أصداء

العلمانية.. هل تصلح لمجتمعاتنا؟ 1-2

قراؤنا من مستخدمي إنستجرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك

العلمانية مفهوم حديث في التاريخ الغربي لايتعدى عمره القرنين، حيث برز أول مرة في فرنسا أثناء مصادرة الحكومة لأموال الكنيسة، وقد وُصفت تلك العملية بالعلمنة.


ومعروف أن التعريف التقليدي للعلمانية هو فصل الدين عن الدولة أو عن السياسة، في حين يشدد مخالفو العلمانية على المزج بين الدين والسياسة، وبالذات الإسلاميون الذين يعتقدون أن الدين الإسلامي يختلف عن الأديان الأخرى التي لاتولي أهمية للسلطة والسياسة، كالمسيحية واليهودية، ويؤكدون على أن الإسلام دين سياسي، وبأن السياسة تندرج في ذات الدين، وأن المسلم لايستطيع إلا أن يكون سياسيا. فنبي الإسلام، باعتقادهم، وهو اعتقاد صحيح، كان يتمتع بشخصية سياسية متكاملة لأنه مارس السياسة بكل أبعادها، لذلك شكل أمة إسلامية سياسية وبنى مجتمع المدينة/الدولة. على هذا الأساس نجدهم يشددون على لزوم الاقتداء بالنبي وإتباع طريقه الديني - السياسي، وأي دعوة لفصل الدين عن السياسة بالنسبة إليهم هي دعوة مذمومة لايجوز تنفيذها.
إن العلمانية لاتعني فحسب فصل الدين عن السياسة، بل ذلك ليس سوى نتيجة من نتائجها، إنما هي تستند إلى علاقة وطيدة مع عالم الطبيعة والمادة وتبتعد ما أمكن عن عالم ما بعد الطبيعة. هي توصي بعدم الإشارة إلى دور الدين في القضايا المتعلقة بالحياة الطبيعية، لأنها تعتبر الدين أحد عناصر ما بعد الطبيعة. بمعنى أنها تؤكد على إبعاد دور الدين عن الشأن العام، أي عن السياسة والاقتصاد والتعليم وغيره من المسائل. والشاهد على ذلك أن العصر الحديث شهد جهدا بشريا كبيرا في هذا الطريق، أي في طريق فصل مسائل الطبيعة عن مسائل ما بعد الطبيعة.


وفي الكويت، حينما كان مرشحو انتخابات مجلس الأمة يترددون على الديوانيات للحصول على دعم روادها، كانت العبارة التي يودّع بها أهل الديوانية المرشح هي "عسى الله يوفقك في الانتخابات"، أي أن العبارة المستخدمة مع المرشح كانت دينية تنتمي إلى عالم ما بعد الطبيعة (العالم غير العلماني) من أجل التعاطي مع أمر طبيعي مادي وبشري (أمر علماني). وهذا يعني بأننا لا نزال نتعاطى مع الشأن الطبيعي استنادا إلى الإطار ما بعد الطبيعي، وأن لغتنا لا تزال لغة غير علمانية، في حين أن العلمانية تُفصل الشأن الطبيعي عن الشأن ما بعد الطبيعي، وتستخدم لغة طبيعة للقضايا الطبيعية المادية البشرية، وتتعاطى مع مسائل ما بعد الطبيعة بلغة تصب في الاتجاه ما بعد الطبيعي. فاللغة دليل على علمانية أو عدم علمانية أي شخص. فهناك فرق في أن يودّع إنسانا صديقه بجملة "نراك غدا" العلماني بدلا من جملة "في أمان الله" الديني غير العلماني، إذ اللغة تشهد على أن صاحبها قد يؤمن بالعلمانية أو إنه قد لا يؤمن بها ولا يزال بعيدا عن أصلها.


