البس المباشر في الاعلام المصري
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك
عندما جرت في السنوات الأخيرة تجربة دبلجة الرسوم المتحركة للأطفال إلى اللغة العربية الفصحى ، لم تحل هذه التجربة دون إقبال الطفل على هذه الأفلام الشيّقة والأثيرة إلى نفسه ، بل ربما العكس هو الذي حدث ، فقد عملت على تشذيب الكثير من المفردات المحلية التي يستعملها وتقريب اللغة العربية الفصحى إليه وجعلها مألوفة وغير مستغربة صوتياً في حياته اليومية. والتجربة نفسها عندما طُبّقت على بعض المسلسلات الأجنبية الاجتماعية لاقت النجاح نفسه ، ولم تقف اللغة حاجزاً بين هذه المسلسلات المدبلجة وانتشارها بين المشاهدين من مختلف الأعمار والفئات. هذا الأمر يجعلنا نتساءل ، عندما نتأمل الظاهرة: لماذا ، إذن ، تحلّ العربية الفصحى ضيفة ثقيلة الظل على المشاهدين لدى استعمالها في المسلسلات الاجتماعية العربية التي تُعرض أحيانا على القنوات العربية؟ هل العيب في عدم صلاحية الفصحى فعلاً لمثل هذه المسلسلات المحلية ، أم العيب في عدم تكييفها وتقديمها بالشكل الشيق المطلوب لمثلها النوع من البرامج؟
مناسبة هذا الكلام أننا في الحديث الذي كثر في الآونة الأخيرة عن هويتنا وخصوصيتنا الحضارية بمواجهة العولمة والغزو الثقافي الفضائي وما إلى ذلك ، يجب علينا الالتفات أولاً إلى أهم عنصر من عناصر الهوية القومية والوحدة العربية ، نعني اللغة العربية. في هذا الصدد تقوم الفضائيات التلفزيونية ، التي تدخل البيوت وتخاطب مختلف الأجيال ، بدور خطير في تعزيز هذا الحس القومي وتمتين الانتماء الحضاري للهوية ، وجعله موضوع الاستتباب في مواجهة قوة الغزو الفضائي الجديد. ويحرص الكثير من المذيعين باعتبارهم واجهة هذه القنوات الفضائية على أن يكونوا القدوة التي يُحتذى بها في مجال إضاءة المزايا الجمالية للغة العربية وتحبيبها إلى نفوس المشاهدين ، سواء بخامة الصوت أم بسلامة النطق أم بإعطاء مخارج الحروف والوصل والقطع والوقف كامل حقها المطلوب. إلا أن مما يلاحظ على الأشقاء المصريين ، في هذا الصدد ، تمسّكهم بتلفظ الحروف العربية الفصحى بأصواتها المحلية التي اعتادوا عليها في حياتهم اليومية ، الأمر الذي يشوّه هذه الحروف ويقلبها إلى حروف أخرى بعيدة كل البعد عن الحروف الأصلية ومختلفة عنها نطقاً. فإذا أراد واحدهم مثلاً أن يقول "أعوذ بالله" فإنه يقولها "أعوز بالله" ، وإذا أراد أن يقول "البث المباشر" ، يقولها "البس المباشر" ، وإذا أراد أن يقول "القفص الذهبي" يقولها "الأفص الزهبي" ، وإذا أراد أن يقول "هذا الذي" يقولها "هزا الزي".. وهكذا مع الكثير من الألفاظ والعبارات.
