أصداء

بعد أحداث (سيدي إيفني) هل سيعود المغرب لسنوات الرصاص؟

قرائنا من مستخدمي تلغرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك

لا شك في أن الأحداث المؤسفة الأخيرة في مدينة (سيدي إيفني) المغربية الواقعة على تخوم الصحراء وعلى مياه الأطلسي تستدعي الذاكرة الجمعية القريبة للمغاربة، و تستحضر كل مراحل النضال الشعبي و التضحيات الهائلة التي دفعت وقدمت من أجل دفع مسيرة الديمقراطية و التسامح في المغرب لآفاق و مستويات محترمة تتجاوز كل ذكريات و مآسي و أحداث و تداعيات الماضي القريب أو البعيد، فما حصل من إشتباكات محدودة ثم إعتقالات واسعة و تجاوزات قيل أن بعض أجهزة الأمن الحكومية قد إرتكبتها ضد المحتجين في ذلك الميناء القصي المغربي المهمل و المنسي ! قد سلط الأضواء الكاشفة من جديد على ملفات إصلاح و تغيير لم تتحرك قاطرتها بشكل فاعل كما كان متأملا و منتظرا في ظل الأوضاع الإنفتاحية الجديدة وحالة التغيير السلمي الشامل التي تعصف بتلك المملكة العلوية العتيدة و التي شهد العقد الأخير تحديدا حصول متغيرات سياسية و قانونية و ثقافية و إقتصادية هائلة بعد أن خرجت من حالة الركود الشامل و عاشت إرهاصات التغيير بكل جوانبها الإيجابية أو السلبية، فمنذ رحيل المؤسس الفعلي للنظام السياسي المغربي الملك الحسن الثاني في 23 تموز/يوليو 1999، ومجيء الملك محمد السادس و المتغيرات اليومية في المغرب قد أضحت حقيقة واقعة و سنة متبعة، رغم الكثير من الإحباطات و لربما حتى الفشل النسبي، فتهديم أسس الماضي وقناعاته ليست بالمهمة السهلة أبدا، بل أن الأصعب من الهدم هو البناء الذي يتطلب عوامل و قوى و مؤسسات و بطانة و رجال ليس من السهل إيجادهم في فترة زمنية قصيرة نسبيا وفي ظل أوضاع إقليمية ودولية تتسم بالتوتر، فالعهد الجديد الذي لم يعد كذلك حاليا قد ورث ملفات صعبة و إرث سياسي و تاريخي ليس من السهل تجاوزه أو تجاهل منحنياته و إشكالياته المعقدة و الصعبة، كما ورث أيضا مشاكل قديمة متراكمة تتعلق أساسا بعملية التنمية التي تتسم بالتناقض و القصور أيضا !، فحالة الأهمال التي تعاني منها بعض مناطق المغرب قد رسمت صورة سلبية لكل جهود البناء و التنمية المتواصلة و أحداث مدينة ( صفرو ) في العام الماضي، و كذلك ( الخميسات ) و تداعيات زلزال ( الحسيمة ) في الشمال، ثم التطهيرات المتوالية في أجهزة الأمن جميعها كانت تصب في إطار تقرير حقيقة أن هنالك أطراف عديدة في أجهزة السلطة معارضة و معرقلة للتغيير الحقيقي و الفاعل، و بمناسبة الأحداث الأخيرة في مدينة و ميناء ( سيدي إيفني ) و التي لها ملفات سابقة و مطالبات قديمة و خلفيات أقدم مما سبب حالة الإحتقان ثم الإشتعال الذي رافقه بالطبع تجاوزات الأجهزة الأمنية من إعتقالات و مطاردات مما دعا الأوساط القانونية لتشكيل فريق تحقيق و متابعة من المحامين للتحقق من مصداقية تلك الإدعاءات مما سيخلق مواجهة قانونية حقيقية بين مؤسسات المجتمع المدني و الهيئات النقابية و منظمات حقوق الإنسان و رموز السلطة الجديدة/ القديمة و أبرزهم قائد القوات المساعدة الجنرال ( حميدو العنيكري )

وكذلك قائد الدرك الملكي الجنرال المخضرم و أحد أهم أعمدة ( المخزن ) المغربي الجنرال حسني بن سليمان الذي بقي في منصبة لأطول فترة لأي مسؤول رفيع ( 1974 و حتى اليوم )!! وهو أيضا من نفس بقايا مدرسة أوفقير و البصري و بذمته أيضا ملفات إتهام عديدة حول سنوات الرصاص!
و كذلك الحال مع مدير الأمن الوطني السيد الشرقي الضريس الذي لا يمتلك سجله الوظيفي أية إنتهاكات لحقوق الإنسان مثلما هو الحال مع الجنرالين السالف ذكرهما.

