أصداء

لماذا "الاستشراق" سيء السمعة؟

قراؤنا من مستخدمي إنستجرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك

يبدو أن هناك مفهوم مشترك عند الباحثين في مصطلح "الاستشراق" في مجمله، بأنه كل ما يخص البحث في أمور تتعلق بالشرق، سواء أكانت حضارية، عقائدية، لغوية وأدبية، وثقافية. وينهض بها "مستشرق" غربي (أوروبي/أمريكي).. إذن فهو تيار فكرى، وان بدت موضوعاته قديمة، إلا أن المصطلح ليس كذلك، فقد ظهر في نهاية القرن ال18 ببريطانيا، وشاع بعد ذلك في أوروبا، ثم أمريكا خلال القرن العشرين.


وقد عبرت الأقلام العربية عن رؤيتها تجاه معطيات الاستشراق. منهم "الطيب بن إبراهيم" (جزائري) بقوله: أن الاستشراق ليس تاريخا أو جغرافيا أو إنسانا أو ثقافة فحسب، هو كل هذه العناصر، هو المكان والزمان والإنسان والثقافة.. أي "الشرق الهوية". وأن الاستشراق بما هو عليه يحمل في طياته بذور الصراع والحرب. ونال من صورة الشرقي/العربي/المسلم في ذهنية الفرد العادي في أوروبا.. عند الفرنسي (مثلا) لا ينسى أن القائد "شارل لابنس" هو الذي أوقف جيش المسلمين/الأتراك في "يواتيه"، ودور "شارلمان" في الحروب الصليبية، وحتى الإمبراطورية الاستعمارية الفرنسية بأطماعها وسيطرتها.


وهو ما أبرزه أيضا "د.ادوارد سعيد" (فلسطيني/أمريكي) أن الاستشراق بشكله وملامحه هو الإسقاط الغربي على الشرق، وإرادة السيطرة عليه.. أو هو الرؤية العنصرية تجاه ما أطلق عليه مصطلح "الجغرافيا التخيلية"، تلك الجغرافيا وضعت الشرق/الآخر كعدو للغرب. وقد بدأت تلك الصورة للشرق تتشكل وتبرز، منذ ولدت العقلانية الأوروبية التي تبحث عن مستحثات نموذجية للتقدم.

المعنى اللغوي للاستشراق: في العربية الكلمة على وزن "استفعال"، ومنحوتة من "شرق" ومعناها المباشر "طلب الشرق".. وفى اللاتينية oriant وتعنى يتعلم أو يبحث عن شيء ما، ومنها الانجليزية orientalism وهى تعنى علم الشرق أو علم العالم الشرقي، الذي يتناول المجتمعات الشرقية بالدراسة والتحليل من قبل علماء الغرب. وقريب من هذا المعنى في الألمانية والفرنسية.
وقد ظهر المصطلح وشاع في انجلترا عام 1779م، وفى فرنسا عام 1799م، ثم سجل في الأكاديمية الفرنسية عام 1838م.

خلال تلك الفترة بدأ التناول العلمي والبحث الممنهج (بصرف النظر عن النتائج، ورؤيتنا لها في الشرق) مع أول مؤتمر دولي للمستشرقين في باريس عام 1873م،بينما النشاط الاستشراقى المتفاعل عبر عن نفسه من خلال.. إنشاء جمعيات استشراقية بداية بالجمعية الأسيوية في باريس عام 1822، ثم الجمعية الأسيوية في بريطانيا عام 1823م، والجمعية الشرقية الأمريكية في 1842م، والألمانية عام 1845م.. وتوالت الجمعيات الأوروبية.
كما تم إصدار حوالي 300 مجلة دورية مثل مجلة "العالم الاسلامى" في بريطانيا، ومجلة "عالم الإسلام" في روسيا ثم في فينا.. وان استمرت بعضها، وتوقفت بعضها الآخر.
ومع ذلك تلقت البحوث والقراءة العربية حول الاستشراق باعتباره، النزعة الاستعلائية والعدائية منذ القدم، وقبل كل تلك المجهودات المنظمة.
فمن قائل أنها بدأت منذ غزوة "مؤتة" والصراع العسكري.. ورأى يرى أنه مع الدولة الإسلامية في الأندلس، ومنذ الدولة الأموية بالقرن الثاني الهجري.


