديولوجيا الشعاراتية والهوياتية أقوى من العقل وأثمن من الإنسان وأكبر من الوطن وأمضى من القانون.؟ لأن مَن يحتكم إلى العقل يرفض وصاية الغيبيات والقدريات والأدلجات الدينية، ويرفض شرور الطائفيات المذهبية وتعصّب الأيديولوجيات العقيمة، ومَن يؤمن بالإنسان أولاً وقبل كل شيء لا يقبل أن تحتويه الأدلجة الدينية والمذهبية والفكرية، ومَن ينشد وطناً نقياً وجميلاً خالياً من التشوهات والبشاعات والبذاءات يرفض أن يتم سحقه تحت دعاوي الدفاع عن الأجندات الحزبية أو الدينية أو الطائفية المذهبية أو الأيديولوجية، ومَن يرتضِ القانون مرجعيةً تنظّم الحياة المدنية الناعمة، يرفض أن تتم استباحته بسلاح الطائفية الأصولية، ويرفض التعالي عليه بشعارات الأيديولوجيات الدينية والقومية..
فحينما تستحوذ العقلية الدينية الطائفية على الإنسان يضيق الوطن في عينيه، فلا يتسع إلا له وحده، ويتقازم الإنسان في داخله، ويستهين بمرجعية القانون، وحينما تهيمن على الإنسان سلطة الأيديولوجيات الخانقة، يتبرّمج عقله على الرأي الأحادي، ويتنرجس افتخاراً بهويته الأيديولوجية يعتدّ بها على حساب إنسانيته ووطنه..
المؤدلجون من الدينيين يلغون عقولهم في مقابل أن تعبث بها ثقافة الغيبيات والقدريات والشموليات الدينية والمذهبية، ويهينون أوطانهم في مقابل التعلق بأوها بالخلافة الإسلامية، وفي مقابل التغنّي بأحلام الأمة الإسلامية، وفي مقابل السعي لتطبيق نظام الوصاية الفقهية، ولا يعترفون بالإنسان كائناً صانعاً لوجوده واختياره وقراره وحريته، ويقفزون على القانون لأنه بشري وأرضي وقاصر عن الإلمام بكل شيء..
وأين الخطأ في أن يحدث ذلك كله.؟ الخطأ يكمن في أن تنتصر الخرافة والوهم على العقل، وأن تنجح الطائفية المذهبية في تمزيق الوطن، وأن تسلب الأيديولوجيا حق الإنسان في التفكير والاختيار والوجود والمساءلة، وأن يصبح التحزب الديني فوق القانون..
وحينما تجد مجتمعاً تعبث فيه هذه الآفات وتفتكُ به هذه الاعتلالات المزمنة، ستجد مجتمعاً تتغذى بيئته الاجتماعية والثقافية على الوهم وعلى التوارث اليقيني لاعتقاداته الغيبيّة السالبة لإرادة الإنسان، وتتغذى على الانقسام المذهبي وعلى تناسل الأيديولوجيات الضيقة والخانقة، وستجده مجتمعاً يقتات على الموروث الديني كهويةٍ حضورية في المشهد الحياتي، وستجده رافضاً للحداثة ومنساقاً للتعصب والتزمت والكراهية، متمسكاً بالماضوية المهلكة المعيقة للتفكير والإبداع والتساؤل، وستجده مُعلياً من شأن المقدس على حساب الإنسان، ولذلك ليس غريباً والحالة هذه في مجتمعاتنا أن تصبح الخرافة والأوهام والغيبيات فيها بديلاً عن العقل والعقلانية، وأن تصبح الأيديولوجيا بديلاً عن الإنسان والإنسانية، وأن تصبح الطائفية المذهبية بديلاً عن الوطن والمواطنة، وأن يصبح الديني بديلاً عن المدني والمدنية..