و الواقع أن عمليات تطهير الجهاز الحكومي و الأمني في المغرب هي واحدة من أصعب و أدق العمليات لكون أن الفساد وهو ذو طبيعة تراكمية قد ترسخ في تلك الأجهزة على مدى عقود طويلة و أصبح له أتباع و محازبين بل مقاتلين شرسين للدفاع عته و بطرق غريبة قد لا تخطر على بال!
و يسجل للعهد الجديد أنه قد حاسب العديد من الرؤوس الكبيرة في السلطة بشفافية مثيرة للإعجاب و بطريقة قانونية غير معهودة في دول العالم الثالث بل أن مدير أمن القصور الملكية السابق ( عبد العزيز إيزو) و العديد من القيادات الكبيرة في أجهزة الأمن ووزارة الداخلية قد نالوا عقوبتهم بعد أن رفعت عنهم الحصانة فلا حصانة لأي مفسد أو متواطيء في ملفات الفساد الكثيرة، و إن صحت الإتهامات الأخيرة حول عمليات التجاوز على حقوق الإنسان في محنة ( سيدي إيفني ) الأخيرة فإن حملات تطهير كبرى قادمة لا محالة ستطير معها بعض الرؤوس الكبيرة و الراسخة خصوصا و أن هنالك حالة تسيب و فلتان واضحة في الملف الأمني بعد تكرر عمليات الهروب الجماعية لمعتقلين متشددين و خطرين من السجون المغربية، و بعد الأهمال الواضح و المقصود من بعض الأطراف الأمنية لأمن المواطن و التراخي في مواجهة عصابات الجريمة المنظمة التي تمارس السطو وقطع الطريق و تهديد المواطنين على قارعة الطريق و عصابات السيوف الطويلة التي تجوب بعض المناطق الشعبية لتزرع الإرهاب و الخوف، مهام الحكومة المغربية معقدة و صعبة و تحتاج لنفس طويل و لجهاز إداري و أمني متمكن و مؤمن بمباديء الدولة الدستورية الحديثة البعيدة عن الشللية و مافيات السلطة، وحيث يظل هاجس سنوات الرصاص بمثابة السيف المسلط دوما على رؤوس المغاربة وهم يستحضرون تاريخهم الحديث الحافل بصور عجيبة و غريبة و متناقضة، الشيء المؤكد بأنه لا عودة لسنوات الرصاص بالمطلق فالوضع الداخلي أو الإقليمي أو الدولي لم يعد يسمح بذلك أبدا، ثم أن شعار المرحلة الراهنة هو تثبيت دولة المواطنة و الحق و القانون برغم كل الهزات الإرتدادية و صنوف المقاومة الشرسة لمافيات الفساد العريقة، وهو هدف مقدس لا عودة عنه و لا خيار آخر غيره، و الحل المؤكد و الناجح لنزع كل عوامل التوتر يتمثل في عمليات التنمية الكبرى و التطوير الذاتي لكنس سنوات الإهمال و التقصير و التهميش فثورة قبائل ( آيت عمران ) في جنوب المغرب لا تعامل بالحديد و النار بل بمزيد من مشاريع التنمية و التشغيل، كما أن المغرب بإستطاعته أن يكون ورشة تشغيل هائلة من الريف شمالا و حتى الصحراء جنوبا و التحديات صعبة للغاية و لكنها ليست مستحيلة أبدا.

داود البصري

dawoodalbasri@hotmail.com

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
المغاربة وطنيين
يونس - المغرب -

يبدو أنك تتحدث عن العراق يا سيدي الدي يرزح تحت الاحتلال. أما مشاكل المغرب فنحن قادرين على حلها بالطرق السلمية والحوار والديمقراطية بعيدا عن الوصاية الاجنبية وسلطة المليشيات وفرق الموت التي تعرفها العراق مثلا.

الطبع يغلب التطبع
السالم عبد الصد -

هذا الوضع الذى يتحدث عنه البعض بالجديد والغريب عن المغرب هو بالضبط الاسلوب الوحيد الذى يعرفه النظام هناك ولايستطيع ان يستغنى عنه لانه نظام مغتصب للسلطة هناك بالوراثة الرجعية فهو مفروض على الناس ولايستطيع الاستمرار بدون هذه الاساليب القمعية وهذا التضليل الاعلامى والدعائ الكبيرين.