فيما يرى رأى ثالث أن الاستشراق عبر عن نفسه وتواجد مع الحروب الصليبية..
بينما يبدو الإشارة إلى عام 1312م سببا مقنعا، حيث صدر قرار مجمع "فيينا" الكنسي بإنشاء عدد من كراسي اللغة العربية في الجامعات الأوربية، لدراسة الشرق/العرب والمسلمين فكريا وعقائديا.. وهو ما تحقق بجامعات أكسفورد وبولونيا والجامعة البابوية في روما.
ولعله من المناسب الإشارة إلى ما قال به "د.محسن جاسم موسوي" من أن العرب التفتوا (علميا وإعلاميا) إلى موضوع الاستشراق، بعد مقال "د.أنور عبدالملك" في مجلة "ديوجين" عام1963م، بعنوان "الاستشراق في أزمة"، ومن بعده توالت الدراسات.

وهناك بعض المجهودات الفردية والرائدة في هذا المجال (الاستشراق)، وقد سبقت التنظيمات المؤسسية التي شاعت فيما بعد (كما أشرنا).
البابا "سلفستر" وهو أول فرنسي يرشح للبابوية، وقد درس العربية وأدبها في الأندلس بين عامي 999 حتى 1003م.. أيضا "جيراردى كريمونا" الايطالي (1114-1187م).. كذلك اليهودي المتنصر "يوحنا الأشبيلي".. ومعهم "رايموند لول" (1235-1314)الذي قضى تسع سنوات في تعلم اللغة العربية والإسلام، ثم عاد وطلب من البابا أهمية تعلم اللغة العربية في الجامعات الأوروبية، وافقه البابا، وتم بالفعل.. وغيرهم.
وربما عرف من المستشرقين العاملين بالشرق، الراهب "يوحنا الدمشقي" في الشام، وله كتابان شهيران: "حياة محمد"، و"حوار بين مسيحي ومسلم"، والأخير يرشد المسيحي كيفية مجادلة المسلم.


لعله من المناسب التوقف أمام الكاردينال "جون هنري نيومان" (1801-1890) في كتابه "تصويرات تاريخية" الذي أشاد بالروس وتدخل الانجليز لصالحهم، في حرب الروس مع الأتراك، وقد عبر سعادة بهزيمة المسلمين الأتراك أيما سعادة في حرب "القرم" عام 1853م. وهو القائل بفكرة تقسيم العالم إلى خطين، أفقي وآخر رأسي.. الشمال البارد والجنوب الدافئ، والصراع حتمي بينهما، أما الخط الرأسي.. قسم العالم إلى غرب حضاري وشرق خرافات، وحتمية الصراع بينهما.

مجمل هؤلاء وغيرهم، في الغالب الأعم ليس عنده نظرة ايجابية تجاه الإسلام والمسلمين. وان يذكر للبعض رؤيته الموضوعية في التناول لأي موضوع لاهوتي عقائدي أو غيره متعلق بالشرق.. وهم قلة قليلة.
منهم "يوهان ج. رايسكة"، وقد اتهم بالزندقة، ومات مسلولا.. وأيضا "زيجريد هونكة" صاحبة كتاب "شمس العرب تسطع على الغرب".. و"توماس أرنولد" وكتابه "الدعوة إلى الإسلام".

كما لعب أدب الرحلات والرحالة دورا لا يمكن إغفاله في موضوع "الاستشراق"، نظرا لتأثير تلك الكتابات السهلة والمسلية على القارئ العادي.. وكانت في مجملها تبحث عن العجائبى والغريب والطريف، وليس على جوهر ظاهرة ما، وأن في الاختلاف بين الجماعات الإنسانية إثراء لحياة الإنسان على الأرض. لكنها النظرة المتعالية التي انتقدها "سعيد" في كتابه الهام المسمى "الاستشراق".