وأين الخطأ في أن يتحيّز المجتمع بشكل نهائي وقطعي لاعتقاداته وتفسيراته وأحكامه في التعصّب المذهبي والتحزب الديني والطائفي والأيديولوجي، مؤكداً عليها من خلال نمذجتها وفرضها والتمظهر والتمسرح والاستعراض بها، بالطبع فهي في حسابهم ليست خطأً يجب التنبّه له وتلافيه والرجوع عنه، بينما في حسابات المنطق والعقل خطأ لا تستقيم معه الحياة وترفضه الإنسانية العقلانية، ولكنها في نظر تابعيها ومتبنّيها والمؤمنين بها ليست خطأً على الاطلاق، بل تمثل الحقيقة التي لا جدال فيها ولا اعتراض عليها، حيث يصبح الاعتقاد الديني المشحون بنبرة التوجس من الآخر مسلكاً معتاداً في الذهن والفعل والتوجه، وثقافةً في العقل الجمعي، ومؤسِساً للهوية الدينية الجمعية التي تُجذر في المجموع وعيهم العدائي التلقائي للآخر، أياً كان الآخر، ويكمن الخطأ أيضاً في أن تصبح الطائفية المذهبية لدى هذه المجتمعات استحضاراً للماضوية التاريخية الخاصة بكل طرف فيها، وهي التي يجب أن تنتصر وتسود وتسيطر في النهاية، وهي التي لها الحق المطلق في احتكار الحقيقة واحتكار الوطن واحتكار الإنسان، وهي الأنموذج الذي يجب أن يحتذى به، لاغيةً بفعل استرجاعاتها التراكمية لموروثاتها التلقينية واليقينية والخطابية والثأرية وعي الإنسان بحاضره، فالمطلوب منه أي من الإنسان في هذه الحالة عدم الخروج من ماضيه الذي توارثه رغماً عنه، وقد يكون ماضياً قبيحاً، ولكنه لا يراه كذلك..
والأمة التي تعيش فقط في ماضيها لا تستطيع أن تصنع حاضراً يتفتّح على المستقبل، بل على العكس من ذلك ترى في استدعاء الماضي انتصاراً لهويتها المذهبية التوارثية الطامسة للعقل والمدمرة لكينونة الإنسان الذاتية والهادمة لمساحة الوطن في داخله، ولذلك تبقى هذه المجتمعات خائبة وتعيسة ورديئة وفاقدة للجمال والموهبة والحب والهدوء والوقار الثقافي، لأنها تحتكم للخرافة وتستهوي الوهم وتستلذ بالطائفية وتنتشي بالأدلجة وتستعذب الفوضى والتخلف والصخب والدمامة..
ومَن يرَ في الطائفية المذهبية وفي الأدلجة الدينية والفكرية وفي ماضوياته الاحترابية قوةً وبريقاً وجمالاً والتذاذاً أرفع من العقل وأثمن من الإنسان وأكبر من الوطن، سيبحث عن ذاته وكيانه وتاريخه ومجده وانتصاراته في نماذجَ بشرية دينية وقومية أصولية ومؤدلجة استفرغتها في المشهد السياسي والاجتماعي والثقافي مناخات التعصب الطائفي والديني والقومي والماضوي، سيبحثُ عن قوته متفاخراً ومزهواً بها في بشاعة الإرهاب الديني وفي نزق الصراعات العبثية الصاخبة، وسيبحثُ عن بريقه في كراهيات ماضوياته المذهبية الاحترابية، وسيبحثُ عن لذته في استفراغاتهِ لموروثاته التعصبية، وسيبحثُ عن جماله في الأدلجات الدميمة، وسيبحثُ عن وطنه بين خرائب صراعاته الطائفية، وسيعثر في النهاية على عقله وإنسانيته وقد تلطخا في أوحال الطائفية والأدلجة والكراهيات..
الطائفيون والمؤدلجون الدينيون السائرون في غمار الأصوليات الهوياتية والطائفية والخطابية، عادةً ما تدفع بهم رغبة متخمة بنشوة الاعتداد الهوياتي الديني المؤدلج للتسلط والاحتكار والاستحواذ، وتدفع بهم رغبةٌ مترعة بشهوة التحكم والسيطرة للافتراس والعداء والتحارب، فهي الرغبة التي تساوي ما في داخلهم من مستويات إيمانية يقينية وغيبية بمعتقداتهم وتعاليمهم وتوجهاتهم، وهي الرغبة ذاتها التي تستبدل بالعقل الوهم والخرافة، وتستبدل بالإنسان الأيديولوجيا، وتستبدل بالوطن المشاريع الطائفية، وتستبدل بالقانون الفوضى والعبث والهمجية، إنها الرغبة التي تصنع من كل هذا الحطام المتكوّم في طريقها، تصنع منه أصناماً في حضرة كل ذاك الحطام منتعشةً بالخنوع والاستسلام والخدَر، ألا ترونهم يعلنون الانتصار بالموت وبالخراب على الحياة، ويشوهان بهما ألقها وجمالها هنا وهناك، فهي الرغبة التي تمنح صاحبها لذة الافتتان برعشة الانتصار الزائفة..
