الغصين لا يزال ينتظر العدالة ورد الاعتبار

قصة اختطاف مناضل

صمت رهيب لا يزال يحيط فضيحة اختطاف جويد الغصين.

كتبت عن هذا الموضوع في موقع ايلاف الموقر بتاريخ 18 أغسطس آب 2004 اي قبل 4 سنوات ومرت سبع سنوات منذ اختطاف جويد الغصين الرئيس الأسبق للصندوق الوطني الفلسطيني من احد فنادق ابو ظبي وترحيله عنوة الى غزة على متن طائرة الرئيس الراحل ياسرعرفات الخاصة.

وحتى الآن لم يحصل جويد الغصين والذي في اواخر السبعينات من عمره وبحالة صحية متدهورة على جواب شافي ويتساءل متى سأحصل على العدالة ورد الاعتبار.

دمار صحي ومعنوي ومالي:

يقول الغصين انه دفع ثمنا باهظا بسبب جرأته في فضح الفساد والفوضى في امور منظمة التحرير الفلسطينية. وفي الوقت ذاته تشعر عائلة الغصين بالغضب والاحباط من الطريقة ومن المنفذين والمتعاونين في هذه العملية الغير قانونية وغير اخلاقية.

التحق جويد الغصين في عملية النضال والكفاح الفلسطيني في اواسط الخمسينات عندما كان شابا يافعا واستمر في العمل من أجل القضية الفلسطينية حتى انتخابه كرئيس للصندوق الوطني الفلسطيني عام 1984 واستمر في العمل الوطني حتى استقالته عام 1996. من المهم التذكير أن جويد الغصين كان رجل اعمال ناجح في الخليج وكان مليونيرا ويمتلك عقارات في لندن قبل استلام منصبه بسنوات طويلة.

استقال الغصين احتجاجا على العشوائية التي تم فيها التصرف بأموال الدول المانحة. كل المحاولات للاصلاح والشفافية وتحديد المسؤولية قوبلت بالرفض والتجاهل من قبل القيادة الفلسطينية آنذاك.

ويرفض الغصين توجيه تهم لشخص معين ولكنه يقول ان الاساليب التي استعملت في التصرف بالأمور المالية لم تكن نزيهة وشفافة. وشعر بعض المنتفعون والمستفيدون أن وجوده اصبح عبئا عليهم وفي جو تآمري لا يطاق اتخذ قرار الاستقالة.

عارض احتلال الكويت
وازدادت المشاكل بعد احتلال العراق للكويت لأن الغصين كان من المعارضين للاحتلال وانتقد تأييد السلطة لصدام في غزوه للكويت. وقال جويد أن احتلال العراق للكويت كان خطأ جسيما سياسيا وماديا واخلاقيا لأنه لا يجوز لدولة عربية ان تغزو دولة اخرى وكان الوحيد الذي احتج على هذا الوضع.
وأثبت التاريخ ان جويد الغصين كان على حق والذين أيدوا احتلال الكويت كانوا على خطأ.

الاختطاف
بين 19 - 22 ابريل نيسان عام 2001
اختطف مجهولون جويد الغصين من فندق الانتركونتيننتال في ابو ظبي حيث كان ضيفا في حفل عرس في 22 ابريل نيسان 2001. أخذوا جويد من مركز الشرطة في ابو ظبي الى مطار بطين الخاص وبقي في السيارة حتى وصلت الطائرة الخاصة التابعة للمرحوم ياسر عرفات وتم أخذ ه الى مطار العريش ومن هناك نقل برا للاقامة في شقة قذرة في غزة حيث احتجزهناك لمدة 16 شهرا.

ثم قامت لجنة الامم المتحدة المتخصصة بالاعتقالات التعسفية بالتحقيق واعتبرت احتجاز الغصين انتهاكا للمادة 9 من الاعلان العالمي لحقوق الانسان ولا يمكن تبريرها على اسس قانونية.
اختطف جويد الغصين رغم انه مواطن اردني مقيم في ابو ظبي. واخذ من ابوظبي بدون جواز سفره وبدون اي شرعية.

تبرئة من تهم الفساد
ومن الجدير بالذكر ان المحكمة العليا في ابو ظبي اصدرت حكما في تشرين الثاني نوفمبر 2001 بالغاء قراري المحكمة الابتدائية ومحكمة الاستئناف ضده وانها برأت ذمته من أي تهم ملفقة تتعلق بالمال والفساد المالي وهذا ما أكدته نجلته منى الغصين.