يمكن الآن إجمال أسباب "الاستشراق" وشيوعه، في عدد من العوامل: لاهوتية، تبشيرية، تجارية وجغرافية. وأكثر آلاما للشرقي/العربي/المسلم المتعلق منها بالعقيدة.


قال "جورج سيل" وهو مترجم معاني القرآن، وكتب في مقدمة الكتاب "أن القرآن من اختراع محمد"!
وقال "ريتشارد بل" أن النبي استمد القرآن من مصادر يهودية ونصرانية، ولم يقل أن الأديان الثلاثة من مصدر الهي واحد!
بالإضافة إلى هذا على الجانب العقائدي، الجانب الفكري، هناك الجانب السياسي والايديولوجى.. فقد كتب وزير المستعمرات البريطاني "مسبى غو" في عام 1938م في تقريره: "إن الحرب علمتنا أن الوحدة الإسلامية هي الخطر الأعظم الذي ينبغي على الإمبراطورية أن تحذره وتحاربه، وليس الإمبراطورية وحدها، بل فرنسا أيضا، ولفرحتنا فقد ذهبت الخلافة وأتمنى أن تكون إلى غير رجعه"
كما نشير إلى المستشرق "لويس ماسينيون" صاحب الدعوة للكتابة بالعامية لكل بلد عربي واستخدام الحروف اللاتينية، بدلا من العربية.. وهى الفكرة التي تبناها البعض عن غفلة، مثل المفكر "سلامة موسى" الذي تبناها، وتحمس لها!!

مع ملاحقة المجهودات الاستشراقية، تبدو وكأنها جهد خاص لكل بلد أوروبي منفصلا عن الآخر، إلا أنها في مجملها تتجه نحو أهداف وخطوات مشتركة ومكملة لبعضها البعض.
فالاستشراق الألماني الحديث والمعاصر، بدا منتظما اعتبارا منذ عام 1921م، وهو هام أول مؤتمر علمي للأستشراق في المانيا، ويعقد مرة كل ثلاث سنوات، مازال منتظما حتى اليوم. وفيه درس مصطلح "الاستشراق"، حيث أشارت أوراقه إلى أنه البحث في "الشرق"، حيث هي مناطق إسلامية، تتحدث العربية في أغلبها، ومنها مناطق تنطق الفارسية والتركية وغيرها.
إلا أن أوراقه المعاصرة، لم تتجه نحو العموم، بل نحو قضايا محددة، منها القضايا السياسية الراهنة في منطقة الشرق الأوسط.. وكذلك انتقلت الأبحاث لدراسة الأوساط الإسلامية في أوروبا والمانيا تحديدا، حيث زاد عدد المهاجرين المسلمين، وتشكلت من الأجيال الجديدة، من يعتنق الإسلام ويحمل الجنسية الألمانية (كما في فرنسا والكثير من الدول الأوروبية).. وبالتالي أصبحت قضية "الإسلام السياسي" من القضايا المطروحة.

كما أن الاستشراق الأمريكي، وان بدأ متأخرا عن الأوروبي عموما، إلا أنه يبدو نشطا ومختلفا. ويمكن متابعة نشاط الإرساليات التبشيرية الأمريكية منذ القرن ال19، في الشام (مثلا).. تم افتتاح مدرسة لتعليم البنات في لبنان عام 1830م، ثم الكلية السورية الإنجيلية 1866م، تلك التي أصبحت الجامعة الأمريكية العربية فيما بعد.


إلا أنه يمكن الزعم بأن النشاط الاستشراقى الأمريكي لم يبدأ فاعلا وجادا، إلا بعد الحرب العالمية الثانية من القرن الماضي. وهو ما أوضحه "مايلز كوبلاند" ضابط المخابرات وصاحب كتاب "لعبة الأمم".. ففي عام 1952م خصصت الحكومة الأمريكية بعض الجامعات التي ينشأ فيها مراكز للدراسات الإسلامية والعربية، مثل "مركز دراسات الشرق الأوسط/جامعة هارفارد" وفى غيرها.
كما تتميز التجربة الاستشراقية الأمريكية، بعدم الاهتمام بالجانب اللغوي والأدبي في الدراسات، والاهتمام أساسا بالجانب الاجتماعي، والجانب التاريخي المعاصر وليس القديم، والتركيز على الدراسات الإقليمية.. وهو جانب من الدراسات يكشف عن رؤية تطلعية وبرجماتية لا تخلو من الأطماع والرغبة في الهيمنة.

