أصداء

السيدة رغيفة والسيد باذنجان

قرائنا من مستخدمي تلغرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك

بدون مقدمات طويلة وعريضة وبدون تقديم رويتني ممل و عربي بامتياز عندما يقول المذيع او مقدم الحفل ' سيداتي وسادتي '. هذه المفردات المملة والمكررة وحتى الفارغة المحتوى في عالمنا الفكري العربي العقيم كانت وستبقى بلا معنى حقيقي او دقيق، لكنها اليوم في عالمنا العربي العجيب بدت وكأنها نكتة من نكات هذا عصرنا العربي المسخ من نوع المبكي المضحك على حد سواء. فلا سيادة لنا نتكلم بها على الارض او للانسان العربي نفسه بل وطبعا واكيد حتى الى سمائه المفتوحة رغم تكدس ' سكراب ' او خردة الحديد تلك التي تسمى الطائرات الحربية العربية او صواريخ ارض جو او غيرها من الاسلحة العربية والتي كما يقول المثل العراقي الشعبي ' انها لاترش ولاتنش '!!.

السيادة الحقيقة اليوم في بلادنا العربية تراجعت بشكل مخيف لتصل الى ' رغيف الخبز وحبة الباذنجان ' والمصيبة الكبرى نحن مازلنا غافلين ولانعرف ولاندري ولانريد ان نعرف او ندري ان المصائب الكبرى تحيط بنا وتستوطننا. ان الرفيقين الخبز والباذنجان كنا والظاهر سيبقى رمز من رموز الهزيمة العربية الشنيعة حيث تكون هذه الوجبة البسيطة هي الارخص في كل شيء لذلك حافظت على مركز الصدارة كطبق رئيسي لاغلب ابناء هذه الامة المغلوبة على أمرها من الباب الى المحراب.

' وحش الطاوة ' والطاوة تعني المقلاة في العراق. والوحش يعني الباذنجان وقد ابتكر هذه الاسم اللطيف والحزين في أن واحد العراقيين الاكارم في ايام الحصار الداخلي والخارجي حيث كانت النسبة الساحقة منهم مضطرين لتناول هذا الوحش بشكل قسري صباحا ومساء لرخض ثمنه انذاك. لكن اليوم وعلى مستوى الامة فان الامور قد تراجعت بشكل مخيف وحساس جدا، حتى او بدا البعض من بلدان النفط غير معنية وغير مهتمة بهذه الحقائق الكبرى. لكن ذلك عدم المبالاة حقيقة الامر شوطه ليس طويل وانه ' الى حين ' ليس الا.. والا ليس من المعقول الغرب وغيره سيتفرج على مليارات النفط العربي وسعر البرميل الواحد قد تجاوز 120 دولار. فهناك الف طريقة وطريقة اضافية لاستنزاف هذه الزيادة او القفزة الكبرى باسعار النفط.


لقد كانت صرخة المواطن المصري الغلبان التي نقلتها شاشة قناة العربية، صرخة تدمي القلب وتؤلم الضمير وبذات الوقت صرخة انذار كبرى يجب ان يستوعبها الجميع قبل الوصول الى نقطة الاعودة في الهلاك العربي النهائي المرتقب. فهل من المعقول ان أبن النيل يصرخ لاجل رغيف الخبز ومن زيادة سعره، ومثله ابن الرافدين العراقي الذي بدأ يستورد حتى الطماطة والبرتقال من ايران وايضا هكذا حال ابن سلة العرب الزراعية السودان!! وفي حقيقة الامر هذا هو حال الامة جميعها وان كانت الحالة بشكل نسبي متفاوت لكن جميعنا نشترك بصفة واحدة ناكل مما لانزرع ومما لانصنع حتى من الاجبان والزبدة. فالى اين نحن ذاهبون؟ وماذا فعلت بنا هذه حفر النفط التي خدرت عقولنا وابطلت سواعدنا؟ وماذا ايضا فعلت بنا الانظمة الشمولية والاستبدادية، حتى اصبح من العسير التفريق بين نظام لتوريث الحكم او نظام جمهوري ينافس في التوريث لكن فرقه عن الاول هي مزايدات الشعارات الفارغة المحتوى والمضمون.

