أصداء

باراك حسين أوباما وزرقاء اليمامة

قرائنا من مستخدمي تلغرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك

لاشك في أن الإنتخابات الأمريكية وهي تبلغ نهاية المرحلة التمهيدية الآن تعد من أكثر الإنتخابات إثارة، على الأقل بالنسبة لي كمهاجر حديث ـ نسبياً ـ إلى الولايات المتحدة الأمريكية. ففي الجانب الجمهوري الذي انطوت صفحته مبكراً، تنافس "ماكين" الذي لو نجح سيعد أكبر الرؤساء الأمريكيين سناً (72 عاماً)، مع "رومني" رجل الأعمال النابغة والذي يكون المرشح الأول الذي يدين بديانة المورمون، إلى جانب قسيس أو داعية مسيحي يدعى "هاكابي" حصل على أقل عدد من الأصوات ما بين الثلاثة وإن استمر في حملته حتى حصل ماكين على الحد الأدنى من الأصوات المؤهلة، ثم انفض المولد وصارت الإنتخابات من بعدها مجرد تحصيل حاصل.


وعلى الجانب الديموقراطي وجدنا أول إمرأة مرشحة في تارخ أمريكا "كلينتون" زوجة الرئيس الأسبق، تتنافس بضراوة مع أول أسود يترشح للرئاسة الأمريكية "أوباما". ومضت المنافسة في تلك الحلبة في صراع مضني، بين آلتي إدارة جبارتين، تنعم الأولى بتعضيض واسع من رفقاء وزملاء وأصدقاء قدامى يملكون السطوة والمال والنفوذ، وعلى رأسهم الرئيس المحبوب السابق " بيل" وتؤيدها جمهرة من النساء تناضلن بضراوة لتصل أول إمرأة إلى البيت الأبيض. ولسان حالهن يقول: لو لم تصل إمرأة للحكم الآن، بعد ثمان سنين عجاف تمتع خلالها الرثيس الحالي "بوش" بأقل شعبية في تاريخ أمريكا بحسب الإحصائيات المعلنة، فمتى تصل إمرأة للبيت الأبيض؟ ولو أتيح لإمرأة أن تفوز بالبيت الأبيض، فمن تكون أفضل من "هيلاري" المرأة الفولاذية، السيدة الأولى السابقة، التي تخطت بصلادة تحسد عليها فضائح جنسية وخيانات زوجية وانكسارات شخصية عديدة وهي ترفل بالبيت الأبيض ومن بعدها. "هيلاري" عضوة مجلس الشيوخ عن ولاية نيويورك القوية، التي يتولى حملة إنتخابها الرئيس الأمريكي السابق بنفسه! والذي لا يكف عن إحتضانها (حرفياً ومجازياً) أما أعين الناخبين، وعدسات الصحافة، وكاميرات التليفزيون، ليعلن على الملأ توبته النصوحة عما اجتراه في حقها بطول السنين.


وعلى الجانب الآخر كان منافسها "أوباما" يتمتع بتأييد الشباب الأمريكي الصاعد، الناقم على السياسة الأمريكية الحالية والأوضاع الإقتصادية المقلقة، والنزيف غير المجدي في العراق، والذي أدى بحياة أكثر من أربعة آلاف من الأمريكيين إلى جانب الآلاف من المصابين والمعاقين، ومليارات من الدولارات تختفي من العجلة الإقتصادية الأمريكية الدوارة، فيتصاعد العجز في ميزان المدفوعات ويتفاقم حجم المديونية الأمريكية، والتي كانت حكومة بوش قد تسلمتها قبل سبعة أعوام بحصيلة إيجابية بالميزانية الأمريكية. وإلى جانب الشباب، حظي أوباما بتأييد المثقفين، والمتعلمين، وذوي الدخل المرتفع في جميع الولايات، بدون النظر إلى العرق واللون، إلى جانب التأييد العارم من السود الذي يمثلون خمس عدد السكان تقريباً. ولكن لم يسلم الشاب الأسود الطموح من مناوشات وحروب من منافسته "هيلاري" من ناحية، ومن الجمهوريين الذي أعدوه منافساً أخطر من ناحية أخرى.


تصاعدت التحذيرات أولاً من كونه "مسلماً" إذ أن إسمه "حسين"، ثم أن زوج أمه الأندونيسي المسلم قد ألحقه بـ "المدرسة" الإسلامية حيث كان هو من نشطاء الأصوليين هناك. ونفى "أوباما" كل هذه المزاعم معلناً أخيراً أنه لم يكن مسلماً يوماً واحداً من قبل.


