أصداء

الحكاية الكاملة لمؤتمر مدريد السري 2

قراؤنا من مستخدمي إنستجرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك

الإتصالات الأولى مع الأميركيين!

بتاريخ الثالث من حزيران / يونيو 1980 وصل لبغداد بشكل بالغ السرية وفد أمريكي برئاسة عضو مجلس النواب الأميركي وقتها و مسؤول لجنة التسلح فيه السيد ( دونالد رامسفيلد )!! و كان في إستقبال الوفد طارق عزيز وقد نزلت طائرة الوفد في المطار المخصص للزيارات السرية و التابع لرئاسة ديوان رئاسة الجمهورية و الواقع بين منطقتي ( اليوسفية و المحمودية ) جنوب بغداد، و كان رئيس الديوان وقتها السيد حسين كامل حسن المجيد ( الصهر الذي كان )!.


في يوم 4 حزيران / يونيو إلتقى الوفد الأمريكي بشكل سري للغاية في مدينة تكريت مع صدام حسين و لم تتسرب وقتها أية أنباء عما دار في ذلك الإجتماع المغلق، ثم في السابع من حزيران / يونيو غادر الوفد الأمريكي بنفس السرية التي جاء بها!!، بعد أيام طلب الرئيس صدام حسين من أعضاء خلية خاصة الإجتماع به لغرض التهيأ لتشكيل وفد أمني و سياسي عراقي للذهاب بشكل سري إلى العاصمة الأسبانية مدريد للإجتماع بوفد أمني و سياسي أمريكي لمناقشة الإستعدادات ووضع اللمسات النهائية لإعلان الحرب ضد إيران.