والعجز عن استخدام العقل بانشغاله وانفتاحه على المستجد والمختلف والمتغير والمتنوع، والعجز عن الخروج به من شرور الأدلجات والأصوليات الدينية والماضوية والطائفية، ألا يعني ذلك في المقابل العجز الكامل عن اجتراح صيغ التعايش مع الحداثة والإنسانية والتعددية والمنطق والجمال والإبداع، إنه العجز الذي يبرر لصاحبه شبقه الشعوري المغرم بحالتهِ الدينية التي ينصهر فيها قبولاً وافتتاناً ورضىً، وهو الشبق الذي يُبقيه على تواصل حميمي مع أوهامه وشروره وطائفيته ومعتقداته المؤدلجة، وانطلاقاً من ذلك يزداد المؤدلج الديني والطائفي إيماناً بتعاليمه ومعتقداته وثوابته وتوجهاته، لأنها تحقق له نشوة الانتصار على الحياة وعلى الآخر وعلى الجمال والتقدم بالصراخات والبذاءات والتوبيخات والتحقيرات، أوَليس قاموسه يتدافع متفجّراً بالتعنيفات والعداوات واللعنات والتهديدات والترهيبات، ومَن لا يستطيع التطهّر من أدران الدمامات الطائفية والأصولية في أعماقه، لا يستطيع أن يبني عالماً من الجمال والحب والتسامح والإستقامة، لأن واحدةً من أكثر اشتراطاته في الحياة تنفيذاً وسعياً، احتكاره للحقيقة والتاريخ والحياة والإنسان، احتكاره لكل ذلك وفقاً لحساباته في الوصاية والحاكمية والتوجيه والتسلط والاستحواذ، وهو الاشتراط الذي يمنحه يقيناً مطلقاً بسلامة وعظمة وصفاء قناعاته ومسلّماته وتوجهاته..
علينا أن نعترف بأن المجتمعات التي تؤمن بالعقل وترفض الخرافة والوهم، وتؤمن بالإنسان وتسمو به على الأدلجة، وتؤمن بالوطن وترفض الطائفيات الأصولية الانقسامية، وتؤمن بالقانون وتنبذ العبث والفوضى والهمجية، هي مجتمعات متحضرة تتخلق بجمال العقل والإنسان، وتزهو بالحب والتسامح والإبداع والنظافة، لأنها صانعة لكل ذلك في بيئتها النظيفة التي تأبى التلوث والاختناق بشرور الأدلجات الطائفية والأصوليات المذهبية والدينية والعقائدية والهوياتية..
محمود كرم
كاتب كويتي
tloo1@hotmail.com
التعليقات
مقال بديع ومفيد
صبري يوسف -الكاتب العزيز محمود كرم، مقالك بديع ومفيد، هذه الرؤية التي ترسمها تنشل المجتمع في دنيا الشرق من الاحترابات والصراعات المريرة التي تعاني منها الأوطان منذ عهود خلَت، فإلى متى سيبقى الإنسان في عالم الشرق بعيداً عن أهدافه الإنسانية الراقية وبعيداً عن المنحى الذي يقوده إلى سلم حضارة العصر؟!!! طرحتَ رؤى ووجهات نظر في غاية الروعة، وتحتاج إلى عقول متفتحة وآذان صاغية، انقاذا للأوطان الغارقة في المتاهات ... مع خالص المودّة والإحترام، صبري يوسف ـ ستوكهولم
مقالة بأهمية ورائعة!