بتاريخ 16 اغسطس آب 2002 تحت الضغوط الدولية اطلق سراح الغصين وسافر الى بريطانيا حيث يقيم مع عائلته. رغم التطمينات من سلطات ابو ظبي بايجاد حلول للمسائل العالقة باغلاق أعمال ونشاطات شركات الغصين في الخليج وتعويض العائلة عن الضرر المادي والمعنوي والمالي الناتج عن اغلاق الشركات بعد 40 عاما من العمل الناجح في الخليج لم يتم تنفيذ اي من الوعود بتسديد الاموال المستحقة وحتى تكاليف علاج جويد الطبية توقفت بعد وفاة الشيخ زايد.

ولم يتم توجيه اي اتهامات رسمية لجويد الغصين بأي جريمة او خطأ ارتكبه. وهذا تم تأكيده عندما نظرت اللجنة الفلسطينية لحقوق المواطن التي ترأسها المرحوم حيدر عبد الشافي في القضية.
مورست ضغوط من جهات مختلفة ان تلتزم الصمت وعدم احديث للصحافة وكان هذا المطلب كشرط لضمان سلامة جويد.

وأكد جويد الغصين مرارا ان تهم الفساد باطلة وملفقة وان الرئيس الرحل عرفات كلن مضطلعا على كل المسائل المتعلقة بالانفاق والاستثمار ولكن رأى البعض من المناسب تفسير استثمارات خاسرة بأنها فساد.

وأكدت منى الغصين نجلة جويد الغصين أن حكومة ابوظبي اعترفت ان احتجاز والدها كان خطأ. واصدرت الأمم المتحدة قرارا ينص على عدم شرعية احتجاز واعتقال جويد الغصين وطالبت السلطة الفلسطينية بتصحيح الوضع. وفي حوزة عائلة الغصين اوراق ووثائق مفادها ان وزير العدل الفلسطيني آنذاك السيد فريح بو مدين احتج علنا بأن اختطاف جويد الغصين كان خارجا عن القانون. ومنظمة العفو الدولية والمنظمة المصرية لحقوق الانسان طالبت السلطة الفلسطينية باطلاق سراحه وكان هناك احتجاجات من شخصيات معروفة من امثال الدكتور سري نسيبة والمرحوم حيدر عبد الشافي. وفي السياق ذاته انتقدت لجنة الامم المتحدة المختصة الخاطفين لعدم احترامهما للقانون.

وعود وتهديدات وابتزاز
وجاءت تهديدات من مجهولين ووعود من شخصيات خليجية بارزة بحل المشاكل القائمة والتعويض لأشغال تم تنفيذها والخسارة الناتجة عن فقدان الأعمال والمعدات ولكن حتى هذه اللحظة لم يتم تنفيذ اي من الوعود. واستلمت العائلة مكالمات هاتفية تهدد وتحذر من الحديث للصحافة وتأمرهم بالتزام الصمت.

ويجب التنويه ان محطة الجزيرة الدولية الناطقة بالانجليزية تقوم الآن باعداد وتحضير برنامج وثائقي سيفضح كل التفاصيل والادوار التي لعبها بعض الشخصيات المعروفة.

ما يريده جويد الغصين هو رد الاعتبار واسترجاع حقوقه.

جويد الغصين الانسان
جويد من دعاة السلام والتعايش السلمي. يتألم كثيرا لما يحدث في الساحة الفلسطينية من انقسامات ونزاعات. وهو من الذين طالبوا في السبعينات بدولة ديمقراطية واحدة للشعبين العربي واليهودي. عندما ناقشت معه مرة موضوع الجدار العنصري الفاصل الذي تشيده اسرائيل قال جويد معلقا نحن بحاجة الى جسور للتقارب والتعايش وليس للجداران.

جويد رجل عقلاني هاديء ووطني مخلص ومناضل يعمل بهدؤ ويبتعد عن الشعارات والغوغائية. وعلق اعلامي عربي بارز من القلائل الذين تابعوا باهتمام قضية جويد الغصين مؤخرا بالقول: " لو أن الظروف سمحت لجويد ان يلعب دورا فاعلا لتحقيق رؤيته الانسانية البعيدة المدى لدخل جويد التاريخ كنيلسون مانديلا فلسطين."

نهاد اسماعيل - لندن
حزيران 2008