هل ينقذ المجتمع الدولي لبنان من براثن حزب الله؟
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك
طيلة الأعوام العشرة الأخيرة لم يتوقف العديد من الكتاب الليبراليين الغيورين على لبنان عن تناول مسألة شرعية سلاح حزب الله.. فحذر الكثيرون من خطورة تمتع الحزب بقوة مسلحة موازية للقوات المسلحة الشرعية المنوط بها الدفاع عن لبنان وحدوده. بل وبلغ الأمر بالعديد من الكتاب إلى الإعراب عن تشاؤمهم حيال مستقبل لبنان ووحدته طالما بقي حزب الله مسلحاً مقاوماً للشرعية. تفاوتت ردود الأفعال اللبنانية والعربية على نبؤات الكتاب الليبرالين، وإن اتسمت غالبية الردود بالبلاهة والسذاجة وعدم الإحساس بمدى قتامة الصورة. ولكن هذا لم يمنع البعض من الإعراب عن مخاوفهم من التنامي المستمر لقوة حزب الله على الساحة اللبنانية.
كان الطُعْم الذي اعتاد حزب الله إلقائه لاجتذاب الرواد واكتساب التأييد وإسكات الأصوات المعارضة هو طُعْم المقاومة أو مقاومة "العدو الإسرائيلي" القابع على الحدود الجنوبية للبنان. ويا له من طُعْم نجح في اجتذاب كل المهووسين بعداوة الدولة العبرية من دعاة القومية العربية ورواد اليسار الراديكالي وجهابذة الإسلام السياسي. لم يحتكم كل هؤلاء وأولئك للعقل لتقييم شرعية وجود حزب الله كقوة مسلحة في بلد خرج لتوه من حرب أهلية. وهم لم يلجأون أيضاً للمنطق الذي كان يتوجب أن تلتزم القوى اللبنانية بالحسابات الدقيقة التي أثمرت عنها اتفاقات الطائف.
لقد كانت غايتهم وهي مواجهة إسرائيل مبررة لأية وسيلة كانت، حتى وإن كانت تحدي حزب الله للشرعية وامتلاكه للسلاح.
غير أن رؤية حزب الله للأحداث في جنوب لبنان لم تكن متماشية مع الرؤية الساذجة لكل من ساندوه من العرب والمسلمين في مهمته الإلهية في مقاومة إسرائيل. فقد كانت مقاومة الحزب الوهمية لإسرائيل عبر إطلاق الصورايخ الخائبة على شمال إسرائيل مجرد أداة سياسية لسحب البساط من تحت أقدام القوى اللبنانية الأخرى تمهيداً لامتطاء جواد الحياة السياسية في لبنان. لم يساوروني الشك يوماً في أن لعبة إسرائيل التي لم يتوقف حزب الله عن استخدامها في الضحك على ذقون السذج لم تكن سوى خطوة لتثبيت الأقدام في الشارعين اللبناني والعربي في طريق الانقضاض على لبنان.
فقد كانت تحركات ومناورات قادة حزب الله تعكس رغبة واضحة في السيطرة على مقدرات لبنان وتغيير خارطة توزيع السلطة السياسية في هذا البلد.
لم يكن تحدي حزب الله للشرعية اللبنانية وليد الأحداث الأخيرة، بل أن لمقاومة الحزب للسلطة اللبنانية تاريخ طويل يعود إلى تاريخ نشأة الحزب قبل عقدين ونيف. لم يتوقف الحزب منذئذ عن ممارسة أنشطته بمنأى عن السلطة الشرعية في لبنان. فقام الحزب بتهريب السلاح عبر الحدود السورية بغرض ممارسة حرب العصابات ضد إسرائيل، وقام بلعب الدور المنوط بالقوات المسلحة اللبنانية في الجنوب اللبناني، ومنع السلطة الشرعية من ممارسة دورها في المناطق التي سيطرت عليها قواته، وقام بفرض أجندته على الحكومة فيما يتعلق بأمن وسلام الجنوب اللبناني، وقام بتعريض لبنان لمخاطر حرب مدمرة مع إسرائيل طوال السنوات العشرين الماضية.