كركوك أوغلوا -نعم أن ثقافة الموت وقدسية الآخرة ونبذ ثقافة الأنسان التي تعني الحياة في جنة الأرض وتقدسها , هي الطاغية في معظم مجتمعاتنا العربية , والعراق مثالا حيا لهذه المأساة التي تم فيها أختزال الأنسان والمجتمع والوطن والحضارة الرافيدينية , جميعها بالخرافات والأساطير والغيبيات بمراجعها المختلفة ؟؟!!00ولكن لاحياة لمن تنادي !!00لأن الظلام والأمية والشعوذة بدأت تغسل ما تبقى من العقول ؟؟!!00شكرا أيها الأستاذ وشكرا لمنبر أيلاف , لأن وجود أمثالكم هو الأمل لأن ثقافة الحياة لابد وأن تنتصر في النهاية ؟؟!!00
حنانيك ايها الكاتب
المطيري -نحن ضد الطائفية والحزبية الخ ونحن كذلك ضد تصنيم العقل وجعله وثن يعبد من دون الله ان العقل جزئي وقاصر عن ادارك الامور انك اذا نزلت بارض غريبه واحتجت الى معرفة شارع فانك لا تركن الى عقلك لانه قد يقودك الى حتفك ولكنك تسأل او طفل او انسان تراه اين الطريق الفلاني او المكان الفلاني كل الناس يعرفون الله سبحانه وتعالى بالعقل لكن هذا العقل لا يدلنا على كنه هذا الاله ومطلوباته ومن هنا كان ارسال الرسل وانزال الكتب ان الادلجة العلمانية واللادينية العن الف مرة من الادلجة الدينية لقد ابادت العلمانية واللادينية ملايين البشر وحصدتهم حصدا باسلحة اخترعها العلم فبعد ان كان القتل فرديا وباسلحة بدائية صارت القتل جماعيا وبافتك الاسلحة من جرثومية وكيماية وذرية انها نتاج الحضارة الغربية العلمانية اللادينية ذات التوجهات الجشعة التي تسببت في قتل الانسان ماديا ومعنويا واضرت بالكوكب ايما اضرار فقضت على الجمال والحق والخير .
العقل العقل 1
عبدالعليم -العقل في اللغة : مصدر عقل يعقل ، وأصل مادته الحبس والمنع ، وسمي عقل الإنسان عقلاً لأنه يعقله أي : يحجزه عن الوقوع في الهلكة ، ولذا سمي أيضاً حجراً ، لأنه يحجره عن ارتكاب الخطأ ، وسمي كذلك : نهية ، لأنه ينهى صاحبه عن فعل ما لا يحمد .وقال بعضهم : أنه مشتق من المعقل ، وهو الملجأ ، فكأن الإنسان يلجأ إليه في أحواله .ويطلق العقل في الاصطلاح على معان منها : 1- الغريزة المدركة التي ميز الله بها الإنسان عن سائر الحيوانات ، وهذه التي يسقط بفقدها التكليف الشرعي .2- المعارف الفطرية ، والعلوم الضرورية التي يشترك فيها جميع العقلاء ، كالعلم بأن الكل أكبر من الجزء ، وأن الحادث لا بد له من محدث ونحو ذلك من العلوم الأولية الضرورية .3- ويطلق كذلك على : إدراك المعارف النظرية ، وما يستفاد من التجارب الحسية ، ومنه جرى إطلاق العلم على العقل ، ويسمى فاقد هذا جاهلاً وأحمقاً وهو يختلف عن المعنى الأولى من جهة أنه لا يسقط التكليف .4- ويطلق أيضاً على العمل بمقتضى العلم ، ويدل عليه نفي الكفار للعقل عن دخولهم نار الجحيم كما قال سبحانه : ( وقالوا لو كنا نسمع أو نعقل ما كنا في أصحاب السعير ) ، ويسمى العقل بهذا الإطلاق : معرفة وبصيرة .قال ابن القيم : العقل عقلان : عقل غريزي طبعي ، هو أبو العلم ومربيه ومثمره وعقل كسبي مستفاد ، وهو ولد العلم وثمرته ونتيجته ، فإذا اجتمعا في العبد استقام أمره ، واقبلت عليه جيوش السعادة من كل جانب ، وذلك فضل الله يؤتيه من يشاء ، وإذا فقدهما ، فالحيوان البهيم أحسن حالاً منه ، وإذا فقد أحدهما أو انتقص ، انتقص صاحبه بقدر ذلك مفتاح دار السعادة .
