اربطوا الحزام

مسكين الشعب المصري، كلما تقدم الزمن كلما زادت مشاكله وآلامه، عاش على شعارات زائفة فارغة بذل الغالي والثمين لينعم بالرخاء معتقد أنها فترة من الزمن، ولكن الواقع أثبت العكس؛ إنها ليست فترة من الزمن بل هي الحياة.

فمنذ انقلاب العسكر يوليو 1952 وكان شعار ثورة يوليو 1952 هي "الاتحاد والنظام والعمل" (نفس شعار سالازار في البرتغال) ومع مرور الزمن اكتشفوا أنها شعارات براقة للاستهلاك المحلي ودغدغة المشاعر فقط، فلا اتحاد ولا نظام ولا عمل، وأثبتت الدراسات الإحصائية أن المواطن المصري يعمل 27 دقيقة يومياً فقط، والقاهرة عاصمة مصر لها الريادة في التلوث العالمي قبل كالكوتا بالهند، وخرب مصر وأفقرها شعار آخر للثورة "أهل الثقة أفضل من أهل الخبرة" فاستباحوا أهل الثقة مصر ومقدرات مصر وأفقروها، وما زال شعار أهل الثقة يسري للآن في كل إدارات مصر بعد مباركة الأجهزة الأمنية بالطبع.

وبعد النكسة رفع شعار "لا صوت يعلوا على صوت المعركة"، ضحى الشعب المصري بما يملك ووقف بالطوابير أمام المجمعات الاستهلاكية بالساعات لشراء مستلزماته، وانتهكت كرامة المواطن المصري للحصول على كيلو لحم من المجمعات بسعر 68 قرشاً ليطعم أبنائه المحرومين، مضحياً بكرامته وآدميته لشعار براق "لا صوت يعلوا على صوت المعركة" معتقداً أنها فترة وتنتهي.

والعجيب، بمرور الزمن الكثير من دول العالم تتحضر وتتقدم؛ فكوريا كانت أفقر منا واليابان بدأت تنميتها مع مصر وللأسف كل الدول تقدمت ومصر تأخرت، كوريا أصبح دخلها يساوي دخل جميع الدول العربية بما فيها عائدات البترول، واليابان لها ريادة عالمية، ومصر أصبحت ريادتها العالمية في التلوث، فيروس الكبد الوبائي، والفشل الكلوي... إلخ.

وجاءت حقبة شعار "اربطوا الأحزمة" ربط المواطن المصري الحزام حتى التصق بعظامه، وبعد انتهاء الحرب وإحلال السلام يعيش الشعب المصري في فقر مدقع ليس للحصول على اللحوم كما كان سابقاً، بل للحصول على رغيف الخبز "الحاف".

وتنتهك آدمية الإنسان المصري في طوابير الخبز، وتنتهك آدمية المواطن المصري عربياً في دول الخليج وقبل ذلك انتهكت محلياً في طوابير الخبز حتى بلغ عدد القتلى 12 نفساً -رحمهم الله ورحمنا في الدنيا والآخرة.

وما زال شعار "اربطوا الحزام" ساري المفعول مثل قوانين الطوارئ تماماً، فإلى متى يسود شعار "اربطوا الحزام.. اربطوا الحزام"؟ إلى متى نعلق فشلنا في زيادة النسل متناسين الصين والهند دول المليار نسمة؟ قوة اقتصادية عالمية ونسخ من قاموسهم "اربطوا الحزام".

أخيراً يقول مارتن لوثر كنيج "الذي يولد ليزحف لا يستطيع أن يطير"، ووسط التخلف والفقر والديكتاتورية والكراهية تنشط خفافيش الظلام "جماعات الإسلام السياسي" ليخدروا الشعب المقهور بشعار آخر "الخلافة الرشيدة.. حيث العدل والحب والمساواة" مسكين الشعب المصري مدمن الشعارات.

مدحت قلادة