لعل من أهم من كتب في موضوع الاستشراق هو "ادوارد سعيد" الفلسطيني المولد، الأمريكي الجنسية، الباحث في جامعة "هارفارد"، ضمن مجموعة من الباحثين في الاستشراق، إلا أنه تلاحظ أنهم في مجملهم أمريكان من أصول غير أمريكية.
وقد تميز كتابه "الاستشراق.. الجغرافيا التخيلية"، بكونه استخدم منهجا مختلفا في التناول.. فلم يعتمد على علم أو فرع أكاديمي واحد في رؤيته وتحليلاته.. يرى أن الإبداع الأدبي خارج التصنيف البحثي.. ضم كل المعطيات التكنولوجية الحديثة باعتبارها وسائل للمعلومات وطرح الأفكار: الأقمار الصناعية الخاصة بالتجسس، وسائل الدعاية المختلفة، مراكز البحث والتي تبدو في ظاهرها علمية/ثقافية بحته.. وغيرها. وقد طرحها على أنها البديل الطبيعي عن الرحالة وكتب الرحلات القديمة.
وقد أشار بداية إلى أن النظرة الاستشراقية الأوروبية التي رأت في الاستشراق أنه لا يمثل واقعة من وقائع الطبيعة.. بل واقعة من نتاج البشر، هو ما أفرز "جغرافيا أخرى" أو "جغرافيا تخيلية". تلك الجغرافيا التخيلية هي التي وضعت الشرق/ الآخر كعدو للغرب.
إذن هناك الشرق المتخيل الذي ولدته موازين القوى السياسية، وفى المقابل بدا هذا الشرق المتخيل في حالات من التحفز والمقاومة للغرب، نظرا للتاريخ الاستعماري القريب والبعيد. كما لم يكن هناك ما يمكن أن نطلق عليه "الاستغراب" أي دراسة الغرب في مقابل الاستشراق، وهو ما صنع فجوة تتسع دوما بين الشرق والغرب.

بالنظر إلى مجمل معطيات الاستشراق الأوروبي والأمريكي، نخلص إلى بروز عدد من الظواهر اللافتة:
أولا: ظاهرة الهجوم والبعد العدائي تجاه الإسلام كعقيدة.. لعل ما أثير مؤخرا من ظاهرة الرسوم المسيئة للرسول الكريم، أبرزها حاليا. وان بدت وكأنها حالة فردية محلية لرسام في صحيفة دينماركية، باتت في أغلب دول الغرب بل وفى استراليا (الشرقية) التي هي غربية الهوية.. وهو ما يعكس تأثر الفرد العادي بتاريخ طويل من بث العدائية والمغالطات العقائدية والفكرية معا.
ثانيا: ظاهرة العدائية للعرب في الإبداع الأدبي، وبقلم من يعتقد في فكرهم الحر وغير المتعصب. وهو ما بدا في بعض قصص أحد الكتاب الفرنسيين وصاحب المكانة/الفنية في الساحة الثقافية العربية.. وهو "كافكا".
ففي قصته "بنات آوى وعرب" تخلى عن منهجه في الكتابة، وابتعد عن الرمزية والفكر الوجود الذي تميز به. جاءت القصة على شكل الحوار وعرض الأوصاف والآراء بشكل مباشر، إلى حد غير فني!
ملخص الفكرة (أوروبي يسير في صحراء عربية.. يقابل مجموعة من بنات آوى طالبة منه أن ينصفها من عربي.. فقطع رأس العربي بمقص صدئ.. أثناء ذلك يأتي أحد العرب مبتسما، يشير إلى المقص وقد تجول في الصحراء على مر التاريخ دون جدوى) وهو ما يعنى اضطهاد العرب لبنات آوى وممارسة القتل فيهم.. هو القتل على غير جريرة ارتكبت، تلك هي الفطرة التي فطر عليها العرب!