وفي مقاربة بسيطة فلقد نقلت قناة الفيحاء العراقية خبر اشتراط الاتحاد الاوربي على تركيا ان تضع قطعة حبة الباذنجان الواحدة في كيس بلاستك على ان لاتزيد طول الحبة الواحدة على 30 سنتيم. كاحد الشروط لدخول تركيا الى الانحاد وايضا كشرط أساسي لتصديره الى دول الاتحاد في الوقت الحالي. وهنا يقف المرء حائرآ متحسرآ مابين ابن النيل و ابن الرافدين وبقية العرب وبين ابن الغرب. فذلك الاول وحسب الفقه المتداول ' مؤمن ' اما الاخر وحسب فقه السفهاء فانه بامتياز ' كافر '!! لكن هولاء قادة الكفار يعملون جاهدين ليل ونهار وبكل الطرق المستقيمة والملتوية لاجل خدمة ' كفارهم ' من شعوبهم فيسود الرخاء والصحة والامان والاطمئنان والعلم والنور والتفاؤل بالغد وبالمستقبل. و 'المؤمنين ' يعملون ليل ونهار وايضا بكل الطرق السرية والعلنية على نهب ثروات بلادهم والتفريط بها فيسود الجوع والقلق والجريمة والتخلف والظلام والظلمة والخوف من الغد وغيرها من الامور. مما يدفع مثلا وحسب قياسات السفهاء، اكثر من عشرين مليون عربي ' مؤمن ' يهجر بلاده ليعيش في بلاد ' الكفار '!! فأين العلة واين الخلل. بصراحة وبدون لف ولا دوران ان المسؤول الغربي ليس اشرف ولااحسن من المسؤول العربي،بل الاثنين من جنس الانسان وحب التملك وحب الثروة والمال سمة اساسية لهذا المخلوق العجيب، الا ما قدر ربي وكان خارج هذه السمة الحيوانية في الانسان. لكني اعتقد ان السبب الرئيسي لهذا الاخلاص عند المسؤول الغربي هو خوفه من القضاء المستقل وارتعاده من صوت الاعلام الحر وايضا خشيته من نتائج صناديق الانتخابات التي جاءت به. اما سبب عدم المبالاة عند المسؤول العربي والتي تصل الى درجة الخيانة العظمى، هي اولا نحن الشعوب المصفقه المهلله المزغرده على الحق والباطل ثم بعد ذلك غياب أسس وسمات الدولة الحديثة وعنوانها الكبير الممارسات الديمقراطية والاعمال التي يحكمها الدستور والقانون. فالحاكم العربي هو حاكم بالمطلق على طريقة ' مصون وغير مسؤول ' ومع ذلك هو في الصباح بطل التحرير القومي وهو نفسه في المساء بطل السلام المشرف!! هو عبد الله المؤمن وهو طويل العمر وهو ايضا امام الامة ومرشدها ومفكرها بل وحتى شاعرها!! وكل هذه الالقاب وغيرها لاتوفر خبزا ولاعيشآ كريمآ.


وفي كتابنا الكريم ' الانسان خليفة الله في الارض ' وحرمته ' اهم من حرمة الكعبة المشرفة نفسها ' ومع كل ذلك وغيره الباذنجان المحفوظ بشكل علمي وصحي يذهب الى ' الكافر ' ويبقى المؤمن يلهث ليل ونهار للبحث عن رغيف الخبز الى الافواه الجائعة والبطون الخاويه. فاين التوزيع العادل للثروات واين تكافؤ الفرص في بلادنا. ان بين صرخة ابن النيل على السيدة رغيفة وبين شرط الاتحاد الاوربي لتعليب الباذنجان. بون أنساني شاسع وكبير و فرق بين رقي وتخلف علمي كبير بل وتخلف ديمقراطي ودستوري أضخم. بل والادهى من ذلك فرق هائل بين شروط الايمان وسمات الكفر. ' فحاكم كافر عادل أفضل من حاكم مسلم جائر ' فلمن اطلق هذه الصرخة أمير المؤمنين علي بن ابي طالب 'ع'. وهل يوجد بعدها شرح وكلام.

