مصرنة..أسرنة..فتحنة..حمسنة
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك
في عهد الإدارة المصرية كان كل شيء عندنا ممصرنا.. الهوى والتاريخ و السياسة والتعليم والثقافة..!!
كنا نعرف بأمر المنهاج المقرر عن الفراعنة أكثر مما نعرف عن الكنعانيين من عميان المخيم..!!
ونعرف عن مدينة طيبة القديمة أكثر مما نعرف عن قرية دير ياسين..!!
كنا نأكل ونشرب ونتنفس جمال عبد الناصر، ونصحو كالمصريين على صحن "أبو عشرة " يعني اكس لارج من الفول المدمس بالشطة وكله بقرش أوتعريفة، ونتغدى على الراديو أهلي وزمالك،ونسهر على تلفزيون المقهى مع فاتن حمامة وعمر الشريف، وننام لوعة وتنهدا على صوت الست والعندليب وفريد الأطرش..!!
إلى أن صحونا في يوم حزيراني أسود لنجد أن الإمبراطورية المصرية قد انهارت كما قصر من ورق..!!
وبدأنا نعيش عصر الأسرنة، وأخذت كلمات شالوم وبسيدر وشمينت كيسف وأغورة وناخون..... طريقها الى أحاديثنا، وصرنا نتفاخر باعوجاج ألسنتنا كاليهود.. ونلبس مثلهم ونشاهد تلفزيونهم، ونتشبه بنجومهم نونتفاخر بمغامراتنا الساخنة في تل ابيب وهرتسليا ودوار يبنا..ونصرف كل مانكسبة من المناهيل على بطوننا ومتعنا..ونسينا لوقت النكبة والوطن.. باستسلامنا لبيرة المكابي وخدر الهزيمة.!!
كانت هبات من الوطننة والفلسطنة بأثر مقاومة البترودولار تلفح وجوهنا،وتوقظنا أحيانا مع عملية فدائية هنا وسقوط شهيد هناك. وسرعان ما نعود الى رياضتنا المحببة.. الهروب والتسفع والاسترخاء في ظل واقع ضبابي لزج..
ثم جاءت انتفاضة الحجر العفوية والبريئة كفصل صيف حار طويل معمس يالدم المقاوم.. تجلت فيه الوطننة والوحدنة بأروع مظاهرها..من تظاهرات.. إطارات مشتعلة.. قذائف حجرية موجهه..إضرابات.منع تجول..اعتقالات.. ومع مرور الوقت ركب الانتفاضة من ركب فتحولت الوطننة إلى فصلنة وخيلنة وهمجنة..!!
وجاءت السلطة..لنشهد عصر مماليك الفتحنة بكل إبداعاته من فساد وإفساد ومن صفقات ومافيات..ساطات وانفلاتات وهيمنات وإتاوات..فتذوقنا حلاوة الأمن الوقائي وأمن المؤسسات والاستخبارات،وصرنا نستدعى بتحية الوطن الى "أبو زنيط "كما كنا نستدعى الى موشيه أو شلومو..!!
كان "الختبار" بكل ايجابياته وسلبياته ممسكا بكل شيء،وبعدما غادر نا مسموما انهارت الخيمة..!!
ويمضي بنا قارب التاريخ ليرسو بنا كما يعرف الجميع.عند عام الانتخابات التي ا فرزت عباس رئيسا وحماس حكومة..وجرت محاولات قاهرية ومكية لفلسطنة المسيرة..فكان الفشل حليفها.لان المولود الفلسطيني ولد مشوها برأسين واربعة أرجل..!!
وكان الحسم العظيم..!!
لتشهد غزة من بعده حمسنة واضحة وحثيثة شملت كل شيء تقريبا..المؤسسات الحكومية.اسماء الميادين والشوارع..المساجد.. الوظائف.. النفوس وبالمقابل شهدت الضفة فتحنة وقائية واسعة بالمصفحات الروسية والبنادق الاتوماتيكية والخطط الدايتونية خوفا من حمسنة مباغتة..!!
ولعل أهم ما يميز عصر الحمسنة هنا هو اننا نعيش الحصار باليومية واليوم اللي راح أحسن من اللي جاي ولسان حالنا "جاي يازلام جاي " فالطوابير على المخابز ومحطات الوقود يعد أن بأخذالمتنفذون حصصهم..فلتر البنزين أو السولار أصبح أغلى من لتر الدم..!! ولا أستبعد أن يهادي الخطيب خطيبته غدا "لتر بنزين" أوكتان 95 ملفوفا بورق سوليفان..!! بدلا من "جوز حية" أو عقد من الذهب عيار 21
كذلك الجاهزية العالية لردع وخطف من تسول له نفسه أن بفتح ساكنا..!!
بينما يميز عصر الفتحنة هناك كثرة الحواجز وتزايد الاستيطان و تعدد اللقاءات وارتباك التصريحات وكاننا نسمع طحنا ولانرى طحينا..!!
فمن أرضى فياض فاضت عليه النعم ومن أغضب الاجهزة فقد حلت عليه النقم و ياويله من يضبط وهو يحمس طفلا أو قطة..!!
لكن ما يلفت نظري حقا هو انتشار الدجالين والسحرة والمشعوذين في غزة المحمسنة والضفة المفتحنة..تماما كما ينتشر أشباه لهم في الشارع السياسي..!!
فنقرأ في غزة عن "أبو خليل "الذي بعالج عقم النساء عن طريق شمهورش وبوسائل جنسية مبتكرة..!!
ونقرأ في الضفة عن مثيل له في الخليل بعالج الأمراض المستعصية بالهمس واللمس..!!
ماذا فعلت حماس بدعاتها ومدعيها إزاء ممارسات ابي خليل، ووسائله المخجلة،وهي حامية الحمى والدين..؟!!
وماذا فعل عباس وكتبته ومثقفيه في مواجهة الأمية الاجتماعية المتوطنة..!!
نعم..يليق جدا بعصر الطوائف والشرذمة كوكبة من أخبار الدجل وبركات الشعوذة وتمكين الجهل..!!
ساتغاضى عن تعطل 8000 سيارة أجرة..حبا في مقاومة الحصار..!!
وسأتجاهل ما أكلناه من طحين فاسد لا يصلح للاستخدام الآدمي على مدى 6شهور حتى كدنا ننهق..أملا في تصاعد الدخان الأبيض من اجتماعات البابوات الفلسطينيين..!!
ولكني اشهد شهادة لله والتاريخ أن ما يجري في غزة والضفة من تراشق بالاتهامات وعناد وحرب اعلامية هو عيب في حقنا كشعب صابر، وهو أيضا بمثابة سيف في رقابنا يجزنا جزا وبلا رجمة ذهابا بيد حمساوية وإيابا بيد فتحاوية..!!
أما بالنسبة لبعض القراء الأعزاء الذين تغضبهم كلماتي..فيبرطمون ويصنفون.ويشنعون ويتهمون..ويتوعدون فاني أؤكد على افترابي منهم بقدر ما يقتربون من فلسطينيتهم،ولا يهمني في قول الحق مع احترامي للجميع رضا أو غضب أحد بعد راحة ضميري..،
لذا أقول مختتما..
إن من حق حماس أن تعيش أزهى أيامها بالطول والعرض كما عاشت فتح من قبل..،ولها أن تحمسن كل شيء حتى الهواء.. والماء والدقة والزعتر..وكله بحسابه..!!
وما جرى في جامعة الأزهر مؤخرا كما جرى في جامعة النجاح مقدما يندرج في هذا الإطار..
ولا تعليق..!!
توفيق الحاج