أصداء

مجتهدون نعم مالكون للحقيقة لا

قراؤنا من مستخدمي تويتر
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك

مسكين جدأ ذلك الإنسان الذى يظن أنه يملك الحقيقة فى يديه، واستحوذ عليها، وصارت تحت إمرته، يتصرف فيها، ويحركها ويثبتها، ويظهرها ويخفيها، عندما يريد وحيثما تسمح نفسه بذلك، وبعد ان يتشاور مع عقله الأوحد، وفكره الأعظم، الذى لا يدانيه فكر، ولا يصل إلى مكانته عقل إنسان مهما كان 00فقد صارت الحقيقة جزءأ من ممتلكاته، ولا يحق لمخلوق أن ينافسه فى ملكيتها، وإلا كان النقد القاتل، والترويع والتخويف، والوعد بالويل والثبور وعظائم الأمور نصيب ذلك المتهور الذى يريد ان يتنافس معه فى معرفة الحقيقة وأقول هنا معرفة وليست ملكية لأن السيد الفاضل مالك الحقيقة هو وحده مالكها 0


ولست أعرف ولست أدرى ولست افهم لأى سبب ولأى هدف يعيش هذا الإنسان المسكين - مالك الحقيقة mdash; فى هذا الوهم القاتل والكابوس المفزع الذى لن يستيقظ منه إلا فى قبره مضيعأ بذلك حصاد وشقاء عمره فى الإختباء وراء وهم مزعج إسمه ( ملكية الحقيقة ) ويعلم الله تعالى أن الحق والحقيقة ملك لقيوم السماوات والأرض وحده بلا شريك، فأى بئر سحيقة سقط فيها هذا الجانى على نفسه، المناقض لكل كتاب سماوى، المحارب للعقل والفكر والكرامة الإنسانية، الداعى لعبادته بدلأ من عبادة الحى القيوم، والذائد عن نفسه لدرجة التورم العقلى، والحارق لغيره بأبشع انواع التهميش والتصغير والتحقير فكأنه وحده الذى يعرف وغيره يجهل، وهو وحده الذى يفكر وغيره يتخبط، وهو وحده الذى يتدبر وغيره يتعثر، وهو وحده الذى يرى وسواه اعمى، وهو وحده الذى يسمع وسواه أكمه، وهو وحده الذى يفقه وغيره أبله، وهو وحده القوى وغيره ضعيف، وهو وحده الثقيل وغيره خفيف، وهو وحده الفاهم وغيره ناقم، وهو وحده الذكى وغيره غبى، وهو وحده الجدع وغيره يضرب الودع، وهو وحده الوسيم وغيره دميم 00


إنه شخص متفرد بذاته، يعيش فى ملكوت ملذاته، وجبروت شهواته هذا الذى ينفى كل النعم الربانية عن بقية العباد، ويثبتها فقط لذاته ويسخرها لمتعه ولذاته، ويجود ببعضها على أقاربه وذواته ومجامع أشتاته، فهو شقى بكبره، ميت كأنه بقبره، سخيف يخيلائه، وضيع حتى فى أبهى ردائه، هذا الذى يريد سرقة الحقيقة وجعلها حكرأ له من دون العباد، وكأن الناس خلقوا لكى يلتفوا حوله ويستجدوا عطفه فيتنازل من علياء سمائه، وينسى جزءأ يسيرأ من حقده وكبريائه فينظر إليهم ويتكلم معهم وكأنه واحد منهم والحق أنه كذاب أشر، وأشر نفر والبعد عنه غنيمة، والقرب منه جريمة0
طبعأ لا يوجد شخص بعينه أقصده بمقالى، ولكن توجد صفات ممقوتة فى بعض المسوخ البشرية التى غواها الشيطان الرجيم، وطغى عليها الحقد ولفها الكبر على العباد، فظنوا كما ظن إبليس من ذى قبل أنهم خلقوا من طينة أغلى وقماشة أعلى وصنعة خصوصية خصصها رب الكون لخلقهم فتعالوا على الناس، والناس عند الله أعظم منهم، وإليه اقرب والله أعلم وأعظم