ثالثا: طاهرة توظيف معطيات الاستشراق للأهداف الخفية والدعائية والصراع. وهو ما يمكن أن نشير إلية من واقعها ذكرها "د.محسن موسوي" حول خبر نشر قبل الغزو الأمريكي/البريطاني للعراق بسنتين.
فقد نشر أن نظام "صدام حسين" أعدم مجموعة من بنات الهوى الغواني لممارسة الدعارة. قد يبدو الخبر عاديا، إلا أنه في حقيقته توظيف لفكرة "شهريار" الذي يقتل كل ليلة امرأة، ووظفت تلك المعلومة غير الحاضرة في ذهنية القارئ، لإعطاء صورة تمهيدية لصدام بكونه "شهريار/سفاح" العصر. ولأننا لسنا بصدد الحكم على "صدام" وقد تأكد من عدم مصداقية الخبر (كما أفاد د.الموسوي") ليس أمامنا إلا التأكيد على أن الاستشراق ومعطياته (وهى الصورة المتخيلة للشرق) توظف في مجموعة من الأغراض والأهداف في غير صالحنا نحن العرب والمسلمين من حيث المبدأ.

رابعا: ظاهرة توظيف المؤسسات اليهودية لمعطيات الاستشراق، من خلال الدخول ضمن نشاطاتها مباشرة، أو بشكل فردى ليهودي متعصب. وهو ما أبرزه "د.محمود زقزوق" في بعض كتاباته، وأرجع المشكلة إلى المنهج الذي يتبعه الغرب، ولم يطلعوا على كتابات العلماء والمفكرين العرب، من باب البحث العلمي والتوثيق. وهو ما أرجعه إلى أن الاستشراق وقع في مغالطات عقائدية وعلمية أيضا.

خامسا: ظاهرة المشكلة التي يجب الانتباه لها بحق الآن، وأننا نحن العرب/المسلمين، قد تأثرنا بمعطيات الغرب إلى الحد الذي جعلنا نرى أنفسنا في مرآة الغرب، وفى ضوء معطياته وأفكاره ورؤيته.. وهو ما يجب التوقف أمامه للتخلص منه، والبحث عن مرآة خاصة بنا!!

لا يمكن إغفال بعض الدراسات الاستشراقية الإصلاحية، تلك التي كتبها مجموعة من المهاجرين العرب في أمريكا خلال العقود القليلة الأخيرة، وبكل ما فيها من نقد لمجتمعاتنا، فلا تسعى إلا للإصلاح وكشف الحقائق العلمية.. من هؤلاء: "هشام شرابي- حامد عمار- جلال العظم.. وغيرهم". فعلى الرغم من توصيفهم للمجتمع العربي بغلبة الغيبية والتخلف والعشائرية فيه، إلا أن عدم المبالغة والتناول التحليلي العلمي مع عدم جلد الذات.. جعلت من كتاباتهم وجهة نظر تستحق المتابعة.

لا يخلو موضوع الاستشراق في النهاية من بعض الايجابيات، منها: ترجمة الكلاسيكيات العربية، توثيق وحفظ بعض الكتب التراثية القديمة، شحذ الهمم وفهم الآخر الغربي لعله يفيد في معالجتنا لمشكلة الرسوم المسيئة للرسول الكريم (مثلا) وفى غيرها. خصوصا أن هناك قلة بدت موضوعية وعلمية في كتباتها، كما بدا في كتاب البريطاني "جان دوانبورت" في كتابه "اعتذار لمحمد والقرآن" مؤخرا.


