أصداء

ضحية الشرف

قراؤنا من مستخدمي إنستجرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك

لا فرحة لا بسمة لا لفتة فالمدية ترقبنا في قبضة والدنا وأخينا
نازك الملائكة- غسلا للعار

هي واحدة من الجرائم التي يرتكبها كثير من الأشخاص عديمي الوعي والإدراك العقلي والديني الناتج عن ضغط نفسي تحت تأثير الافكار الخاطئة المتراكمة لديهم، والتي تنحدر من العادات والتقاليد والأعراف الإجتماعية الراسخة في نفوسهم والتي تربوا عليها ونشأوا في كنفها.

فيعمدون إلى القتل وإلحاق الأذى بمن اعتقدوا أنه مس شرفهم المفترض- وهذا الشرف من وجهة نظرهم هو ما يرتبط بالمرأة فقط لا غير- لمجرد وجود خلفية متعصبة تؤدي إلى تدمير حياتهم وحياة من حولهم. فتكشف الرواسب الأخلاقية الوحشية عن أنيابها وعن شراستها في الإضطهاد ويتحركون من مواقعهم الأنانية الذاتية الظالمة التي يفكرون من خلالها أن لهم كل الحق في إلغاء حياة انسان آخر وتدميرها بحجة الحفاظ على الشرف. وهو تعبير يتضمن إيحاءات كثيرة لنفسية معقدة لمجتمع تأثر بالرواسب الجاهلية لأن الشرف لا يرتبط فقط بالمرأة وهذا التصور خاطىء وغير إنساني مجحف بحق المرأة بشكل عام.

ومن الأمثلة على ذلك قصة فتاة أنزلت بها محكمة الجهل والعادات الهمجية حكمها فأدانتها بأقصى عقوبة ووضعتها في قفص الرعب والهروب بانتظار تنفيذ حكم الإعدام...

ومن هنا نجد أن الفتاة التي تتربى بهكذا مجتمع تعيش تعقيداً كبيراً بحيث قد تجد سلاماً في الظاهر لكنها تعيش حرباً نفسية خفية في الواقع ناشئة من حالة الإضطهاد والقمع والقهر التي تخضع لها الفتيات داخل الأسر الشرقية وقيودها الظالمة..

سوسن واحدة من مئات الفتيات اللواتي ذهبن ضحية التقاليد والرواسب الأخلاقية المتخلفة التي تأثرت بها الأسر الشرقية فتقتل الذات من دون حق وتنسب جريمتها إلى ما يسمى بغسل العار..

وكل ذلك لأنها اختارت شريكاً لحياتها الذي أعتقده والدها أنه لا يصلح أن يكون زوجاً لها من دون سبب يذكر سوى أنه من إنتماء مذهبي مختلف.. مع انه من نفس العقيدة الدينية.!!

فلم يدرس المسألة ولم يناقش ويفكر بجوانبها السلبية وما سينتج عنها من عواقب بل اكتفى بالرفض القاطع وتهديدها بالقتل إذا ما فكرت بعصيانه ومخالفة إرادته البعيدة كل البعد عن العدل الإلهي..

وبعد أن تجرب هذه الفتاة كل وسائل الإقناع مع أبيها وبعد أن يركن الشاب وأهله إلى اليأس من التقدم مرات عديدة لطلب يدها للزواج وأقناع الوالد بالعدول عن رأيه لم يكن منها إلا أن تتحدى كل القيم والتقاليد والأعراف الإجتماعية الظالمة المزروعة في نفوس المجتمع الشرقي وتهرب من دار أهلها لترحل "خطيفة" (وهي كلمة متداولة لبنانياً للفتاة التي تتزوج دون موافقة أهلها) مع من اختاره قلبها وعقلها وكل همها التخلص من جور أبيها وأفكاره المتعصبة.


هنا يثور غضب الأب حتى تصل حالته إلى الهيجان العصبي الأقرب إلى الجنون وتنعدم معه قوة وعيه وتفكيره ويصبح لا يرَى أمامه إلا أطياف الجريمة والقتل والإنتقام بمن الحق بشرفه العار وانزل رأسه في الحضيض!!

عندها يبدأ بالبحث والتنقيب عنها وعن أخبارها حتى يجدها ويشفي غليله بقتلها وإيذاء الشاب ومن يقف بطريقه..

فينتج عن ذلك دخوله إلى السجن بتهمة القتل عمداً إلى جانب الفضيحة التي ستترك تأثيرها السلبي على كل أفراد الأسرة من كبيرها إلى صغيرها فيلاحقهم طيف أختهم المقتولة ويدمر حياتهم وعلاقاتهم الإجتماعية وخاصةً إذا كان هناك فتيات أخريات في الأسرة لن يتجرأن بعدها على التفكير بالإقدام على الزواج حتى لا يعيرن باختهن وبوالدهن المجرم.!!

ومعظم مرتكبي تلك الجرائم يرجعونها إلى التعاليم الدينية ولكنهم لا يمتون بصلة لا لدين أو عرف إجتماعي لأن جميع الأديان لا تبيح لهم إرتكاب جرائمهم وخصوصاً الدين الاسلامي الذي لم يميز بين المذاهب ولم يشرع أي قانون للقتل عن عمد ولم يتساهل مع مرتكبيها بل إعتبرهم مجرمين وآثمين.