الوفد العراقي لإجتماعات مدريد :
في التاسع من تموز / يوليو 1980 تم في مكتب صدام حسين عقد إجتماع خاص ضم كل من مدير الأمن العام وقتذاك السيد فاضل البراك، و أخ صدام غير الشقيق سبعاوي إبراهيم الحسن، و موفق رشيد التكريتي و سعد خليل إبراهيم التكريتي و شخص آخر لا داعي لذكر إسمه، المهم إنه قد طرحت في الإجتماع الخاص قضية الحرب على إيران كما أعلم الحاضرون بأنهم سيسافرون خلال أيام قريبة لمدريد بغرض اللقاء مع وفد أمريكي خاص لمناقشة بعض الأمور الفنية و الستراتيجية المتعلقة بمشروع الحرب القادمة و عليهم الإستعداد لذلك و تنفيذ تعليمات القيادة ( صدام )!، و من واقع محضر الإجتماع السري الخاص الموجود أمامي فقد طلب مدير الأمن العام اللواء فاضل البراك من الرئيس العراقي منحه الأمان و حرية الكلام من أجل أن يعبر عن رأيه في الموضوع، فلم يمانع صدام و أعطاه ما أراد و حيث كانت آراء فاضل البراك على الشاكلة التالية أنقلها للقراء الكرام كما وردت بالنص دون تدخل أو تحريف :
فاضل البراك : إن دخولنا الحرب ضد إيران يا سيدي سوف يدخلنا في مشاكل كثيرة، سيدي الرئيس أنا أطلب من سيادتكم أن تمنحوني الرأي و الأمان لكي أقول لك ما في قلبي و ما في جعبتي، سيدي أنا مدير الأمن العام و الأمن الداخلي العراقي هو مسؤوليتي أمامك و لكن أنا من خلال موقعي و مسؤوليتي أتابع الكثير من الأمور و أنا معي ملف متكامل أضعه أمام سيادتك و لكن سوف ألخص الأمور المهمة لعلمي بإنشغال سيادتك فقال له صدام.. لا فاضل أخذ وقتك الكافي، وهنا إستطرد البراك ما يلي:
سيدي.. الأمن العام سجل الأحداث التالية منذ 1 آذار / مارس 1979 :
تم ضبط 6209 حالة تسلل لأكراد من إيران ضمن المنافذ التالية :
حاج عمران - فتحة سرتك ميدان - خانقين - لاوي حسن - بياره - حلبجة - مضيق دربندخان - فتحة دوكان - و عشرات المنافذ الأخرى،
أنا لا أريد أن أبالغ في الأمور و لكن أؤكد لسيادتك أنها تحت السيطرة التامة.
هناك نشاط محموم و إختراقات حدودية على طول الحدود الجنوبية و بالأخص من البصرة و أهوار العمارة و منفذ زرباطية و هذه المنافذ يستخدمها حزب الدعوة.
هناك سيدي نشاط كبير جدا لحزب الدعوة في عموم العراق من البصرة و صعودا لبغداد و لا يمر يوم دون أن نعثر على منشورات معادية و هذه بعض منها أضعها أمام سيادتك.
خروقات جوية إيرانية كل يوم و أنا أطلع عليها بتفاصيلها لأني كما يعلم سيادتك عضو في مجلس الأمن القومي.
تم ضبط الكثير من الأسلحة و المتفجرات مهربة من إيران إلى داخل العراق و إن لم تكن جميعها إذا قلت جميعها فأنا أكذب و لكن أكثر من 65% تحت سيطرتنا بالكامل.
حادث الجامعة المستنصرية الذي تعرض الرفيقان طارق عزيز و محمد دبدب و ما أعقبه من أحداث أخرى.
التحرك الغير مألوف لجماعة حزب الدعوة و النشاط الغير إعتيادي و التدريبات العسكرية التي يقومون بها و النشاط المحموم للكسب و إغراء الشباب في الجامعات و الثانويات.
ضبط حالات إختراق من قبل عناصر حزب الدعوة لبعض الأجهزة الحزبية و الأمنية و الحكومية وهذا ما لم يحدث سابقا.
إن التحرك الإيراني إتجاه العراق محموم و خطير و يشكل خطر على الوضع الأمني المستقر في العراق إلا أنا أرى أنه تحت السيطرة التامة ولا يدعونا لخوض غمار حرب لا تعرف عقباها أو نتائجها، أنا أرى أن النظام الإيراني الحالي يعاني من عزلة دولية و عزلة داخلية و إن المتغيرات السياسية في إيران التي حدثت بعد خروج الشاه و رجوع الخميني إلى إيران تسير نحو الهاوية لا يمكن أن يستمر هذا النظام بما هو عليه من زخم أو أن يطاول في البقاء على قيد الحياة، إن التغييرات في إيران التي كانت باريس الشرق كما يسميها شاه إيران و ما إعتاد عليه الشعب الإيراني و إن التغيير الحاصل في إيران وهو إنقلاب الأوضاع 180 درجة من مجتمع متحرر و منفتح إلى مجتمع مغلق يسوده التزمت الديني و هيمنة رجال الدين على السلطة سوف يدفع إيران خلال السنتان القادمتان إلى سلسلة إنقلابات عسكرية و تسود الفوضى و هذا لصالحنا، أما أن ندخل حرب مع إيران فأنا أتوقع من أنها حرب لن تكون خاطفة أو حرب ساعات أو أيام كما يحدث بين العرب و إسرائيل، لا يا سيدي أنا أرى إذا أعلنا الحرب على إيران فإنه طوق نجاة للنظام الحالي سوف نتضرر نحن و هم من يستفاد منها إلى أقصى الحدود المتاحة له و أعتقد أنها حرب سنين و لا يتوقع أحد أن تنتهي هذه الحرب بأشهر!!، و قبل أن أدخل في التفاصيل الأخرى سيدي فقيل أن أكون مدير أمن أنا ضابط في الجيش العراقي و أنا دارس أركان و أنا أتابع الستراتيجية العسكرية في العالم بما تسمح لي به الظروف أو ما هو متاح لنا من إطلاع على الستراتيجيات العالمية، الحرب سوف تلحق بنا الضرر أكثر مما تلحقه بإيران و ما تعلمته في الكلية العسكرية و كلية الأركان إن أي مدينة تقصف بالمدفعية تعد ساقطة عسكريا و إن لم يدخلها الجيش و سيادتكم تعلم أن المدن الحدودية العراقية بالنسبة للعراق ذات أهمية ستراتيجية و خطيرة و إن الكثافة السكانية في هذه المدن قد تعرضنا لأهتزاز أمني و تخلخل في السيطرة و كما أسلفت قبل قليل و إن خط الحدود بين بغداد العاصمة و أقرب نقطة حدودية بالخط المدفعي هي 79 كيلومترا أي أن إندفاع إيراني من نقطة مندلي أو خانقين بإتجاه بعقوبة سوف يضع بغداد تحت القصف المدفعي المباشر أو البصرة كما أن العناصر الموالية لحزب الدعوة هم في نشاط محموم سوف ستغلون أي خلل أمني أو أي ثغرة قد ينفذون منها، أما إيران فإن طهران تبعد تبعد عن أقرب نقطة حدودية مع العراق تبعد أكثر من 583 كيلومتر من خط السليمانية، أما المدن الحدودية الإيرانية مثل قصر شيرين أو المحمرة أو عبدان أو غيرها لا تشكل أي خطر أمني على إيران و لن تؤثر في تماسك النظام، بل العكس سوف يوظف النظام الإيراني الحرب لصالحه و لتركيز أسس النظامو سوف يطاول في الحرب بقدر ما يستطيع لغرض دق ركاز النظام، الحرب يا سيدي سوف تكون طويلة و إن قرار نهايتها بيد إيران نعم سيدي إيران لن تكون مهزومة في حرب مثل هذه كما كان يحدث مع العرب هم من يطلب وقف إطلاق النار لا إن إيران لن تسعى إلى طلب وقف إطلاق نار كما أن هنالك قوى في العالم سوف تسعى جاهدة لتغذية هذه الحرب و تدعم الطرفين العراقي و الإيراني للإستمرار و ديمومة الحرب كما أن الحرب ستكون باب الرحمة و الفرج و طوق النجاة لإيران لتصفية خصوم النظام في الداخل الإيراني إن ما يهم هذا النظام أنه اول نظام في العالم يتزعمه رجال دين و هي التجربة الأولى في العالم الإسلامي يحكم فيها رجال الدين كما سيتم إستخدامه لتثبيت أسس الحكم في إيران كما سوف يستغله لترصين الجبهة الداخلية و تقويها و يقضي على خصومه السياسيين المباشرين و غير المباشرين و يضرب المعارضة الإيرانية بكل قوة و بيد من حديد بحجة الحرب كما أن الشعب سوف يلتف حول النظام لأن البلد في خطر و إذا كانت هناك خلافات يشعر بها المواطن الإيراني مع النظام الحالي فإنه سوف يؤجلها لحين الإنتهاء من الحرب أي إلى حين درء الخطر عن البلاد و بهذا يكون النظام قد إستفاد من تثبيت قواعده الأساسية و فرض هيمنته على الحكم، و بهذا يكون النظام قد تحصن، أنا أعتقد أن الحرب سوف تكون خسارة لنا و مكسب لهم، وهنا قال فاضل البراك سيدي أنا طلبت الرأي و الأمان و سيدتك وعدتني بذلك أنا هذا تصوري، و لك الرأي الأول و الأخير يا سيدي....!.

