أصداء

الحكاية الكاملة للتعاون الأميركي العراقي في حرب الخليج الأولى 3

قرائنا من مستخدمي تلغرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك

الجزء الثالث

وبعد أن إستعرض اللواء فاضل البراك الموقف الستراتيجي العراقي و الإيراني و الإقليمي و الدولي من كل زواياه جاء دور صدام حسين للتعليق و المناقشة و هنا أنقل لكم من محضر تلك الجلسة السرية الموقف كما كان وقتذاك :

( رد صدام فقال للواء البراك أنا واثق فيك و أعتبرك رجل مهني و تهتم بتنمية قدراتك العلمية.. نعم إنك رجل مثابر و متابع للعلم و المعرفة..

وهنا تدخل البراك و أكمل حديثه قائلا :

سيدي.. أنا لا أريد أن أطيل عليك أقولها مرة أخرى إن حرب مثل هذه ستكون لقاح التطعيم ضد الأمراض الفتاكة التي تحاصر جسد النظام الإيراني.. سيدي.. إننا الآن نمتلك قدرة مالية هائلة لا يمتلكها أحد في المحيط العربي وهذه الفرصة التي في بلدنا يجب أن نبني كيان منبع لا يمكن أن يتقوض ( لا سامح الله ) ، كيان متكامل النواحي إقتصاديا و صناعيا و زراعيا و عسكريا و علميا.. سيدي.. نحن و للأسف نستورد 95% من غذائنا من الخارج و سيدي هذا الخطر بعينه لأن من يأتي غذائه من خارج حدوده يعني أنه لا يمتلك سيادته ، من الممكن أن يستغني أي إنسان عن أي شيء لكن لا يستغني من الغذاء هذه نقطة ضرورية سيدي علينا بناء أو إعادة بناء كيان زراعي متكامل نقضي به على حاجتنا للغذاء من خارج حدودنا و أن نؤسس قاعدة علمية متكاملة سيدي ، أنا كنت أتمنى أن تتاح لي مثل هذه الفرصة مع سيادتك لأطرح أفكاري و ما عندي سيدي أرجو أن يتحملني صبرك و يتسع لي صدرك الرحب إنها فرصتي و أنا أكرر لي طلب الرأي و الأمان و سيادتك وعدتني بذلك و هنا رد صدام عليه قائلا : إلى هذا الحد أنا أخيف؟

فقال البراك لا سيدي و لكن أنا اليوم متجاوز كل الحدود المتاحة قانونيا و أخلاقيا و أدبيا لكن أنا أطمع بكرم سيادتك لأن ما يقرر اليوم هو مصير العراق حاضرا و مستقبلا و إني واثق كل الثقة لا تمملقا و لا خيفتا ( خوفا ) لكن أجد أن سيادتك تهمك مصلحة العراق و عندك العراق بالمقام الأول فرد صدام حسين على البراك قائلا :

أنا أعرفك أولا شجاع و لا تخاف فلماذا هذا الخوف من الحرب لن تشارك فيها أنت و لا ستذهب لساحات القتال ، ستبقى في مكانك آمن لا خوف عليك من قصف المدافع أو أزيز الرصاص لا يا فاضل لم أعهدك إلا رجل شجاع همام و لا تنسى إنك ضابط في الجيش يعني مهمتك الأساسية هي القتال لا يا فاضل لم يكن عهدي بك إنك تغير مفاهيمي عنك فرد فاضل البراك قائلا :