ليونس المغربي
عبد طيطو -

تعليقاتك كيدية و لا علاقة لها بالموضوع و الكاتب لم يتكلم عن العراق بل عن المغرب وهو كاتب خبير و متمكن في هذا المضمار ، و إذا كنتم تملكون الحق في مناقشة شؤون العراق فمن حق الجميع مناقشة شؤون البلدان الأخرى ، و أرجو من يونس أن ينتبه .. مع تحياتي

الى يونس المغربي
عراقي - كندا -

لماذا يااخي كل هذا الحقد على كل ماهو عراقي , تقول أن مشاكلكم أنتم قادرون على حلها بالحوار والديمقراطية , أية ديمقراطية وحوار ياعزيزي , مشاكل المغرب المزمنة بدأت تطفو على السطح ولم يعد بالآمكان إخفائها أو التستر عليها , من الفساد الإداري الحكومي الذي ينخر في هيكل الدولة الى الشباب العاطل الذي أصبح بالملايين , ولم تكن أحداث ( سيدي إيفني ) الآولى ولن تكون الآخيرة , فكفاكم تناقضا مع أنفسكم , إن كان العراق محتل الآن , فأن بلدك وأغلب بلاد العرب محتلة أيضا ولكن من وراء الكواليس , وقد تحسنت الآوضاع الآمنية خلال السنتين الاخيرتين في العراق وهذا مايغيظكم , ولولا فلول المرتزقة الإرهابيين لكانت الآحوال أفضل بكثير , ولإتجه العراق مبكرا لإعادة الإعمار , وكما ذكر أحد المعلقين , أنتم تعطون الحق لآنفسكم بالتهجم على العراق , وعندما ينبري العراقيين للدفاع عن أنفسهم وبلدهم , تنكرون عليهم ذلك , عجبي من هذا الزمان ..

كفوا عنا اذاكم
علي جمال -

الى يونس المفربي _ لا أعتقد ان اي عراقي يهتم بما يحدث في ألمغرب او غير ألمغرب. أنتم الذين تتدخلون في شؤون ألعراق وتبعثون الينا بشراذمكم لتفجر اجسادها العفنة في ابنائنا ... كفوا اذاكم عنا و عسى ناركم تأكل حطبكم ... اي عراقي سيهتم؟؟؟ ... أرجو ألنشر

الى عراقي- كندا
يونس - المغرب -

لعلمك لقد قامت السلطات المغربية بتشكيل لجنة تقصي الحقائق وهناك متابعة من منظمات حقوقية مشهود لها بالنزاهة . وسيدي افني منطقة واجهت الاحتلال الاسباني بقوة ولم تتامر على بلدها واثناء المظاهرات كانوا يحملون الاعلام المغربية وليست أعلام اخرى. وادا كانت المطالب مشروعة وهي الظروف المعيشية . فنحن لانقبل نصائح منك خاصة وان العراق يعرف البطالة ونقص الخدمات أكثر من السابق واصبح بلدا متفككا تقوده العصابات المليشياوية والطائفية وبتامر مع الاحتلال الامريكي وابواقه الاعلامية . هامش الحقوق والحريات في المغرب غير متوفر في الكثير من البلدان العربية بمن فيها تلك التي ترزح تحت الاحتلال. المغاربة سيحلون مشاكلهم بنفسهم دون ضغوطات ودون مساعدة المارينز أو الانجليز.

احداث افني
ابراهيم المغربي -

لا اشكال في كتابة عراقي لمقال عن المغرب .الاشكال في المنظور ، وليس في الكتابة في حد ذاتها . مشكلة المغاربة انهم لم يتعدوا تناول المشارقة لبلدانهم ، علما ان المغاربة يفضلون في كثير من الاحوال ، تجاهل وقائع حياتهم لقاء الاشنغال بترف المشاكل بفلسطين ولبنان والعراق . المشكلة مشكلة دولة ومشكلة مجتمع ومشكلة ثقافة . فصب اللوم على النظام لوحده ، أمر لا يستقيم . لا بد من رؤية تركيبية وتكاملية للمرض المغربي . شكرا لكم

إن الملوك إذا دخلوا
ba3mrani -

نعم صدق الباريء جل شأنه حين يقول &; إن الملوك إذا دخلوا قرية أفسدوها وجعلوا اعزة اهلها أذلة وكذلك يفعلون&; 34 من سورة النمل ثم ماذا تنتظر قبائل أيت باعمران البربريه من أحفاد بنو هلال وبنو معقل

عاجل
ifnawi -

عاجل :الدرك الملكي بسيدي إيفني يحلق في سماء سيدي إيفني مستعملا مرواحيات بحثا عن الفارين البعمرانين بالجبال البعمرانية ;صبويا ; مستي ;.أيت علي