ايران بلد المفاجأت تعيد خاتمي الى معترك الصراع
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك
ايران على حد قول الخبيرة الايرانية المقيمة في نيويورك و المتخصصة في شؤون ايران و افغانستان كاميليا انتيخابيفرد " هي بلد المفاجآت"، وهو ما اثبتته الايام الاخيرة فعلا، بحدثين اثارا دهشة المراقبين في الداخل و الخارج، والحدثان بطلهما هو الرئيس السابق محمد خاتمي، الاول: اعلانه عدم رغبته في الترشح للرئاسة مجددا لانه يريد " التقاعد" من الحياة السياسية، والثاني: اتهامه الضمني للسلطات الحاكمة في البلاد بالتشجيع على زعزعة الاستقرار في الشرق الاوسط و خاصة في العراق ولبنان، وانتقاده ما سماه سياسة " تصدير ثقافة العنف".
وكان خاتمي تساءل في خطاب القاه امام جمع من الطلاب " ما الذي قصده الامام الخميني بتصدير الثورة؟ هل هو ان نحمل السلاح ونتسبب في انفجارات في بلدان اخرى؟ هل نشكل مجموعات للقيام بعمليات تخريب في بلدان اخرى؟".
الحدث الثاني اثار ردود افعال متباينة في الداخل ما التأييد الصامت، والدعم العلني والانتقادات العنيفة من رموز السلطة و التي كان ابلغ تعبيرلها ما ورد في جريدة " كيهان" التي يسمي المرشد الاعلى رئيس تحريرها حيث اعتبرت هذه التصريحات " غير وطنية وتلطيخا لسمعة ايران " تستلزم المحاسبة القوية.
تقول انتخابيفرد" ان خاتمي لم يكن معروفا بين الايرانيين، وقد ترشح صدفة للانتخابات الرئاسية وفاجأ الجميع بتحوله قائدا للحركة الاصلاحية في مرحلة ما بعد مؤسس الجمهورية الاسلامية الخميني".
وفي الواقع ان النتائج الباهرة التي حققها السياسي "المجهول" خاتمي ارعبت المحافظين الذين اعتبروها درسا قاسيا ومفيدا للسنوات اللاحقة التي اخذوا خلالها يفعلون كل ما بوسعهم لمنع ترشيح "المجهولين " لآي انتخابات مستخدمين ما يعرف باسم " مجمع تشخيص مصلحة النظام" اداة لابعاد غير المرغوب بهم و المشتبه بليبراليتهم، وبحسب " انتخابيفرد فأن " الانتخابات العامة الاخيرة كانت مثالا على ذلك".
الا ان المؤشر الاكثر اهمية في هذه الانتخابات " المقيدة بمصلحة النخبة الحاكمة" تميزها بعزوف الناخبين عن صناديق الاقتراع، وهو ما اعترف به وزير الداخليةالذي اقيل من منصبه مؤخرا مصطفي بور محمدي بقوله " ان 15% فقط من الناخبين في طهران ادلوا بأصواتهم " فيما رصد الرئيس الاسبق رفسنجاني وهو رئيس مجلس الخبراء و تشخيص مصلحة النظام " ان مشاركة الناس تتدنى" وهي المرة الاولى الي يقر فيها رجل دين كبيرمثل رفسنجاني علنا بوجود اعتراض شعبي على سوء ادارة نجاد و الملالي للدولة.
تتهم انتيخابيفرد المرشد الاعلى بتنفيذ" شبه انقلاب على حركة الحريات العامة في ايران، بمساعدة الحرس الثوري و ميليشيات الباسيج الاسلامية لاعادة السلطة الى المحافظين بهدف تكريس نفوذه على خلفية مشاعر دفينة ظلت تؤرقه نتيجة تحدي مجلس الشوري السادس الاصلاحي لسلطته اكثر من مرة".
وفي خضم صراعها مع الولايات المتحدة و الغرب حول برنامجها النووي و سياساتها الداعمة للقوى المتشددة في الشرق الاوسط، تواجه ايران مآزق و مشاكل داخلية كبيرة سياسية و اقتصادية و اجتماعية، تنعكس مظاهرها في التراشق الكلامي و الاتهامات المتبادلة بين الرئيس نجاد الذي يلوح بين الحين و الاخر مهددا بفضح " المافيات" في قطاع النفط التي يقول انها تهيمن ايضا على الاقتصاد، و بين خصومه و حتى اعضاء حكومته و التي امتدت لتصل الى القائد السابق للحرس الثوري محسن رضائي و حتى رفسنجاني شخصيا، وكذلك رئيس مجلس الشورى السابع الذي كان يعتبر حتى الان اكبرمؤيديه غلام حسين حداد عادل الذي ابنته هي زوجة لاحد انجال خامنئي، فلقد اتهم كل واحد الاخر بانتهاك القوانين.
لم يتبق على الانتخابات الرئاسية المقبلة سوى عاما واحدا تبدو فيه حظوظ نجاد بولاية ثانية محدودة للغاية على خلفية معاركه مع الجميع و في كل الاتجاهات واخفقاته الاقتصادية المريعة مع ارتفاع حجم التضخم النقدي و تضاعف حجم البطالة و الحصار المالي الدولي الذي يتصاعد مع تنامي الضغوط الاميركية على المصارف و المؤسسات العالمية، وتتداول اوساط مرتبطة بالمرشد الاعلى اسماء جديدة مفضلة بديلة مثل حداد عادل و رئيس بلدية طهران محمد قادر قاليباف و الامين العام السابق للامن القومي علي لاريجاني الذي لا يخفي هو الاخرمعارضته لسياسات نجاد.
ويسعى الاصلاحيون من اجل الـتأثير على خاتمي و اقناعه بالعودة عن قراره الانسحاب من المعترك السياسي و المعركة الرئاسية المقبلة، وقال مدير الحملة الانتخابية للاصلاحيين جاهان بخش خانجاني" ان خاتمي هو الشخص الذي يتمتع بكل المميزات ليكون رئيسا " مضيفا " ينبغي العمل على انهاء اعتكافه هذا، لانه اعاد لايران فخرها و سمعتها".
يرى الباحث الايراني المقيم في الولايات المتحدة كريم سجاد بور" ان السياسة الايرانية داخليا و خارجيا، غير قابلة للتغيير طالما بقي خامنئي في هرم السلطة، لان ايديولوجيا الثورة تحظى بحارس متنفذ في وسعه الاتيان برجل من طراز الرئيس الحالي نجاد لتلافي " انحرافات" حصلت خلال فترة سلفيه رفسنجاني و خاتمي ".
محمد خلف
التعليقات
الأيديولوجيا الدينية
سلام فؤاد -منذ 1400 عام وإيران تعاني من حالة تمزق وتناقض في هويتها: فهي إسلامية شكلاً، وقومية فارسية مضموناً. القومية الفارسية توسعية، وهي تستخدم حالياً في توسعها نفس الأيديولوجيا التي إستخدمها العرب والترك قبلها في توسعهم، ألا وهي الأيديولوجيا الدينية. مستقبل كافة شعوب المنطقة، بما فيها الشعوب الإيرانية، سوف يتوقف على إمكانية تحييد هذه الأيديولوجية ومنع إستخدامها في الصراعات السياسية والإقليمية.