لا أدري كيف يجيز المذيع لنفسه أن يقلب الحروف بهذا الشكل المريع ، وهو الذي يجب أن تنطبق عليه الشروط نفسها التي يحترمها قراء القرآن المصريون عندما يلفظون هذه الحروف صحيحة عند ترتيلهم القرآن الكريم ، بالرغم من اعتياد ألسنتهم على لفظها بالشكل الخاطئ في حياتهم اليومية؟
وفي العديد من البلدان العربية تدرج اللهجات العامية على قلب بعض الحروف إلى حروف أخرى بحكم التقارب الشديد في مخارج نطقها ، أو لأنها وريثة لهجات عربية قديمة ، فيقلب الخليجيون مثلاً الجيم ياءً ، ويقلب أهل العراق واليمن القاف جيماً أعجمية ، ومع ذلك لا يظهر من هذا الذي يتلفظونه في بيوتهم أو في حياتهم اليومية غالباً شيء في ما يقوله المذيع أو قارىء الاخبار. وما لمثل هذا ، لو حدث ، ليكون مقبولاً أو معقولاً حتى بالنسبة للأشقاء المغاربة الذين أثرت فيهم اللغة الفرنسية وثقافتها أيما تأثيرولكنها لم تُشوَّه فصاحتهم بل زادتهم تمسّكاً بها وجعلتهم من أحرص الحريصين على النطق السليم للغة العربية. فما بال الأشقاء العرب من أبناء مصر العربية لا يعيرون هذه المسألة الانتباه الكافي وهم الذين يقيمون في عاصمة الأدب والصحافة والفن وقلب الثقافة العربية.
ان مصر التي ودعت عملاقها نجيب محفوظ بجنازة متواضعة أوائل الخريف منذ عامين ،يبدو أنها تودع لغتها العربية الفصيحة أيضا عبر فضائيات معتمدة وذات شعبية وانتشار واسع بين أوساط الاجيال الجديدة من الشباب والشابات ،بله الاطفال.
فمع شديد الاسف والاستغراب بدأنا نرى المذيعات من البنات وهن يتحدثن بسرعة شديدة ،ويستعملن المفردات العامية والأعجمية والأجنبية عند التحدث الى المشاهدين أو الى ضيوفهم الذين لايقلون عنهن في الرطانة واللحن فنرى ألسنتهم المعوجة تتبارى في استعمال المفردات الانكليزية والفرنسية وهو مما يفسره علم الاجتماع بأنه احتقار للهوية يستشري بين الشعوب التي تهزم أو تنكسر فتصاب بالاحباط الجماعي أو عدم الانبهار بنفسها أو هويتها.أما بعض المذيعين الشباب فانه يتدلع كما تتدلع الحسناوات الفاتنات ،في ملفظه وملبسه ومجلسه ،شأنه في ذلك شأن بعض المطربين الشباب من أصحاب الصوت والفم المائع ، والذين بدأوا يشكلون علامة فارقة من علامات الغناء الشبابي الجديد في مصر. اننا في العراق أيضا شهدنا ظاهرة نشاز في الغناء أملتها ظروف الفوضى والدمار التي حدثت قبل وبعد الاحتلال الأميركيللعراق ، وقد قاد هذه الظاهرة مجموعة من (الغجر) الذين يرفضهم المجتمع العراقي ولا يضعهم الا في مستوى مطربي الاعراس الذين يوجدون في كل زمان ومكان ، أي ان فناني هذه الظاهرة لم يتحولوا الى أيقونات يعتد بهم أحد كما هي ظاهرة مطربي الدلع المصري الذين تحول البعض منهم الى أساطير.
خاتمة الاحزان أن بلدانا ليس لها تاريخ مصر ولا عظمة مصر أصبحت تشيد لنفسها الثقافة والتاريخ وأن العربي الذي يكتب في نقد مصر حبا بها ، يعني انه يكتب نقدا ذاتيا في مراجعة نفسه وما حوله من أوضاع اجتماعية غريبة بدأت تسود عالمنا العربي وتمتد ذبذباتها من قلب العروبة النابض مصر. فمعذرة لها وللعربية.