سيدي.. إسمح لي أنت قائدي و لن أقبل غيرك قائد ، أنت الرجل الذي تعلمنا منه الإقدام و الشجاعة هذا ليس مديح بل حقيقة أنا مؤمن بها إيمان مطلق سيدي أنا أرى أن الحرب هي فخ معد للعراق أنا أرى أننا سندخل نفق بالنسبة لنا أظلم من مهلك أما بالنسبة لإيران هو قارب النجاة للنظام سيدي و أنت سيد العارفين أنا أضع رقبتي أمامك و أضع مصيري و مصير عائلتي تحت تصرفك أنت حر سيدي تفعل بي ما تشاء و ما تقرر سيدي ، و الله النظام الإيراني متهاوي و متهالك و إن تقارير المخابرات الغربية غير صحيحة و منافقة إنهم يصورون هذا النظام بعبع مخيف لنا و لدول الخليج و مستخدمين الملك الأردني ملك حسين و الرئيس اليمني علي عبد الله صالح لتخويف المنطقة من هذا النظام إن هذا النظام إذا تم شن حرب عليه فإنه سوف تكون الترياق الشافي المعافي له سيدي إن إيران أراها من سنة إلى سنتين سوف تنهار داخليا لقد أسس الخميني منذ رجعته إلى إيران إنه يغير المسار الإيراني بدرجة 180 درجة و هذا لا يتناسب مع تكوين الشعب الإيراني بل مع تكوين الشعوب الإيرانية لإن إيران أمة مكونة من عدة قوميات سيدي أنا لا أريد أن أطيل عليك و القرار قرارك و أنت ترى أكثر مما نرى جميعا و نحن تحت تصرفك... وهنا بالضبط إنفجر غضب أخ صدام غير الشقيق سبعاوي إبراهيم وقال سيدي الرئيس مخاطبا صدام إن ما أسهب به فاضل البراك يعتبر جبن.. و هنا رد صدام بغضب عنيف قائلا لأخيه : إنه الدكتور فاضل البراك! و أستدرك سبعاوي قائلا آسف سيدي الدكتور فاضل البراك سيدي إن النظام الإيراني يشكل خطر أساسي و مركزي في المنطقة سيدي إن المخابرات تمتلك معلومات إن إيران شكلت فرق سوف تتسلل إلى العراق و دول الخليج العربي لزعزعة الإستقرار في العراق و المنطقة و هذا ما نراه في أعمال حزب الدعوة الذي لا يهجع و لا ينام منذ عودة الخميني إلى إيران إننا في خطر و الخطر سوف يستمر و سوف ينفذ إلى أجسادنا لقتلنا سيدي إن لم نحارب إيران هي من سيحاربنا و هذه القوات الإيرانية تتوزع على الحدود العراقية و حسب تقارير الإستخبارات العسكرية و هذه طائراتهم كل يوم تضرب القرى و المدن الحدودية إن لم نبادر سوف تبادر و أنا أقول ما قاله الدكتور فاضل البراك إن أي إندفاع إيراني بإتجاه حدودنا سوف تكون كل المدن تحت رحمة المدفعية الإيرانية ، إن إيران هي اليوم أفعى تنشر سمها بكل إتجاه سيدي أنا لا أريد أن أطيل لكن نحن هنا لسماع توجيهاتك إلى ما نحن نعده للتفاوض مع الأمريكان نحن هنا لسماع توجيهاتك و ما سنبحثه و أمرك سيدي..

وهنا تدخل صدام قائلا : أنا سمعت كل الآراء و الأفكار وهذه ظاهرة صحية و نافعة.. نعن أنا قررت أن نتصدى لإيران قبل أن تفاجئنا ، أننا نصد الشر القادم من خلف الحدود الشرقية و لكن أنا أرى إن إيران سوف تنهار بعد ثلاثة أيام أو أسبوع من إندفاعنا داخل الأراضي الإيرانية إننا لا نبحث عن أرض نضيفها إلى أرضنا لا إننا نريد أن يكون لنا جار يحترمنا و نحترمه لا يكون تهديد دائم لنا و لكن ما سنقوم به ليس فقط لحماية العراق بل لحماية دول الخليج العربي التي لا قدرة لها في الدفاع عن بلدانها و لكن علينا أن نعرف ما في جعبة الأميركان و ما هي النتائج الأساسية بعد الحرب و بعد أن نكون قد حافظنا لهم على مصالحهم الأساسية ، إننا سوف نحمي إستمرار تدفق النفط لأميركا و الغرب فإن أي تعرض إيراني داخل الخليج العربي سوف يرفع سعر النفط لأكثر من 80 دولار للبرميل ( أسعار عام 1980 ) وهذا معناه إنهيار الإقتصاد الغربي و لكن يجب أن يكون لنا بعد هذه الحرب دور أساسي و قيادي في المنطقة و هذا ما سوف تبحثوه مع الأميركان و يجب أن تطلعوني لحظة بلحظة عن كل ما يجري في مباحثاتكم و لا تتخذون أي قرار قبل أن أطلع عليه...

من الواضح إن كل النقاشات التي جرت لم تكن إلا مضيعة للوقت فقد إتخذ الرئيس العراقي قراره النهائي بشن الحرب على إيران دون إعلام و لا معرفة الحكومة العراقية و لا مجلس قيادة الثورة و لا القيادتين القطرية و القومية لحزب البعث الحاكم و قتذاك بل كان الموضوع مقتصرا على النخبة من الجماعة ، و سنتابع في الجزء الرابع و القادم ماذا جرى في مدريد و ما هي العروض التي قدمتها الولايات المتحدة للعراق و المطالبات التي عرضها النظام العراقي على الولايات المتحدة بشأن دور إقليمي جديد للعراق بعد الحرب....