لو أردت نقاشه فى مسألة، تحول الموقف إلى مهزلة، فهو لا يطيق الحوار، ولكنه يقدس الموافقة على ما يقول وكأنه يتكلم مع عجول، ولا يطيق رفض وجهة نظره فهو فوق وغيره تحت فكيف يتطاول التحتيون على الفوقيين، وكيف يتجرأ الاراذل على ألأكابر، وكيف تناقشه وهو أصلأ لا يراك، فقد عميت عيناه ليس من مرض ولكن من حقد، وقد صمت أذناه ليس من صمم ولكن عن عمد، وقد تدرب لسانه على القذف والسب والشتم لكل من خالفه، والمدح والتبجيل لكل من وافقه فهى صفات عربيد عتيد، وعتل زنيم، لا يرقى للفكر الإنسانى المستنير ولا يتأتى له أن يحسب بشرأ، بل هو ذئب يفترس حق الناس فى الكلام والفهم والرفض والثورة على الباطل، ويفترس حقهم فى الحرية بكل ما تحمل كلمة حرية من معان، ويفترس حقهم فى أن يكونوا رأيأ ما فى مسألة ما وأن يكون لهم فكرهم الخاص ووجهة نظرهم التى يجب أن تحترم مهما كانت مخالفة لمعتقداته وافكاره وآرائه0
الإنسان مخلوق مميز بالعقل والفكر والإدراك والفهم وتكوين وجهات نظر فى كل منحى من مناحى الحياة، بل لقد كرم الله الإنسان لدرجة أنه حر طليق يفعل ما يشاء - دون إضرار الآخر طبعأ - لدرجة إطلاق الحرية الدينية لمن شاء أن يؤمن بالله الذى خلقه أو يكفر به والعياذ بالله تعالى فقد حكى القرآن الكريم عن نبى الله إبراهيم الخليل عندما دعا ربه ان يرزق أهل مكة ( بلد الكعبة الشريفة) من آمن منهم بالله واليوم الآخر وخصص الدعاء للمؤمن فقط ولكن الله الغنى القوى العزيز الكريم قال ومن كفر فأمتعه قليلأ - أى فترة حياته الدنياmdash;ثم أضطره إلى عذاب النار وبئس المصير وقرر المولى سبحانه أن يرزق الكفرة كما يرزق المؤمنين فى الدنيا ولكن فى الآخرة شأن آخر فمال هؤلاء القوم لا يكادون يفقهون حديثأ
فيا ايها الواهم ظلمأ انك تملك الحقيقة0000 رويدك
ويا ايها الناظر للناس من فوق وهم - فى رأيك - تحت
ويا ايها المعتقد زورأ وجورأ أنك على الحق وغيرك باطل
ويا كل إنسان متكبر على خلق الله لأى سبب من الأسباب
أفيقوا قبل فوات الأوان وقبل ان يأتى يوم لا ينفع فيه مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم 0


حسن أحمد عمر
كاتب مصرى
http://abohamdy.blogspot.com
عاشق الحب والسلام

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
التعدد هو الأصل
mido eddo -

سلمت يدا من خط تلكم الكلمات. نعم الحقيقة ليست ملكا لأحد، فما بالك بجيران لك في زاوية الرأي يسفهون كل من يقول قولا او يعتنق فكرا أو يحيد قيد أنملة عن الأجندة التي يعلمون لها وبها. أحدهم، ويا للحزن، يطلق العنان لفكره، الذي أراه أنا مريضا وشاذا، وأقبل أن يراه آخرون سليما طبيعيا، لسب ويلعن قوم لا يختلفون عنه في شيء إلا أنهم يعتنقون ملة غير ملته، وينفخ في وجوهنا بفحيح الأفاعي مرة بعد مرة، وأتساءل، كما تتساءل أنت تماما، أي رسالة يعيش من أجلها مثل هذا الرجل المسكين الحزين، في رأي، والذي قد يراه آخرون بطلا وبهيجا. المخزي حقا، هو أنه أن هؤلاء البشر إذا أعادوا قراءة ما يكتبون ويقولون، قراءة متأنية لأدركوا أنهم يجافون العقل وطبيعة البشر التي جبلوا عليها، فالتعدد هو الأصل.

إليك أقرأ
إبراهيم أبو أحمد -

طوال يومي أبحث عن موضوع ذو قيمة كيلا يضيع الوقت الذي خصصته لنفسي لأطلع على ما يُكتب في الصفحات الإلكترونية فلم أجد أفضل من هذا الموضوع. أشكر إيلاف على نشر مقالك كونه بلسم نحتاجه هذه الأيام. شكراً للكاتب القدير عاشق الحب والسلام حسن أحمد عمر.