ميسلون هادي
التعليقات
وماهو الحل ؟؟؟
أحمد عبد التواب -شكرا للطرح الموضوعي لهذه المشكلة الكبيرة في عالمنا العربي بشكل عام وفي بدلادي مصر بشكل واضح ماعدا بعض البرامج المحترمة التي تنأى بنفسها عن تلك المغالطات ... ولكن ماذا تنتظرين من شعوب تعيش في عصر انهيار كل المباديء والقيم أمام عملاق كبير اسمه العولمة والحرية الشخصية ووووو النتيجة بالطبع سيرو وليس زيرو ؟؟؟ سيروا نحو الهاوية والقافية تحكم ... شكرا
ليتها جمهورية مصرفقط
محمد ع.الأسكندرية -حقيقة يا أخت ميسلون لا أرى مشكلة في هذا الموضوع فكما يبدو لي فأنت من مناصري اللغة العربية الفصحي و لست من مناصري اللغة العربية العامية ( لم توضع كلمة الفصحى هنا إلا لهدف)..الأمر الآخر لعلي من المناصرين و بشدة أن يتباري المصريون في الحديث في مصطلحاتهم اليومية بلغات أجنبية خاصة الإنكليزية و الفرنسية و الإسبانية ...إلخ ، فهذا هو مايفتح أجواء متعددة و مختلفة من الثقافة و الإطلاع علي الآخر و ليس الإطلاع فحسب علي (ثقافات)! كنا في مصر و لوقت قريب من نمدهم بها أي الثقافة و التنوير ، أمر آخر لاأدري بشأنك لكن العامية المصرية لهجة محببة علي قلوب الكثيرين و لعله بالتأكيد فهي (مكروهة) من البعض و الذين و بكل أسف يكرهون مصر بالتالي طبعا لاأعنيك بكلامي لكن أمثال هؤلاء يبرزون يوما بعد يوم !!
I agree with number2
Egyptian -Exactly, Egyptians are not Arabs and our current spoken Arabic language is a continuation (phonetically) of the sounds of the real Egyptian language that existed before the Arabs invaded our country. We are proud of our spoken Egyptian Arabic and we don''t want to change it
إحترام الذات
داوود الفلسطيني- دبي -أجمل ما في المقال وهو بالمناسبه ما أشعر به و ما قلته مرارا: (إستعمال المفردات الانكليزية والفرنسية وهو مما يفسره علم الاجتماع بأنه احتقار للهوية يستشري بين الشعوب التي تهزم أو تنكسر فتصاب بالاحباط الجماعي أو عدم الانبهار بنفسها أو هويتها). أنا شخصيا توقفت عن إستعمال المفردات الإنجليزيه منذ سنين إلا في الحد الأدنى الذي يتطلبه عملي والتي ليس لها بديل ، المضحك المبكي هو أن البعض من أفراد المجتمع أو الفنانين ممن يستخدم مفردات انجليزيه لمعاني عاديه ؛ في حين يفترض أن يستخدم مفرده انجليزيه لمعنى ليس له ترجمه متفق عليها في اللغه العربيه وخصوصا في العلوم الغربيه المعاصره ، مع يقيني أن اللغه العربيه قادره على إيجاد مفردات لهذه المعاني العلميه الحديثه ولكن بسبب ضعف و تفرق العرب تفشل مشاريع المصطلحات و توحيدها ، نحن نستخدم المفردات الانجليزيه للإستعراض بأننا حداثيون. تجد مغنيه لا ترد إلا بـ تانكيو أو ميرسي مع أنها بالكاد نجحت بالتوجيهي.
نعم صحيح
فلسطينى انا -كلام الاخت الكاتبه صحيح مئه بالمئه..المصريون هم الوحيدون الذين ينطقون الاحرف العربيه خطأ..حتى انى استغرب عندما يعلقون على موضوع فأنهم يكتبون بلهجتهم العاميه وليست الفصحى وكأنهم يعتقدون اننا نفهم لغتهم او مجبورين ان نفهم لغتهم..انى اعتز اعتزاز شديد بلهجتى الفلسطينيه الفلاحه ولكن عندما اكتب فأنى اكتب باللغه العربية لغة القرأان
توقفت عنهم
نور الهدى -انا شخصيا اتجنب مشاهدة التلفزيونات المصرية لهذا السبب كما انني توقفت عن مشاهدة احدى القنوات العربية التي يسيطر عليها اللسان المصري خاصة كتاباتهم لحرف الغاف جيما
An Opportunist
مواطن عربي -I am almost certain that the commentator who called himself Egyptian is nothing but a malignant person with unjustified anti-Muslim feeling. Such people are opportunists and would seize any available chance to scratch all aspects of Islam in Egypt, particularly the Arabic language. They have unrealistic dream to see Egypt abandoning Islam replacing it with a hollow system where ethics, rules and morals do not play major role in public life. I quote Prophet Mohammed saying that Arabic is a tongue and he who speaks Arabic is an Arab. By this definition, all Egyptians are Arabs despite the hatred of few of them.