يتحمل اللبنانيون مسئولية الحال الذي وصلت إليه الأمور في بلدهم. فهم الذين صنعوا مجد حزب الله المزيف. فقد زايد معظمهم على وطنية الحزب الكاذبة رغم أن ولاء قادة الحزب يوماً للبنان، وإنما لأسيادهم في دمشق وطهران. كما زايد اللبنانيون على الدور المزعوم الذي قيل أن الحزب لعبه في تحرير جنوب لبنان، على الرغم من أن انسحاب إسرائيل من الجنوب اللبناني كان وفاءً لوعد انتخابي قطعه على نفسه إيهود باراك قبيل انتخابه رئيساً لوزراء إسرائيل. وكذا لم يسع اللبنانيون، بمختلف طوائفهم، لمواجهة نفوذ حزب الله حين كان بالإمكان تحجيمه، بل أن عدداً كبيراً من السياسيين اللبنانيين، وعلى رأسهم الجنرال عون، ساروا في ركب الحزب مهللين لما أسموه "نجاحات" الحزب.
دفع اللبنانيون جزءاً من الثمن الباهظ لوجود حزب الله حين دمرت إسرائيل البنية الأساسية للإقتصاد اللبناني في حرب تموز 2006 قبل أن تتوالى الاحداث الساخنة في لبنان التي كان حزب الله شريكاً أساسياً فيها، وهي الأحداث التي تمخضت عن حالة عدم الاستقرار الأمني التي أودت بحياة العشرات من الصفوة اللبنانية، وقادت لحالة الفراغ الرئاسي في لبنان.
إلى أين ستقود الأحداث الحالية لبنان؟ هذا هو السؤال الذي يبحث المحللون السياسيون عن إجابة حاسمة له. لا شك في أن التفاؤل لم يعد له أساس يستند عليه. فلم تعد هناك أسس للحوار مع قادة حزب الله بعد الأحداث الدامية المؤسفة التي قام بها رعاع الحزب في بيروت الغربية وقيامهم بإغلاق طريق المطار رداً على قراري الحكومة المبررين بإحالة قضية شبكة الإتصالات للقضاء والتسريع بالتحقيق في موضوع كاميرات المراقبة بالمطار. لقد كان ما قام به مسلحو حزب الله مدبراً ومخططاً لإرهاب الحكومة اللبنانية القائمة بتصريف الأمور اليومية للشعب اللبناني، ولإعلان عدم خضوع الحزب لأي سلطة كانت في لبنان.
ولقد عكست شراسة الرد التلفزيوني للسيد حسن نصرالله زعيم الحزب الخارج عن الشرعية والقانون على قرارات الحكومة مدى الأزمة التي تواجهها لبنان حالياً. فقد هدد نصرالله الحكومة بالقبض على رجال الحكومة إن حاولت القبض على رعاعه، وبقطع يديها إن حاولت الضرب على أيدي العابثين بأمن لبنان من زبانيته. ولقد كان مؤسفاً أن يبدو زعيم الأغلبية النيابية سعد الحريري في كلمته الأخيرة التي وجهها لزعيم حزب الله حسن نصرالله مستجدياً للحوار والسلام والأمن.
يبدو أمر استرجاع حزب الله للحظيرة السياسية اللبنانية أمراً مستحيلاً في ضوء التصلب الأيديولوجي للحزب. وبالمثل يبدو الأمل في إحلال السلام بلبنان أمرأ مستبعداً طالما بقي حزب الله محتفظاً بسلاحه الذي يقاوم به الشرعية اللبنانية ويهدد به سلام الوطن وأمنه ووحدته. ولأن مهمة نزع سلاح الحزب تبدو مستحيلة بعدما تعاظمت قوة سلاح الحزب وأصبحت تناطح القوات المسلحة اللبنانية، فإن لبنان يبدو على أعتاب نفق داكن ومظلم لا يعلم أحد إن كان هذا البلد قادراً على الخروج منه سالماً موحداً أم لا.