إن عالم ما بعد الطبيعة، الذي ينتمي إليه الدين الإسلامي، يتدخل بصورة كبيرة في حياة المسلم ويساهم في تشكيل صورة الحياة ويبث الروح فيها وفي أسبابها وعللها. وبما أن الإنسان هو مجموعة من الأفكار والأسباب، فإنه عادة ما يتبع الأسباب، التي فيما لو كانت دينية فإنه سيصبح إنسانا دينيا، أما إذا ما كانت غير دينية فسيصبح إنسانا علمانيا. وهذا الأمر ينطبق كذلك على أفراد المجتمع في أن يوصفوا بالمتدينين أو بالعلمانيين. على هذا الأساس يوصف إنسان العصر الحديث بالعلماني لأنه استبدل أسباب الحياة الدينية بأسباب أخرى غير دينية، أي بأسباب علمانية. فعلى سبيل المثال، من أسباب نظافة الإنسان المسلم اتباعه الحديث النبوي الذي يقول "النظافة من الإيمان"، أي بسبب ارتباط النظافة بالإيمان لابد أن يكون المسلم نظيفا. في حين أن العلماني لايبحث عن أسباب النظافة في الحديث النبوي أو في النص الديني إنما يبحث عنه عن طريق العقل الطبيعي الذي من شأنه أن يوصله إلى هذه النتيجة حتى لو لم يتوفر في الدين ما يحث على ذلك.


إن مختلف صور الحياة ومختلف مؤسسات المجتمع، الرسمية وغير الرسمية، من سياسية واقتصادية واجتماعية وخدماتية وتعليمية وغيرها، الموجودة في المجتمعات الدينية موجودة أيضا في المجتمعات العلمانية. إذن ما الفرق بين الأثنين؟ بمعنى أنه ما الذي يجب أن يميز المجتمع الديني عن المجتمع غير الديني؟ إن الذي يجب أن يميز أحدهما عن الآخر لابد أن يتعلق بالأسباب أو بالعلل. بمعنى أن الإثنين، العلماني والديني، يتوصلان إلى نتائج متشابهة بشأن معظم قضايا الحياة ومسائلها، لكن الأول ينفذ أفكاره وأهدافه إنطلاقا مما يمليه عليه العقل البشري من أسباب دون النظر إلى رضى الله أو عدم رضاه، في حين أن الثاني ينطلق في تنفيذ أهدافه وأفكاره استنادا إلى دواعي رضى الله لا غير.


لكن هناك فرقا كبيرا بين المشروع الديني والمشروع العلماني، إذ الأول يعتقد، غصبا وزورا ومن دون أي دليل عقلي أو نصّي، بأن الدين يملك مشروعا متكاملا للحياة، بمعنى أن الدين الإسلامي بالنسبة لأنصاره هو "دين ودنيا". في حين يعتقد الثاني عكس ما يعتقد الأول، إنه يستند إلى العقل لا إلى النص الديني في رسم صورة الحياة المادية الطبيعية العقلية وفي تطوير مختلف جوانبها. وفي الانتخابات البرلمانية في الكويت اتجهت جماعات الإسلام السياسي في الدعاية لمرشحيها انطلاقا من عبارة "التكليف الشرعي"، حيث امتنعت عن التصويت للمرشحين غير الدينيين، وبالذات للعلمانيين والليبراليين والمرأة، وأكدت على "حرمة" التصويت لهؤلاء لما فيه من "إثم ومعصية" و"نشر للفسق والفجور" و"تعدّ على شرع الله". بمعنى أن تلك الجماعات دخلت ساحة الانتخابات والتصويت من بوابة المشروع الديني وأدبياته ومن خلال الأسباب والعلل الدينية المتصلة برضى الله. في المقابل نجد أن الجماعات غير الدينية، العلمانية والليبرالية، استندت في ذلك إلى العقل والمصلحة والواقع، أي إلى الأسباب العقلية الطبيعية غير الدينية لا إلى المشروع الديني والأسباب الدينية والنص الديني.

فاخر السلطان

كاتب كويتي
ssultann@hotmail.com

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
رأي
حمد بن خالد - قطر -

نعم لعلمانية الولايات المتحدة، ولا وألف لا لعلمانية تركبا وفرنسا الأصولية!

ليس سهلا
شاكر العجيلي -

ليس سهلا اقناع الانسان العربي وهو ابن البيئه البدويه الصحراويه ان يلتزم بنظام معين، فالعلمانيه هي نظام له قوانينه وقواعده التي تقوم علي فصل الدين عن السياسه حتى لايفسد الاثنان كما هو حاصل الان، فالسياسي يتلبس بلباس الدين عندما يحتاجه فهو مرة عبدالله المؤمن ورة اميرا للمؤمنين ومرة الرئيس المؤمن والعكس ايضا ينطبق على المتآسلمين فتراهم يتشدقون بالديموقراطيه وصناديق الاقتراع وكيف انهم وصلو عن طريقها، دون ان يطبقوا اي مبدآ من مبادئها.في العالم العربي لايوجد ناس واقعيين بل الكل يعيش في فانتازيا مؤملا نفسه بالجنه والحور العين والغلمان، متناسيا كم المشاكل والمصائب التي يعاني منها المجتمع.الانسان في العالم العربي لن يتحرر ابدا الا عندما يصرخ بوجه السياسي الفاسد ورجل الدين الكذاب ومااكثرهم، كفى لقد مللنا منكم ومن اشكالكم ولحاياكم المقرفه..فكوا عنا الله لايفك عنكم

