حول زئبقية اولمرت
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك
زئبقية اولمرت التي كشفتها فضائية الـ B.B.C. العربية
ربما يعد اللقاء الذي أجرته فضائية الـ B.B.C.العربية مع إيهود أولمرت من أفضل ما قدمت قناة إخبارية في هذا العام.. لأنه اتسم بالموضوعية وحرص علي تغطية معظم الملفات التي يود المشاهد العربي أن يتعرف علي وجهات نظر رئيس وزراء دولة إسرائيل حيال مجملها.. بالإضافة إلي ذلك كشف الستار جلياً بما يدع مجالا للشك حول قدرة الرجل علي مواصلة الجدل العقيم والدوران حول الكلمات والالتفاف علي المصطلحات بحرفية لاعب الأكروبات المتمكن!..
يرفض رئيس الوزراء الإسرائيلي الاعتراف أنه تفاوض مع منظمة حماس " نحن لم نتفاوض مع حماس إننا تباحثنا مع الحكومة المصرية ".. لكن عندما يتطرق الحديث إلي مفاوضاته عبر الوسيط التركي مع سوريا فيسارع بالقول " قناعتي وجهودي ورغبتي في صنع السلام معها هي التي دفعتني للتفاوض معها "، وفي نفس الوقت يتهرب زئبقياً من تفاهمات سرية مع دول خليجية غير قطر !! ويلقي بذلك علي كاهل الصدف التى تخلقها المؤتمرات التي " أينما تلتفت حولك رأيتها " علي حد قوله لأن احتمالات اللقاء بهذه الكيفية في رأيه " متوافرة وليست مستحيلة "..
الجندي جلعاد شاليط الذي تحتجزه حماس " كورقة تفاوض " يأتي علي رأس اهتمامات الرجل مثله في ذلك مثل وقف كل أعمال المقاومة التي تقوم بها المنظمات النضالية في الأرض المحتلة.. يصر الرجل علي ضرورة أن تعترف حماس بإسرائيل وبكل ما أبرم معها من اتفاقيات وان توقف " الأنشطة الإرهابية " وان تعيد الجندي الأسير لديها " قبل أن تعترف بها إسرائيل كمقدمة للتفاوض معها..
أشار اولمرت أكثر من مرة إلي المعاهدات والاتفاقات والقرارات الدولية التي تدعم مواقف إسرائيل، ولكنه يتعمد نسيان وإهمال كافة الوثائق التي تطالبه بحقوق الفلسطينيين وتدين مواصلة بلاده لاحتلال مزارع شبعا وهضبة الجولان.. ركز الرجل بشكل مباشر علي قرار مجلس الأمن رقم 1701 وأشار إلي ما جاء فيه بخصوص إطلاق سراح الجنود الإسرائيليون باعتبار ذلك " أمر أساسي ".. وعندما تتطرق الزميل حسن معوض لقضية عودة اللاجئين، رفض أولمرت الإشارة إلي قرارات الشرعية الدولية التي تنص علي عودتهم أو تعويضهم وقال بتصميم " يجب أن يكون حل هذه المشكلة مرتبط أولاً وأخيراً بالحفاظ علي إسرائيل كوطن قومي للشعب اليهودي ".. ولم يكتف بذلك بل وضعها في نهاية أجندة دولته بعد الترتيبات الأمنية وبقية القضايا العالقة مع الجانب الفلسطيني..
لقد حاول الزميل حسن معوض أكثر من مرة أن يتناول مفهوم التنازلات التي أسرف رئيس وزراء إسرائيل في الحديث عنه ضمن الملف الفلسطيني وأيضا فيما يتعلق بالتفاوض مع الجانب السوري بل وحتى ما يتعلق بمزارع شبعا، إلا أن الرجل ظل طوال الحديث متمسكا بأنه " مستعد للتنازل " فقط لا غير !! وانه جاد في ذلك.. وكرر أكثر من مرة " إنني مستعد لتقديم تنازلات كبيرة بشأن الأرض " لكنه أبدا لم يفصح عن حجم أو مقدار هذا التنازل بالرغم من انه يعرف حق المعرفة أن أي تنازل - حتى لو كان كيلو متر مربع - سيُقدم عليه هو أو غيره سيرتبط أولا بنتائج " استفتاء شعبي " وثانيا بائتلاف حكومي من الصعب أن يُقدم الشارع السياسي في دولته علي تشكيله..
زئبقية أولمرت لم تتوقف عند التلاعب بمصطلح التفاوض مع حماس والفرق الجوهري بينه وبين مصطلح التفاوض مع سوريا.. بل بلغت مداها عندما تتطرق الحديث إلي البرنامج النووي الإيراني، هو يقول " أولا إسرائيل لم تعترف أبدا بان لديها قدرات نووية " وكأن في ذلك الدليل القاطع علي كذب كل ما يعرفه العالم بشرقه غربه عن ما في ترسانة بلده من قنابل نووية ومن منصات إطلاق ثابتة ومتحركة.. وبلغ به الادعاء المكشوف أن يقول " قلنا دائما أننا لن نكون أول من يدخل السلام النووي إلي هذه المنطقة ".. من إذن الذي أسس له ؟؟ الأنظمة العربية ؟؟ أم إيران ؟؟ أم تركيا ؟؟..
ويبلغ الادعاء والاستخفاف بعقول المشاهدين منتهاه عندما يجد الرجل نفسه محاصر بالأسئلة، فنجده يرد علي السؤال الذي صاغه الزميل حسن معوض كما يلي " هدد مسئولون إسرائيليون بمهاجمة إيران بسبب برنامجها النووي، فهل لديكم أدلة علي أنها تسعي بالفعل لتطوير أسلحة نووية " وجاءت الاجابة الزئبقية كما يلي " أولا أنا لم اهدد أبدا بالهجوم علي إيران وأنا هنا أتحدث باسم إسرائيل في هذه القضايا " كأن شاؤول موفاز عندما نقلت عنه وسائل الإعلام الإسرائيلية ووكالات الأنباء في أنحاء العالم هذا التهديد الصارخ كان يتحدث باسم دولة مريخية أو كأن رئيس وزراء إسرائيل لا يعرفه.. وعندما كرر المحاور السؤال " هل لديكم أدلة علي ذلك " رد بتحد " بناء علي ما اعرفه نحن متأكدون أن إيران تحاول تطوير قدرات نووية، وهذا لا يمكن التغاضي عنه بسبب ما يمثله من تهديد لإسرائيل ".. أما ما تمثله بلاده من تهديد نووي - موثق بكافة الوسائل لدى الإدارات الأمريكية المتعاقبة ولدي دول الاتحاد الأوربي وأجهزتها الأمنية وكذا المنظمات الدولية - لكل الدول العربية ولعدد لا بأس به من الدول الإسلامية مثل باكستان، فيمكن التغاضي عنه!!..
الدكتور حسن عبد ربه المصري
bull;استشاري إعلامي مقيم في بريطانيا drhassanelmassry@yahoo.co.uk