ولعل الحل الأنسب للأزمة الراهنة برأي الكثيرين يكمن في مساعدة المجتمع الدولي للبنان عبر التعامل فوراً بقوة وحزم وصرامة مع نظامي دمشق وطهران اللذين يقوما بدعم حزب الله. فإذا كان السيد نصرالله يهدد اللبنانيين بقطع أياديهم إذا ما حاولوا قطع أيادي مخربي حزب الله، فإن ذلك ربما يعطي اللبنانيين الحق في أن يطالبوا المجتمع الدولي بالمساعدة في قطع الأيادي التي تدعم حزب الله في خيانته للبنان حتى يتوقف الحزب نهائياً عن مسيرته التخريبية في لبنان. وإذا كان موضوع التدخل الدولي مستبعداً حتى ما قبل الأحداث الأخيرة، فإن إعلان السيد حسن نصرالله الحرب على اللبنانيين ربما يدفع بالكثيرين لإعادة التفكير بكيفية الرد بصورة مناسبة على حزب الله.
وكل ما أتمناه في النهاية هو أن يتحلى اللبنانيون بأكبر قدر من الصبر وضبط النفس في التعاطي مع خيانة حزب الله لوطنهم وذلك حقناً للدماء وحفاظاً على الوطن من حرب أهلية جديدة.
جوزيف بشارة
josephhbishara@hotmail.com
التعليقات
لا تتصهينوا لاتتهودو
اوس العربي -اولا المجتمع الدولي اكذوبة كبيرة جدا ، ثانيا التدخل الاجنبي في الشرق والاستقواءبالاجنبي ذد شركاء الوطن ليس في مصلحة المسيحيين المشارقة اذ انه سيزيد من معاناتهم ومثال ذلك مسيحيو العراق ، ثالثا يجب ان يكف بعض المسيحييين عن التصهين والتهود والدفاع عن الكيان الصهيوني فكل الذين اصطفوا مع الاجنبي الغازي من المعلم يعقوب المصري الى انطوان لحد اللبناني رحلوا مع الغازي والمحتل
مشروع
رشاد القبطي -الخطر الاكيد على المسيحيين المشارقة يأتي من الكيان الصهيوني ومن الغرب المسيحي كلنا نعرف نتيجة الحروب الصليبية التي يسميها المسلمون ـ الفرنجه ـ ونعرف ان الاحتلال الصهيوني تسبب في هجرة المسيحيين الفلسطيينين فبعد ان كا نوا يشكلون 22% بالمائة من سكان فلسطين صاروا يشكلون الان 2% ارجو ان لايستمع المسيحيون الى التيار المسيحي المتصهين المصطف دائما مع الصهاينة ومع الاحتلال الاجنبي علينا ان نتذكر ان مع الاحتلال الاجنبي تاتي الكنيسة الغربية لتطرد الكنيسة الشرقية وهذا ما حصل تماما في العراق ان الاسلام والمسلمين هم الحصن الحصين للمسيحيين العرب المشارقة قال مكرم عبيد القطب المسيحي المعروف عندما غازله الاحتلال الانكليزي بمشروع دويلة للمسيحيين في مصر قال مشروعنا مع الاغلبية ورفض ان يكون انتهازيا وتابعا وخنجرا في خاصرة شركاء الوطن يجب ان يفوت حكماء المسيحيين في مصر وا لشام والعراق الفرصة على سفهاءهم ويضربوا على ايديهم ووجوههم ان تطلب الامر
لبنان باق
ريتا -يا رب تحمي لبنان لانو اكبر من كل زعماء العالم وهو باق رغم انف الجميع
سياسة الغرب
رعد الحافظ -بعد ان عشنا طويلا عندهم بدانا نفهم كيف يتعامل الغرب اي الاوربيين والاميركان مع اي مشكلة..ان صبرهم طويل واكثر من اللازم بنظرنا..مثلا لم يشنقوا قاتل وزيرة الخارجية السويدية انا ليند وكان قد طعنها بالسكين عدة مرات حتى الموت..يعني اكو اكثر من ذلك سبق اصرار؟ونفس القاتل كان قد قتل ابيه قبل عدة سنوات واودع مصحة عقلية ثم اخرج منها بدعوى ان حالته تحسنت..على كل هو الان ايضا في مصحة 5 نجوم وربما يفرج عنه قريبا..وبالمناسبة هذا الشخص اصله ليس سويدي بل مهاجر..اذن هكذا يتعاملون مع المشكلة..وهذا ما تفعله اميركا اليوم مع نصرالله..