وبالرغم من تقدم الدول الشرقية وإتسامها بالحضارة الفكرية والعلمية والإنفتاح على الغرب بعاداته المتحررة وتقاليده إلا أن مفهوم الشرف المتعلق بالمرأة يختلف بين مجتمع وآخر فنرى فى بعض الدول من يتخذ معايير الاخلاق وسيلة للتعصب والتشدد حتى يصل الأمر إلى إعتبار لقاء المرأة بالرجل في مكان عام جنحة وأمراً خارجاً عن الأخلاق فيضيق الخناق عليها لتضطر إلى ايجاد وسيلة للهرب من مجتمعها وتقاليده غير المنصفة، والمجحفة بحقها. وفي جانب آخر تجد أن بعض الدول تعطي المرأة والرجل حرية كبيرة ولكن ضمن ضوابط معينة للعلاقات الإنسانية فيضع لها حدوداً وأُطراً تصونها وتسمح لها بأن تنشأ في جو سليم لا يثير المشاكل والانحراف داخل المجتمع.

والأغرب من ذلك أنك في بلد يرفع راية الغرب بتحرره وعاداته.. تجد في زاوية من زواياه الفقيرة مثل هذه القصة. وترجع أسباب اختيارالفتاة لهكذا طريقة خاطئة للزواج إلى الثقافات والعادات والتقاليد الإجتماعية الرجعية المتزمتة للأسر الشرقية التي تحتوي على كثير من الظلم والإضطهاد والقمع بحق الفتاة الشرقية...

وفي الختام هذه الضحية البريئة تخبرنا أن على كل والد متعقل وملتزم دينيا أن يفهم ابنته ويحترم آراءها وخصوصاً في اختيار الزواج لأنها مسألة مصير وحياتها التي ستعيشها. فيجب عليه أن يتذكر ان الإسلام اعطى الفتاة الحق الأول والأخير في قرار اختيار الزوج المناسب لها فليس لأحد أن يضغط عليها في فرض أي زوج لأن الله لم يجعل أحداً مالكاً لأحد وبدل أن يستعمل كل التشدد والتعصب عليه أن يوجهها وينصحها بما نص عليه الدين والأخلاق فلا يكون عبداً لأفكاره المتخلفة الرجعية التي لا تؤدي إلا إلى الهلاك..

وقد جاء في الحديث المأثور: "إذا جاءكم من ترضون خلقه ودينه فزوّجوه إلا تفعلوه تكن فتنة في الأرض وفساد كبير"..

حنان مسلماني
http://hananhanan.maktoobblog.com/

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
..............
الأوراسية -

الأحرف تصاب بحمى الخرس عندما نتحدث عن قانون العار المسمى ( غسل العار ) ، الغريب أن غسل العار عند ذكورابي لا يقتصر على الفاقدة لشرفها لأي سبب ( كان ) ، بل لمن تعلن عاصية بحبها لشخص ( ما ) فيثور الثور الأب أو الأخ ليضعها في نفس خانة الأخيرة ويصبح الفرق بينهما بفارق بسيط في اللغة أن الأول اتسخ جسدها والثاني اتسخ قلبها وكلا الحالتين لا بد من سلخهما على نفس القاعدة ، فيا ابنة الأرز لم يعد ينفع مع الأنثى العربية ( عموما ) أن توزع آآآهاآآتها طولا وعرضا فنحن منذ تولدنا في شرنقة الرحم وخروجنا نلف قسرا إلى مهد الذكورية ولن يشفع لنا حتى صدر أمهاتنا الذي يجعلنا ننمو ونتعثر ونبكي ونجوع ونرتوي شهد العطاء الأنثوي فالرجل أبا كان أو أخا أو حبيبا أو زوجا باق ولا زال يهاجم بكل ما أوتي من قوة خلايانا الرقيقة بكثير من العبث ( والحكم لن يكون إلا بعصارة تجربة لموقف ما ) .

مركب نقص
دلشاد نجم -

شكرا للمقال الرائع، وأنا متفق معك بأن جرائم الشرف في المجتمعات الشرقية تجاوزت كل الحدود، ومما يزيد الطين بلة أن قوانين مجتمعاتنا الشرقية تخفف الحكم على مرتكب جرائم الشرف، بل أن بعض تلك القوانين تطلق سراح الجاني بتلاعب بسيط في احكام القوانين كأن يذيل قرار الحكم ب(مع وقف التنفيذ!) أحب أن أضيف هنا بأن الفتاة ليست وحدها ضحية هذا الجهل والموروث المتخلف بل أن الشاب هو الاخر ضحية لتحكم الأهل ووصاية الاخرين. حتى بعد الزواج وتكوين اسرة مستقرة بموافقة الأهل، نجد أن الاخرين يتحكمون بحياة العائلة الناشئة ويتدخلون في أدق التفاصيل كطريقة تربية الأطفال وما إلى ذلك مما يتسبب بنتائج سلبية على مستقبل العائلة وعلى التفاهم بين الزوج والزوجة نتيجة إملاءات الغير وتحكمهم بطريقة وأسلوب عيش الاخرين.