من خلال إستعراض منطلقات اللواء المرحوم فاضل البراك تتبين رؤيته الستراتيجية الواضحة تماما و المطابقة بكل تفاصيلها لما حدث ميدانيا فيما بعد، و نستكمل الموضوع في الجزء الثالث بكل تفاصيله و زواياه المعتمة.


نهاية الجزء الثاني

داود البصري

dawoodalbasri@hotmail.com

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
صدام والدور الامريكي
ســامي الجــابري -

السيد داوود البصري ومن خلال ماتقدم من عرض للمذكرات التاريخيه, يؤكد ان قرار الحرب التي خاضها صدام ضد ايران كانت بيد امريكا وان صدام كان ينفذ القرارات الامريكيه دون ادنى درايه بنتائج الحرب التي ستجر الويلات على العراق فيما بعد,وعليه فأن نظرية الدفاع عن الحدود الشرقيه والدفاع عن كرامة الامه العربيه وحماية مقدساتها من خطر العدو الفارسي قد اصبحت في مهب الريح, لان العدو الفارسي في ذلك الوقت لم يكن له الوقت الكافي ليدنس مقدسات الامه ويهدد امنها واستقرارها, وان كل سنين القتال الشرس والمدمر اتي خاضها العراق مع ايران كانت لاجل حماية المصالح الامريكيه في المنطقه وان كل ماقام به صدام فيما بعد من غزو الكويت وام المعارك هو تكريس لدور امريكا في المنطقه, لكنه في نهاية المطاف دفع الثمن غاليا لانه وبكل بساطه كان مجرد جندي بسيط وسط ساحة القتال الامريكيه.