لا عزاء للمتصهينين
الايلافي السني -ولا عزاء للمتصهينين الأسم: الايلافي الرائع هنا ان مراكز الموالاة للصهاينة والامريكان تساقطت مثل اوراق الخريف فضحية ما بعده فضيحة يا خجلة امريكا والكيان الصهيوني منكم عقبال ما تتساقط بيوت العنكبوت للبراليجيين والمتصهينين خدام بوش واولمرت
اهكذا تخطف الاوطان
جولي اندروز -ماذا تعني بشروط النشر...ماذا تقول عن ما فعله هذا الحزب اللاهي...ماذا قدم هذا النصر لللبنانين...انه فتح النار علي المنطقه المسماه بالعربيه ثانيه...الا يكفي ما فعله المجرم الاخر صدام حسين عندما غزا الكويت...الذي فعله الحزب اللاهي هو هزيمه للعقل و الفكر و التنوير و ما سوف يجره علي المنطقه باكملها لسوف يطال الكل...ولا عزاء للعروبه و منطق الهمج
معك
العنيد -كلنا معك يا اشرف الناس يا اطهر الناس يتهموك ونحن نعرف حقيقتك فاتهامهم لك يزيدنا فخرن بك انت السيد والقائد والمسلم المومن حماك الله ياسيد المسلمين ...
المشروع الصفوي
عبدالله الرشيد -أولاً يجب علينا القبول بما آلت اليه الأمور في لبنان بعد أن تماهت القوى العربية الرسمية وغير الرسمية مع مشاريع إيران في المنطقة الى حد السذاجة المفرطة والإنبطاح الإستسلامي المهين ، إن حزب الله اللبناني هو امتداد للمشروع الصفوي الايدلوجي الإمبراطوري الإيراني ، وتستغل إيران تساوق الغرب مع مشاريعها تحت إطار دعم التشيع العالمي لأن مشكلة اسرائيل ليس مع الحركات الراديكالية الشيعية وانما مع الحركات الأصولية الجهادية السنية كما يردد الغرب أحيانا وكما يردد بعض قادة إسرائيل أحيانا أخرى ..إن هناك حالة من التراجع العربي - السني رسميا ودينيا أسفر عن خلق فراغات أمنية وستراتيجية وسياسية كبيرة ملأتها لإيران بكب قوتها .. فهي فرصة تاريخية ذهبية سانحة لبناء مجدهم المذهبي المتغول !!إن ما يجري على أرض لبنان لا يمكن عزله عما يجري في العراق ، لقد تم تدريب عناصر جيش المهدي على إيدي حزب الله في لبنان وبإشراف الحرس الثوري الإيراني ثم تم الزج بهم في المواجهات الطائفية في العراق ..إذن خيوط اللعبة الإيرانية واضحة !! ، فهي من يحرك الواقع السياسي في العراق وكذا لبنان ، وعلى كافة الدول العربية والنخب السياسية والقوى الدينية والشرعية الرسمية وغير الرسمية أن تتحرك لوضع حد لهذه المهزلة التاريخية حفاظاً على ما تبقى من كرامتهم وإلا فإن ساعة الندم قريبة ولات حين مندم !!
تعليق
amadi -اسرائيل هي الكلمة السحرية لكل الدكتاتوريين النرجسسين للسيطرة على الاوطان ومقدرات الشعوب,استعملها معلمهم عبد الناصر ليحكم العرب وتدخل وساند الانقلابات في اليمن والعراق واستطاع تخدير البسطاء الدَين يشكلون الكثرة من العرب , جاء بعده صدام واضاف الى كلمة الصهيونية لفظة الفرس المجوس وحاول احتلال ايران ولما لم ينجح احتل الكويت واراد احتلال بقية الخليج وباطلاقه بضع مفرقعات على عرب اسرائيل استولى على قلوب الجماهير,البعث السوري يفعل نفس الشيء, احمدي نجاد يهدد اسرائيل لفظيا واستولى على اراض عربية وبحصوله على قنبلته النووية سيحاول الاستيلاء على البقية الباقية,حسن نصرالله وبن لادن وخالد مشعل وغيرهم ينفدَون ما تعلموه من الدكتاتوريين الكبار .