العقل العقل 2
عبدالعليم -منزلة العقل .العقل شرط في معرفة العلوم ، وفي الأعمال وصلاحها ، وبه يكمل الدين والعمل ، ولكنه لا يمكن أن يستقل بذلك ، حيث أنه غريزة في النفس وقوة فيها مثل قوة البصر ، وحين يتصل به نور الإيمان والقرآن كان كنور العين حين يلاقي ضوء الشمس ، فإن انفرد لم يستطع إدراك ما يعجز عنه لوحده .والمذهب الحق في الموقف من العقل هو الوسطية بين من جعله ن أصول العلم والوحي تابع له ، وبين من يذمون العقل ويرون أن الأحوال والمقامات والمواجيد لا تكون إلا مع غيابه .وأخطأ من ظن أن دلالة الكتاب والسنة قاصرة على الأخبار المجردة من الأدلة العقلية ، وأنها موقوفة على العلم بصدق المخبر ، وما يبنى على صدقه من المعقولات المحضة .فإن الله تعالى قد مد واثنى على ذوي العقول والألباب ، تلك العقول التي تتدبر في خلق الله ، وتجول في بديع صنعه تتلمس آثار قدرة الخالق عز وجل كما قال تعالى : ( إن في خلق السموات والأرض واختلاف الليل والنهار لآيات لأولي الألباب الذين يذكرون الله قياماً وقعوداً وعلى جنوبهم ويتفكرون في خلق السماوات والأرض ربنا ما خلقت هذا باطلاً سبحانك فقنا عذاب النار ) .وقد وردت مادة العقل في كتاب الله تسعا وخمسين مرة ، هذا بالإضافة إلى مرادفاته مثل : الألباب والحجر والأحلام ، وهكذا أفعاله كالتفكر ، والتذكر ، والتدبر ، والنظر ، والاعتبار والفقه ، والعلم ..... الخ ولا أدل على اهتمام الإسلام به من جعله مناطاً للتكليف ، حتى عد فاقده كالبهيمة لا تكليف عليه ولا اعتبار لتصرفاته .وهو ايضاً أحد الضروريات الخمس التي أمر الشرع بحفظها ورعايتها ، والتي يبنى عليها صلاح الدين والدنيا .قال ابن تيمية : عدم العقل والتمييز لا يحمد لحال من جهة نفسه ، فليس في كتاب الله ولا سنة رسوله صلى الله عليه وسلم مدح وحمد لعدم العقل والتمييز والعلم ، بل قد مدح الله العمل والعقل والفقه ونحو ذلك في غير موضع ، وذم عدم ذلك في مواضع . الاستقامة 2/157 .ولذا فإن في الكتاب والسنة لمن تأملهما من الأدلة العقلية ما تقصر عنه عقول كثير من ارباب الفلاسفة والكلام .قال ابن تيمية : إن ما عند النظار من أهل الكلام والفلسفة من الدلائل العقلية على المطالب الإلهية ، فقد جاء في القرآن الكريم بما فيها من الحق ، وما هو أبلغ وأكمل منها على أحسن وجه ، مع تنزهه عن الأغاليط الكثيرة الموجودة عند هؤلاء ، فإن خطأهم فيها كثير جدا ً ، ولعل ضلالهم أكثر من
العقل العقل 3
عبدالعليم -تسليم العقل للشرع بعث الله محمداً صلى الله عليه وسلم بالهدى ودين الحق ، وجعله خاتم الأنبياء ، وإمام المرسلين ، وقد أغلق الله جميع الطرق إلا الطريق الموصل إليه من جهة النبي صلى الله عليه وسلم كما قال سبحانه : ( وأن هذا صراطي مستقيما فاتبعوه ولا تتبعوا السبل فتفرق بكم عن سبيله ذلكم وصاكم به لعلكم تتقون )والنبي صلى الله عليه وسلم هو الذي يهدي لهذا الصراط المستقيم كما قال سبحانه : ( إنا أرسلناك شاهداً ومبشراً ونذيراً وداعيا إلى الله بإذنه ) وقال عز وجل : ( وإنك لتهدي إلى صراط مستقيم صراط الله الذي له ما في السماوات وما في الأرض ) .