العلمانية ليست الحاد
عدنان العربي -

مشكلة الليبرالييين العرب انهم لايفرقون بين الليبرالية والالحاد لذلك تجدهم يلفون ويدورون حول مهاجمة الاسلام فالغرب اعلن علمانيته لكنه لم يعلن الحاده وكفره بالله ؟!! ولا يوجد عنده هذه الحدية التي يمارسها ادعياء اللبرالية والعلمانية اليوم ـ مراكسة الامس ؟!! فمازال الغرب يحتفل باعياد الميلاد واعياد القديسيين وتجتمع الاسر في المناسبات لتتلو صلاة الشكر ومازال العلماني الغربي يعتز باسمه المسيحي ومازالت اعلام الغرب وانواطه وشارات جيوشه تحمل الصليب لا بل ان حلف الناتو له شعار على شكل صليب كبير ومازال الغربي يعتقد في المعجزات فاذا نجا احدهم من موت محقق قال انها معجزة واكبر حزب سياسي في امريكا هو حزب المسيحيين المتصهينين الذي يقدر باربعين مليون شخص يؤثرون في القرار السياسي والانتخابات الامريكية وانتم تزعجكم عبارة ان شاء الله وفي امان الله ووفقك الله هل انتم حقا علمانيون حقا ام .. ؟!!!

اعادة نظر بالطرح
جاسم العبد -

العلمانية لم تأت من الفراغ انما هي وليدة الحداثوية التي تجسد التوجه الاجتماعي العام الذي يعلي شان الفرد و قدرته على التغيير و الانجاز الى اخر ما هنالك. النقطة التي يجب ان لا تغيب عن البال هي أن الفكر الاجتماعي الغربي ليس مطلقا فهو لا يتجاوز حدود المكان و الزمان, انما هو وليد بيئة معينة لها خصوصيتها و نشوءه كان استجابة لمستجدات اقتصادية سياسية. و لا توجد اي دولة عربية اشتركت مع الغرب في تجربته التاريخية. فالاصح القول ان الفكر الاجتماعي الغربي هو سلعة لا تقبل التصدير من حيث المبدأ. طبعا القول ينسحب على العلمنة, التجربة العربية الاسلامية مختلفة, و المناداة بالعلمنة هو امعان في تخليف المجتمعات العربية التي تستهلك حتى الافكار.و تطبيقها على ارض الواقع يعني دكتاتورية سياسية قمعية و استغلال و فوارق طبقية و بضعة فتيات شبه عاريات. نحن بحاجة لمفكرين محليين معاصرين لتأسيس فكر اجتماعي عربي اسلامي معاصر لنحل مشكلتنا فهل يسمح لنا الغرب العلماني بفعل ما يقود الى نهضتنا؟؟

تعلو على كل المصالح
يا حبيبي يا لبنان -

الانسان العربي البسيط لديه ثقافة وحس اجتماعي تتخطى بكثير المتوسط الثقافي العالمي. لقد ذكرت في المقال : أن الجماعات غير الدينية، العلمانية ، استندت في ذلك إلى العقل والمصلحة والواقع... هل بالامكان الى تفسير اي عقل? الامريكي! الروسي! الاوربي! الافريقي! هل بالامكان الى تفسير اي مصلحة? الامريكية! الروسية! الاوربية! الافريقية! او المصلحة الخاصة?مع العلم ان المصلحة الخاصة التي تعلو على كل المصالح! هل بالامكان تفسير اي واقع? واقع المهيمِن او المهيمَن عليه? الواقع على مستوى المنطقة او على مستوى الدولة السياسية او الحدود الجغرافية ام اللغوية ام القومية? .... غالباً ما تستعمل العلمانية لهيمنة الاقلية على الاكثرية او على الاقل لاخذ السلطة من يد القابض على زمام الامور.