الحزء الثاني

نهاية الجزء الثالث

dawoodalbasri@hotmail.com

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
ان صح ماتقول؟
مساعد التميمي -

فأن قيادة العراق آنذاك لديها من الشجاعة والنظرة الثاقبة لما يخطط له جارهم ... وبالفعل هاهي الأيام تثبت مادار منذ ثلاثون عام وهاهو العراق يحتل من قبل ذلك الجار بتواطؤ من عملائه للأسف ! وان كان القصد من ماتدعيه مذكرات سرية تشوية صورة تلل القيادة

سلمت يا داود
ماجد -

الاخ داود المحترمان ما كتبته ليس بالجديد على الشعب العراقي وانا اطلب منك بالحلقة القادمة تبين لنا الدور التامري للسعودية والكويت بحرب العراق وايران لانها ليست واضحة لبعض الاعراب

البراك
mhommed ali -

مساعد التميمي صحه كلام البراك اذا ماشنت الحرب لانه بدون حرب تسقط حكومه ايران خلال سنتين كما قال البراك

القرار النهائي لصدام
ســامي الجابري -

قرار قيام العراق بالحرب على ايران لم يكن وليد لحظة او ساعه متعجله بل كان بتنسيق وتدبير مسبق مع امريكا وكل الدول الغربيه وحتى العربيه منها, سبق قيام ذلك الالاف العراقيين الذين تم تهجيرهم بحجةاصولهم الايرانيه ومصادرة اموالهم المنقوله وغير المنقوله وزج الشباب من ابنائهم في السجون العراقيه,قيام صدام بزيارات متكرره الى معسكرات الجيش العراقي للتنسيق مع القاده العسكريين بشأن مهاجمة ايران, في احدى معسكرات الجيش العراقي في الموصل خاطب صدام الجنود المتواجدين بأن العراق سيتلاوه مع ايران لمعرفة قوته الحقيقيه,( يتلاوه تعني باللهجه العراقيه التشابك والتصارع بالايدي), عندها هلل الجنود مؤيدين لذلك, طبعا اغلب الجمع كان من عناصر الاستخبارات العسكريه اللذين وضوعوا لصدام مسبقا لكي يهللوا لقراره بشن الحرب,ايدت اغلب الدول العربيه الخليجيه منها على وجه الخصوص قرار صدام بشن الحرب متحمله ومتعهده له بتقديم كامل الدعم ,الدول الغربيه كذلك كانت تؤيد قرار صدام بحرب ايران, فلماذا يحتاج صدام بعد ذلك لرأي فاضل البراك او غيره حول موضوع الحرب, ربما صارح بعض قادة الجيش العراقي او بعض الوزراء صدام برأيهم عن موضوع الحرب الا ان القرار النهائي كان بيد صدام, لاحقا تخلص صدام من كل اللذين لم يوافقوا على قرار شن الحرب, ومنهم فاضل البراك هذا.

العرب
فاهم -

ليفهم بعض العرب كم هم مخدوعون بصدام

شكرا داوود
يونس حميدو -

شكرا للكاتب داوود البصري، فقبل قراءة مقاله هذا، الذي يبدو أنه كتبه ونشره للنهش في سيرة صدام حسين، النهش الذي أصبح حرفة من لا حرفة له في العراق ( الجديد).. قبل ذلك، كنت أعتقد، تحت تأثير دعاية الاعلام الغربي، وصحافة البترودولار، أن لا أحد من كبار المسؤولين العراقيين أو من صغارهم، كان يستطيع أن يقول رأيا مخالفا لرأي صدام حسين، سواء في اجتماع رسمي، أو حتى في جلسة عائلية مع زوجته وأطفاله، لأن الزوجة أو الأطفال سيبلغون عنه، وسيقوم صدام حسين على الفور بسل مسدسه من خصره، وإطلاق الرصاص عليه، أو قطع لسانه بمقص أمام الحاضرين في الاجتماع.. من خلال المحضر الرسمي الذي استند إليه الكاتب في مقاله هذا، يتبين لنا أن الرئيس العراقي الراحل كان يستمع باهتمام للمختلفين معه في الرأي والاختيار، حتى وإن كان المختلف قائدا من قادة الجيش، وأنه كان يشجعهم على إبداء مواقفهم، ويحميهم ممن كان يريد منعهم من القيام بذلك.. الخلاصة من المقال هي أن الرجل لم يكن بالبشاعة والفظاعة والوحشية التي يصوره بها اليوم العائدون إلى العراق على ظهور دبابات المحتل. رحمة الله عليك يا صدام حسين، فكما ظلمت في الحياة، فإنهم يظلمونك حتى بعد استشهادك.

صدام حسين
حسين -

رحمة الله عليك يا صدام