فلا يعبد الله تعالى إلا بما شرع النبي صلى الله عليه وسلم كما سبحانه : ( ومن يشاقق الرسول من بعد ما تبين له الهدى ويتبع غير سبيل المؤمنين نوله ما تولى ونصله جهنم وساءت مصيراً ) .وقد أكمل الله به صلى الله عليه وسلم دينه فلم يحوج أمته إلى رأي غيره كما قال تعالى : ( اليوم اكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا ) . ولذا ذم الله تعالى من لم يكتف بالوحي المبين فقال : ( أولم يكفهم أنا أنزلنا عليك الكتاب يتلى عليهم إن في ذلك لرحمة وذكرى لقوم يؤمنون ) .ولو كان الدين ناقصاً ما حكم الله له بالكمال ، وشهد للرسول للبلاغ كما قال سبحانه : ( يا أيها الرسول بلغ ما أنزل أليك من ربك وإن لم تفعل فما بلغت رسالته والله يعصمك من الناس ) .وقد أشهد النبي صلى الله عليه وسلم ربه بتبليغ الدين في أفضل يوم كما جاء في حجة الوداع أنه قال : هل بلغت ؟ قالوا : نعم قال : اللهم اشهد . رواه البخاري 2/191 ، ومسلم 3/1307 .قال ابن القيم : وبالجملة فقد جاءهم بخير الدنيا والآخرة برمته ، ولم يحوجهم الله إلى أحد سواه ، فكيف يظن أن شريعته الكاملة التي ما طرق العالم شريعة اكمل منها ناقصة تحتاج إلى سياسة خارجة عنها تكملها ، أو إلى قياس أو حقيقة أو معقول خارج عنها ، ومن ظن ذلك فهو كمن ظن أن بالناس حاجة إلى رسول آخر بعده . اعلام الموقعين 4/276 .ويتضح موقع العقل من الأدلة الشرعية ، ومصادر المعرفة حين ندرك ان العلوم من حيث إدراك العقل لها ثلاثة أقسام : الأول : العلوم الضرورية الفطرية : وهي التي لا يمكن التشكيك فيها .الثاني : العلوم النظرية المكتسبة بالنظر والاستدلال وهي نوعان :أ : ما تمحض العقل فيه نظراً واستدلالاً كعلوم الطبيعة والطب والصناعات ... الخ .ب : ما اشتر
احسنت
ayya -استاذي العزيز محمودالمخ ما هو الا عضله في راس الانسان، مثله مثل اي عضله في الجسم ، اذا لم يتم استخدامه يتوقف عمل العقل او يتراخي. و لذا يسمي العقل رياضه فكريه.و النظم الشموليه كالنظم الدينيه و الماركسيه و الشيوعيه تخدر العقول و ترخيها، منهيه بذلك دورها لانها، اي هذه النظم، هي التي تفكر عنه و تخليه من المسئوليه. فالنظم الشموليه لا تعترف بالفرديه و لا بالتفكير الفردي. بل تعتبر الفرديه خطرا عليها. و هنا يصبح الانسان كالطفل او كالابله يحتاج الي ان يرجع دائما و ابدا الي جماعته لتسيير ادق شئون حياته. و من هنا تنشآ الطائفيه و الحزبيه و تختفي خصوصيه الفرد لتطغي عليه شخصيه الجماعه. و النظم الدينيه هي الاخطر من بين النظم الشموليه لانها تمزج العاطفه بالغيبيات علي عكس النظم الاخري. و هذا ما يؤدي الي استمرارها علي مدي العصور و من الصعب جدا التغلب عليها. فكثير من النظم الشموليه مثل الشيوعيه ظهرت في التاريخ و تقهقرت، و لكن النظم الدينيه و الطائفيه باقيه و الي الابد تظل متجدده. قد يخبو اثرها في المجتمع لحين. و لكنها تكشر عن انيابها عند اول محرض، تماما كما حصل عندنا في الكويت مؤخرا و من قبل الطائفتين.