أحمد لطفي السيد
أحمد لطفي السيد -أحمد لطفي السيد او أستاذ الجيل ولد في 15 يناير 1872 بقرية برقين، مركز السنبلاوين بمحافظة الدقهلية وتخرج من مدرسة الحقوق سنة 1894 منادى بتحديد مفهوم جديد للشخصية المصرية يستند إلى أساس يختلف عن الرابطة الشرقية والدينية، ويربط بين الجنسية والمنفعة، وكان أهم ما طرحه في هذا الشأن الدعوة إلى القومية المصرية كأساس لانتماء المصريين، ودعا إلى اللغة العامية بدلا من اللغة العربية الفصحى و ذلك لإنهاء الازدواج في اللغة عند المصريين
مصر هى الرائده ايضا!
مريم السكندريه -تحيه من القلب للكاتبه التى مست الجرح-- غالبيه الشعب المصرى ترفض هذه اللغه المستهجنه والتى تفرض علينا بواسطه التلفاز الجهاز الرسمى للدوله - حيث يتم استضافه نجوم مغمورين ولكى يثبت لنا هؤلاء النجوم مدى ثقافتهم الضحله يتحدثون بلغات اجنبيه - لتزيدهم جهل على جهل-- ولكن هذا للاسف يحدث فى كل الدول العربيه وليس مصر فقط -- وان كانت مصر هى الرائده فى ذلك المجال ايضا!!
مصر أم الدنيا
منال -ليس فقط مذيعو مصر هم الذين يستخدمون عاميتهم -المحببة للجميع والتى تنم عن خفة ظل المصريين- ولكن الأخوة فى لبنان أيضا يستخدمون عاميتهم بالاضافة لكثير من الكلمات الفرنسيةومن درس وتتلمذ على أدب عمالقة الفكر والابداع من الأساتذة العقاد وطه حسين وأمثالهم الكثير لن يصعب عليه التحدث بالعربية الفصحى ولكن هو مجرد تباسط للتواصل مع كافة المستويات
اكرم بالفصحى من رحم
ابو العز -الاخت ميسلون والله لمست جرحين عميقين لديالاول ان اسم ميسلون هو اسم لموقعة قال فيها يوسف العظمة من قادها واستشهد فيها نحن لم نخرج لنرد فرنسا ولكن من العار ان تسقط بلادنا رخيصة وما اذكره من حكايا جدي انه استشهد في ميسلون بينما كان يقوم باصلاح احد المدافع عندما قصفه الطيران الفرنسي.وهذا جرح قديم اذ نفتقد اليوم امثال من خرج الى ميسلون.اما الجرح الاخر فهو ما تقوم به تلك الفضائيات الناطقة بالعربية من طعن بكل القيم الايجابية المتبقية في مجتمعنا واحلال ثقافة التطبيع والتفتيت والتخريب فنرى مذيعا لايمت للعربية باي صلة لا اسما ولا عرقا ولا لغة يسوق برنامجا تم لاعداده هدر امة يمكن ان تحل اشكال الوقود في غزة والهدف واضح ان امما تبني وطنها بالبترول واناس يهدمون وطنهم وتاريخهم وحاضرهم ومستقبلهم بالبترول.اما موضوعنا عن العامية فلو عدنا لايام المد القومي فلم تكن العامية تشكل خطرا في ذلك الوقت بل كانت العامية المصرية متداولة دون اي حساسية لان مصر وقتها كانت محور الحراك القومي العربي اما الان فالمشكلة ان التيار القومي في مصر مغلوب على امره بل اكثر من ذلك ان بعض الاصوات تتعالى مطالبة بالعودة الى اللغة الفرعونية والكتابة بالهيروغليفية واظن ان بعض من كتب قد يكون من دعاتهافي النهاية اختي المصونة اذكر ذلك البيت:لايلام الذئب في عدوانه ان يك الراعي عدو الغنم