وربما بدت تلك الرؤية الرحبة المتسامحة المتعالية على العنصرية، في أشعار "جوته"، حيث قال في قصيدته "نشيد الهجرة":
الشمال والجنوب أقطارها تتصدع وعروشها تزول وممالكها تنهار،اهرب، اهرب، أنت إلى المشرق الطهور،واستنشق الهواء المعبق بعطر الآباء"

أما وقد انتهى العصر الذهبي للاستشراق، وربما اختلفت صورته ووسائله بدخول أمريكا الميدان بكل انجازاتها التكنولوجية.. فلا بديل عن "الاستغراب".. نحن طرف أمام آخر، ندرسه كما درسنا، ولو من باب الحيطة والحذر!!

السيد نجم
abnegm@gmail.com

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
الاستشراق بفضح
nabeel -

من طبيعة الشرقيين المهمة عدم اظهار عيوبهم و حقائقهم امام الاخرين و خاصة في قضايا الدين و الشرف و تصل الى حالة النعامة و راسها في التراب و تعتقد لا احد يراها و هذا طبعا نوع من النفاق و المستشرقين يريدون اكتشاف الحقائق و نشرها و هذا لا يقبله الشرقيين و لذا نقول ان الاستشراق غير جيد و احيانا نتهم المستشرقين بالتجسس و عدم الرغبه بهم و طردهم

لا زلنا بحاجتهم
سمير -

كيف لكلمة جون هنري نيومان غرب حضارة وشرق خرافات الذي عششت منذ 1890 (تاريخ وفاته) حتى اليوم، تلك الخرافات الذي لم ينبرىء منها في الشرق الا الصين وكم دولة من حولها.

طيب
خوليو -

حبة حبة، كما يقولون في مصر، تعال لنتحدث عن همومنا نحن الذين نتكلم ونكتب ونقرأ ونفهم اللغة العربية، قل لي ياسيد نجم: حلل لي اجتماعياً وحضارياً رجم الشابة دعاء لأنها تمشت مع صديق لها، وفسر لي بالتفصيل لماذا هاج وماج أهالي البلد؟ ألا تذكرك هذه الهجمة بقصة كافكا وذبح بنات آوى لأتفه الأسباب، اترك المستشرقين وحلل لابن جلدتك هذه الظاهرة الدموية وهي كما تعلم ليست استثنائية،. حلل لي ظاهرة أن يكتب على جدران بيوت البصرة إنذارات لكل امرأة تخالف ارتداء اللباس الشرعي ،واشرح لي ياطويل العمر السبب الذي يمنع النساء من القيام بمظاهرات ضد هذا التهديد بذبحهن ؟ في غرب كافكا والممستشرقين، تقوم الدنيا ولاتقعد إذا ذبحت امرأة ، قبل أن تدخل في الحكم على أن الغير يبغض الإسلام ، اشرح لي وأنا أفهم لغتك جيداً، ظاهرة حرمان الحقوق لغير المسلم في بلادنا، إن أقنعتني سوف أردد معك أن للمستشرقين جين عدائي ضد الإسلام، أو أنهم يقولون الحقيقة لأنهم قرأوا التراث

تصويبات
ابن رشد -

أحب ان اصوب بعض النقاط الهامة :1- ان شارل مارتل ( وليس لابنس) هو الذي انتصر على المسلمين العرب ( وليس الاتراك ) وذلك في موقعة بواتية ( بلاط الشهداء في العربي) سنة 732 م ولقد استشهد فيها القائد عبد الرحمن الغافقي. 2- اما الامبرطور شارلمان ( 747-814) فلقد توفي حوالي 300 سنة قبل بدء الحروب الصليبية في سنة 1095. 3- اما حول اسباب نشوء الاستشراق فانني لا اوافق على ( باعتباره، النزعة الاستعلائية والعدائية منذ القدم،) بل على العكس تماما لان العالم المسيحي في القرن السابع م فوجيء بالفتوحات الاسلامية التي قضت على امبراطورية الفرس وسيطرت على كل الاراضي المسيحية باستثناء ( تركيا اليونان ايطاليا النمسا فرنسا انكلتراوبعض الامارات الصغيرة) اذا خوف الاوروبيين وعدائهم لنا مبرر فلقد نزعنا منهم بلاد الشام مصر كل شمال افريقيا واسبانيا وكثير من جزر المتوسط. وبعد ذلك قامت الخلافة العربية بتشجيع العلم ودعمت الفكر بينما الاصوليين المسيحيين كانوا يسيطرون على عقول الشعب ( سبحان مغير الاحوال الذي لايتغير), فتقدم المسلمون بينما المسيحيون غرقوا في الجهل والتعصب والتزمت . لذلك الاصح ان نقول ان نظرتهم (وقتها) كانت نظرة اعجاب وغيرة ولقد كان بعض رجال الدين الاوروبين يواسون الشعب بالقول ( لا تهتموا اذا كان العرب متقدمين عنا وينعمون برغيد العيش لان الاخرة لنا ( اي للمسيحيين) لذلك استمروا بالصلاة واتباع تعاليم الكنيسة يتبع