محب الاستطلاع؟
عربي مغترب -

سؤال للعراقيين من هو فاضل البراك ومن اي مدينة؟وما دورة في تلك الفترة؟الرجاء الاجابة

اللواء فاضل البراك؟
عبد طيطو -

للأخ المغترب العربي الذي سأل عن اللواء الدكتور فاضل البراك أقول أنه تكريتي الأصل من عشيرة الرئيس العراقي السابق و كان ضابط في الجيش العراقي و من القيادات البعثية و شغل مناصب عديدة ففي أواخر السبعينيات كان الملحق العسكري العراقي في موسكو ثم عين في الفترة التي يتحدث عنها الكاتب مديرا للأمن العام في العراق ثم رئيسل للمخابرات وظل يتقلب في المناصب الأمنية حتى تم إعدامه عام 1993 بعد ظهور وثائق إستخبارية تدينه بالعمل التجسسي لصالح مخابرات ألمانيا الشرقية بعد إنهيارها و قد تورط مع جهاز الكي جي بي السوفياتي المخابرات السوفياتية ضده لتجنيده لصالح المخابرات الألمانية أي منذ أن كان ملحقا عسكريا هناك... مع تحيات الرفيق عبد طيطو

أين الوثائق؟؟؟
فادي أنس -

كل كلام غير معزز بالوثائق لن يعدو كونه مجرد كلمات تعبر عما يجول في خاطر كاتبها. أنا أتحدى البصري أن ينشر الوثائق التي يدعي أنها بحوزته وأعتقد أن الكاتب أنما يسوق لفكرة أن العراق هو من بدأ الحرب لتبرير تجويع العراقيين أكثر وأكثر بعد دفع العراق لتعويظات الحرب لأيران كما طالب بذلك (زعيم) الأئتلاف العراقي الموحد عبدالعزيز الحكيم, والذي يعمل جاهدا لخدمة وطنه أيران وهذا من حقه...شكرا لأيلاف

عقلية القائد
رعد الحافظ -

ان غالبية الشعب العراقي يعلم ذلك حتى دون ان يقرا عن تلك الاجتماعات والتقارير والتفاصيل..لان الخبر في العراق ينتشر بسرعة حتى لو كان من داخل القيادة..وهنا اتذكر في هذه المناسبة كلام ل مس بيل التي كانت تشغل منصب سكرتير المندوب السامي البريطاني ..السير بيرسي كوكس في العراق..كانت تقول له ولوالديها في رسائلها لهم..نحن في العراق لانحتاج الى جواسيس..المعلومة تصل الينا عبر خاصة وعامة الناس..هي تقول ياتيني فلان من مجلس الامة ويقول ..خاتون..الزميل الفلاني يضمر لكم العداء ويقول كذا وكذا عليكم..وهكذا تتدرج الامور الى ان تصل الى سائق عربتها البسيط..حيث ينقل لها ما يدور في المقاهي الشعبية..

الى الرفيق عبد طيطو
عربي مغترب -

شكرا جزيلا الى الاخ الرفيق عبد طيطو على هذة المعلومات. ويا حبذا لو تكرم بتوضيح دور بقية الاسماء في المقال. شكرا جزيلا اخي الرفيق.

شاهد عيان
غاندي -

في7نيسان1980 حدثت حادثة المستنصرية المدبرة من النظام للتخلص من محمد دبدب وطارق عزيز وبعدها ثاني يوم اكتشفو ان غلام حسين البعثي المقتول الذي اطلق النار هو من اصول ايرانية وبنفس اليوم قامت الحملات الشعواء بترحيل كل عراقي من اصول ايرانية حتى لو كان في العراق قبل الف سنة وعنده الجنسية العراقية وخادم العسكرية ابا عن جد!وعندما كان يتم الترحيل يحتفظو بالشباب في السجون!وهذا مايدل على نية النظام في الحرب مع ايران!وكان التسليح على الحدود الايرانية مكثف وايران نائمة ومشغولة بالشيطان الاكبر واعدامات المعارضة!اما من بدء الحرب فنحن في العراق واهلنا في الجيش ومتاكدين ان العراق شن الحرب يوم 22ايلول سنة1980 اما الاخوة العرب فنحن اهل البلد وكما قال الاخ طيب الذكر رعد الحافظ:ان اي معلومة تنتشر في العراق بسرعة وان صلاح عمر العلي ايضا قد اكد في برنامج مع احمد منصور كيف كان صدام يخطط للهجوم على ايران وشهد شاهد من اهلها وشكراوملاحظة قوية جدا وهي(عندما قتلتم غلام في 7نيسان 1980 هل ذهبتم الى شهادة جنسيته؟هل المجرم اول ماتروحون عليه تطلبو شهادة الجنسية مالته؟واذا طلع من اصول ايرانية قديمة ثاني يوم تبدء حملات التهجير والتسفير عليهم؟كيف عرفتوهم ومتى وللعلم: سابقا لاتعرف اي واحد انه من اي اصول اخرى فالكل عراقين ولافرق يميزهم)