محمد الوادي
al-wadi@hotmail.com

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
سلمت يمينك
مصطفى الشريف- دنمارك -

دائماً متألق وجريء سلمت يمينك يا محمد الوادي . وبالأضافة لما ذكرت المشكلة بأننا تربينا وترعرعنا على الشعارات الفارغة سرقت حضارتنا وتنور بها الكافر الغربي على حد تعبير العربان وكأن الغرب أحتكر العلوم ولا يذكروا بصراحة سبب تخلفنا ولماذا تجوع شعوبنا ونحن نمتلك ثروات طائلة ولحد الآن نحن نقبع في القعر المظلم بسب السرقة والفساد الآداري والمحسوبية هذه الصفات السيئة التي جعلت الطاوة يتصدر ترتيب الدوري العربي وبأمتياز

الى الكاتب
فادي أنس -

أردت في هذا الرد أن أقول للكاتب كنت أتوقع منك ان تلقي باللوم كل اللوم على الرئيس الراحل صدام حسين. مع أنك قد أشرت اليه على سبيل الأيحاء كبطل التحرير القومي أو عبدالله المؤمن..الخ. ياريت لو ترد على سؤالي هل تيقنت أن البديل الذي جاءت به أمريكا الى العراق بعد الرئيس صدام كان الصوره السيئه للديمقراطيه أم تحتاج وقتا أكثر ؟ ...شكرا لأيلاف

أنا اجيبك يا فادي
ناطق فرج -

(البديل) ليس أفضل من النظام، إلا أن النظام البعثي الفاشي كان سيئاً جداً إن لم يكن أسوء. إذ انه هتك كل الحرمات. سرق خيرات البلد (اكثر مما يُسرق الآن). أنهك اقتصاد البلد. قضى على النخبة (العلماء،المثقفون، اساتذة الجامعات..إلخ). ألقى في السجون مئات الآلاف من الأبرياء وأعدم الآلاف من الأبرياء. كان سبباً في هجرة (هروب) ثلث سكان العراق وهم يتوزعون الآن على 197 دولة على كوكب اللأرض. سنَّ ((الراحل صدام)) قانون قطع الألسن ووشم الجبهات وقطع الآذان لمن يتهجم عليه أو يذكره بسوء. قتل أكبر عقلية منطقية في العالم العربي والإسلامي، ذلك هو محمد باقر الصدر. ردمَ الأهوار في جنوب العراق وبذلك دمّر حضارة يزيد عمرها على سبعة آلاف عام. قتل وحرق وسمّم عشرات الآلاف من الشيعة في جنوب العراق ووسطه. حرق وقتل وسمّم عشرات الآلاف من الأكراد العراقيين، ودمّر مئات القرى الكردية الآمنة بالكيماوي. سمح لأبنه عدي كتابة سبع مقالات مخزية بحق عرب الجنوب، وإتهم نساء الاهوار أنهن بلا شرف وبلا حياء وإنهن يرفعن ثيابهن حتى العورة كشفا للرائح والجاي، ولذلك هو جفف الاهوار؟؟ وذكر إنَّ هؤلاء جاؤوا إلى العراق مع الجواميس التي استوردها القائد العربي محمد الفاتح من الهند (لدي نسخة من تلك الصحف). أهان الشعب العراقي أكثر من مرّة لما أتهمه بأنه شعب جائع وعريان، وأنه هو الذي ألبسهم وأطعمهم، وكم كانت كلمته موجعة لما قال (كان العراقي يدخل الهوا من زيجو ويخرج من بريجو). وكم كانت مهينة لغة ((الراحل صدام)) لما أمر بتوزيع دجاجة إضافية إلى الحصة التموينية بعنوان (مكرمة السيد القائد). وهو الذي شرّع لنفسه (99) إسما، وقد نشرتها احدى الصحف العراقية حينذاك، وفي وقتها نشرتها احدى الصحف المصرية تحت عنوان بلا تعليق؟ وهل ننسى أنه بنى له أكثر من 150 قصراً منيفا (راجع كتاب عشرة أعوام في قصور صدام) في الوقت الذي كان الشعب العراقي يتضوّر جوعاً بسبب الحصار؟ ألم يقتل جمهرة رائعة من علماء السنة ومفكريهم، مثل عبد العزيز البدري،عبد الغني شندالة، ومحمد فرج، والدكتور راجي عباس التكريتي وغيرهم؟ ألم يمنح نفسه رتبة عسكرية كبيرة، وهو لم يخدم يوماً واحداً في الجيش العراقي؟ مَنْ هو المسؤول عن إستجلاب المئات من الوهابيين وأصحاب اللحى والصوفيين من مصر ومن اليمن وغيرهما وزرعهم في العاصمة وضواحيها، ينشرون فكرهم الضال، وحقدهم الطائفي، وحنقهم على كل المسلمين