2
اين رشد -

4- اما يوحنا الدمشقي فاننا لايمكن اعتباره مستشرق لانه سوري عائلته تتحدث العربية واما كتاباته فانه كان فيها يدافع عن دينه , وهذا حقه وخاصة انه كان قسيس .5- اما عن حرب القرم فان الكاتب يقول (الذي أشاد بالروس وتدخل الانجليز لصالحهم، في حرب الروس مع الأتراك....) والعكس هوالصحيح ففي حرب القرم 1853 وقف الانكليز والفرنسيين ايضا مع الاتراك ضد الروس . وهذه السياسة سميت بسياسة ( رجل اوروبا المريض , أي الامبراطورية العثمانية ) لان بريطانيا وفرنسا كانتا ضد وصول روسيا الى البحار الدافئة لذلك دعمتا دوما العثمانيين ضد الروس وفي حرب القرم هزم الروس ولولا التدخل الانكلو فرنسي لوقعت استانبول في يد الروس خلال القرن 19.6-اما عن تشكيك المستشرقين بديننا فهذا طبيعي لانهم اذا امنوا فسيكونون مسلمين

شكرا لابن رشد
المعلم الثاني -

أن كافكا التشيكي ولد في براج في عائلة يهودية...أما بشأن كتابي يوحنا الدمشقي الذي عرفه العرب بابن سرجون فإننا نعرف أنه كتب عن فعلا عن الغزو العربي لبلاده ولم يكتب كتبا معنونة ...و قد كتب باللغة اليونانية رغم فهمه للغتين الأرامية والعربية...وكتبه موجودة حتى اليوم

يوحنا الدمشقي
وائل -

أحب أن ألفت نظر الكاتب بشكل خاص، والقراءعامة: إن يوحنا الدمشقي كاهن قسيس عاش ومات قبل الإسلام بنحو ثلاثمائة عام. والكاتب يتكلم عن قس آخر مشهور كتب مناظرة بين مسيحي ومسلم أيام حكم بني أمية في الشام,

الاستشراق استشراقان
اوس العربي -

يبدو ان بعض المضبوعين قد اتخذوا من مقالك يا استاد مدخلا ا لى الاسلام والمسلمين ولايوفر صبية الكر اهية الكنسيين والشعوبيين اي مناسبة لاسقاط ما في صدورهم من اشكال الكراهية ونقول بعيدا عن هؤلاء الصبية ان الاستشراق استشراقان استشراق حميد وتمثله الالمانية هونكه وآخرون واستشراق خبيث يمثل الحاخام الصهيوني برنار لويس وآخرون ان الغرض من الاستشراق الخبيث هو عمل مصد ضد الاسلام وفهم الاوروبيين له واعتناقهم له لكن هذه المحاولات ذهبت ادراج الرياح ان الله ناصر دينه بالبر والفاجر وهاهي فرنسا النووية يسلم فيها حوالي اربعة الاف شخص سنويا ، اما كافكا الذي يحتفي به المثقفون العرب فقد ارتد في آخر لحظة من حياته عن علمانية الى حاخاميته كيهودي ولما لم يتسير له زيارة او الاقامة في ارض الموعودة طلب خريطة فلسطين فوضع اصبعه عليها وفطس ؟!!!