الى العجيل رقم 2
بدوي صحراوي -

كبر عقلك

العلمانيه
أحمد -

فى البدايه أود ان أشكر الكاتب الّذى اعطانا نبذة عن العلمانيه الّتى لطالما احترت فى معاناها و ما ترمى اليه .. فى رأيى ان الإسلام جاء ليقنع الناس بطريقة ما وراء الطبيعة و الغيبيات لأنه كان العلم و الوسيلة الوحيدة المنتشرة فى ذلك الزمان .. فمثلا .. لدينا فى الإسلام ان تقليم الأظافر شىء مستحب لأنه توجد شياطين تحت الأظافر .. و كلنا نعلم اليوم بأن هذه الشياطين هى الجراثيم و الميكروبات .. لو حاولت إقناع اجدادنا و شرحت لهم مئة ألف مره عن البكتيريا لما فهموها !! لهذا أرى ان الطريقة الّتى أتى بها الإسلام ما كانت الا لمرحلة معيّنه و بالأحرى تمهيدا للتطور .. و لربما علينا كمسلمين أن نفكّر بضرورة تغيير الطريقة الّتى نفكّر بها بعض الشىء نظرا لتغيّر الزمان و الأوضاع ...و لكن ما لا يريحنى بالعلمانية هو ان صاحبها يعمل لدنياه بينما يعمل الشخص المتديّن لآخرته

صرحوا بالحادكم
عبدالله عبدالرحمن -

يخلط اللبراليون العرب ـ تجاوزا ـ بين العلمانية والالحاد وبماانهم في الاصل شيوعيون تحولوا مع سقوط صنمهم السوفيتي من عبادة البيت الاحمر الى عبادة البيت الابيض فهم اقرب الى الالحاد منه الى العلمانية وهم يدلسون على الناس هم يقصدون الالحاد بالتأكيد وكل ادبياتهم وكل ارشيفهم الفكري ومفرداتهم تنضح بالالحاد ، ادعو ادعياءاللبرالية والعلمانية لان يكونوا واضحين مع الناس قولوا للناس نحن ملاحدة اعداء للدين والمتدينين مش عيب الصراحة حلوه يا جماعة ؟!!

ابعد من فصل الدين ؟!
قاريء ايلاف -

يسجل للدكتور عبدالوهاب المسيري في مداخلته حول العلماينة هو الجهد المميز لتعريف المصطلح ووضعه في سياقه التاريخي, ومتابعة نشوئه من تاريخ صلح وستفاليا الذي أوقف الحروب الدينية في أوروبا عام 1648, ثم تطوره ليسم فصل الكنيسة عن الدولة, وتأصيله بتعريف مشهور واضح لجون هوليوك في النصف الثاني من القرن التاسع عشر على أن العلمانية هي الإيمان بإمكانية إصلاح حال الإنسان من خلال الطرق المادية, دون التصدي للإيمان, سواء بالقبول أو الرفض (ص 12). هذا التعريف وسواه قصد به إعلان العلمانية الحياد تجاه الدين, وهو الأمر الذي ينقضه المسيري ويرى فيه انحيازا ضد الإيمان وذلك عبر إضمار نموذج لإصلاح حال الإنسان بالطرق المادية يجب الوصول إليه من غير طريق الإيمان. ومن هنا فإن المسيري يرى في العلمانية ما هو أبعد من فصل الدين عن الدولة, الأمر الذي يعتبره الشيء الظاهر فيها والموجود في كل الحضارات والعوالم. لكن ما هو أهم بالنسبة إليه هو النموذج المادي الذي تنطوي عليه والذي يشكل رؤية تفسيرية شاملة للعالم والكون ترتكز على عناصر واضحة مادية وعقلانية صلبة وأداتية ترفض أي مرجعية متجاوزة. وهو يرى أن هذه العلمانية الشاملة متجسدة ليس فقط في المجال السياسي عبر فصل الدين عن الدولة, بل وفي كل مجالات الحياة الإنسانية الأخرى الاجتماعية والاقتصادية والمعاملاتية والأخلاقية. وهو بالضبط ما يقصد كاتب المقال انه التدخل السافر في حياة الانسان ومعتقداته وكبته وقمعه انها العلمانية المتوحشة