وحين طالعتني مقالات كبار المفكرين والمثقفين المصريين "الليبراليين" يهللون لكونه المرشح المسلم الذي سيعتلي أهم كرسي حكم في عالمنا اليوم، هالني موقفهم غيرالليبرالي المتحيز بفجاجة للسيناتور الأسود الشاب لمجرد شبهة أن يكون "مسلماً"! وتساءلت وماذا عن الليبرالية وشعارات الديموقراطية والمساواة بين البشر بدون النظر للدين والعرق واللون! أين ذهبت كل تلك المقولات!! ثم لحقتهم مواقف متوقعة من قادة منظمة "حماس" يعبرون عن ارتياحهم لوصول "باراك أوباما" لحكم أكبر دولة في العالم، ولم ألتفت لتوقعي موقفهم العنصري المنحاز الذي حول "قضية فلسطين" الدولية العادلة إلى "حركة إسلامية" إنصرف العالم اليوم عن تأييده لحلها بسببهم. ولكنني فوجئت بموقف الأقباط المهاجرين من حولي وقد تمزقوا ما بين أقلية مؤيدة للتغيير الذي يدعوا إليه المرشح الشاب خريج جامعات "كولومبيا" و"هارفارد" الشهيرتين، وبين أكثرية تهاجم بضراوة، وتأبى أن يرأس أكبر دولة في العالم شخص ملون يُعتقد في أنه قد يكون "مسلماً"!! حتى أنتم يا ضحايا التمييز تميزون!! ويا أهل الأقلية تتحيزون ضد الأقليات!! أترفضون أن يرأسكم "مسلم" في أمريكا، بالرغم من أنه نفى إسلامه علناً، بينما تأخذون على جماعة الإخوان رفضهم مبدأ ولاية القبطي والمرأة!!


لقد كتبت من قبل، وقال كثيرون مثلي ودعوا لأن نجلس سوياً ونناقش مشاكلنا، ووجهات نظرنا المتعصبة المتنافرة، فنقرب ما بيننا ولا نبعد فنبتعد. بعيداً عن المظاهر والقبلات والأعناق حول الموائد الرمضانية، وقداسات أعياد الميلاد والقيامة. من حقنا أن نحلم بأن نرى في بلدنا "مصر" غداً أفضل من الأمس ومن اليوم. من واجبنا كلنا أن نخطو ولو خطوة واحدة نحو الوصول لهذا الغد المنتظر.
ولكن ما علاقة "زرقاء اليمامة" بكل هذا؟


للذين لم يعرفوها من قبل، "زرقاء اليمامة" هي شخصية عربية، قد تكون أسطورية، وكانت مشهورة بالعيون الزرقاء الثاقبة الرؤيا، حتى أنها كانت ترى قوماً قادمين على بعد مسيرة ثلاثة أيام بصحراء العرب. لذا فقد استخدمتها قبيلتها كمرشدة، تنذرهم بقدوم الأعداء مقدماً، حتى يستعدوا لهم. ويحكي الرواة أن أحد الخبثاء أمر بوضع كل فرد من جيشه لفروع من الأشجار فوق رؤوسهم حتى إذا ما اقتربوا حسبتهم "زرقاء اليمامة" أشجاراً تتحرك عن بعد. ولما لم يصدق أهل قبيلتها تحذيرها لهم، لغرابة ما وصفته لهم عن أشجار تلوح عن بعد وتقترب منهم، لم يستعدوا لمواجهة العدو، الذي نجح في الفتك بهم. وانتصرت الحيلة أخيراً على بعد نظر "زرقاء اليمامة".


وها نحن مازلنا نخسر المعارك، الواحدة تلو الأخرى، نحو إنسانية متعادلة، متواطنة، ولا نعبأ بتحذيرات "زرقاء اليمامة" لمجرد أن كلماتها قد تبدو أحياناً عجيبة..

شريف مليكة

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
الدين أصبح سلاح!
فؤاد شباكا -

مقالة نقدية نافذة وغريبة. والغرابة هنا أن الدين أصبح سلاح يستخدم فى الانتخابات .. الحرب الاهلية التي دارت رحاها في اميركا عام 1861 كانت بسبب تحرير الرق من ربقة العبودية فى الولايات الجنوبية ... ويقدر عدد الأفارقة الذين تم نقلهم الى الامريكتين بـ50 مليون افريقى على مدى ثلاثة قرون .. وكان العرب اكثر من اشتغل بهذه التجارة باسم الدين ، اشتروا من رؤساء القبائل الافريقية بحجة تحويلهم من الوثنية الى الاسلام، أو لتصديرهم الى جزيرة العرب ... الصبيان للأعمال الشاقة ، والبنات كجوارى في خدمة البيوت ، ومتعة الرجال ... وفجأة باعوهم للأسبان والبرتغاليين والانجليز، والباقى للجزيرة العربية .. وما زال الافارقة يتهمون العرب بخطف الاولاد والبنات الافارقة ليكونوا رقيقا وجوارى للعرب / فؤاد شباكا

معلومة
قاسم محمد -

لايخفى على الجميع ان الديمقراطين اي حزب اوباما اكثر الاحزاب تقربا ودعما من والى اسرائيل ولم يقف الحزب الديمقراطي مع القضايا العربية اطلاقا، عكس الحزب الجمهوري ولكن تايد العرب لاوباما ـايد عنصري وديني فقط وليس تايدا يعبر عن وعي سياسي