كتاب الحقد!
اماراتية -

ما يلفتني حقا في كتابات بعض الكتاب العرب من أمثال محمد الوادي حقدهم الدفين الذي يستحيل عليهم اخفاؤه تجاه شعوب ( الدول الخليجية ) ونقمتهم على النعم التي وهبنا الله اياهم بعد تعب وهلاك حل بأجدادنا في الماضي , على الرغم من أن الخليجية معروفة بسخائها في صالح مشاريع للشعب الفلسطيني والعراقي وكل الشعوب حتى لو لم تكن عربية أو مسلمة , أتمنى أن تشفى قلوب جميع العرب من الغل تجاه بعضهم البعض .. يارب!

الى اماراتيه
بهلول الحكيم -

عجيب امرك هل لانك لا تاكلين البذنجان ؟؟؟ اين حقد الوادي على الخليجيين في هذا المقال؟؟ ارجوا ان تاكلي البذنجان ولا تمني على الاخرين سخائكم!!!

الأخ ناطق فرج
فادي أنس -

أسعدني أهتمامك بما كتبت أنا تعليقا على ماورد في مقال محمد الوادي وأود أن أقول: لكي نكون مقنعين علينا ان لانتصور بأن جميع من يقرأنا لايعرف الحقيقه. أنت تقول في ردك أن صدام دفع بثلث الشعب العراقي الى ترك البلد وأعتقد ان كثيرا منا نحن القراء لايتفق مع ماكتبت وبالمقابل فأن التقارير الرسميه للأمم المتحده ووكالات دوليه أنسانيه معظمها أمريكيه قد أعدت تقارير وبالأرقام عن حجم الهجره الى خارج العراق وحجم التهجير في الداخل بعد (التحرير) أنها بالملايين ياأخي. ولكن المصيبه ليست في عدد الملايين التي تم تهجيرهم فضلا عن مئات الالاف الذين تم قتلم على أيدي مليشيات احكومه (المنتخبه ديمقراطيا) بل المصيبه في أستهداف العقول من الأطباء والمهندسين والمفكرين فضلا عن الطيارين لالشيء الا لأنهم قاتلوا أيران في حرب الثمان سنوات. مهما نحاول أنا وأنت والآخرين أن نخفي الحقيقة أي حقيقه فلن نفلح لأننا ببساطه نتحدث عن فتره زمنيه قصيره عشناها ونعيشها نحن ومن يقرأنا ولانتحدث عن تاريخ أمم وأقوام لانعرف ولايعرف القراء عنهم سوى مانجد على صفحات الكتب....شكرا لأيلاف