الاسلام وكفى
عمر علي -

فإن من أصول الإعتقاد في الإسلام المعلومة من الدين بالضرورة، والتي أجمع عليها المسلمون، أنه لا يوجد على وجه الأرض دين حق سوى دين الإسلام، وأنه خاتمة الأديان، وناسخ لجميع ما قبله من الأديان والملل والشرائع، فلم يبق على وجه الأرض دين يُتعبد الله به سوى الإسلام، قال الله تعالى: وَمَن يَبْتَغِ غَيْرَ الإِسْلاَمِ دِيناً فَلَن يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ [آل عمران:85]. والإسلام بعد بعثة محمد هو ما جاء به دون ما سواه من الأديان. ثانياً: ومن أصول الإعتقاد في الإسلام أن كتاب الله تعالى ( القرآن الكريم ) هو آخر كتب الله نزولاً وعهداً برب العالمين، وأنه ناسخ لكل كتاب أُنزل من قبل من التوراة والإنجيل وغيرها، ومهيمن عليها، فلم يبق كتاب يتعبّد به سوى ( القرآن الكريم ) قال الله تعالى: وَأَنزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقاً لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتَابِ وَمُهَيْمِناً عَلَيْهِ فَاحْكُم بَيْنَهُم بِمَا أَنزَلَ اللّهُ وَلاَ تَتَّبِعْ أَهْوَاءهُمْ عَمَّا جَاءكَ مِنَ الْحَقِّ [المائدة:48].

الفرق بين مشروعية
احمد بهاء الدين -

في الحقيقة قبل بيان الفرق بين شرعية المشروع الاسلامي وشرعية المشروع العلماني لا بد ان نذكر مسألة ذات اهمية بالغة وهي ان كل فكرة او عقيدة او مذهب في سبيل اكتساب شرعيته لا بد او تكون فكرته او عقيدته او مذهبه مطابق للواقع ومعنى الواقع هو حقيقة الامر اي كما يجب ان تكون القضية بحقيقتها ونقطة الصراع بين العلمانية والاسلام هو ان الاسلام يكتسب مشروعيته من الله تعالى باعتبار ان الله تعالى له الكشف المطلق للحقائق لذلك تشخيص الله تعالى لكل الجزئيات يكون بغاية الدقة اما لو اعتمدنا على العقل فقط فالعقل في الكليات يتفق مع الوحي كما هو الحال في قبح الظلم وحسن العدل اما في الجزئيات فالعقل يحصل له الاختلاف في الجزئيات والمسالة المهمة التي تتعلق في حياة كل انسان هي الجزئيات كما في الربا والسرقة والعقوبات والخمر واكل لحم الخنزير والمئات من القضايا المعروفة لدى الجميع والله تعالى هو منبع الوجود للموجودات ومن الناحية العقلائية ان صاحب الاختراع لا يجوز لاحد ان يسرق براءة اختراعه ويتصرف كيفما يشاء فالعقلاء يرفضوا مثل الامور لانهم يعتبروا هذه القضية عدوان على صاحب الاختراع كذلك الله تعالى لا يجوز لاي مخلوق ان يزاحمه في ارادته ومشيئته لذلك فالله تعالى صاحب الولاية التكوينية والتشريعية قال تعالى لله الخق والامر اي الولاية التكوينية والتشريعية في هذا الكون والصراع بين الاسلام والعلمانية حول هذه السيادة فالمسلم يقول الولاية لله اي الشرعية لله اما العلماني يقول السيادة للعقل والذي يكتسب شرعيته من العقل فقط دون الرجوع الى الله تكون القضية اشبه بالشخص الذي يسرق حق الاختراع من قبل الغير فالحريةالتي تعتمد عليه العلمانية كمعيار تكون باطلة لان الاعتماد عيها مجردا عن الله بل من خلال الاعتماد على العقل فقط ان نقطة الخلط بين الاسلامين والعلمانين هو مسألة فهم الاسلام فالفكر العلماني لم يكن له فهم لتصورات وافكار الاسلام نحو الكون والانسان والحياة والمجتمع بشكل صحيح بل يحمل في كثير من الاحيان صورة سلبية لا ايجابية وفي المقابل في الفكر الاسلامي هناك تيارت اسلامية مختلفة منها من له فكر سلفي والفكرالسلفي معناه فكر غير منتج اي انه فكر ينظر الى الامور من زاوية واحدة وفهم ضيق للامور لذلك كثير ما يتعسف اتجاه كثير من الامور هذا مما سبب رؤية سلبية للعلمانين اتجاه الاسلام وهذا من حقهم ولكن ليس من حقهم الركون الى ال